جي تي روجرز: الوقت يتغير.. وكذلك الأعداء

جي تي روجرز: الوقت يتغير.. وكذلك الأعداء

[escenic_image id="55166158"]

دماء ومنح

العرض الأول بالمسرح الوطني بلندن

سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني)  2010

 

تعد مسرحية «دماء ومنح» للكاتب الأميركي تي جي روجرز ملحمة سياسية مثيرة؛ حيث تغطي عقدا من الغزو السوفياتي لأفغانستان، وتحمل المشاهد من جبال باكستان إلى مراكز السلطة في واشنطن العاصمة. وذلك من خلال عميل الاستخبارات الأميركية جيم ورانوك أثناء وصوله لباكستان (1981) لمحاولة وقف تقدم الجيش السوفياتي عبر التحالفات السرية مع الجنرالات الأفغان والاستخبارات الباكستانية والبريطانية.

يستطيع جيم إقامة تحالفات في مواجهة الأعداء المشتركين، ولكن وكما يخبرنا الوضع الحالي في أفغانستان، فإن الوقت يتغير، كذلك الأعداء. ويبدو أن الشيء الوحيد الذي لا يتغير هو عدم القدرة على الإفادة من التاريخ. ويصور روجرز ذلك من خلال السخرية الممزوجة بالقسوة في تصوير روابط الثقة بين أميركي وأفغاني أصبح لاحقا هدفا للغزو الأميركي في 2001.

ويهدف روجرز إلى توضيح الصعوبات التي تواجه صناع القرار، كما يحث جمهوره على التساؤل إذا ما كانوا بالفعل سوف يفعلون الأشياء على نحو مختلف. ومن خلال وجهات نظر الأميركيين والبريطانيين والروس والباكستانيين، ينجح ببراعة في كشف تعقيد الأحداث وسطحية الأمنيات الساذجة للمنادين بفعل الخير. فالطريق للجحيم مفروش حقا بالنوايا الطيبة خاصة في تلك البيئة التي تغير دائما من ولاءاتها.

وربما يكون ذلك هو الجزء الأفضل من «دماء ومنح» وهو تصوير مأساة الفعل الإنساني من خلال شبكة من المصالح المتصارعة والقضايا الأكبر من أن نفهمها. إن قوة السيناريو يعززها الأداء الرائع، خاصة أداء ليورد أوين الذي يقوم بدور جيم ورانوك وكذلك المخرج هوارد دافيس. كما أن هناك توازنا واضحا بين الدعابة وقوة القضايا من جهة، رغم أنك ربما تتساءل حول حقيقة ولع المجاهدين الأفغان بالأغاني الشعبية الأميركية.

وبذلك المعني، يكمن قدر كبير من عظمة المسرحية في معارضتها لإلقاء اللوم أو «تثقيف» جمهورها. ومن خلال مزايا الإدراك المتأخر فإن عواقب الأفعال المصورة تتحدث حقا عن نفسها. وبدلا من ذلك، فإن أبرز الأشياء في تلك المسرحية هو العلاقة بين الناس: عميل الاستخبارات، والجاسوس الروسي، وجنرال أفغاني، وصراعاتهم الشخصية. والسياسة التي تكمن خلف القرارات التي اتخذوها. ومن خلال التصوير الدقيق للدوافع الكامنة خلف تصرفات هؤلاء الرجال، يتم الكشف عن الصلة المقلقة بين المناحي العامة والخاصة.

إنها مسرحية طموح تنجح في الكشف عن الجوانب الإنسانية الأساسية للأحداث التاريخية المهمة. وعبر الاستفزاز، والإمتاع والإثارة، تذكرنا مسرحية «دماء ومنح» بجانب من الوجود الإنساني لا تستطيع أبدا مقالة صحافية أن ترصده.

 

* إيفا براغ - باحثة في العلاقات الدولية تعيش في لندن.

font change