مصداقية البنتاغون من فيتنام وأفغانستان إلى أوكرانيا

هزيمة القوات الروسية هدف غير واقعي

انتقادات حول تقييم البنتاغون للحرب بين روسيا وأوكرانيا

مصداقية البنتاغون من فيتنام وأفغانستان إلى أوكرانيا

واشنطن: رفض المتحدث باسم البنتاغون، تود بريسيلي، مرارًا وتكرارًا، الإجابة على أسئلة الصحافيين عن تفاصيل الحرب بين روسيا وأوكرانيا، خاصة الخسائر التي تكبدتها القوات الأوكرانية، مع استمرار تقدم القوات الروسية.

قال بريسيلي: «نحن، ببساطة، لن نعلن لكم تقييم أضرار الحرب هناك. ولن نقدم معلومات يمكن لبوتين أن يستفيد منها».

في الأسبوع الماضي، قالت صحيفة «واشنطن بوست»، في تقرير غير مجامل، على الصفحة الأولى، إن المسؤولين الأميركيين قللوا من أهمية المكاسب الروسية. وركزوا على عدد القتلى الروس العسكريين. وأضافت الصحيفة: «لكن الأوكرانيين تكبدوا أيضًا خسائر فادحة... عشرات الآلاف من الجنود قتلوا وجرحوا».

تعرض المتحدث باسم البنتاغون لانتقادات ليس فقط من الصحافيين، ولكن، أيضًا، من بعض الأكاديميين، والمؤرخين، وحتى من أعضاء الكونغرس الذين يبدو أن دعمهم لأوكرانيا قد انخفض مؤخرًا.

وأشار هؤلاء إلى التقييمات الوردية، وغير الدقيقة، للبنتاغون لنتائج الحروب الأميركية في الماضي. كما حدث أثناء حرب فيتنام (1965-1975)، وأثناء حرب أفغانستان (2001-2021). تسببت التقييمات الوردية في نهايات دراماتيكية لمثل هذه الحروب، وذلك لأنها صورت انتصارات مفاجئة للأعداء (وهزائم غير متوقعة للقوات الأميركية). وما كان ذلك سيحدث إذا التزم البنتاغون بالمصداقية.

في الأسبوع الماضي، خلال مؤتمر صحافي في البنتاغون، قال بريسيلى، المتحدث الرسمي: «أعتقد أننا ناقشنا ما نقدر على مناقشته. ناقشنا ما نعرف، وليس ما لا نعرف».

وتندر صحافيون بأنهم سمعوا «ما نعرف، وما لا نعرف»من دونالد رمسفيلد، وزير الدفاع الأميركي خلال غزو العراق عام 2003.  قال رامسفيلد مرة: «توجد أشياء نعرف أننا نعرفها. وأشياء نعرف أننا لا نعرفها. وأشياء لا نعرف أننا نعرفها. وأشياء لا نعرف أننا لا نعرفها».

وفيما يلي ثلاثة آراء تنتقد البنتاغون بسبب تقييمه الوردي للحرب بين روسيا وأوكرانيا، مقتطفات من تغريداتهم ومواقعهم فى الإنترنت وبياناتهم لوسائل الإعلام:

أولاً، قارنت كوري شاك، مديرة قسم السياسة الخارجية والدفاعية في معهد «أميركان إنتربرايز»اليميني في واشنطن، بمصداقية البنتاغون عن حرب أوكرانيا مع «تصورات وردية خلال الحرب في أفغانستان».

ثانيًا، قال بنيامين فريدمان، مدير السياسات في مجموعة «ديفنس براياروتي»(أولويات دفاعية)، ومقرها واشنطن: «نحتاج إلى تقييمات صادقة من العسكريين».

ثالثًا، قال رو خانا، عضو الكونغرس الديمقراطي التقدمي من كاليفورنيا: «دعونا نعلن النصر، وننهي هذه المعضلة».

 

كوري شاك:«أفغانستان مرة أخرى»

سبب هذا التدقيق في خسائر حرب روسيا في أوكرانيا هو تقييمات البنتاغون لحروب في الماضي. مثل حرب أفغانستان، عندما تستر العسكريون على الخلل الوظيفي، والفساد على نطاق واسع وسط حلفائهم الأفغان. وعندما بالغوا في تصوير خسائر طالبان. وتحاشوا الحديث، ليس فقط عن انتصارات في معارك، ولكن، أيضا، عن الصورة الكبيرة للحرب.

أصرت الإدارات المتعاقبة على أن قوات حكومة أفغانستان الحليفة كانت «في الصدارة»في حربها ضد طالبان.  رغم أن القوات الأفغانية كانت ستنهار قبل سنوات كثيرة لولا الدعم العسكري الأميركي، وخاصة دعم السلاح الجوي الأميركي... 

الآن، في أوكرانيا، على خطى أفغانستان، لا يريد البنتاغون أن يقول إن حلفاءه الأوكرانيين على مرمى حجر من الانتصار. لسبب بسيط، وهو أنهم ليسوا على مرمى حجر من الانتصار. ثم إن عدم وجود قوات أميركية تحارب في أوكرانيا جعل البنتاغون غير دقيق في تصوير ما يحدث بين الروس والأوكرانيين...

لهذا، ها نحن اليوم نشاهد مسؤولين في البنتاغون وهم يهنئون أنفسهم على الأسلحة التي يرسلونها إلى أوكرانيا، لكنهم يعرفون، ونحن نعرف، أنهم لا يرسلون الأسلحة العملاقة والذكية.

ها نحن اليوم نشاهدهم وهم يؤذون حلفاءهم الأوكرانيين، وذلك لأنهم غير صادقين فيما يقولون. لأنهم يريدون أن يحسوا براحة نفسية بأنهم يساعدون الأوكرانيين، لكن، هذا الرضا عن النفس مشكوك فيه عمليًا، وأخلاقيًا...

 

تقييمات غير دقيقة للبنتاغون لنتائج الحروب الأميركية في الماضي 

 

بنيامين فريدمان: «نحتاج إلى مصداقية»

يبدو أن الهدف المعلن لأوكرانيا بأنها ستهزم القوات الروسية هدف غير واقعي، ويبدو ذلك واضحا تدريجيا.  لهذا، يجب على إدارة بايدن أن تفعل المزيد للضغط على أوكرانيا للتفاوض مع روسيا، ولتسعى للتوصل إلى تسوية سياسية...

لا أحد يريد من الأوكرانيين أن يتنازلوا عن أرضهم، وأن لا يدافعوا عن وطنهم. لكن، يجب علينا أن نقيم الموقف بأمانة، وأن نقول إنه لا بد من مقايضة السلام مقابل الأرض.

أعتقد أننا، الأميركيين، يجب أن نفعل المزيد للضغط عليهم، الأوكرانيين.

وأعتقد أننا نؤذي، ليس فقط الأوكرانيين، ولكن، أيضا، أنفسنا، وكل من يواجه مشاكل اقتصادية، إذا لم ننظر إلى هذه الكارثة نظرة واقعية...

تدافع حكومة الولايات المتحدة عن أوكرانيا لأنها، نعم، حليفتها وصديقتها. ونعم، أي إعلان أميركي سلبي عن أوكرانيا، يؤذيها، ويفيد عدوتها روسيا. شيء طبيعي أن لا يؤذي الإنسان صديقه، وخاصة في بيان عام لكل الناس. لكن هذا شيء ومواجهة الواقع شيء آخر...

 

خانا: «لنقل انتصرنا»

بينما أشيد بهدف إدارة بايدن أن تمنع روسيا من الاستيلاء على أراضٍ أوكرانية، أريد أن أعلن أننا لا نستطيع أن نسكت على دورنا في حرب تبدو دون نهاية، وتؤذي اقتصاد أوكرانيا، واقتصادنا، واقتصاد كل العالم تقريبا...

في موضوع واجبنا الأخلاقي والسياسي والعسكري بالدفاع عن أوكرانيا ذات السيادة، أعتقد أن المخرج هو أن نقول إننا انتصرنا. وأن الروس انهزموا لأنهم فشلوا في احتلال العاصمة كييف، ولأن أوكرانيا، مهما حدث، لن تكون تحت سيطرة روسيا، كما كانت عبر مئات السنين...

نحن الديمقراطيين نؤمن بالآتي:

أولا، لا يمكن تأييد أوكرانيا بأي ثمن.

ثانيا، نعرف أن أكثر الأميركيين، وربما كلهم تقريبا، لا يريدون تأييد حرب في مكان بعيد، ودون نهاية متوقعة...

في نفس الوقت، أريد أن أقول إن قضية أوكرانيا تتمتع بأرضية أخلاقية صلبة. لهذا، أوافق على فرض عقوبات بلا نهاية ضد روسيا، ما دامت لا تؤثر علينا. لكن، يتطلب أمننا الوطني أن لا نتورط بشكل كبير في صراع مع روسيا يمكن أن يضعفنا في مواجهة الصين...

لم أتفق مع الرئيس بوش في اقتراحه أن تكون أوكرانيا جزءًا من حلف الناتو. لكنني لا أعتقد أن هذا يبرر قرار بوتين غير الأخلاقي بالغزو.

لكن السؤال الآن هو كيف نخفض التصعيد، ونتوصل إلى اتفاق ما لوقف الحرب؟

font change

مقالات ذات صلة