المواطنة الشمولية تدعم التنمية الاقتصادية

مليارا دولار إجمالي الإنفاق السنوي على شراء الجنسيات حول العالم

المواطنة الشمولية تدعم التنمية الاقتصادية

* الجنسية الفرنسية الأغلى عالميا... وبعض الدول العربية بدأت تعديل القوانين
* شراء العقارات وودائع في البنوك... أبرز شروط شراء الجنسية
* قانون رابطة الدم أضر بالتنمية في البلدان المستعمرة سابقاً
* زاد نصيب الفرد من الدخل في بلدان رابطة الأرض بنسبة 80 %
* جذب الاستثمارات وتنشيط الأسواق وراء تعديل قوانين الجنسية
 

القاهرة:تلعب المواطنة دوراً مهماً في التنمية الاقتصادية، وزيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، كما تلعب دوراً مهماً في تنشيط الأسواق وجذب الاستثمارات الأجنبية، حال منحها لمستثمرين أجانب. وتشير الدراسة إلى أن متوسط دخل الفرد في البلدان التي تطبق قانون رابطة الأرض للحصول على الجنسية زاد بنحو 80 في المائة مقارنة بالدول التي تطبق قانون رابطة الدم، مؤكدة أن المواطنة الشمولية تدعم التنمية الاقتصادية.
ومع اتجاه الدولة إلى تعديل قوانين الجنسية لمنح الجنسية للمستثمرين، أصبح حلم الحصول على جنسية أخرى أمرًا يسيراً، فكثير من الدول باتت تعرض بيع جنسيتها مقابل استثمارات معينة، لأسباب كثيرة، أبرزها الوضع الاقتصادي أو بسبب حاجة هذه الدول لعمالة فنية مدربة وتخصصات نادرة، أو إيجاد ملاذ آمن للتهرب من الضرائب الباهظة في بعض الدول، وبحسب كثير من التقارير، فإن إجمالي الإنفاق السنوي على شراء الجنسيات حول العالم يقارب ملياري دولار.
ويشير باتريك أمير إمام، وكانغني بودار، الخبيران بصندوق النقد الدولي، إلى أن مفهوم المواطنة ظل يتطور مع مرور الزمن، فعلى مدار التاريخ، كان الانتماء في المعتاد لجماعة راقية أو سيد إقطاعي.
ومع ميلاد الدولة القومية في القرن التاسع عشر ظهرت الحاجة للتمييز بين الذين ينتمون للدولة والذين لا ينتمون إليها، ومن ثم كان من الضروري إيجاد أحد أشكال التمييز القانوني بين المواطنين والأجانب.
وقد وضعت معظم البلدان وقتئذ «قانونا للجنسية» أو لدى استقلالها، لا تزال مبادئه معمولا بها حتى الآن. ويحدد هذا القانون، في معظم الحالات، من هو المواطن وكيفية الحصول على حق المواطنة. ويتمتع المواطنون بحقوق مثل التصويت والقدرة على التنقل بحرية داخل البلد وأهلية العمل بأجر. وعليهم كذلك تحمل مسؤوليات مثل أداء الخدمة العسكرية ودفع الضرائب والتصويت.
 


المواطنة الحديثة
أما مفهوم المواطنة الحديث، فينطوي على رؤيتين متناقضتين. الرؤية الأولى، التي تقوم على إعلان حقوق الإنسان، هي رؤية شمولية تسمح بمنح الجنسية لأي شخص يستوفي شروطا معينة. والرؤية الثانية، وهي إقصائية بدرجة أكبر، تُعرِّف الوطن على أنه مجتمع يميل أكثر نحو العرقية. ورؤية الشمولية تنعكس في «قانون رابطة الأرض»، وهو المبدأ الذي ينص على حصول الطفل المولود، داخل إقليم بلد ما على جنسية هذا البلد بصورة تلقائية.
ووفقا لهذا المنظور، المتعارف عليه غالبا في العالم الجديد فإن أواصر المواطنة تمتد لأبعد من «رابطة الدم»، حيث يشمل أناسا من خلفيات وراثية وجغرافية متنوعة. يرسخ هذا الأمر لنظام شمولي، يضمن للقادمين الجدد وأطفالهم الاندماج في المجتمع وسهولة الحصول على المواطنة.
أما الرؤية الإقصائية، التي تنعكس في قانون رابطة الدم، فتقوم على مبدأ حصول الأطفال على جنسية آبائهم، بغض النظر عن مكان الميلاد، وهو الوضع السائد عادة في معظم أنحاء آسيا وأوروبا وبعض أجزاء من أفريقيا. ويتسم هذا النوع من المواطنة بزيادة التركيز على العرق وهو بطبيعة الحال أقل شمولية، المواطنة هنا تستمد معناها، إلى حد ما، من استبعاد غير المواطنين من الحصول على الحقوق والمزايا الأساسية. وفي مثل تلك الحالات قد ينتمي الفرد لأسرة عاشت في بلد ما لأجيال طويلة دون أن يصبح مواطنا في موطنه الأصلي.
وفي الوقت الحالي، هناك عدد متزايد من البلدان التي تعتمد قوانين المواطنة التي تشكل مزيجا من الرؤيتين.
 
تعديل القوانين
ورغم اعتماد البلدان غالبا إحدى قاعدتي «قانون رابطة الدم» أو «رابطة الأرض» في بادئ الأمر اتجه كثير منها مؤخرا إلى تعديل سياساتها للتحول إلى المنظور الآخر. ففي عام 1999. أجرت ألمانيا إصلاحات كبيرة على قانون الجنسية القائم على رابطة الدم بحيث تتيح للأجانب المقيمين في ألمانيا لسنوات، لا سيما الأطفال الأجانب المولودين هناك، الحصول على الجنسية الألمانية. 
ومن جهة أخرى، هناك قانون «رابطة الأرض» في بلدان أخرى كالمملكة المتحدة التي شددت القواعد بحيث لا تمنح الجنسية تلقائيا للأشخاص المولودين على أرضها.
وظل قانون رابطة الأرض هو الاختيار السائد تاريخيا في أوروبا القارية، وهو انعكاس للتقاليد الإقطاعية التي كانت تربط الناس بالسيد الإقطاعي الذي وُلِدوا على أرضه، وقد وضعت معظم الدول الأوروبية قوانين الجنسية وفقا لهذا النموذج خلال القرن التاسع عشر، وهو ما فعلته اليابان أيضا، حيث صاغت قانونها الدستوري وفقا لنموذج قانون أوروبا القارية.
ولكن فرنسا كانت استثناء من هذه القاعدة، فقد حطمت الثورة الفرنسية هذه الحلقة الإقطاعية، وأصبح قانون رابطة الدم هو السائد. وبنهاية القرن التاسع عشر، تحولت فرنسا إلى قانون رابطة الأرض لزيادة تعدادها السكاني، في أعقاب هزيمتها في الحرب ضد بروسيا، ولدمج الجاليات الأجنبية فيها، في خطوة نحو تعزيز قوتها العسكرية. غير أن البريطانيين استمروا في تطبيق قانون رابطة الأرض في الداخل وفي المستوطنات البريطانية.
واختارت بلدان مثل الولايات المتحدة اتباع قانون رابطة الأرض، وهو الأمر المتوقع في بلد قوامه الأساسي من المهاجرين. فقد نص التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي في عام 1868 على اعتماد مبدأ قانون رابطة الأرض، سعيا على وجه التحديد لحماية حقوق المواطنة بالمواليد العبيد السود.
ولكن المنافع المحدودة نسبيا لحقوق المواطنة مقابل حقوق الإقامة في الولايات المتحدة، وهو موضوع ذو أهمية تتجاوز الولايات المتحدة في حد ذاتها، ويستحق الدراسة بصفة مستقلة، تعني أيضا التكاليف المحدودة من المالية العامة لمنح حقوق المواطنة للقادمين الجدد والمزايا المحتملة لتوفير أيدٍ عاملة إضافية. تكلفة تعليم المهاجرين تحملتها بلدان موطنهم الأصلي. وبالمثل، رحبت كندا، البلد الشاسع وقليل السكان، بالمهاجرين من خلال اعتمادها قانون المواطنة القائم على أساس رابطة الأرض.
وفي البلدان قيد الاستعمار، كانت قوانين المواطنة تنتقل إليها عموما من القوة الاستعمارية، وبينما يصعب عادة الحصول على الجنسية وجواز سفر ثان في البلدان ذات الهوية القومية القوية، الصين ومصر واليابان، نجد أن بلدانا أخرى، لا سيما بلدان نصف الكرة الغربي الجديدة تيسر إجراءات اكتساب الجنسية.


 
الدول الأفريقية
هناك كثير من البلدان الأفريقية، التي تشكلت على أيدي القوى الاستعمارية البريطانية والفرنسية والبرتغالية، كانت تفتقر إلى اللُحمة الوطنية. ولدى استقلالها، تم تعديل قوانين الجنسية فيها، فالتزمت في بادئ الأمر معظم المستعمرات الفرنسية سابقا بقانون رابطة الأرض؛ واتجهت المستعمرات البريطانية والبرتغالية سابقا إلى التحول إلى قانون رابطة الدم، مدفوعة في ذلك باعتبارات عرقية.
ولأن كثيرا من هذه البلدان تشكلت على نحو مصطنع من دون مراعاة للتنوع العرقي الداخلي، مما أدى إلى انعدام الاستقرار السياسي فيها، فقد كان التصور السائد أن قانون رابطة الدم سيعزز الهوية القومية.
وكان هذا هو الحال في سيراليون، على سبيل المثال، حيث اقتصر دستور عام 1961 على انتقال حق المواطنة بالنَسَب، وفقط لأولئك المولودين لآباء وأجداد من الأفارقة السود. ولكن في ظل بيئة عرقية غير متجانسة اتسمت بالهجرة القسرية، استبعد قانون المواطنة مجموعات عرقية وقبَلية متنوعة، مما أدى إلى الانعزالية والصراعات، وخاصة في سياق ضعف المؤسسات. ونص دستور الكونغو لعام 1964. مثلا، في إطار السعي لاستبعاد المهاجرين الروانديين، على الاعتراف بحق المواطنة فقط لأولئك المولودين لآباء من مجموعات قبلية تشكلت في الأراضي الإقليمية قبل عام 1908 وترتب على ذلك، كما كان متوقعا، تهميش جماعات معينة من السكان وفي بعض الحالات خلق مجموعات من الأفراد عديمي الجنسية فعليا تحولوا لاحقا إلى متمردين.
 
تأثير متباين
تؤثر حقوق المواطنة على التنمية الاقتصادية، وتشير البيانات إلى الفرق الهائل في متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بين الاقتصادات النامية التي تعتمد قانون رابطة الأرض، وتلك التي تعتمد قانون رابطة الدم. ففي عام 2014، زاد نصيب الفرد من الدخل في المجموعة الأولى بنسبة 80 في المائة مقارنة بالمجموعة الثانية. كما أن بلدان رابطة الأرض أغنى، وإن كان لا يوجد نمط واضح لدى مقارنة بلدان النظم المختلطة مع البلدان التي تعتمد قانون رابطة الدم.
ويمكن اعتبار قوانين المواطنة كمؤسسات لحل النزاعات أو مؤسسات مولدة لها. فإن كانت ذات طابع شمولي، يمكنها توفير رأس المال الاجتماعي الإيجابي، فترفع بذلك مستوى الثقة وتخفض تكاليف المعاملات وتحد من احتمالات وقوع النزاعات وتخفف من حدتها حال وقوعها. ويصدق هذا الأمر بصفة خاصة عندما تفتقر مؤسسات تسوية النزاعات لقوة الإنفاذ على سبيل المثال، عندما تتسم الحكومة بالفساد أو يتسم النظام القضائي بالضعف، كما هو الحال في معظم الاقتصادات النامية. ومن حيث المبدأ، نجد أن قانون رابطة الدم يزيد من صعوبة الاندماج وبالتالي يلحق الضرر بالتنمية الاقتصادية، خلال عدة قنوات، منها تشويه الاستثمارات أو الحد منها، فالمستثمرون الذين تقل فرص حصولهم على جنسية البلد تكون آفاقهم الزمنية أقصر، ويتحسبون لفرط الانكشاف للمخاطر في هذا البلد، ويزداد شعورهم بالقلق في فترات الانتخابات، فهم أكثر عرضة للمخاطر في البلدان ذات المؤسسات الضعيفة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن قراراتهم الاستثمارية تصبح مشوهة. فإذا لم تتمتع حقوق ملكية الأفراد بالحماية الكافية لأنهم لا يتمتعون بجنسية البلد المعني، سوف ينصب تركيزهم على الاستثمار الذي يحقق عائدا سريعا أو يتطلب رؤوس أموال محدودة. ففي كمبوديا ومدغشقر، على سبيل المثال، لا يحق للأجانب شراء الأراضي، مما يشكل قيدا على الاستثمار.
بالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي والفساد، فالأقليات التي لا تتمتع بالجنسية هي في الغالب على طرفي النقيض، فإما أنها مستبعدة من الحياة الاقتصادية أو تقوم بدور كبير غير متناسب في الاقتصاد المحلي. ومن دون الجنسية، لا يحق للأقليات المهمشة التصويت أو التأثير في الحياة العامة من خلال الوسائل الديمقراطية. ومن ثم فإن المظاهرات أو أعمال العنف تصبح إحدى الطرق التي تلجأ إليها الجماعات المحرومة من حقوقها لجذب الانتباه إليها. وقد يحفز ذلك الحكومات على قمع هذه الأقليات، الأمر الذي يمكن أن تترتب عليه زيادة الإنفاق على الأغراض العسكرية وإضعاف النمو.
وفي المقابل، عندما تقوم مجموعة من غير المواطنين بدور كبير غير متناسب في الحياة الاقتصادية، فإن افتقارها للحماية التي توفرها الدولة يشكل مصدرا للقلق. فنتيجة لزيادة تعرض هذه الأقليات المؤثرة للخطر فإنها تصبح متحمسة للتأثير في العملية السياسية في البلاد وقد تلجأ إلى دفع الرشاوى، مما يشجع على انتشار الفساد وإضعاف المؤسسات.
وتوثق الدراسات كيفية مساهمة الانقسامات، سواء العرقية أو الدينية أو على أساس اللغة، غالبا في إضعاف أداء القطاع العام، وزيادة المحسوبية، وتخفيض مستويات الثقة بين السكان، وفي النهاية الإضرار بالتنمية الاقتصادية
 
تشويه سوق العمل
وفي ظل قانون رابطة الدم، قد تستبعد الأقليات المحلية من غير المواطنين من بعض أجزاء سوق العمل. وفي بلدان كثيرة نجد أن المهاجرين ممنوعون من ممارسة مهن معينة بالكامل. فالأجانب في تايلند، على سبيل المثال، لا يحق لهم ممارسة مهنة مصففي الشعر أو المحاسبين. وفي فرنسا، لا يحق لغير مواطني الاتحاد الأوروبي شغل وظيفة مدير شركة خدمات الجنازات. وفي مثل هذه الحالات، نجد أن قانون رابطة الأرض يوسع نطاق سوق العمل على نحو لا يتحقق من خلال قانون رابطة الدم، مما يوسع على الأرجح قاعدة العمالة ويرفع كفاءة الاقتصاد.
وتؤكد النتائج أن اختلاف قوانين الجنسية يؤثر على النمو الاقتصادي، حتى بعد تحييد أثر العوامل الداخلية المحتملة، فقوانين الجنسية في الاقتصادات النامية، وخاصة في ظل ضعف المؤسسات، تحدث فرقا: حيث اتضح أن قانون رابطة الأرض، الذي يتسم بطابع أكثر شمولية ويشجع الاستيعاب والاندماج، له أثر إيجابي وذو دلالة إحصائية على مستويات الدخل.
وتشير النتائج إلى أن نصيب الفرد من الدخل في البلدان التي تحولت إلى قانون رابطة الدم كان في عام 2014 أقل بنحو 46 في المائة مما كان ليصل إليه لو حافظت هذه البلدان على تطبيق قانون رابطة الأرض بعد استقلالها.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن فجوة الدخل في البلدان التي تطبق قانون رابطة الدم مقارنة ببلدان قانون رابطة الأرض كان من الممكن تقليصها بتيسير الحصول على الجنسية من خلال الزواج وإجراءات اكتساب الجنسية. وهذا يعني أن هناك قدرا من إمكانية الاستعاضة ببعض مسارات الحصول على الجنسية بغيرها.
 
تعزيز الاندماج يعزز النمو
ظل الجدل دائرا حول قوانين الجنسية خلال السنوات القليلة الماضية، ليس فقط في الاقتصادات المتقدمة بل في الاقتصادات النامية أيضا. وتوضح النتائج أن تلك القوانين تأثيرها أكبر على التنمية في البلدان منخفضة الدخل، مما يرجع جزئيا لضعف مؤسساتها أكثر من سواها ولعدم موازنتها بالضرورة للتأثير السلبي لقوانين الجنسية الإقصائية.
والانعكاسات على مستوى السياسات واضحة، وإن كان يشوبها بعض الاختلاف. ففي الوقت الذي يتزايد فيه خروج المهاجرين من الاقتصادات النامية ووفود المهاجرين إليها، يتبين أن فعالية إدماج هذه الجماعات السكانية في المجتمع بإمكانها إعطاء دفعة للتنمية الاقتصادية.
ففي البلدان المستعمرة سابقا، على وجه التحديد، نجد أن قانون رابطة الدم أضر بالتنمية. ومع تساوي كل العوامل الأخرى، فإن التحول من قانون رابطة الدم إلى قانون رابطة الأرض ربما يمكنه تعزيز الاندماج وإعطاء دفعة للنمو الاقتصادي.
 
الجنسية بـ«وديعة للأجانب»
لم يعد حلم الحصول على جنسية أخرى أمرًا صعب المنال أو مستحيلاً كما يظن بعضهم، فالكثير من الدول باتت تعرض بيع جنسيتها مقابل استثمارات معينة، لأسباب كثيرة، أبرزها الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به بعض هذه الدول، أو بسبب حاجتها لاستثمارات أجنبية، أو بسبب حاجة هذه الدول لعمالة فنية مدربة وتخصصات نادرة، كما هو الحال مثلاً في أستراليا وكندا وتركيا، وقد تمنح الدول جنسياتها لأسباب إنسانية بحتة. وبحسب الكثير من التقارير، فإن إجمالي الإنفاق السنوي على شراء الجنسيات حول العالم يقارب ملياري دولار.
وبدأت الدول بوضع شروط خاصة للحصول على جنسيتها، منها شراء عقارات بمبالغ معينة، أو وضع مبلغ معين في أحد المصارف، أو حتى ضخ رؤوس أموال على شكل استثمارات في قطاعات مختلفة.
وفي مصر، وافق مجلس النواب المصري على مشروع قانون لتعديل بعض أحكام القرار بقانون الذي يختص بدخول وإقامة الأجانب بأراضي مصر والخروج منها والقانون الخاص بشأن الجنسية المصرية في مجموعه.
وينص مشروع القانون على إضافة فقرة 4 في تقسيم الأجانب من حيث الإقامة وهي «أجانب ذوو إقامة بوديعة»، وتمنح لهم الجنسية بعد 5 سنوات من إيداعها، على أن لا تقل عن 7 ملايين جنيه أو ما يعادلها بالعملة الأجنبية.
وتقول الحكومة المصرية إن القانون يهدف إلى تشجيع استثمار الأموال العربية والأجنبية في المشروعات الاقتصادية، مع التيسير على الأجانب المقيمين مدة طويلة في مصر، والعمل على توفير جو من الثقة والاستقرار، ليطمئن المستثمرون على أموالهم ومشروعاتهم.
وفي تركيا، أصدرت قانونا جديدا للجنسية، يتيح الحصول على الجنسية التركية مقابل استثمار عقاري بنحو 250 ألف دولار فقط، بدلا من مليون دولار، مع عدم بيعه لمدة ثلاث سنوات، لتشجيع شريحة أوسع من المستثمرين الأجانب على التملك في تركيا، بعد حالة الركود التي أصابت قطاع العقارات التركي.
ولم تكتف حكومة تركيا، عند هذا الحد، بل عدلت القانون لتنخفض قيمة شرط الإيداع في البنوك التركية من 3 ملايين دولار إلى 500 ألف دولار، وتشغيل 50 مواطنا تركيا على الأقل عوضا عن 100 مواطن تركي في مشاريعه، لجذب مستثمرين في دول الخليج العربي، مؤكدة أن القانون الجديد سيزيد من حركة البيع والاستثمارات العقارية في تركيا، والتي بدأت تعاني من بعض جمود وتراجع في الأسعار خلال الشهر الأخير.
وعدلت قطر قانون الإقامة الدائمة، ويتيح القانون لحامل «بطاقة الإقامة الدائمة»، أن يستثمر في أنشطة قطاعات الاقتصاد التي يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء، دون شريك قطري، كما كان متبعًا في السابق، وتُميز البطاقة حاملها: «حق التملك العقاري للسكن، والاستثمار في المناطق، وفقًا للشروط والضوابط الحكومية»، كما يمنح قانون «دخول وخروج الوافدين وإقامتهم الجديدة، للعامل الوافد الخاضع لقانون العمل»، والحق في الخروج المؤقت أو المغادرة النهائية خلال سريان عقد العمل، دون إذن خروج، وهو تعديل جديد لم تشهده القوانين القطرية من قبل.


 
برامج الجنسية
وكشف استطلاع رأي لشركة «CSGlobalPartners» سنة 2017 حول الحصول على جنسية ثانية، أن نحو 89 في المائة من البريطانيين يرغبون في امتلاك جواز سفر ثان. بينما أكد 34 في المائة منهم أنهم يرغبون في الاستثمار في الحصول على الجنسية الثانية. وأكد 80 في المائة من العينة رغبتهم في الاستثمار أو التبرع بنسبة 5 في المائة من رواتبهم السنوية للحصول على جنسية ثانية.
وتقدم الكثير من البلدان برامج الجنسية عبر الاستثمار، حيث يمكن للمال، الذي عادة ما يتم استثماره في العقارات، أن يشتري بالفعل جواز سفر ثانيًا. وهناك برامج أخرى تُعرف «بإقامة النخبة»، تقدم تأشيرة طويلة المدى مع امتيازات، مقابل القيام باستثمارات.
وقد صرح نوري كاتز، رئيس شركة Apex Capital Partners، وهي شركة استشارات دولية متخصصة في برامج الجنسية عبر الاستثمار، أن «امتلاك جواز سفر ثان أو ثالث يعد بالنسبة للكثير من الأثرياء مسألة مهمة تمكنهم من السفر».
وأضاف كاتز أنه فضلاً عن المزايا التي يتمتع بها هؤلاء الأشخاص عند السفر والمركز الذي يقدمه لهم امتلاك عقارات حول العالم، يسمح هذا البرنامج أيضًا لهؤلاء الأشخاص بإدارة أعبائهم الضريبية. وقال: «أصبحت الجنسية الثانية أكثر من مجرد الحصول على جواز سفر. فهناك مزايا معينة يمكن أن تتمتع بها عند استخدام الجنسية الثانية للإقامة في بلدان تكون فيها الأعباء الضريبية أقل مما هي عليه في المكان الذي تتواجد فيه حاليًا».
وفي باراغواي، تطلب السلطات فتح حساب بنكي وإيداع خمسة آلاف دولار فقط، أو شراء أرض، إذ تحصل بموجبها على الإقامة الدائمة، وبعد 3 سنوات من الإقامة المتواصلة، تحصل على جنسية باراغواي.
فيما وضعت السلطات البرازيلية شروطًا عدة للحصول على جنسيتها، يتطلب دفع 65 ألف دولار، على شكل استثمارات، أو شراء عقار، بالإضافة إلى الإقامة لمدة 4 أعوام.
أما الحصول على الجنسية الروسية، فيتطلب استثمار ما يقارب 165 ألف دولار، في أحد القطاعات الاقتصادية.
وتعرض السلطات الإسبانية الحصول على جنسيتها مقابل تسديد 160 ألف يورو، على شكل استثمارات في قطاع السكن والعقارات، وتساعد حامل الجنسية بالدخول إلى جميع دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى دول أخرى.
ووضعت السلطات السويسرية عدة شروط للحصول على الجنسية، من أبرزها، تسديد 250 ألف فرنك سويسري على شكل استثمارات، والإقامة 12 عامًا.
فيما يتطلب الحصول على الجنسية البريطانية استثمار ما لا يقل عن 500 ألف جنيه إسترليني، إلا أنه في الآونة الأخيرة، أعلن أن الحصول على الجنسية، يتطلب دفع استثمارات تصل إلى 200 ألف جنيه إسترليني، وبعد خمس سنوات، تمنحك السلطات الجنسية البريطانية.
كما يتطلب الحصول على الجنسية الأميركية استثمار 500 ألف دولار في أي منطقة، أو استثمار مليون دولار في المدن الكبرى.
وتعد الجنسية الفرنسية من أغلى الجنسيات حول العالم، حيث يتطلب دفع استثمارات تقدر قيمتها بنحو 10 ملايين دولار، والإقامة لمدة 10 سنوات.

font change