هشام سليم... صاحب المواقف الجريئة الذي رحل محروماً من أسرته

الفنان الراحل هشام سليم

هشام سليم... صاحب المواقف الجريئة الذي رحل محروماً من أسرته

شكّل رحيل الممثل هشام سليم صدمة لمحبيه، الذين لم يكادوا يستوعبون خبر إصابته بالسرطان بعد، فقد نجح الفنان في إخفاء الخبر أشهراً طويلة، كان يعالج فيها من سرطان الرئة بمراحلها المتقدمة، وهو نفس المرض الذي عانى منه والده الراحل المايسترو صالح سليم.


ظل متماسكاَ حتى لحظاته الأخيرة، مستذكراً كيف تعامل والده مع السرطان الذي أصابه بالكبد بكل هدوء، وكما في مرضه رحل هشام سليم بهدوء، بعيداً عن عائلته بعد أن هجرته ابنتاه مع والدتهما إلى خارج مصر.

سطور في حياة هشام سليم
هشام سليم هو ابن لاعب كرة القدم المصري صالح سليم، تخرّج من كلية السياحة والفنادق في «جامعة حلوان». وكان أوّل ظهور له من خلال شخصية «مدحت» (ابن فاتن حمامة) في فيلم «إمبراطورية ميم» (1972 ــ تأليف إحسان عبد القدوس، إعداد سينمائي نجيب محفوظ) أمام عدسة المخرج حسين كمال. ثم شارك في فيلم «أريد حلّاً» في 1975 تحت إدارة سعيد مرزوق.
لكن انطلاقته الحقيقية كانت في السادسة عشرة من عمره عندما اختاره المخرج الكبير يوسف شاهين ليقدّم شخصية «إبراهيم» الرئيسية في رائعته «عودة الابن الضال» (1976)
وبدءاً من ثمانينات القرن العشرين، قدّم مسلسلات عدّة، من بينها «الراية البيضا»، «ليالي الحلمية»، «أماكن في القلب»، «لقاء على الهواء» وغيرها.
شكّلت التسعينات فترة ذهبية في تاريخ هشام سليم الفني، على الشاشتين الكبيرة والصغيرة. فقد تألق في بعض الأعمال الدرامية مثل «وما زال النيل يجري» (إخراج محمد فاضل)، «أرابيسك» (إخراج جمال عبد الحميد)، و«هوانم غاردن سيتي» (إخراج أحمد صقر).
كما شهدت تلك الفترة بروز موهبة الراحل في مجال الاستعراضات، عن طريق مسرحية «شارع محمد علي» (إخراج محمد عبد العزيز) التي شارك في بطولتها مع شيريهان وفريد شوقي عام 1991.
أما آخر أعماله، فكان مسلسل «هجمة مرتدة» العام الماضي، من تأليف باهر دويدار وإخراج أحمد علاء الديب، قبل أن تتدهور حالته الصحية.

مواقفه السياسية
عُرف سليم بمواقفه المؤيدة لثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، التي أطاحت بالرئيس السابق محمد حسني مبارك، كما عُرف باهتمامه بالشأن السياسي والعام. وقدم برنامجا حواريا على إحدى الفضائيات العربية عامي 2013 و2014.
كان للفنان الراحل مواقف سياسية منها مناوشات مع جماعة الإخوان الإرهابية، حيث أكد أنها تحرف الدين، بينما شن هجومًا على أحد قادتها عندما رفض الدعاء بالرحمة لفنان مصري عند وفاته.
في عام 2013 ، انتقد هشام سليم دعوات الإخوان لتنظيم مليونية لتطهير القضاء، في أعقاب الفوضى التي سعت جماعة الإخوان لنشرها بعد الإطاحة الشعبية برئيسها محمد مرسي.
وفي عام 2016 شن الفنان المصري هشام سليم هجومًا على زميله الممثل وجدي العربي من جماعة الإخوان، لرفضه الدعاء بالرحمة والمغفرة للفنان الراحل ممدوح عبد العليم.

رفض دور المرشد
في عام 2017 اعتذر الفنان هشام سليم عن مشاركته في مسلسل «الجماعة»- الجزء الثاني، حيث كان سيلعب دور شخصية عمر التلمساني، المرشد العام الثالث لجماعة الإخوان المسلمين..
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن الاعتذار جاء بسبب اعتراض هشام سليم على بعض النقاط مع شركة الإنتاج، مشيرة إلى أنه اعتذر لشركة الإنتاج عن عدم مشاركته في العمل بسبب حرصه على المسلسل والذي لم يتمكن من تنسيق وقت التصوير.

الفنان الراحل هشام سليم

مرضه
عانى الفنان الراحل من سرطان الرئة، ولم يكتشف إصابته إلا بعد أن تفاقمت حالته، وبات علاجه مستعصياً.
فقد كشف الطبيب ياسر عبد القادر أستاذ علاج الأورام في طب قصر العيني، الذي أشرف على علاجه، أنه يعاني من المرض في المراحل المتقدمة منه بسبب التدخين، وأنّه خضع للعلاج لمدة سنة كاملة في مستشفى دار الفؤاد.
 رغم صعوبة حالته، خضع للعلاجات الكيميائية بحسب طبيبه المعالج، كما خضع للعلاجات المناعية، ولكنه كان ينتكس خلال تقدمه في العلاج، وهو بحسب الفريق الطبي الذي أشرف على علاجه، كان أمراً طبيعياً مع الإصابة بسرطان الرئة في المراحل المتقدمة من المرض. وكان يدرك أنّ هدف العلاج في المراحل المتقدمة من مرضه، هو زيادة متوسط عمر المريض والتخفيف من الألم فقط.
في المستشفى التي واظب على العلاج فيه طوال عام كامل، اكتشف الفريق الطبي والتمريضي شخصية قمة في الأخلاق والذوق والاحترام، وكان يستجيب لطلبات الأطباء، رغم إدراكه أنّه فات الأوان. ورغم معاناته، لم يكشف عن إصابته بالسرطان إلا قبل ثلاثة أشهر فقط.

ابنته والتحوّل الجنسي
في عام 2020، اتخذ الفنان الراحل موقفاً جعله حديث الصحافة العربية ومواقع التواصل الاجتماعي، إذ أعلن عن تحوّل ابنته نورا إلى ذكر، بعد إجرائها عملية تغيير نوع.
قال سليم إن نورا التي أصبحت نور، واجهت صعوبات عدة وأزمة هوية، وقال إنّه لم يكن يفهم ما يحصل معها، وإنه بحث على الإنترنت فوجد شخصين فقط يعانيان من نفس المشكلة، وقال إنّ ابنته كانت تفكر في الانتحار، وكانت تشعر أنها غير طبيعية ولا تستطيع أن تعيش حياتها بصورة طبيعية.
وكشف الفنان أنّه شجع ابنته ودعمها لتغيّر نوعها، وقال إنّ السبب الذي دفعه إلى ذلك كم التنمر الذي عانته والانتقادات التي تلقتها، وقال إنّه يريد أن تعيش نورا التي وصفها بـ«ابني» بدلاً من «ابنتي» حياة طبيعية، وإنه يريده أن يعيش معه في مصر رغم انتقادات الناس التي ترغمه على الابتعاد.

مشاكله الأسرية
تزوج هشام سليم مرتين، المرة الأولى من سيدة مصرية تدعى ميرفت النحاس، وأنجب منها بناته نورا، وزين، وقسمت. وتزوج بعد طلاقه من امرأة سعودية تدعى نادية الغالب، إلا أنّ زواجهما انتهى بالطلاق أيضاً.
طلاقه الأوّل لم يكن ودياً، فسافرت زوجته خارج مصر وأخذت معها ابنتيها قسمت وزين، وتردد أنّ الفنان لم يرهما منذ فترة طويلة، وأنّ طليقته حرمته منهما.

آخر ظهور لهشام سليم
اختار هشام سليم العزلة قبل وفاته، ولم يظهر على أي من حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي ولم يعلق على أي أحداث.
وربط العديد من متابعيه غيابه بحالته الصحية، وأكد بعضهم أن صحته تدهورت بشكل كبير، كما يتضح من إحدى الصور التي نشرها ابنه، حيث ظهرت عليه علامات المرض، وخسر الكثير من الوزن..
وكان قد حرص على طمأنة جمهوره بأنه بخير، إلا أنّه كان يدرك أنّه يخوض معركة صعبة مع مرض هاجمه بضراوة قبل أن يكتشفه بعد فوات الأوان.

 

font change