طارق الزمر: الإخوان المسلمون خيبوا ظني

طارق الزمر: الإخوان المسلمون خيبوا ظني

[caption id="attachment_55245217" align="aligncenter" width="620"]طارق الزمر طارق الزمر[/caption]






و أعرب الزمر عن صدمته في «الإخوان المسلمين» ووصف حكمهم بأنه مخيب للظن وأنهم أصيبوا بصدمة الوصول للحكم. كما كشف الزمر عن وجود عمليات اغتيالات تستهدف الليبيين وتدار من داخل مصر مطالبا الحكومة المصرية بتشديد الرقابة الأمنية على بقايا النظام الليبي الموجودين بمصر. كما أبدى القيادي الجهادي اعتراضه على دخول جماعات جهادية إلى سوريا لمحاربة نظام بشار مشيرا إلى أنهم قد يسببون إزعاجا للمقاتلين السوريين.
ويعد الدكتور طارق الزمر من أشهر الرموز الجهادية في مصر والعالم العربي وقد ارتبط اسمه بقضية اغتيال الرئيس أنور السادات وقضى بالسجن ما تجاوز مدة العقوبة حتى خرج وأخذ يمارس نشاطه السياسي وتم تكوين حزب البناء والتنمية المعبر عن الجماعة الإسلامية بعد إعلانها بعض المراجعات الخاصة بالفكر الجهادي.
وبحكم هذه الخلفية الفكرية والخبرة العملية للدكتور طارق الزمر تأتي أهمية الحوار معه حول ما يتعلق بالخوف من عودة التطرف لمصر ومنطقة الربيع العربي في ظل حكم الإسلاميين وحقيقة تورط تنظيمات جهادية في عمليات قتل وخطف كما حدث مؤخرا مع الجنود المصريين السبعة وتأثير ذلك على المشهد السياسي بمصر والذي قال دكتور طارق الزمر عنه في بداية الحوار..



حالة مخاض




- نحن نعيش حالة مخاض ثورة وكل ما نمر به حاليا هو أقل بكثير من المستقبل الذي كان سينتظر الأجيال لو كان استمر النظام القديم وما يحدث أمر طبيعي في أعقاب الثورات وفي ظل وجود ثورات مضادة لكني أتصور أن إرادة الشعب المصري والنخبة السياسية الواعية والمخلصة ستكفي لتجاوز هذه المرحلة بنجاح مهما كانت هناك عثرات.
* لكن الواقع يؤكد أن مصر الآن تمر بتهديدات كبيرة داخلية من قبل الداعين إلى إسقاط الرئيس دون طرح بديل وتهديد خارجي على الحدود موجه ضد الجنود المصريين!
- لقد قيل إن حركة تمرد جمعت توقيعات بالملايين ولكني أتصور أن العدد لن يصل للملايين التي يريدونها يوم 30 يونيو (حزيران) المقبل. وبالنسبة لخطف الجنود على الحدود المصرية بسيناء فهي عملية مصطنعة وخطر مصنوع وكما تعلمين فإن سيناء مزروعة بالكثير من عناصر القلق التي توظف الآن لإجهاض الثورة وإسقاط النظام الحالي خدمة لإسرائيل الخاسر الأول من وراء سقوط نظام مبارك.
* لكن من هم عناصر القلق أولئك الذين يقومون بهذه التهديدات؟ هل هي العناصر الجهادية وهل يمكن لهم أن يتعاونوا مع إسرائيل؟!
- من بين هذه العناصر عناصر فلسطينية هربت من غزة لتقيم مستوطنة في سيناء وتعمل لمصلحة إسرائيل وتغتال بعض الشباب والرجال. وهؤلاء يستوعبون منطقة سيناء فيتحركون فيها.
* ومن سمح لهم بدخول سيناء أصلا؟ أليست سيناء مصرية وهم فلسطينيون فكيف يدخلون؟
- هروبهم من غزة جعلهم يتوجهون داخل سيناء وقد استقبلهم النظام السابق وقتها ولا يزالون حتى الآن في أحضان رجال من أمن الدولة والذين يقومون بدور خطير في حقيقة الأمر في سيناء لإثارة القلق والإزعاج هناك.
* هل معنى ذلك أن سيناء فعلا مهددة من النازحين الفلسطينيين كما يردد البعض؟
- هذه المزاعم كلها إسرائيلية لأن الفلسطينيين يتعرضون لحرب إبادة منذ حرب 48 حتى الآن ولم يفكروا في هذا التفكير ولكنه تفكير إسرائيل وفزاعة إعلامية لإثارة مثل هذه المزاعم لكن الفلسطينيين كما أعلمهم يفضلون أن يموتوا على أرضهم دون أن يقبلوا أي مكان آخر في العالم بديلا لوطنهم فلسطين.
* إذن في رأيك من خطف الجنود المصريين إن لم تكن الجماعات الجهادية متورطة في الأمر؟
- حادث خطف الجنود المصريين ليس له علاقة بالتيارات الإسلامية لأن هذه التيارات في مصر حاليا تعتبر أن الحفاظ على الأمن القومي المصري هو أهم شيء فإذا حدث وارتكبت مجموعة هذا الحادث فإنها تكون شاذة ومحسوبة بشكل خاطئ على التيار الإسلامي. وإن كنت لا أستبعد اختراقات الموساد الإسرائيلية لسيناء.
* هل تشارك المصريين إحباطهم من هذا التباطؤ تجاه حل أزمة الجنود المصريين؟
- ربما لا تصدقين حينما أقول لك إن الأمر مدبر من قبل أياد إسرائيلية بغرض إقحام الجيش المصري في معركة بسيناء لتتوتر الأوضاع بين سيناء والدولة المصرية ويبدو ذلك لمن يقرأ المشهد كاملا منذ خطف الجنود وإيعازه إلى إصابة أحد أبناء سيناء بالعمى وتصوير الأمر كأن عائلة أبو شيتة هي وراء ما حدث رغم أنها أنكرت أي علاقة لها بالحادث تماما لذلك أؤكد أن الحادث مدبر لإقحام الجيش المصري في معركة داخل سيناء.

[caption id="attachment_55245219" align="alignleft" width="300"]الرئيس محمد مرسي الرئيس محمد مرسي[/caption]

سوء إدارة





* وماذا عن سوء إدارة أمن الدولة الذين أشرت إليهم؟
- جهاز أمن الدولة يحمل جزءا كبيرا من مشكلة سيناء سواء بالمعاملة الخاطئة لأهالي سيناء حيث كانوا يقتحمون بيوتا ويحطمون أثاثا ويقتلون مواشيهم ويرتكبون جرائم كبيرة في حق حرمة البيوت وأهلها لدرجة أنني سمعت في المعتقل معتقلين يقولون: إن إسرائيل تعامل أهالي سيناء أفضل من مصر والحامل التي كانت تتعثر في ولادتها بسيناء كان يتم نقلها لتلد بإسرائيل بينما الحامل في عصر مبارك كانت تعلق من قبل رجال أمن الدولة فيتم إجهاضها وهو طبعا شيء يستغله الإسرائيليون بمكر ودهاء.
* لقد جاء رئيس جديد وما زالت تلك الممارسات في سيناء فإلى متى تستمر؟
- للأسف الشديد المشكلات الأمنية التي كان يتعرض لها أهل سيناء في عهد مبارك ما زالت مستمرة للآن ولذلك قلت للرئيس مرسي هذه جريمة أنت مسؤول عنها ومسؤول عن كل ما يحدث بسيناء الآن. لكني أتصور أن هناك من يريد أن يعرض الدكتور مرسي لأزمات مع قبائل سيناء وهناك اختراقات كثيرة داخل مؤسسات الدولة المصرية.
* هل يعلم الدكتور مرسي ذلك ويتركه؟
- أتصور أن هذا الاختراق أكبر كثيرا من أن يحل بين يوم وليلة!
* بحكم رئاستك للمكتب السياسي لحزب البناء والتنمية الجناح السياسي للجماعة الإسلامية ذات الميول الجهادية، هل هناك صحوة للجهاديين في مصر وعودة للعنف الإسلامي من جديد؟
- هذا كلام يحتاج إلى تدقيق ونظام مبارك وأعوانه هو المسؤول عن تشويه صورة الجماعة الإسلامية والترويج لاعتبارها جماعات عنف وإرهاب وما زال يفعل ذلك وأن المعارك التي وقعت في الماضي هي مصطنعة من قبل النظام لتبرير قانون الطوارئ. وأعتقد أنه بعد زوال هذا النظام أثبت الإسلاميون والجماعة الإسلامية كذب مزاعم مبارك وأنهم جميعا قد انخرطوا في العمل السياسي والسلمي الدعوي وأثبتت أنها أكثر التنظيمات تعاطيا مع الحياة السياسية.
* معنى ذلك أن الجماعة الإسلامية ودعت لغة العنف للأبد!
- الجماعة الإسلامية لم تتبع العنف كما زعموا في عصر مبارك ولكن بعض عناصرها كان يدافع عن حياته وكرامته في مواجهة نظام كان يقتلهم وقد قتل بالفعل أكثر من ألفي شاب من شباب الجماعة الإسلامية.
* إذن ما تفسيرك لارتفاع أصوات تيارات العنف الجهادية في دول الربيع العربي بعد ظهورهم بالمشهد السياسي؟
- على عكس ما يربط البعض بين حكم الإسلاميين وظهور تلك التيارات الجهادية، فإن هذه التيارات كانت مطاردة في الأنظمة السابقة قبل ثورات الربيع العربي لكن الآن لا أتصور أن هناك مبررا لأي صورة من صور العنف لأنهم يمارسون السياسة علنيا كما أنه بالنسبة للوضع في مصر فهو أقل عنفا لأن الحياة السياسية في مصر أفضل من غيرها ولهذا فهي قادرة على استيعاب كل الخلافات في إطار العمل السياسي العام أما الدول الأخرى كليبيا مثلا فما زال هناك حرب مع بقايا النظام السابق وما يحدث على أرض ليبيا الآن لا يعتبر عنفا بل هو معركة وكثير من العمليات تحدث لاستهداف الشعب الليبي وتدار وتخطط من بقايا النظام الليبي الموجودين بمصر. وهنا أنتهز هذه الفرصة وأدعو النظام المصري عبر «الشرق الأوسط» إلى التشديد الأمني على كل الرموز وبقايا النظام الليبي السابق الهاربين داخل مصر فهم مجرمون في حق بلادهم وما زالوا يجرون عمليات اغتيالات من القاهرة.
* كيف ترى الواقع السوري في ظل التدهور الأمني واختراق الجماعات الإرهابية للمقاتلين السوريين؟
- والله ما كنت أتمنى أن تشهد الثورة السورية أي عنف ولا تلجأ إليه مطلقا لكن بشار نجح للأسف في جر الثورة السورية إلى حرب طائفية دموية ولكني متأكد من سقوط نظام بشار حتما مهما دعمته إسرائيل ووقفت وراءه الدول الكبرى وإيران فهؤلاء جميعا لا يستطيعون الوقوف أمام الأكثرية السنية المسلمة التي عانت كثيرا من النظام العلوي في سوريا.
* بحكم انتمائك الجهادي القديم هل تؤيد دخول جماعات جهادية متطرفة لسوريا بحجة الجهاد ضد بشار؟
- ما كان ينبغي دخول هذه الجماعات الجهادية وكان يكفي أن نقوم بدور الدعم اللوجيستي للمقاومة والدور الإنساني في إيواء الأهالي فالسوريون ليسوا في حاجة للجهاديين وتكفي المساندة المعنوية والإنسانية والضغط السياسي وربما وجود المجاهدين في سوريا يسبب وضعا مزعجا للثوار فهم يذهبون وهم غير مدربين ولا يدرون في أي مكان يحاربون مثل أهل البلد.
* هل حقا تعتبر أن التجمهر لإسقاط مرسي جريمة باعتباره رئيس دولة منتخبا؟
- نعم لأنه رئيس منتخب.
* ألا يشبه ذلك ما حدث مع مبارك فهو أيضا كان منتخبا؟!
- «ضاحكا» المقارنة غير واردة لأنه لا يوجد وجه شبه فالرئيس مرسي يتمتع بالشرعية ولم يكمل مدته بعد أما مبارك فكان مستوليا على الحكم! وأتصور أن من يريد إسقاط مرسي يرتكب جريمة مزدوجة أولا في حق الشرعية التي جاء بها الرئيس وثانيا بحكم أنه عدوان على الشعب المصري الذي منحه هذه الشرعية بالانتخاب. وأنا أندهش من أن هناك 19 جريمة تتبناها المعارضة الآن وتعتبرها من صلب عملها السياسي مرة باستدعاء الجيش وأخرى باستدعاء الطائفية وغيرها مما يعتبر جرائم في حق القانون والحريات.


[caption id="attachment_55245221" align="alignleft" width="300"]الجيش المصري يعزز قواته في سيناء الجيش المصري يعزز قواته في سيناء[/caption]

* إذا كانت المعارضة ارتكبت تلك «الجرائم» حقا فما الذي يعجز الرئيس مرسي أن يتخذ إجراء قانونيا ضدهم؟!
- لقد طلبت من الرئاسة والجهات القانونية المعنية أن توجه الاتهامات لمن يستحقها! يعني من المعقول أن نحكم على عبد الله بدر لأنه شتم فنانة ونترك أو ننسى أن هناك من يعتدي على الدولة كلها!!
* هل ترى مبررا أو تفسيرا لتصرفات معارضي الرئيس مرسي؟
- التفسير الجوهري في وجهة نظري لما وصل إليه حال المعارضة في مصر هو أن المعارضة المصرية يئست تماما من صندوق الانتخابات لأنها لن تحقق أي نجاح من خلالها ولهذا فإنها تبحث عن أي وسيلة أخرى فالعنف وكل شيء آخر وارد فيما عدا موضوع الصندوق فهو حرام حرام لأنه لن يكون في صالحهم!
* إلى أي مدى أفادت التيارات الإسلامية من الظهور على الساحة من خلال أحزاب لها نشاط سياسي؟
- أتصور أن التيار الإسلامي يخطو خطوات جادة نحو ضبط أدائه وفق مجتمع الحريات رغم أنه لم يتدرب على الممارسات السياسية لأنه قد عاش لفترات طويلة تحت قهر الاستبداد في الوقت الذي كان يسمح فيه لكل التيارات بالعمل في العصر السابق لذا فإنني كنت أتوقع بعض هفوات ولكنهم حتى الآن اتجاههم أقوى نحو الحياة السياسية.



تجربة الحكم




* كيف تقيم تجربة «الإخوان» السياسية باعتبارهم جزءا من التيار الإسلامي الذي تتحدث عنه؟
- واقع الأمر أن «الإخوان» خيبوا ظني في الحكم وكنت أتصور أن حكمهم سيكون أكفأ من هذا بكثير بحكم خبرتهم وإمكانياتهم وعددهم.
* وما سر هذا التقصير من جانب «الإخوان»؟
- «ضاحكا» أتصور ربما صدمة الوصول للحكم وأنهم لم يكونوا يتوقعون ذلك وأنهم سيعيشون مستضعفين مدى الحياة!! وللعلم «الإخوان» لم يكونوا يفكرون في الحكم وكانوا يبحثون عن أي بديل توافقي ليتولى رئاسة البلاد في هذه المرحلة الحالية لأنهم كانوا يعلمون تداعيات الحكم وعرضوا على المستشار طارق البشري وعلى غيره أن يتصدى لهذه المهمة الصعبة لكن مع الرفض اضطر «الإخوان» للنزول للمعركة الانتخابية.
* هل تتوقع أن يسحب السلفيون البساط من «الإخوان» في الانتخابات البرلمانية القادمة ثم انتخابات الرئاسة؟
- حينما نصل لانتخابات الرئاسة القادمة تكون هناك الكثير من المتغيرات التي لا نستطيع الحكم من دونها ولكن قد تنخفض شعبية «الإخوان» في الانتخابات البرلمانية.
* أخيرا وبعد سنوات السجن والاعتقال كعقوبة لتهمة المشاركة في قتل الرئيس السادات وبعد انخراطك في العمل السياسي السلمي الآن هل تشعر بتسامح متبادل بينك وبين المصريين أم أن الغصة ما زالت في الحلوق من ذكريات الماضي الأليم؟
- لقد تبنيت مبادرة وأكدت على موقفي المتسامح مع جميع المصريين مسلمين وأقباطا وقلت إنه لن تكون هناك حياة سياسية بعد الثورة تقوم على تيار واحد أو جناح واحد.
font change