مهرجان دبي السينمائي الدولي 2011.. موسم قطف الثمار

مهرجان دبي السينمائي الدولي 2011.. موسم قطف الثمار

[caption id="attachment_55230341" align="aligncenter" width="620" caption="الممثلة بولا باتون بطلة فيلم مهمة مستحيلة مع النجم توم كروز كانت بين عدد كبير من النجوم العرب والعالميين الذين حضروا فعاليات المهرجان"]الممثلة بولا باتون بطلة فيلم مهمة مستحيلة مع النجم توم كروز كانت بين عدد كبير من النجوم العرب والعالميين الذين حضروا فعاليات المهرجان[/caption]

على الرغم من أنه ما زال حديثا بالمقارنة بمهرجانات أخرى مثل مهرجان القاهرة والقدس وحيفا - التي تعرض الأفلام منذ ثلاثين عاما على الأقل - تمكن المهرجان في هذه الإمارة الصغيرة من أن يحتل موقعا رياديا في الثقافة السينمائية للشرق الأوسط وأصبح مصدرا مهما وفضاء للنشاط الإبداعي للمنتجين العرب.

وتوفر بعض البرامج الجديدة التي قدمها مهرجان دبي مثل «ملتقى دبي السينمائي» - مبادرة إنتاجية تعاونية - للمخرجين العرب الدعم والفرصة لتطوير أعمالهم، حيث يتم اختيار ودعوة بعض صناع الأفلام لزيارة دبي للالتقاء بالخبراء في تلك الصناعة وتوفير الفرصة لهم للتواصل والاطلاع على الموارد المتاحة لتمكينهم من تقديم رؤيتهم حول الأفلام. وذلك عبر عقد ندوات وجلسات نقاش وتقديم جوائز لصناع الأفلام لمدة ثلاثة أيام من خلال لقاءات فردية بين المخرجين والمسؤولين عن صناعة السينما. ومنذ عام 2007، تم توفير الفرصة لنحو 64 فيلما لكي يجد الدعم المالي الذي يحتاجه ضمن فعاليات «ملتقى دبي السينمائي».



وقد قدم المهرجان خلال العام الحالي منظومة متنوعة وثرية من الأفلام، كان من أبرزها «الحقيبة المكسيكية» (تاريشا زيف)، وهو فيلم حول حقيبة تم اكتشافها بعد الحرب العالمية الثانية تحتوي على 4500 صورة سلبية للقطات صورها روبرت كابا وغيردا تارو وديفيد سيمور - الذي كان يغطي الحرب الأهلية الإسبانية - بالإضافة إلى فيلم «كوربو سيلستي» (أليس روهرواشر) الذي يصور فتاة كاثوليكية من مدينة «كالابريا» الإيطالية تكتشف تعقيدات الهوية الفردية، والإيمان والمجتمع.

بالإضافة إلى فيلم «لا خوف بعد اليوم» (مراد بن الشيخ) الذي يقدم رؤية عميقة حول الربيع العربي بتونس مركزا على التجارب الإنسانية للنشطاء والمدونين الذين خرجوا احتجاجا على نظام بن علي، وفيلم «السلاحف لا تموت بسبب الشيخوخة» (هند بن شقرون، وسامي مرمر) الذي يصور ثلاثة من المغاربة العجائز، صياد، وصاحب محل، وموسيقي شوارع، وهم يمارسون حياتهم رغم تزايد التحديات التي يواجهونها نظرا للتقدم في السن.

ومن أبرز العروض الأخرى التي قدمها المهرجان كان الفيلم الأرجنتيني «لاس أكاسياس» الذي يصف رحلة طريق غير عادية من باراغواي إلى بيونس أيرس والعلاقة التي تدور بين سائق الشاحنة والمرأة التي وافق على اصطحابها معه. بالإضافة إلى فيلم «إلى الهاوية» للمخرج فرنر هرتزوغ الذي يعالج عقوبة الموت في الولايات المتحدة من خلال النظر إلى زملاء الموت والأقارب الناجين وللأفراد الذين قتلوا على يد هؤلاء الذين ينتظرون تنفيذ عقوبة الإعدام.

جدير بالذكر أن المهرجان هذا العام هو مهرجان خيري بالشراكة مع أوكسفام، حيث تجمع «دبي العطاء» وأوكسفام المال للمشروعات التنموية في جميع أنحاء العالم التي ترعاها كلتا المؤسستين. وذلك حيث تركز «دبي العطاء» على إتاحة فرصة الالتحاق بالتعليم الابتدائي، بالإضافة إلى توفير مياه الشرب ووجبات غذائية سليمة والرعاية الصحية الأساسية مثل برامج مكافحة الديدان. فيما تعمل أوكسفام على التنمية الشاملة، حيث تعالج العديد من القضايا المتعلقة بالرعاية الإنسانية بما في ذلك الصحة، والإسكان، والتعليم، والإنقاذ من الكوارث، والحد من الفقر. يعد ذلك الحدث الإنساني غير الاعتيادي بالنسبة لمهرجان سينمائي كما أنه سوف يقدم مساهمات مبهرة للجهود التنموية.

[caption id="attachment_55230342" align="alignright" width="240" caption="اشعاع اقليمي ودولي"]اشعاع اقليمي ودولي[/caption]

ومن جهة أخرى، يثير ذلك المهرجان الخيري أسئلة حول أوكسفام التي تتبنى حملة من أجل الفقر والظلم والتي تبدو مستعدة للاستفادة من الإمكانات الواسعة لجمع التبرعات في الإمارات ومن صلاتها القوية بحكومتها (راعية المهرجان هي زوجة نائب الرئيس ورئيس وزراء الإمارات وحاكم دبي) رغم انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد والتي كانت كل من «هيومان رايتس ووتش» و«منظمة العفو الدولية» و«وزارة الخارجية الأميركية» دائما ما تحث حكومة الإمارات على معالجتها.

ولكن الحكومة، من جهتها، عالجت بعض تلك القضايا خاصة فيما يتعلق بالصحة والأمان وحقوق العاملين ولكن ما زال هناك الكثير الذي يجب عمله بالإضافة إلى أن هناك المناطق التي ما زالت تتخلف فيها حماية حقوق الإنسان عن تلبية التزامات الإمارات تجاه قانون حقوق الإنسان الدولي.

ولكن دائما يمكن عبر السينما رفع أصوات الأفراد المختلفين والمهمشين وجذب الأنظار والاحترام لهم. ومما لا شك فيه، أن مهرجان دبي السينمائي الدولي يساهم بحيوية في الحياة الثقافية للشرق الأوسط والعالم العربي من خلال تقديم إطار للأفلام التي تتحدث حول الانتقادات الاجتماعية وهو التحدي الذي يثير التعاطف مع المستضعفين والمحرومين ويعزز الوعي بالاحتياجات والقضايا الاجتماعية وعدم المساواة والظلم.

لقد أصبحت ثمار المهرجان ناضجة وجاهزة، تلك التي تم غرسها بصبر ورعايتها، وسوف تنمو قبل وبعد خفوت الضوء، كما أن سحر السينما يخلق عوالم نحن مدعوون للانغماس فيها من خلال الشاشة الفضية.

نوام شيمل
font change