سلمان الدوسري لرؤساء التحرير: ارحلوا يرحمكم الله

سلمان الدوسري لرؤساء التحرير: ارحلوا يرحمكم الله

[caption id="attachment_55230839" align="aligncenter" width="620" caption="سلمان الدوسري رئيس تحرير الاقتصادية"]سلمان الدوسري رئيس تحرير الاقتصادية[/caption]

هو من بين جيل جديد من رؤساء التحرير في السعودية له حساب في "تويتر" وفايس بوك" على الرغم من أنه يقود سفينة صحيفة ورقية من الجيل القديم.
هو سلمان الدوسري الذي بدأ في عالم الصحافة مراسلا متعاونا غير متفرغ مع صحيفة الاقتصادية عام 1998، ليعود لها رئيسا للتحرير في اكتوبر 2011، وما بين هذين الموعدين صعد خطوة خطوة ليصل لمبتغاه، فقد عمل مراسلا لصحيفة الشرق الاوسط في البحرين، قبل أن يعين مسؤولا للتحرير في مكتب الصحيفة في الامارات العربية المتحدة، ثم مساعدا لرئيس التحرير في مكتب الصحيفة الرئيس في لندن عام 2009.
"المجلة" التقته في لندن فكان الحوار التالي:

المجلة: لم تمرّ شهور على تعيينك رئيسا للتحرير في الاقتصادية وطالبت باستبعاد "زملائك" رؤساء التحرير من مجلس إدارة هيئة الصحافيين.. ألا تعتقد أن "ارحل" التي أطلقتها قد أزعجت البعض وبخاصة أن جيلا جديدا من رؤساء التحرير من الشباب والكفاءات من حقه أن يتواجد في كل المواقع التي تعنى بمهنة الصحافة؟
* لا أظن أن أيا من رؤساء التحرير، وأنا أولهم، نغضب لانتقاد أو رأي يخالفنا ونحن الذين تحفل صحفنا يوميا بالعشرات من التقارير والمقالات التي تنتقد بقسوة هنا وهناك. اما بالنسبة لـ"ارحل" التي ذكرتها، فقناعتي باختصار أن هيئة الصحافيين بوضعها الحالي لا تعطي الفائدة المرجوة منها بهيمنة رؤساء التحرير عليها، اما اذا ترجلوا عن مقاعد مجلس ادارتها واكتفوا بدعمها، فأنا على ثقة بأن الهيئة في شكلها الجديد ستقدم شيئا مختلفا للصحافة السعودية، كما انها فعلا ستكون خط الدفاع الاول عن حقوق الصحافيين الذين يرون ان حقوقهم ضائعة طالما ان رؤساءهم هم من يتسيّد مجلس الادارة ويتخذ القرارات التي تتوافق مع صحفهم وليس مصلحة العاملين في حقل الصحافة.
"ارحل" في مصلحتنا كرؤساء تحرير وصحافيين أولا وأخيرا.. لذا أقول مجددا "ارحلوا يرحمكم الله".

جیل تویتر


المجلة: وماذا عنك.. هناك من يرى انك تمثل جيل الشباب وترشيحك لانتخابات هيئة الصحافيين سينقل صوتهم لمجلس الادارة القادم؟
* سأحسن النية ولن أعتبر هذا سؤالا ملغوما بهدف الايقاع بي!
فما لا اقبله على زملائي رؤساء التحرير لا اقبله بكل تأكيد على نفسي. لدي مهمة اساسية هي المضي بنجاح في رئاسة تحرير صحيفة الاقتصادية، وما غيرها لا يغريني اطلاقا.
أطمئن. لن ارشح نفسي لا اليوم ولا بعد عام او حتى 10 اعوام.

[caption id="attachment_55230840" align="alignright" width="160" caption="الدوسري"]الدوسري[/caption]

المجلة: كيف ترى واقع الاعلام السعودي في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة والتحولات التي يعرفها القطاع وأنت الآن على رأس واحدة من أكبرالصحف؟
* اي اعلام يريد ان يبقى قويا فلا بد عليه من مواكبة التغيرات التي تحدث داخليا وخارجيا، والاعلام السعودي بدوره لا يختلف عن غيره، ولعل المتتبع لمسيرة الصحافة السعودية يلمس هذه التحولات التي نشهدها خلال السنوات الاخيرة، صحيح ان هناك مطالبات برفع سقف الحريات عما هي عليه الآن، وهي مطالب مشروعة بكل تأكيد، لكنني ارى ان سقف الحريات يتصاعد تدريجيا، وان كان ببطء. والحاجة ماسة للمضي بوتيرة أسرع مما نحن عليه حاليا.

المجلة: كيف تقيم الصحافة السعودية مقارنة بجيرانكم في دول الخليج؟
* من حيث ارتفاع سقف الحرية، أعتقد أن الصحافة السعودية تأتي في المرتبة الثانية خليجيا، بعد الصحافة الكويتية التي تغرّد بعيدا.

المجلة: وأين الصحافة السعودية من هجمة الاعلام الجديد الذي يهدد الصحافة التقليدية كما عرفناها.. هل نحن في عصر وسائل التواصل الاجتماعي مثل "تويتر" و "فايس بوك" أم هي موجة عابرة وتنتهي؟
* ان كنت تقصد التحولات في وسائل التواصل الاجتماعي، فهي بكل تأكيد لها تأثير لا يلغيه أحد، ولا توجد إلا وسيلة واحدة لمواجهة هذا الموج الهادر: اركب الموجة ولا تتركها تغرق المركب بما حمل. واذا ما استطاعت وسائل الاعلام التقليدية تسخير وسائل التواصل الاجتماعي لخدمة قراء الصحيفة، فإن ذلك سينعكس ايجاباً عليها بشكل عام، ولعلي أشير هنا لتجربة الاقتصادية في ربط الموقع الالكتروني للصحيفة، الذي حل في المرتبة الثامنة في قائمة مجلة فوربس لأقوى الصحف العربية انتشاراً على الانترنت، بوسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصاً تويتر، بحيث استطعنا توجيه شريحة كبيرة وجديدة من القراء للصحيفة.

المجلة: هنا أذكر لك موقفا أثار عليك غضب بعض "التويتريين" عندما وصفت في مقال بـصحيفة الشرق الأوسط البعض من مستخدمي تويتر بـ"مدرسة المشاغبين السعودية"؟
* فعلا هم كذلك، فهؤلاء "البعض" يتسببون في فوضى بوسائل التواصل الاجتماعي تفرغها من مضمونها الحقيقي، وتذهب بها باتجاه ترسيخ العداء والخصومة لا غير، وتقلل من الاستفادة منها، وعلى الرغم من انني نشط في تويتر، الا أن هناك من لا يقبل الانتقاد لهذه الاستخدامات السيئة، وكأنهم يعترفون بأنهم المقصودون لا غيرهم.
هؤلاء يتصرفون في حميّتهم ودفاعهم المستميت، وكأنهم أعضاء في مجلس إدارة تويتر!

المجلة: هل تعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في توسيع هامش الحريات ورفع سقفها؟
* بالتأكيد نعم، لكن بما ان الشيء بالشيء يذكر، فإن اكثر الزاعمين بمطالبتهم بحرية الرأي، كشفتهم مواقع التواصل الاجتماعي على حقيقتهم، انهم أنفسهم لا يقبلون بنصف رأي آخر!

المجلة: إذا كانت الاختلافات بين المثقفين السعوديين تنتهي بالخلاف واللجوء للقضاء.. فعن أي ثقافة وعن أي مثقفين نتحدث.. فكيف ترى حال الساحة الثقافية في المملكة؟
* حالنا الثقافي لا يختلف عن احوالنا الاخرى، لذلك اعتقد ان ساحة القضاء هي حق لكل من يريد ان يأخذ حقه، وليس من المناسب ان نتقاذف التهم ونتشاتم على شاشات القنوات الفضائية.
الاحتكام للقضاء افضل بكثير من الضوضاء التي يحدثها البعض بحسن نية أو بسوئها.

أجندة خبيثة


المجلة: تحدثت أكثر من مرة عن وجود "انقلابيين" في السعودية.. فمن هم ''بنو لكن'' هؤلاء؟
* هؤلاء يبحثون عن المناكفة احياناً، والفوضى احيانا اخرى، وعندما وصفتهم بالانقلابيين كان ذلك لان بيانهم البائس (عن احداث القطيف واحكام خلية جدة) مكشوف وواضح القصد منه، فالساكت عن الحق شيطان اخرس، وهؤلاء لم يكتفوا بالسكوت عن قول كلمة حق فقط، بل كانوا يدافعون عن ارهابيين طالبوا باسقاط الدولة، ومن يدافع عن الانقلابيين هو انقلابي مثلهم ايضاً. يا سيدي مسك العصا من الوسط معيب عندما تكون القضايا مصيرية.

[caption id="attachment_55230844" align="alignleft" width="300" caption="الاقتصادية في نسختها الالكترونية"]الاقتصادية في نسختها الالكترونية[/caption]

المجلة: ذكرت أيضا وجود "لوبي إيراني" في السعودية.. ماذا تقصد ومن تقصد تحديدا؟
* للأسف هذا اللوبي آخذ في الاتساع، فبعضهم بنيات خبيثة، والاخر بجهل وغباء، لكنهم لا يتورعون عن تحسين صورة ايران وكأنها الجار الطيب والحمل الوديع، ودول الخليج هي الدول الباغية المعتدية والذئب المفترس. ايران تريد التهام الخليج قطعة قطعة، والشواهد كثيرة وقطعية، ثم يأتي من يدافع عنها ويدعو لتحسين العلاقات بين السعودية ودول الخليج وبينها.
للمفارقة اللوبي الايراني في السعودية يؤصّل اجندته هذه على اعمدة الصحف السعودية ذاتها، ثم يأتي من يقول: صحافتكم حكومية!

المجلة: هذا "اللوبي الإيراني" موجود أيضا في الجوار القريب.. وبعض الأحداث الأخيرة و"المخططات" التي أحبطها الأمن السعودي تثبت ذلك.. كيف يمكن التعامل هنا مع هذه "اللوبيات" ومن يقف وراءها؟
* هذه اللوبيات تكشف نفسها بنفسها، احياناً من الضروري ان تأتي المصائب والكوارث لتحاصرك من كل صوب، حتى ينكشف زيف الزائفين وحقيقة المرجفين.

المجلة: هل يكفي القول بقولك "ويلٌ لإيران من شرٍّ قد اقترب" لتسلم "الجرّة".. ما المطلوب من الدول الخليجية فعله في وجه "الهجمة الايرانية" التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة؟
* لا أعول على دول الخليج كثيرا لمواجهة ايران، فالسعودية الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تتغير مواقفها او تتبدل مع نظام ايران، اما بقية دول الخليح للأسف، فهي تقف موقفا هنا، وتناقضه هناك، اما بزيارات لا تنقطع لايران حتى عندما تكون العلاقات متوترة بين الجانبين، او باستقبال وزير خارحية ايران وقتما اراد وشاء، ويبدو انه هو، لا الدولة المضيفة، من يختار وقت وبرنامج الزيارة بكل تفاصيله المملة!
لذلك دول الخليج لن تستطيع الوقوف في وجه الاطماع الايرانية طالما انها تقول شيئا في الصباح وتعكسه قبل ان يحل المساء.

المجلة: كتبت كثيرا منتقدا رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، كما انتقدت بشدة ما قلت أنه "كذب خليجي" بخصوص ما يشهده العالم العربي من تغيرات واضطرابات.. لكن في نفس الوقت طرحت في أحد مقالاتك السؤال التالي: هل تواجه دول الخليج الضياع في 2012؟.. هل يمكن توضيح الصورة وأسباب الانتقادات ورأيك في ما يسمى "الربيع العربي".
* موقف الغنوشي ليس بجديد في عدائه لدول الخليج، وربما كان جيدا ان يستمر على هذا المنوال حتى لا ينخدع فيه ابناء الخليح، الذين اخاف عليهم الضياع اذا ما فرطوا في دعوة العاهل السعودي نحو الاتحاد، فالظروف لا تحتمل مزيدا من الفرقة وتناقض المواقف، لكنني اتحفظ على انضمام أي دولة للاتحاد ليست مقتنعة بما يكفي بالمبادئ الأساسية للكونفدرالية.

جدل عقيم


المجلة: أخيرا مواطنات في الخليج" و "8 سنوات ضائعة من عمر المرأةالسعودية" و "قيادة المرأة ليست قضية المسلمين يا شيخ!".. عديدة هي المقالات التي كتبت في شأن قضايا المرأة.. فكيف تقيّم وضع المرأة السعودية والخليجية عموما في 2012؟
* هناك من يريد حصر قضية المرأة بالسعودية في قيادة المرأة فقط لاغير، وهو امر محبط كثيرا، فلو وجه الاهتمام باقرار قوانين تجرم التحرش الجنسي ضد المرأة بأشكاله كافة، لكان اجدى من هذا الجدل العقيم الذي صور الأمر وكأن قيادة المرأة هي غاية في حد ذاتها. المرأة ستقود لا جدال في هذا، فتطور المجتمعات أمر لا يمكن الوقوف ضده.

المجلة: أنت رئيس تحرير صحيفة اقتصادية، لكن مقالاتك سياسية المنحى كما أنك تظهر كثيرا في الفضائيات.. هل هذا يتناسب مع موقعك الجديد؟
* ومن قال إن الصحافة الاقتصادية في معزل عن التطورات السياسية في العالم. ألم يترك اوباما وهو رئيس أكبر دولة بالعالم كل القضايا السياسية ليتفرغ لثلاثة أسابيع لأزمة الدين في بلاده، ومع ذلك فمقالي لا يعكس رأي الصحيفة بقدر ما يعكس موقفي الشخصي.. للقارئ أن يحكم على الصحيفة من مستوى وجودة صفحاتها.. أما مقالي فهو شأني أنا.
بقى أن اشير أن الاقتصادية صحيفة اقتصادية متخصصة لكنها أيضا تعني بالشأن المحلي والسياسي والاجتماعي.

المجلة: أخيرا.. بدأت مراسلا غير متفرغ لصحيفة الاقتصادية وها أنت تعود لها رئيسا لها بعد ثلاثة عشر عاما.. ماذا بقي من طموحك؟
* اعذرني، السؤال يجب أن يكون هكذا: هل بدأ طموحك!
أعتقد أنني ما برحت أتلمس خطواتي الأولى، فنهاية طموح الانسان تكون مع آخر يوم في حياته.

أجرى الحوار: عزالدين سنيقرة
font change