الدراما على عرش القيل والقال.. هل أخطأ نيشان؟

الدراما على عرش القيل والقال.. هل أخطأ نيشان؟

«الدراما على عرشها» عنوان ندوة أقيمت في ختام الدورة 20 لمنتدى الإعلام العربي، الذي أقيم في دبي، كان يمكن أن تمرّ مرور الكرام، لو لم يرمي الزميل نيشان ديرهاروتيونيان الطعم، وتتلقفه الممثلة سيرين عبد النور، وبعدها تشتعل حرب مع زميلتها نادين نجيم كانت خامدة تحت رماد لم يكن يحتاج إلا لمن يحركه. حرب حرفت البوصلة عن الدراما وعرشها وجهود المنتجين للارتقاء بها، واضعة كل نقاش فني في إطار القال والقيل، ولو في منتدى حضرته أهم القيادات الإعلامية في العالم العربي، ونوقشت فيه أهم المواضيع في مختلف المجالات.

فقد أفرد المنتدى جلسته الختامية لمناقشة مستقبل الدراما العربية مع ظهور كيانات إنتاجية كبرى، أدارها نيشان وتحدّث فيها كل من المنتج صادق الصباح والممثلين عابد فهد وسيرين عبد النور، وسارة الجرمن، مديرة إدارة القنوات العامة في مؤسسة دبي للإعلام.

في بداية الجلسة أكد صادق الصباح أن المستقبل سيكون للأجيال القادمة التي تحرص على مشاهدة المحتوى الدرامي عبر منصات العرض المختلفة، والتي تتناسب مع اهتماماتهم والموضوعات التي تخاطبهم في الوقت والمكان والزمان الذي يريدونه، بينما تتقلص فرص الفضائيات العربية المفتوحة على المنافسة في المستقبل القريب.

حملت مداخلة الصباح الكثير من الردود على سؤال سيرين عن سبب تغييبها عن دراما رمضان وحصرها بدراما المنصات، التي تعرض خارج الموسم الرمضاني، وتدور تساؤلات حول أهميتها مقارنة بالدراما التي تعرض على الشاشة الفضية.

جاءها الرد من منتج أكد أنّ الشاشة الفضية ستظل متواجدة في الأماكن الفقيرة من العالم وعلى نطاق محلي، وأن الأجيال القادمة لم تتعود على مشاهدة التلفاز، وتفضل مشاهدة المحتوى واستقاء المعلومات والأخبار عبر المواقع والمنصات الرقمية، في إشارة إلى أن مسلسلاته التي يعرضها على المنصات ليست حرفاً ناقصاً في ميزان الشركة التي تسابق الزمن، لتكون رائدة في عالم متغيّر ومتجدّد وجمهور صعب الإرضاء.

كان يمكن للندوة أن تكون أكاديمية بحتة مع منتج له باع طويل في الإنتاج الدرامي، يضفي عليها عابد وسيرين بعض اللون، إلا أنّ نيشان الذي يجيد لعبة الرايتينغ، رمى الطعم، فسأل المنتج صادق الصباح عما إذا كان يفكر في جمع الزميلتين اللدودتين نادين نجيم وسيرين عبد النور في عمل واحد، تطوّعت سيرين وأجابت أنّ هذه الفكرة كانت مطروحة وأنها وافقت عليها بينما رفضتها نادين، ليعلق الصباح قائلاً: لست متأكداً، ما دفع سيرين لإعادته إلى مقابلة أجرتها زميلتها، قالت فيها إنّ برنامج أعمالها مزدحماً خلال العام 2021 وإن هذا الموضوع لم يكن وارداً لديها.

لم يكتفِ نيشان برد سيرين، فسألها ما إذا كانت وزميلتها تتبادلان التهنئة، فأجابته بالنفي.

سؤال بدا نافراً على جلسة  أعدت لمناقشة مستقبل الدراما في ظل هجم المنصات الإلكترونية، لا لمناقشة علاقات الفنانات المتدهورة والمنافسة التي تتحوّل إلى عداوات فنية.

تحوّلت الجلسة إلى ما يشبه إحدى الحلقات التي يستضيف فيها مذيع فنانة، يسألها أسئلة مثيرة للجدل، يتوقّع منها أجوبة أكثر إثارة، وبعد الحلقة تشتعل نار التصريحات.

لم تكن حفلة الردود التي أقيمت بعد الجلسة تليق بمنتدى يجمع أهل الفكر للنقاش بأمور تهم الجميع، فرغم أنّ الإعلام ومتفرعاته يهم كل شرائح المجتمع، إلا أنّ ما يبقى في الذاكرة هي الأمور النافرة فحسب، وقد تفرد وسائل الإعلام والصحافة الفنية للخلاف القديم المتجدد بين سيرين ونادين، أضعاف ما ستفرده للحديث عن ندوات أخرى مرت مرور الكرام ولم يسمع بها سوى الحاضرين في القاعة.

كان نيشان يدرك أن سيرين قررت عدم المهادنة وشهرت أسلحتها منذ فترة بعد أن كان تحرص على تدوير الزوايا واختيار مفرداتها بعناية، وربما كان يدرك أنّها ستفجّر قنبلة تطول تداعياتها، وأنّ ما سيبقى في أذهان المتابعين هذه القنبلة.

تثبت الجلسات الفنية مهما حاول القيمون عليها الارتقاء بها أنّها عاجلاً أم آجلاً تتحوّل إلى جلسات نميمة، وأنّ نظرية ما يطلبه المشاهدون تنطبق حتى على الندوات التي لا يشاهدها المشاهدون، لتصبح مادة للتداول وتخرج من إطار القاعة المغلقة.

بين ردة فعل سيرين وردّة فعل نادين والاتهامات المتبادلة، تاريخ من عداوة لكل من الفنانتين رواية ترويها من زاويتها، وبينما نلعب نحن دور المتفرج الذي لا ناقة له ولا جمل في هذه الحرب، نتساءل هل أخطأ نيشان أم أصاب؟ هل نحمله هو مسؤولية ردّة فعل فنانة يحاورها وردّة فعل زميلتها عليها؟ أم نعذر رغبته بألا تمرّ جلسته الحوارية مرور الكرام؟ أم نحمّل الصحافة نفسها مسؤولية أنّها لا تعر اهتماماً إلا للتصريحات النارية؟ فلو اكتفى نيشان بإدارة الحوار والحديث عن الدراما في عصر الإعلام الرقمي، لكانت الجلسة أثارت اهتمام محبي كواليس الدراما فحسب، وليس محبي الدراما نفسها حتى، أجاد نيشان خطف الأضواء، وتحقيق سبق صحفي، لكنّه اختار المكان غير المناسب وكذلك فعلت سيرين، التي غلبتها انفعالاتها في الآونة الأخيرة، فدخلت حروباً تدرك أنّها تضع الفنان في خانة من ليس لديه سوى القنابل الصوتية ليمسع صوته، بينما لديها الكثير وآخرها مسلسل «العين بالعين» الذي نجح جماهيرياً ونقدياً.

في وقت تشكّل فيه الدراما القوة الناعمة التي تحارب بها دول لتمرير رسائل سياسية واجتماعية وثقافية، لا زلنا ننظر إلى الدراما أنّها ليست أكثر من مساحة تسلية، وعرض لفساتين النجمات أمام الكاميرا، وخلافات الفنانين وراء الكاميرا، رغم الأموال التي يغدقها المنتجون للنهوض بهذا القطاع، لا يوقفهم انهيار اقتصادي ولا اجتماعي ولا حتى أمني. جلسة الدراما وعرشها ليست إلا مؤشراً على أنّه أينما حل الفن حلّت النميمة.

 

font change