أول انتخابات ديمقراطية في تونس.. الأحزاب التونسية بألوان الطيف

أول انتخابات ديمقراطية في تونس.. الأحزاب التونسية بألوان الطيف

[caption id="attachment_55228251" align="aligncenter" width="620" caption="التونسيون على موعد يوم الأحد مع أول انتخابات ديمقراطية في تاريخ تونس الحديثة"]التونسيون على موعد يوم الأحد مع أول انتخابات ديمقراطية في تاريخ تونس الحديثة[/caption]

مقاييس التونسيين في تقييم الأحزاب التونسية تختلف باختلاف الانتماءات والرؤى السياسية وبمدى تفانيها في إرضاء المواطنين والاستماع إلى مشاغلهم وإلقاء الوعود، حتى وإن كان ذلك في إطار حملة انتخابية قد تنتهي بانتهائها "مغازلة" التنظيمات السياسية للمواطنين. في حين يقيّمها عدد آخر من التونسيين بمدى نضاليتها في العهد السابق او حتى بتاريخ تأسيسها، مما يجعل الجديدة منها غير ذات إقبال أحيانا من طرف المواطنين. ولكن وعلى الرغم من تعدد التقييمات وبناء على آخر استطلاعات الرأي، اتضح أن أكثر نوايا التصويت تتجه نحو أقل من عشرة أحزاب بقطع النظر عن تاريخ تأسيسها وأهمها حركة النهضة، الحزب الديمقراطي التقدمي، التكتل من اجل العمل والحريات، المؤتمر من اجل الجمهورية، حزب المبادرة، حزب آفاق تونس، حزب العمال الشيوعي التونسي، والقطب الحداثي الذي يضم بدوره حزبين ارتأيا أن يتحالفا قبل وبعد انتخابات المجلس التأسيسي، إضافة إلى شخصيات مستقلة.

[caption id="attachment_552282" align="alignleft" width="150" caption="الحزب الديمقراطي التقدمي"]الحزب الديمقراطي التقدمي[/caption]

[caption id="attachment_55228253" align="alignright" width="150" caption="أحمد نجيب الشابي"]أحمد نجيب الشابي[/caption]

معارضة ما قبل 14 يناير

يعتبر الحزب الديمقراطي التقدمي (وسطي) من أهم الأحزاب الفاعلة على الساحة السياسية التونسية، وهو حزب نشأ سنة 1981 تحت اسم التجمع الاشتراكي التقدمي والذي أسسته مجموعة من نشطاء اليسار وحقوق الإنسان اعتقل أغلب أعضائها في 1983 ليتحصل التجمع الاشتراكي التقدمي على تأشيرته القانونية في 1988 غداة صعود زين العابدين بن علي إلى الحكم، وعقد مؤتمره الأول في نفس السنة، ليشارك في جل المحطات الانتخابية قبل أن يحرم من التمويل العمومي في سنة 1998 والذي تواصل إلى يناير (كانون الثاني) وغير اسمه إلى الحزب الديمقراطي التقدمي في مؤتمره الثالث سنة 2000 بعد سنوات طويلة من المنع. وأسس الحزب الأستاذ أحمد نجيب الشابي، وهو محام ووجه سياسي تونسي معروف باستماتته في معارضة الرئيس السابق بن علي.

من أبرز الأحزاب أيضا في تونس حركة النهضة المتحصلة على أغلب نوايا التصويت، الحزب الإسلامي المثير للجدل في الساحة السياسية التونسية والمتهم بأعمال عنف في الثمانينات من القرن الماضي التي شهدتها البلاد التونسية، وتأسست حركة النهضة في 1981 من طرف راشد الغنوشي ومثقفين متأثرين بجماعة الإخوان المسلمين المصرية، وبعد أن سمح لها بالعمل في بداية عهد بن علي سنة 1987 تعرضت الحركة الى الملاحقة بعد الانتخابات التشريعية لعام 1989 التي حصلت فيها القوائم المستقلة التي دعمتها على 17 في المائة من الأصوات، وتم توقيف نحو 30 ألفا من الناشطين الإسلاميين وأنصارهم في تسعينات القرن الماضي. وعاد الغنوشي المتأثر بحزب العدالة والتنمية التركي نهاية يناير الماضي إلى تونس، بعد أن ظل في المنفى ببريطانيا 20 عاما.

[caption id="attachment_55228263" align="alignright" width="150" caption="حركة النهضة"]حركة النهضة[/caption]

[caption id="attachment_55228262" align="alignleft" width="150" caption="راشد الغنوشي"]راشد الغنوشي[/caption]

ثالث الأحزاب التونسية ترتيبا في نوايا التصويت حزب التكتل من اجل العمل والحريات اليساري وتأسس في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2002 والذي لم يتم الاعتراف به إلا بعد ست سنوات من تأسيسه، وحرمانه فيما بعد من المشاركة في مختلف المواعيد الانتخابية التي كان آخرها الانتخابات الرئاسية 2009 شأنه شأن بقية أحزاب ما سمي حينها المعارضة الراديكالية، والتي ضمها تحالف 18 أكتوبر الذي لم يقع تقبله بسهولة من طرف العديد من المهتمين بالشأن السياسي، معتبرين انه تحالف التناقضات على خلفية تكونه من أحزاب يسارية وأخرى إسلامية هاجمها مؤسس ورئيس الحزب مصطفى بن جعفر بعد الثورة، بسبب عدم وضوح مصادر تمويلها وتشبثه بمدنية الدولة الذي لم تعط في شأنه حركة النهضة ابرز الأحزاب الإسلامية في تونس موقفا محددا. وامتهن بن جعفر الطب وناضل في الحركة الطلابية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان .

ويعتبر حزب العمال الشيوعي التونسي من أكثر الأحزاب التونسية التي تعرضت للقمع والمحاصرة وعرف قياديوه السجون والمعتقلات ويمثل ثاني الأحزاب الماركسية اللينينية النشطة في تونس.

تأسس في 3 يناير 1986 من طرف عدد من المناضلين السابقين في منظمة العامل التونسي ولهذا الحزب وجود مهم على الساحة الطلابية غير أن جناحه الشباب "اتحاد الشباب الشيوعي التونسي" قد ضعف في صلب النقابة الطلابية "الاتحاد العام لطلبة تونس" كما ينشط حزب العمال ذو التوجه الألباني في صلب الاتحاد العام التونسي للشغل. ونشط الحزب في السرية منذ تأسيسه لرفض السلطة الاعتراف القانوني به حتى تاريخ 18 مارس (آذار)2011 ومنذ تأسيسه كان حمّة الهمامي الرئيس الوحيد للحزب والذي تعيب عليه أغلب الأطراف السياسية التونسية تحالفه مع حركة النهضة منذ تأسيس هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات سنة 2005.

[caption id="attachment_55228300" align="alignleft" width="150" caption="التكتل من اجل العمل والحريات"]التكتل من اجل العمل والحريات[/caption]

[caption id="attachment_55228301" align="alignleft" width="150" caption="مصطفى بن جعفر"]مصطفى بن جعفر[/caption]

[caption id="attachment_55228270" align="alignright" width="150" caption="حمة الهمامي"]حمة الهمامي[/caption]

[caption id="attachment_55228271" align="alignright" width="150" caption="حزب العمال الشيوعي"]حزب العمال الشيوعي[/caption]

وفي نفس التوجه اليساري يحتل حزب المؤتمر من أجل الجمهورية مكانة مهمة في المشهد السياسي وفي الفضاء الإعلامي التونسي، وذلك لاقترانه في ظهوره الإعلامي بحزب "حركة النهضة" الإسلامي والذي لم ينف الدكتور منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية ولم يؤكد أيضا، تحالف الحزبين على الرغم من تشابه مواقفهما.

تحصل حزب المؤتمر من اجل الجمهورية على تأشيرته القانونية بعد ثورة 14 يناير، وتحديدا في 9 مارس 2011، وبعد عشر سنوات من العمل "اللا قانوني" أو السري، ذلك أن الحزب قد تأسس في 25 يونيو (حزيران) 2001 وتمثل نشاط الحزب ما قبل 14 يناير في دعوة رئيسه الدائمة للعصيان المدني منذ 2006 والدعوة إلى تكوين جبهات لمقاومة الديكتاتورية والإطاحة بها وبرموزها، كما كان هذا الحزب ورئيسه من أبرز المشاركين في هيئة 18 أكتوبر، والدكتور منصف المرزوقي مفكر وسياسي تونسي، متحصل على شهادة الدكتوراه في الطب، ويكتب في الحقوق والسياسة والفكر.

وإضافة إلى الأحزاب الآنف ذكرها، ومن ابرز الأطراف الأكثر تحركا خلال الحملة الانتخابية الحالية، نجد القطب الحداثي الذي يضم ثلاثة أحزاب التقت حول مشروع مجتمعي حداثي مشترك وهي حركة التجديد أو الحزب الشيوعي التونسي سابقا التي تعتبر أعرق أحزاب اليسار التونسي، اذ تكون هذا الحزب قبل استقلال البلاد سنة 1923 ليقوم بورقيبة بحظر نشاطه في 1968 لقرابة عشرين سنة والسماح له بإعادة النشاط أي سنة 1981.

[caption id="attachment_55228282" align="alignright" width="150" caption="حزب المؤتمر من اجل الجمهورية"]حزب المؤتمر من اجل الجمهورية[/caption]

[caption id="attachment_55228277" align="alignleft" width="150" caption="منصف المرزوقي"]منصف المرزوقي[/caption]

وفي 1993 وفي مؤتمره العاشر، غير الحزب اسمه إلى حركة التجديد وتنص وثيقته التأسيسية على أنه "حزب ديمقراطي منفتح على كل التجارب التقدمية في العالم وفي الوطن العربي وفي تونس، ويعتبر أن الاشتراكية أفق تسعى إليه الحركة مع انحيازها إلى الطبقات الاجتماعية الضعيفة من دون أن تكون حزبا لطبقة... ".

وشاركت الحركة في عدد من المحطات الانتخابية التي كان أبرزها انتخابات، ورشحت الحركة في انتخابات 2009 أمينها الأول الأستاذ احمد إبراهيم لنفس الاستحقاق الانتخابي وهو أستاذ جامعي نشط في الحركة النقابية التونسي، وتحمل مهام في عديد المناصب الحزبية، وشارك مع احمد نجيب الشابي مؤسس الحزب الديمقراطي التقدمي في الحكومة الانتقالية الأولى غداة ثورة 14 يناير برئاسة محمد الغنوشي.

كما يضم القطب الحداثي، الحزب الاشتراكي اليساري الذي يتحدر عناصره من حزب العمال الشيوعي التونسي، وقد انشقوا عنه في أواسط التسعينات على خلفية الاختلاف في تقييم الوضع السياسي في البلاد، ودور "القوى الديمقراطية والتقدمية" والعلاقة مع حركة النهضة الإسلامية. وقد عرفوا باسم "الشيوعيين الديمقراطيين" وانضموا ككتلة إلى الحزب الديمقراطي التقدمي، ثم انتقلوا للنشاط ضمن "المبادرة الديمقراطية"، وهي ائتلاف سياسي ضم كلا من حركة التجديد المعترف بها وحزب العمل الوطني الديمقراطي غير المعترف به، بالإضافة إلى مجموعة من المستقلين.

[caption id="attachment_55228285" align="alignleft" width="150" caption="القطب الحداثي"]القطب الحداثي[/caption]

[caption id="attachment_55228286" align="alignright" width="150" caption="احمد إبراهيم"]احمد إبراهيم[/caption]

وفي 1 أكتوبر 2006 أعلنت مجموعة الشيوعيين "الديمقراطيين" عن تشكيلها للحزب الاشتراكي اليساري. وقد تم الاعتراف به بعيد فرار الرئيس السابق زين العابدين بن علي، حيث منح التأشيرة يوم الاثنين 17 يناير 2011 ليكون الطرف الثالث في هذا التحالف أو الائتلاف، مجموعة من الشخصيات السياسية والنقابية المستقلة، بعد أن انسحب منه حزب الوفاق الجمهوري الوسطي والمؤسس بعد الثورة.

موالاة ما قبل 14 يناير

وفي الطرف المقابل لهذه الأحزاب توجد أخرى سماها التونسيون أحزاب "الموالاة" وهي التي لم تكن تظهر شراسة في معارضة النظام السابق واطلقت على نفسها "المعارضة الوطنية" وتكتفي بإصدار بيانات التنديد بباقي الأحزاب، وكانت تغلب عليها المهادنة بسبب الاختراقات الأمنية التي كانت تنخرها من الداخل والهرسلة التي لحقت منخرطيها وقياداتها، والتضييقات والمؤامرات مما جعلهم يختارون الانبطاح إلى ما بعد الثورة، التي كلفت هذه الأحزاب انسلاخات عديدة ومؤتمرات استثنائية أطاحت بمكاتبها السياسية وجعلتها تعيش انشقاقات عديدة وأبرزها حركة الوحدة الشعبية ذات التوجه القومي والحزب الاجتماعي التحرري ( ليبرالي) وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين (اشتراكي) وحزب الخضر للتقدم والاتحاد الديمقراطي الوحدوي (قومي) الذي يحسب له إصدار بيان تنديد بإطلاق الرصاص على المتظاهرين قبل سقوط بن علي، ولم ير التونسيون أي حضور لهذه الأحزاب في الحملة الانتخابية للمجلس الوطني التأسيسي.

أحزاب جديدة

[caption id="attachment_55228291" align="alignleft" width="150" caption="حزب المجد"]حزب المجد[/caption]

[caption id="attachment_55228292" align="alignright" width="143" caption="عبد الوهاب الهاني"]عبد الوهاب الهاني[/caption]

طوفان الأحزاب الذي فجرته الثورة التونسية جعل انتخابات المجلس التأسيسي غاية في حد ذاتها لرغبة هؤلاء المواليد الجدد الدخول إلى عالم الفعل السياسي من بابه الكبير، ولعل أبرزها حزب المجد، الذي يرأسه القيادي السابق في حركة النهضة عبد الوهاب الهاني، وحزب العمل التونسي وهو حزب عمالي منبثق عن المنظمة النقابية الاتحاد العام التونسي للشغل والذي يرأسه المناضل النقابي عبد الجليل البدوي والذي يتكون مكتبه السياسي من مسؤولين نقابيين سابقين وحاليين.

ويعيب المتابعون على هذا الحزب "توظيفه" للقواعد النقابية في حملته الانتخابية، لتعتبر حركة الوطنيين الديمقراطيين أيضا من أهم الأحزاب الجديدة وأكثرها حضورا في وسائل الإعلام، وقد كان الوطنيون الديمقراطيون يعتبرون أنفسهم "مجموعة فكرية لا تؤمن بالعمل السياسي المنظم" ونشطوا في صلب الاتحاد العام لطلبة تونس في السبعينات ثم في الاتحاد العام التونسي للشغل وعاشوا انقسامات عديدة إلى أن توحد أغلبهم بعد 14 يناير، وتحصلوا على التأشيرة القانونية في 22 مارس 2011، ويقود الحزب المحامي شكري بلعيد وتقدمت الحركة بـ24 قائمة انتخابية.

أما الأحزاب القومية فيعتبر حزب الطليعة العربي أبرزها، حصل على الترخيص القانوني يوم 18 مارس 2011، وهو حزب عروبي تقدمي يرأسه الوجه السياسي المعروف في الساحة السياسية التونسية خير الدين الصوابني، إضافة الى حركة الشعب الوحدوية التقدمية، وهي حزب ناصري التوجه يرأسه المحامي خالد الكريشي، بعد أن ترأسه عميد المحامين السابق بشير الصيد لمدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر، ويعتبر هذا الحزب حصيلة إدماج حركتين سياسيتين، وهما حركة الشعب والحركة الوحدوية التقدمية.

[caption id="attachment_55228296" align="alignleft" width="150" caption="حزب المبادرة"]حزب المبادرة[/caption]

[caption id="attachment_55228297" align="alignright" width="150" caption="كمال مرجان "]كمال مرجان [/caption]

وإلى جانب كل هذه الأحزاب وعلى اختلافها معه، يظهر حزب المبادرة وهو تجمعي الأصل نسبة للتجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا كحزب "كبير" والذي تتوقع الإحصائيات أن يتحصل على عدد مهم من المقاعد على خلفية انه سيستقطب أغلب أصوات أعضاء الحزب المليوني الحاكم سابقا، ويتمركز في وسط الساحة السياسية.

تم تأسيسه من طرف وزير الخارجية التونسي السابق كمال مرجان في تاريخ 1 أبريل (نيسان) 2011، ويطرح لم شمل كل التونسيين على الرغم من اختلافاتهم، ويتعرض هذا الحزب إلى عديد الانتقادات.

لتبقى حظوظ حزب آفاق تونس المثير للجدل والمتهم أيضا بأنه من "بقايا النظام السابق" وافرة في السباق الانتخابي، ويروج في تونس أن هناك حوارا يجري بينه وبين بقية الأحزاب الوسطية، وعلى رأسها الديمقراطي التقدمي للتحالف بعد الانتخابات لمواجهة الإسلاميين، ومن ابرز وجوه هذا الحزب ياسين إبراهيم وزير النقل.

شهرزاد عكاشة
font change