رشيقة وأنيقة ومذهلة.. سابينا راكشيفا من باكو الى نيويورك

رشيقة وأنيقة ومذهلة.. سابينا راكشيفا من باكو الى نيويورك

[caption id="attachment_1762" align="aligncenter" width="620" caption="عازفة الكمان سابينا راكشيفا"]عازفة الكمان سابينا راكشيفا[/caption]

منذ أعد موتسارت وبيتهوفن وهايدن أعمالا تعتمد على الـ أولا تورسا (نمط موسيقى تركي) في القرن الثامن عشر، ثم بعد ذلك بأقل من قرن «مسيرة فارسية» لجون ستراوس، أصبحت محاولات المزج بين الموسيقى الغربية والأنماط الشرقية التقليدية مسارا تقليديا للموسيقيين والملحنين في جميع أنحاء العالم. وفي الوقت نفسه تمثل عملية المزج بين نمطين أو أكثر لإنتاج عمل جديد متكامل لا يخل في الوقت نفسه بملامح أي من هذه الأنماط في الحد الأدنى تحديا. ومما لا شك فيه أنه لا يوجد سوى عدد قليل يستطيع نشر البهجة خارج جدران قاعات الحفلات الموسيقية. ومما لا شك فيه، أن سابينا راكشيفا تعد من بين الموسيقيين الذين لديهم مستقبل طويل ومثمر في عملية التطوير المستمرة لهذا النمط الموسيقي.

رشيقة، أنيقة، ومذهلة، إنها راكشيفا عازفة الكمان البارعة التي اشتهرت بالأداء العاطفي المتحمس في أكثر من 40 دولة غالبا تحت رعاية موسيقار عالمي شهير مثل جيمس ليفين، وزوبين مهتا، ويوري تمركانوف.نشأت راكشيفا التي تنحدر أساسا من باكو في بيئة تعج بالموسيقى الكلاسيكية خلال الفترة السوفياتية وقضت معظم سنوات تكوينها كموسيقية في الولايات المتحدة حيث كانت تدرس في كلية جوليارد في نيويورك - وكانت أول امرأة من أذريبجان يتم قبولها.

ويمكن أن نقول الكثير حول السيدة راكشيفا ولكن الأكثر أهمية هو اهتمامها باستخدام الموسيقى في إقامة حوار، خاصة في مجال الدبلوماسية. وقد منحها نجاحها كموسيقية الفرصة للأداء أمام السياسيين والشخصيات العامة الذين احتفى العديد منهم بأدائها نظرا لبراعتها ولأدائها المتنوع. وفي العديد من الأحوال، كان يتم دعوتها عندما يكون هناك دبلوماسيون من خلفيات ثقافية مختلفة كما أنها تشتهر بنشر السكينة بين الغرباء المتشككين وجذبهم للحوار. وقد دفعها الكثير من التشجيع ودراستها المستمرة للأنماط المختلفة إلى توجيه جهودها إلى ذلك المسار، مما دفعها إلى كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن حيث كانت تدرس إمكانية استخدام الإدارة الجماعية للأداء الموسيقى كأداة دبلوماسية ثقافية.

ويعد الألبوم الذي أصدرته أخيرا «إزاحة الستار» نموذجا مدهشا لتلك الجهود. ويقدم الألبوم الذي يشتمل على ستة من الموسيقيين – راكشيفا، كنان العظمة على الكلارينت وعتاب حداد على العود، ومات ريدلي على الكمان الأجهر (الدابل باس) وفاسيليس ساركيس على الآلة الإيقاعية (بيركاشين) وكاثلين تاغ على البيانو- الذين تعاونوا لتقديم سبعة ألحان، ألحان إلهية. وبين القوة والحيوية في أحيان والرقة والعذوبة في أحيان أخرى، يجد المستمع نفسه غارقا في رحلة طويلة، ربما في سماء مدينة مجهولة أو على سجادة سحرية أو على عربات الجليد المحاطة بسماء تلألأت نجومها.

وفيما تحملك النوتة الموسيقية إلى الأعلى، تحملنا النوتات الحية إلى الأمام. وخلال تلك الرحلة، يمر المستمع بعدة مشاعر، الحنين، الحزن، الحماس، السكينة، المتعة والإثارة. ولأنهم لا يشعرون بالرضا أبدا عن النفس، يحاول الموسيقيون دائما جذبك إليهم. وحتى الآن، كانت القطعة الموسيقية الأساسية لراكشيفا هي «انعكاسات» تم ارتجالها في ظلمة شقتها بمانهاتن وهي تتأمل خط أفق المدينة، فيما يتميز باقي الألبوم بجودة ملحمية حتى أنه دائما ما كان يعرض عليها استخدام تلك الموسيقى كموسيقى تصويرية للأفلام.

المجلة» التقت براكشيفا في حوار خاص حول أول ألبوماتها، والأدوار التي تمارسها كعازفة وكمحاورة والدراسات التي تعدها بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن. وسوف تعزز سمعة راكشيفا الدولية كموسيقية موهوبة ونجاحها المستمر في ذلك المجال من احتمالية الاستجابة لمساعيها المهمة في مجال الدبلوماسية.

[caption id="attachment_1793" align="alignleft" width="199" caption="غلاف ألبوم سابينا «إزاحة الستار» "]غلاف ألبوم سابينا «إزاحة الستار» [/caption]

«المجلة»: دعينا نبدأ بالفلسفة الكامنة وراء موسيقاك ونواياك بالنسبة للمستقبل..
- تتعلق خلفيتي برمتها بالعزف. وحتى قبل خمس أو ست سنوات كنت مجرد عازفة. ونظرا لطبيعة خلفيتي الثقافية والمهنية، كنت أعزف منذ طفولتي كثيرا أمام الزعماء السياسيين وفي الساحات السياسية. وفعليا، جعلتني التجارب التي مررت بها أعتقد أن كوني موسيقية يفتح أمامي المزيد والمزيد من الأبواب، فبصفة عامة، إذا كنت فنانا، يمكنك تحقيق أكثر مما كنت تستطيع تحقيقه في مهنة مختلفة، فربما أستطيع من خلال الموسيقى أن أفعل أكثر مما كنت سأفعله لو أنني كنت حاضرة فقط، بالصعود على المسرح والعزف. بدأت أفكر في الإمكانات واستشرت بعض الناس في المجال بل وحتى السياسيين وشجعوني كثيرا. كما فكرت في عمل دراسات أبعد من العزف، وبحثت حتى اكتشفت ذلك البرنامج بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن، في القسم الموسيقي ولذلك اخترت الموسيقى والعلاقات الدولية. وبشكل أساسي، أنظر للموسيقى وإلى كيف يمكن للثقافة والموسيقى أن تعملا على تعزيز العلاقات بين الدول. لقد كانت حقا رحلة رائعة.

«المجلة»: لقد أصدرت مؤخرا أول ألبوم لك. كيف اتخذت القرار الخاص باسم الألبوم «إزاحة الستار»؟
- كنت أفكر في خيارات متعددة، نظرا لطبيعة الموسيقى في الألبوم، حيث يتكون الألبوم أساسا من ألحاني ومن موسيقى مرتجلة ولكنه يعكس أيضا خلفيتي. أنحدر أساسا من أذربيجان ولكنني قضيت معظم سنوات تكويني وسنواتي المهنية في الغرب. وفي البداية عندما انتقلت من أذربيجان إلى نيويورك، وجدت نفسي في بوتقة صهر من كافة الثقافات المختلفة ولم تكن لدي مشاعر تجاه الأصول التي أنحدر منها. وبالتالي كنت واحدة من هؤلاء الناس، الذين يأتون إلى نيويورك وينصهرون بين الناس، حتى أصبحت وكأنني من نيويورك. وأعتقد أن بعد ذلك بعدة سنوات بدأ الناس يسألونني عن البلد الذي أتيت منه وهل تستطيعين عزف قطعة موسيقية. وكنت أقول حسنا أستطيع أن أعزف مقطوعة. وأعزف قدرا منها، مثلا موسيقى شعبية للتعبير عن نفسي عبر الموسيقى. ومن ثم كتبت مقطوعتين موسيقيتين واندهشت حقا من تحقيقهما للنجاح. وفي كل مرة كنت أعزف فيها – فقد كنت على سبيل المثال أعزف نحو أربع أو خمس مقطوعات من الموسيقى الكلاسيكية ثم أعزف مقطوعة لي - وكان الناس عادة ما يأتون إلي بعد الحفل ويقولون: «لقد أحببنا تلك المقطوعة، لم نذهب أبدا لذلك المكان ولكننا أصبحنا نتخيل أجواءه». ولذلك عندما فكرت في الألبوم خطرت لي فكرة أن كلمة «إزاحة الستار» جزء من استعارة حيث إنها تنحدر بالطبع من الشرق الأوسط وتتضمن أيضا الثقافة التي تتسم بأنها علمانية تماما وتقليدية في الوقت ذاته. وقد فكرت في نوع من إزاحة الستار عن ذلك الجانب من ذاتي ومن الموسيقى أيضا.

«المجلة»: ما هي المقطوعة الموسيقية المفضلة لديك من «إزاحة الستار»؟
- ربما تكون المقطوعة المفضلة لدي هي «ساري غلين» ولكنني أفضل أيضا «انعكاسات» لأنها كانت أول مقطوعة أؤلفها. من نحو خمس أو ست سنوات عندما كنت لا أزال في نيويورك، كنت أجلس في شقتي، وأنظر إلى أفق مانهاتن وأفكر في إحساسي بمدى ابتعادي عن خلفيتي. والآن أصبحت أشعر بأنني أكثر اقترابا، ربما جسديا، وربما نظرا لعمليات التواصل تلك، ولكن عندما غادرت قبل 12 عاما لم يكن هناك إنترنت أو تكنولوجيا الهواتف الجوالة. وبالتالي شعرت أنني ابتعدت عن كل شيء من ثقافتي إلى أسرتي وأصدقائي. وكنت أجلس في بيتي، ثم بدأت أشد الأوتار والأنوار مطفأة وأنتجت تلك المقطوعة.
في كل مرة كنت أؤدي فيها تلك المقطوعة، كان يراودني إحساس رائع وكنت أجد استجابة رائعة من الجماهير. وعلى الرغم من أنني كنت أؤديها في أماكن مختلفة مع جماهير لديها ردود فعل مختلفة، ما زلت لم أقابل جمهورا لا يتفاعل مع الموسيقى.
لقد أطلقت عليها «انعكاسات» لأنها تعكس ماهيتي، وتعكس خلفيتي ومن أين أتيت كما تعكس أيضا ماهيتي في تلك اللحظة. ونظرا لأنها مقطوعة مرتجلة فقد لاحظت مع مرور السنوات أنني أغير أيضا من الطريقة التي أؤديها بها. وأدركت أنه على الرغم من أنني أمتلك بعض القيم العالمية، والقيم الثقافية نظرا لمعرفتي بالموسيقى الكلاسيكية فإنني أعبر عن نفسي على نحو أفضل من خلال موسيقاي لأنك عندما تؤدي باخ فإنك ترغب في التعبير عما كان يشعر به ولكن عندما تؤدي ألحانك فأنت حر تماما وتعبر عن نفسك. وبعدما أصبح لدي ذلك التسجيل وبعزف تلك الموسيقى أشعر أنها قد ساعدتني أيضا على تحرير نفسي ومشاعري وأن أصبح ما أنا عليه حقا بدلا من التفكير في ماهيتي ومحاولة الانتساب لثقافة محددة.

«المجلة»: هل يمكنك أن تخبريني بما شعرت به عندما كنت تعدين ذلك الألبوم - عندما ألفت تلك المقطوعات وعزفتها؟
- يجب أن أقول إنني في الوقت الراهن أشعر بعواطف غامرة عندما أستمع لذلك النوع من الموسيقى والذي أقر بأنه لم يكن الحال قبل خمس أو ست سنوات ولا أعرف ماهية ما حدث حقا. فأنا أحاول أن أجد، ربما أن أجد التوازن. فلأنني نشأت في بيئة تعج بالموسيقى الكلاسيكية تماما، فمنذ كان عمري عامين ونحن لا نستمع في بيتنا سوى إلى الموسيقى الكلاسيكية وبالتالي فربما حتى عمر 20 أو 25 كنت نتاجا للثقافة الغربية، خلفيات موسيقية ألمانية وروسية، وبالتالي، كان ذلك كل ما لدي. وبالطبع في مكان ما في عقلي كانت هناك بعض الموسيقى التقليدية ولكنها لم تكن تؤثر علي ولم أشعر بأنني أنتمي إليها على نحو خاص إلا قبل عدة أعوام عندما بدأت إعادة تقييمها، وبدأت الاستماع. وعلى الرغم من غرابة ذلك، فإن الابتعاد عن ثقافتي جعلني فعليا أرتبط بها أكثر. وأعتقد أن ذلك الألبوم، على نحو ما، هو تعبير عن تلك الروابط المكتشفة حديثا. وكانت هناك بعض الألحان - اثنان أو ثلاثة منها - المرتجلة حيث أنتجتها مباشرة في الأستوديو.

«المجلة»: ما تلك الألحان؟
- إنهما لحنان إضافيان. والقصة هي أننا أعطينا فترة راحة لباقي الموسيقيين ثم قلنا أنا وصديقي المقرب، عازف الكلارينت، كنان العظمة، حسنا يمكننا أن نعزف شيئا إضافيا فقط نحن الاثنان ولكن الميكروفون كان ما زال في الاستوديو – وكان مهندسو الصوت قد ذهبوا لتناول الغذاء - ثم خرجنا بهاتين المقطوعتين القصيرتين. وبعد ذلك، وعندما استمعنا لهما أدركت أن ذلك هو تماما ما كنت أسعى إليه - الانتقال بين الألحان لخلق جسر للتواصل بينها جميعا. وقد تخيلت دائما «إزاحة الستار» باعتباره رحلة واحدة طويلة وليس مجموعة من الألحان المنفصلة وقد أصبحت تلك الألحان القصيرة هي همزة الوصل.

إنها تجربة أيضا، بعضها حدث في الاستوديو. حيث يعتمد اللحن الذي تحدثت عنه من قبل «ساري غلين» على أغنية أذربيجانية تقليدية، وتم تسجيله في مرة واحدة في مدة من 10 - 12 دقيقة. وبالنسبة لي، كانت تلك هي أكثر الألحان أهمية - فقد كنت سعيدة أن اثنين أو ثلاثا من تلك المقطوعات في الألبوم جاءت على نحو عفوي. ومما لا شك فيه أنني أشعر بالإثارة. وأشعر بالسعادة من أنني أستطيع الموازنة بين خلفيتي الكلاسيكية وخلفيتي التقليدية. ولم يكن الهدف أن أنتج ألبوما من الموسيقى التقليدية بل كان الهدف هو إظهار التوازن وأن أرى كيف يمكن أن يتواصل أناس من خلفيات ثقافية وموسيقية مختلفة في ألبوم مثل ذلك، وهو ما يقودني إلى موضوع بحثي.

وبخلاف الحديث حول كيفية تعزيز العلاقات الدولية عبر الدبلوماسية الثقافية من خلال أدوات الموسيقى والفن فإنني أفكر أيضا كيف يمكن مقارنة الجمع بين موسيقيين من خلفيات ثقافية وموسيقية مختلفة وبين عملية التفاوض الدولي. أساسا، وفي كلتا الحالتين، يجب عليك أن تحل شيئا ما. ففي الحالة الأولى عليك ممارسة عملية من التناغم، وفي الحالة الأخرى، عليك معالجة بعض المشكلات. وأنا فعليا أحاول أن أعقد المقارنة بين الاثنين في بحثي وأن أظهر أوجه التشابه أو إذا ما كان كلا الجانبين يمكن أن يتعلموا فعليا ويفيدوا من تجارب بعضهم البعض.

لا أريد أن أبدو نمطية، ولكنني أعتقد أنه من الممكن استخدام كلا الأسلوبين، كما أنه من الممكن حتى بالنسبة للدبلوماسية التقليدية أن تضع في اعتبارها بعض هذه الأشياء وأن تنظر إلى الدبلوماسية الناعمة والقوى الناعمة واستخدامها على نحو أوسع.

«المجلة»: أخذا في الاعتبار رد الفعل الإيجابي التي تلقيته حتى الآن، ما هي الأمثلة الحقيقية التي يمكن أن تذكريها والتي تعتقدين أنك سوف تشاركين فيها؟ فهل مثلا سوف تقومين بدعوة موسيقيين من كلا الطرفين لكي يعزفوا معا قبل إجراء الحوار الرسمي؟
- بالطبع، ذلك هو أحد المسارات. ويمكنني أن أقول إن نحو 99.9 في المائة من السياسيين الذين تحدثت إليهم كانوا مشجعين للغاية. وحتى هؤلاء الذين كانوا متشككين بعض الشيء، رحبوا بالفكرة أيضا وإن لم يكونوا بنفس القدر من الانفتاح تجاه مثل تلك المقاربات. ولكن بخلاف ذلك، كانت هناك نماذج عديدة في كل مكان عزفت فيه خلال الخمسة أعوام الماضية، وكثيرا ما كانت تتم دعوتي للعزف في مثل تلك الحالات. فعلى سبيل المثال، عزفت في مؤتمر في ليختنشتاين اجتمع فيه أكاديميون وباحثون من مجال الدبلوماسية ومن جامعات مختلفة حول العالم للحديث حول النزاعات المستمرة – إيران والشرق الأوسط. كما أنني تحدثت قليلا حول الأسباب وراء أدائي وكانوا منبهرين بالفكرة.

وقبل عدة سنوات كانت هناك حلقة نقاشية حول النزاع الإيراني ولم يكن الإيرانيون والأميركيون يتحدثون معا. ثم كانوا جميعا مدعوين للاستماع إلى عزفي وعلى نحو غريب، أتوا جميعا وكانوا سعداء للغاية. وقد عزفت بعض موسيقى الخلفية الكلاسيكية وعزفت موسيقى كلاسيكية وبعض الموسيقى الشرقية. وربما لأنني خبرت العيش مع ثقافات مختلفة يمكنني أن أعود إلى معظمها. ثم بعد العزف أجد نفسي أتحدث إلى كلا الجانبين لأجد أن كليهما يتحدث بسعادة حول الفنون والموسيقى وقد أعطاني ذلك حقا اليقين بشأن إمكانية تحقيق ذلك. ومن الأمثلة الأخرى، عندما تحدثت مع دبلوماسي نمساوي مرموق أخبرني أنه عندما كان يعمل في واشنطن، كانوا يحاولون التواصل مع دبلوماسي أميركي نافذ دون جدوى. وعندما اكتشفوا أنه يحب الأوبرا منحوه تذكرة إلى أوبرا فيينا التي يتم عرضها في واشنطن وقد ذهب لحضور العرض. وكانت تلك هي الطريقة التي تمكنوا عبرها من بدء التواصل معه مما أسفر عن المزيد من الاجتماعات.

«المجلة»: ما الذي تأملين في تحقيقه كموسيقية وخاصة كموسيقية أذربيجانية؟
- أحب أن أقوم بثلاثة أشياء رئيسية في حياتي. بالطبع العزف ولكنني لاحظت مع مرور السنوات أن العزف فقط ليس عملا إبداعيا كافيا بالنسبة لي. فأنا أحب أن أستخدم أيضا قدراتي الأخرى على سبيل المثال كباحثة. وربما أقوم بالتدريس. كما يمكنني أيضا العزف والعمل كدبلوماسية ثقافية وهو ما أفعله حاليا، فأنا عضو بمجلس إدارة الجالية الأذربيجانية الأوروبية التي يقع مقرها في لندن. ونحن نحاول عبرها تعزيز الثقافة الأذربيجانية والعلاقة بين أذربيجان والمملكة المتحدة أو أوروبا بالوسائل الثقافية والتي تعد مسؤوليتي. كما أنني عضو في البرلمان الثقافي الأوروبي، وهو منتدى للمختصين بالثقافة من كافة أنحاء أوروبا حيث نجتمع لمناقشة قضايا معينة وسياسات ثقافية ونأتي بتوصيات نقدمها للبرلمان الأوروبي. إنه شيء عظيم، وأنا حقا أستمتع به، والتالي، فإنك تدرك بعد فترة أنك نضجت وأنك تفهم أنك عندما تعزف فذلك أمر ولكن عندما ترى أيضا أشياء أخرى تحدث نظرا لما قمت به أو نظرا لتجربتك تشعر بالامتنان الشديد. فعلى سبيل المثال، وطوال المدة التي كنت أعزف بها جاء إلي العديد من الناس بعد الحفل وقالوا: «لم نكن نعرف أي شيء حول أذربيجان، أو حول ثقافتها. أما الآن فقد أصبح لدينا انطباع عنها». وبالنسبة لي ذلك أفضل شيء. فعندما أفكر في أصدقائي، أجد أنهم يرتبطون في ذهني بدول معينة وعندما تفكر في دولة معينة لا تفكر في سياستها أو في دبلوماسيتها ولكنك تفكر في ثقافتها. فيخطر على بالك الطعام والفن والموسيقى. ومن ثم، فإنني أعتقد أننا إذا ما فكرنا في الأمر أكثر من ذلك واستمر بنا الحال في تزويد دولنا بالوسائل الثقافية فإن ذلك أفضل ما يمكننا عمله.

أشعر بالسعادة وبأنني محظوظة لأنني في هذا المجال، ولأنني قادرة على استخدام الفنون والثقافة كوسيلة للتواصل مع مستويات اجتماعية مختلفة. ما الذي أرغب في عمله في المستقبل؟ حسنا، لا أرغب في عمل شيء مختلف على نحو جذري. أحب أن أستمر فيما أقوم به حاليا ربما أكثر قليلا أو التوسع إقليميا ودوليا نظرا لأنني أعتقد أن الثقافة لا يجب أن تكون لها حدود وكما قال مهاتما غاندي من قبل: «لا يمكن لثقافة أن تعيش إذا ما حاولت أن تكون حصرية».

حوار أجرته جاكلين شون
* يمكنك الاستماع إلى ألبوم سابينا راكشيفا على موقعها الإلكتروني www.sabinarakcheyeva.com
font change