السينما السعودية وتحدّي شباك التذاكر

السينما السعودية وتحدّي شباك التذاكر

وفقا لهيئة المرئي والمسموع في السعودية، بلغت إيرادات شباك التذاكر في المملكة 535 مليون ريال خلال النصف الأول من عام 2023، ما يعادل بيع أكثر من 10 ملايين تذكرة، منها 1,129,975 تذكرة أي العشر تقريبا بإيرادات تصل إلى 51,531,726.

هذه الإيرادات لستة أفلام عرضت على التوالي في صالات السينما السعودية بدءا من يناير/كانون الثاني الماضي، هي: "سطار"، "الهامور ح ع"، "عياض في الرياض"، "أغنية الغراب"، "ملك الحلبة"، و"طريق الوادي".

ايرادات تبدو جيدة جدا لسينما ناشئة في شباك التذاكر، ولا تزال تتلمّس طريق النجاح، لكن لو قرأنا تفاصيل هذه الأفلام للاحظنا أن نصيب الأسد من الإيرادات استحوذ عليه فيلم "سطار" بعدد تذاكر وصل إلى 903 ألف تذكرة، وجاء بعده بفارق كبير فيلم "الهامور" بعدد تذاكر وصل إلى 202 ألف تذكرة، ثم 5393 تذكرة موزّعة على "أغنية الغراب" و"ملك الحلبة"، أما فيلما "طريق الوادي" و"عياض في الرياض" فوصل إجمالي ما باعاه معاً إلى ما يقارب 18 الف تذكرة، الحصة الكبرى منها ذهبت إلى الأول كونه استمر في صالات العرض لأكثر من أسبوع مقارنة بـ"عياض في الرياض" الذي عرض لأسبوع واحد.

تظهر هذه الأرقام استمرار وجود فجوة ما بين الجمهور وصنّاع الأفلام في السعودية، وهو ما يجعلنا نتساءل عن الأسباب، التي لا يمكن الجزم بها حتى الآن، فالبعض يرى في سوء تسويق هذه الأفلام أحد أهم المسبّبات، ولكن لو نظرنا إلى أحد أهم أفلام هذا العام هو "الهامور ح ع" الذي ربما يستحق جائزة أسوأ تسويق تشاهده لفيلم سعودي بسبب إعلان العرض قبل أسبوع فقط من طرحه، مع ملصق دعائي سيئ وبطل يمثل للمرة الأولى، مع ذلك فقد حقق الفيلم إيرادات كبيرة.

أسباب نجاح الأفلام في صالات السينما كثيرة ومتعدّدة، لكن الأهم يبقى تحسين جودة الأفلام وبذل الجهد الكافي لتطويرها وإنتاجها، سعيا لإقناع الجمهور بالذهاب إلى صالات السينما لمشاهدة الأفلام السعودية

أسباب نجاح الأفلام في صالات السينما كثيرة ومتعدّدة، لكن الأهم يبقى تحسين جودة الأفلام وبذل الجهد الكافي لتطويرها وإنتاجها، سعيا لإقناع الجمهور بالذهاب إلى صالات السينما لمشاهدة الأفلام السعودية وتفضيلها على تلك الأميركية والمصرية التي تحقق أرقاما قياسية على شباك التذاكر، وهذا أجدى من المطالبة باستمرار عرض الفيلم السعودي ولو لم يحقق إيرادات عالية، أو مطالبة الجمهور بأن يكون حليما ويتحمل مشاهدة هذه الأفلام بحجّة أنها سعودية ويجب أن تدعم.

حتى الآن لا يمكن ربط الإيرادات بمواسم معينة، وبالتالي لا يمكننا القول بأن أوقات عرض الأفلام السعودية في الصالات أحدثت فارقا في الإيرادات، وهو ما يحتم على صنّاع السينما السعودية التفكير في الجمهور المستهدف من أعمالهم، فهل يستهدفون المشاركة في المهرجانات السينمائية أم تحقيق إيرادات في شباك التذاكر، أو ربما الجمع بين الهدفين؟

بين التجارب التي شاهدناها حتى الآن، يميل "أغنية الغراب" إلى أن يكون فيلم مهرجانات، فهو ليس جماهيريا، على العكس من "طريق الوادي" و"ملك الحلبة"، فهما فيلمان هدفهما الأساسي الجمهور، لكنهما لم يحققا النجاح الكافي في الوصول إليه عبر شباك التذاكر.

تدعونا الأرقام التفصيلية خلال النصف الأول من العام الجاري، إلى وقفة وتقييم موضوعيين، مع اقتراب عرض مجموعة من الأفلام المهمة خلال الفترة المقبلة، مثل "تشيلو" و"مندوب الليل" و"نورة" و"عبد" و"أحلام العصر" و"حوجن"، وهي أفلام تأمل في تحقيق إيرادات كبيرة وتستهدف الجمهور السعودي بشكل أساسي. ولعلّ ما ستحقّقه هذه الأفلام على شباك التذاكر، سيساعد في رسم صورة أدقّ لمزاج مرتادي السينما في المملكة، وهو ما سيشكّل أداة قياس مهمّة لصنّاع الأفلام في المرحلة المقبلة.

font change