كيف تكسب ود الأطفال؟ كن مثلهم!

كيف تكسب ود الأطفال؟ كن مثلهم!

أصحاب الكفوف الصغيرة يمدونها إلى الكبار كي يحملوهم ليشعروا بالراحة والأمان. يمدونها لشخص كبير بحثاً عن قدوة ترشدهم في حياتهم. يمدونها ببساطة لكي يشعروا بأنهم محبوبون.

يملك كل طفل شخصية فريدة ومتميزة، ولكنهم جميعاً يتوقون إلى الحب والرعاية. يتساءل المرء: لماذا ينجذب الأطفال إلى بعض الناس كالمغناطيس أكثر من غيرهم، على الرغم من أن غيرهم محاطون بأطفال كثيرين؟ لماذا يستطيع شخص أن يدخل قلوب الأطفال بسهولة أكبر من آخرين؟

من سمات الأطفال أنهم مندفعون وعلى طبيعتهم، ويستطيعون التعبير عن مشاعرهم دون مواربة، حتى إن المرء قد يفكر في كيفية كسب ثقتهم. يستطيع الأطفال بشجاعة رفض شخص كبير دون أي سبب محدد، لمجرد أنهم لا يشعرون برابطة وثيقة تجمع بينهم وبينه. ولا يوجد سبب واضح لهذا في أغلب الأحيان.

ربما يحتاج الأطفال إلى وقت أكبر من الآخرين حتى يخرجوا من عزلتهم. ويحتاجون إلى فترة كي يتغلبوا على خجلهم قبل الانفتاح على شخص لا يعرفونه ثم الارتياح له. إذا أردت أن يشعر الأطفال بالارتياح لك يجب أن يشعروا بدعمك الدائم، وأنك بجوارهم وقتما يكونون مستعدين للتعامل معك عن قرب.

يسعى كل طفل، بغض النظر عن خلفيته وعمره، إلى أن ينصت إليه الكبار، حيث تنتابه الرغبة في الحديث عن عالمه ومشاعره في تلك اللحظة. عندما يشعر الأطفال أنك تنصت إليهم بعناية وأنهم يستطيعون إطلاعك على أفكارهم- ستفتح لهم أبواب عالم كامل.

إحدى الحقائق المهمة هي أن الأطفال يقدرون الأشياء الصغيرة كأنها كنز. ربما يرون قيمة في تلك الأشياء التي لا تعني لك شيئاً. ولكن المصنوعات اليدوية والفنية والرسومات والأحجار الصغيرة والعصي والزهور، كل منها قد يمثل كنزاً ذهبياً ثميناً في عين الطفل. عندما يبدي الشخص البالغ اهتمامه بهذه الهدايا التي تمنحها له يدان صغيرتان، يشعر الطفل بأهميته وتقديرك لمشاركته عالمه وممتلكاته، مما يسمح بوجود مزيد من الروابط بين الأطفال والكبار.

علاوة على ذلك، يحتاج الأطفال من الكبار أن يعرفوا حدود إمكانياتهم. عندما يعلق الكبار توقعات أعلى مما ينبغي على الطفل، يمكن أن يتسبب ذلك في شعوره بالإحباط والفشل ما لم يستطع أداء مهمة معينة. وبالتالي من المهم الانتباه إلى حجم إمكانيات الطفل وعدم تعريضه لمثل هذه المواقف بلا داعٍ.

أحد أوجه الجمال في حياة الأطفال هي دهشتهم لدى رؤية العالم المحيط على نحو يثير الإعجاب. اترك لنفسك فرصة الاندهاش إذا أرادوا أن يطلعوك على شيء ما. حاول أن تعيد تجربة هذه المشاعر الخفية، تلك التي شعرت بها عندما كنت طفلاً. من المؤسف أن الطفل يفقد هذه الدهشة الحماسية بمرور الوقت عندما يكبر. وكأنهم يتكيفون ويتعلمون من أقرانهم أن إبداء المشاعر ضعف. بالتالي تستطيع أن تستلقي معهم على الحشائش، وتشاهد العالم في دهشة، حتى وإن لم يكن لذلك معنى من وجهة نظرك، لأن هذا قد يكون العالم بأسره لطفل، ومن المحزن أن الأمر لن يستمر كثيراً على هذا الحال حيث سيفقد هذه المهارة عندما يكبر.

 

تصوير كاثرين هانلون من موقع «انسبلاش»

 

قد يبدو لك أن الأطفال كائنات صغيرة لا تملك خبرة ولا معرفة كبيرة بالحياة، ولكنهم في الحقيقة أكثر دراية بالواقع المحيط بهم. كثيراً ما يسعى الكبار إلى حماية الأطفال مما يقلقهم، خوفاً من أنهم لن يتمكنوا من الاستيعاب. ولكن عندما يجد الطفل أنه يشارك بفاعلية في حياة شخص ما، سيشعر بتأثيره، مما يمكن أن يترك أثراً إيجابياً عندما يعبر الأبوان أو شخص آخر مهم في حياة الطفل عن رأيهم. كذلك لا تخشى من التعبير عن مشاعرك، كأن تخبر الطفل عن أحلامك الشخصية أو أمنياتك أو الدروس التي تعلمتها في حياتك. واسأل الطفل عن مشاعره. عندما تشارك الطفل أموراً مهمة عنك، سيشعر الطفل بالتقدير وبقيمة قدراته.

تبقى أثمن هدية تحصل عليها من الأطفال هي أن يوقظوا طفلك الداخلي. ابحث عن التسلية معهم. ألفوا القصص وأدوا ألعاب الخيال وأطلقوا النكات السخيفة وابنوا قلاعاً من الرمال واركضوا حفاة. دغدغوا بعضكم البعض والعبوا تحت الأمطار، أو استلقوا في الشمس وتبادلوا حكي القصص الخيالية واحلموا بالمستقبل وتأملوا السحب المارة، حتى تنعم أرواحكم ونفوسكم بالحرية.

خلاصة القول إن الأطفال لديهم احتياجات معقدة، ولكن كل ما يحتاجون إليه هو أن يكونوا محبوبين. افتح قلبك لهم، واحتضنهم على نحو يجعل حياتهم جميلة وتستحق أن تعاش. انغمس مع الأطفال واحتياجاتهم وخذها بجدية على الدوام. قدرهم كبشر متساوين. وكن مبدعاً دائماً في أثناء اللعب والتفاعل معهم. لا تتظاهر، ولكن ابحث عن السعادة معهم في تصرفاتك. هدئ من روعهم وكفكف دموعهم، واجعلهم يشعرون بالارتياح للتعبير عن مشاعرهم حتى إن كانت غالبة عليهم. ساعدهم على الهدوء في خضم الفوضى بأن تكون طفلاً في جسد شخص كبير.

 

 

 

font change