عبد الله النسور.. الرجل الذي حاول الكثير إفشاله

عبد الله النسور.. الرجل الذي حاول الكثير إفشاله


[caption id="attachment_55245470" align="aligncenter" width="620"] عبدالله النسور حين ادائه اليمين رئيسا للحكومة امام الملك عبدالله الثاني-اكتوبر2012 عبدالله النسور حين ادائه اليمين رئيسا للحكومة امام الملك عبدالله الثاني-اكتوبر2012 [/caption]

لخص أحمد الجالودي ما يدور من أمنيات لدى غالبية النخب السياسية والنيابية بضرورة رحيل حكومة الدكتور عبد الله النسور التي تعتبرها القوى التقليدية والمحافظة في المجتمع أنها حكومة لا تمثلها، كما أن هناك مراكز قوى داخل مجلس النواب وخارجه يعملون على إسقاط هذه الحكومة وناصبوها العداء لأنهم يرون في تشكيلتها انقلابا على التشكيلة التقليدية في اختيار الوزراء.
في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2012 تفأجا الشعب الأردني بقرار الملك عبد الله الثاني باختيار الدكتور عبد الله النسور رئيسا للوزراء خلفا للدكتور فايز الطراونة إذ لم يكن النسور في دائرة صنع القرار ولم يتردد اسمه في الترشيحات لموقع رئيس الوزراء، بل كان النسور نائبا معارضا للتوجهات الرسمية، وكان قاسيا في بعض المواقف السياسية المفصلية على التوجهات الرسمية.



[blockquote]النسور قبيل تسلمه رئاسة الحكومة أظهر مواقف سياسية متعارضة مع النهج الرسمي، فقد حجب الثقة عن الحكومات الأربعة التي سبقته كما خاض معركة مع توجه الدولة الأردنية في قانون الانتخاب الذي أقر في عهد الحكومة التي سبقت حكومته، بل طالب بإسقاط قانون الانتخاب الذي أجرت حكومته الانتخابات النيابية على أساسها، كما خاض النسور «النائب» معركة أخرى مع توجه الدولة فيما يخص تعديل قانون المطبوعات والنشر الذي اعتبره النسور قيدا على الحريات الصحافية وقتها، بل وصفه بأنه يشكل عودة إلى الوراء.
النسور الذي عاد تائبا في انتخابات 2010 عقب انقطاع عن مجلس النواب منذ عام 1997 لم يكن معروفا عنه معارضته للتوجهات الرسمية بل كان يعتبر محسوبا على القوى التقليدية المحسوبة على النظام السياسي كما أنه تسلم مواقع وزارية كثيرة كان آخرها نائبا لرئيس الوزراء في حكومة الدكتور عبد السلام المجالي التي استقالت أثناء وجود الملك الراحل الحسين بن طلال في مستشفى «مايكلنيك» في الولايات المتحدة الأميركية للعلاج.[/blockquote]

كما تسلم النسور وزارة الخارجية في حكومة طاهر المصري ثم خرج منها في أول تعديل لأنه لم يرغب في أن يحضر مؤتمر مدريد للسلام الذي انعقد عام 1991.
بالمجمل فإن التصنيف السياسي للدكتور عبد الله النسور كان قبل عودته للحياة النيابية عام 2010 كان غير معارض، ولكن في مجلس النواب السادس عشر ظهر النسور بقالب سياسي مختلف، جوهره المعارضة القوية للسياسات الرسمية في المفاصل الرئيسية وخصوصا في قانون الانتخاب والأحزاب وعلاقة الحكومة بجهاز المخابرات، إذ قال النسور موجها خطابه إلى رئيس حكومة «الدكتور معروف البخيت «بأن تسير الأجهزة الأمنية وراءكم لا أمامكم تقودها لا تقودك».
القضية الأخرى أن النسور قبيل تكليفه بتشكيل الحكومة بأسابيع خاض معركة ضد قرار حكومة الدكتور فايز الطراونة برفع أسعار المشتقات النفطية وكان من النواب الموقعين على رسالة موجهه للملك عبد الله الثاني تطالب بحجب الثقة عن الحكومة إذا لم تتراجع عن قرار رفع أسعار المشتقات النفطية، وتدخل الملك بإصدار أمر للحكومة بالتراجع عن رفع الأسعار وقتها.
المفارقة أن الدكتور النسور حين أصبح رئيسا للوزراء اتخذ قرارا برفع أسعار المشتقات النفطية بل زاد ذلك بقرار بزيادة سعر أسطوانة الغاز من تسعة دولارات إلى 15 دولارا أميركيا، وأحدث قرار النسور رد فعل شعبي غاضب ومسيرات كانت شعاراتها مختلفة عن أية مسيرات قبل ذلك كما حصلت مواجهات بين المتظاهرين وقوات الدرك.



قانون الانتخاب




ومع انتهاء المسيرات بعد أيام بدأت التحضيرات للانتخابات النيابية التي أدارتها لأول مرة الهيئة المستقلة للانتخاب، وكان كثير من السياسيين يتساءل كيف سيتعامل الدكتور النسور مع قانون الانتخاب الذي رفضه سابقا، النسور لم ينتظر طويلا وأعلن أن الانتخابات ستجري وفق قانون الانتخاب المقر لأنه قانون أقرته الأغلبية ولا يمكن تعديله في ظل غياب مجلس النواب، وفعلا جرت الانتخابات النيابية وفق القانون وأصبح لدينا مجلس نواب جديد وبدا الحديث عن فكرة الحكومات النيابية والمشاورات لاختيار رئيس الوزراء، وتم تكليف النسور بتشكيل الحكومة بعد الانتخابات وخرجت تشكيلة أقرب إلى «التكنوقراط» وغاب عنها ممثلو القوى التقليدية في المجتمع فكانت تشكيلة الحكومة غير تقليدية وغير مناطقية إلى حد أنها لأول مرة في تاريخ الأردن يكون فيها وزير من أبناء مخيم البقعة، «الدكتور إبراهيم سيف» ووزيرين من منطقة بيت لحم. ووزيرين من محافظة عجلون، فغالبية التشكيلة الحكومية التي خرج بها النسور كانت مجموعة من الوزراء الخبراء والفنيين والكفاءات العملية في مجالات عملهم.



[blockquote]غياب القوى التقليدية وعدم مراعاة تمثيل المحافظات في الحكومة أغضب كثيرا من القوى الاجتماعية وخصوصا التيار المحافظ والقوى التقليدية داخل مجلس النواب الذي وقف ضد الحكومة أثناء التصويت على الثقة بالحكومة وكادت الحكومة أن تسقط برلمانيا، لولا المجهود الذي قام به رئيس الوزراء مع عدد من النواب في اللحظات الأخيرة وهو ما وفر العدد الكافي للحكومة لنيل ثقة مجلس النواب، فكان واضحا أن الحكومة خاضت معركة الثقة تحت قبة البرلمان وحدها.[/blockquote]



فوز الحكومة بثقة مجلس النواب لم ينه معركة إسقاط الحكومة تحت قبة البرلمان وخصوصا أن عدد المعارضين من النواب كان كبيرا، إذ حجب الثقة عنها 66 نائبا من أصل 150 نائبا بل إن أقطاب مجلس النواب هم من يعملون على إسقاط الحكومة، وكان لافتا توقيع 87 نائبا على مذكرة حجب الثقة بالحكومة لأنها لم تنفذ قرار مجلس النواب بطرد السفير الإسرائيلي من عمان على خلفية اعتداءات إسرائيل على المسجد الأقصى، إلا أن المذكرة سحبت من قبل النائب الذي تبنى المذكرة قبل إدراجها على جدول أعمال مجلس النواب.



قوى نيابية




النسور تخطى قضية المذكرة لكنه في كل يوم يواجه معارضة قوية تحت قبة البرلمان، بل إن هناك قوى نيابية تعمل على إفشاله لدرجة أن هناك قوى نيابية تعمل على عدم تمرير أي قانون تطرحه الحكومة لمجلس النواب حتى لو انعكس ذلك على إنجازات مجلس النواب وهو ما يفسر عدم إنجاز مجلس النواب للتشريعات باستثناء قانوني من أين لك هذا، وقانون نقابة الأئمة والوعاظ والقانون المعدل لقانون المالكين والمستأجرين الذي هو في الأصل تعديل لمادتين فقط، كما أن هناك قوى سياسية معارضة وخصوصا أحزاب المعارضة ومنها الحركة الإسلامية لا ترى أن حكومة عبد الله النسور قادرة على تحقيق الإصلاح السياسي عبر وضع قانون انتخاب أكثر عدالة ويعطي للناخب صوتين في الدائرة الفردية إضافة إلى صوت ثالث للقائمة على مستوى الوطن كما تطالب المعارضة.
بالمحصلة فإن رئيس الحكومة الدكتور النسور يواجه معارضة من القوى التقليدية داخل مجلس النواب وخارجه كما أن أحزاب المعارضة التي تطالب بالإصلاح تنتقد أداء الحكومة وغير معنية ببقاء النسور في الحكم.

font change