"المجلة" تنشر وثيقة سورية تقدم الرواية الرسمية لأحداث السويداء

وزعتها الخارجية على مسؤولين عرب وأجانب وبعثات دبلوماسية

"المجلة"
"المجلة"

"المجلة" تنشر وثيقة سورية تقدم الرواية الرسمية لأحداث السويداء

تنشر "المجلة" النص الحرفي لوثيقة وزعتها الخارجية السورية في 22 يوليو/تموز على مسؤولين عرب وأجانب وبعثات دبلوماسية، تقدم الرواية الرسمية لأحداث السويداء.

وتعكس هذه الوثيقة رواية دمشق للأحداث، التي تملك قوى وشخصيات درزية في السويداء رواية أخرى لها. وهنا النص الحرفي:

تتقدم وزارة الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية بأسمى آيات التقدير إلى جميع البعثات الدبلوماسية والقنصلية والمنظمات الإقليمية والشركاء الدوليين، وتود أن تلفت عنايتهم بصورة عاجلة إلى التدهور المتسارع للأوضاع في محافظة السويداء.

نظرة عامة

• يوم الأحد، الموافق العشرين من يوليو/تموز، نجحت جهود وساطة الحكومة السورية بالوصول لاتفاق تبادل للرهائن بين ميليشيات موالية لحكمت الهجري وممثلين عن عشائر البدو، بحيث تطلق ميليشيات الهجري سراح ما يقارب ألف وثلاثمئة مدني احتجزتهم في بلدات الكفر وشهبا وتسمح بوصول المنظمات الإنسانية للمناطق التي تسيطر عليها لتسهيل العبور الآمن للمدنيين الراغبين في الدخول أو الخروج. حتى اللحظة، أُطلق سراح ستمئة مدني، على أن يُطلق سراح جميع الأسرى المتبقين مع نهاية يوم الأربعاء، الثالث والعشرين من يوليو.

• بموجب الاتفاق، ستقدم ميليشيات الهجري قائمة بأسماء المقاتلين المحتجزين، بما في ذلك المقاتلين من عشائر البدو وعناصر وزارة الداخلية المختطفين عند اندلاع أعمال العنف. وبعد انتهاء إطلاق سراح كل الرهائن المدنيين، سيبدأ تبادل إطلاق سراح المقاتلين المحتجزين من الجانبين.

• على الرغم من المحاولات المتكررة لوقف إطلاق النار من الحكومة السورية، استمرت الأعمال القتالية من الجانبين، بسبب تأخر ميليشيات الهجري في إطلاق سراح من تبقى من الرهائن المدنيين.

• على الرغم من المنع المتكرر لميليشيات الهجري لوصول قافلة إنسانية حكومية تحمل مساعدات غذائية وطبية ولوجستية إلى السويداء، مفاقمة الحالة الإنسانية المتدهورة بالأساس، تمكنت الحكومة من إيصال المساعدات إلى السويداء عبر "الهلال الأحمر العربي السوري".

• أعرب نازحون من محافظة السويداء عن إحجامهم عن العودة، بينما تتزايد أعداد العائلات التي تطلب الإخلاء من المنطقة.

• اشتدت الأزمة بشكل أكبر إثر الحملات الإعلامية الممنهجة لنشر المعلومات المغلوطة والشائعات، والرامية لبث الفرقة بين البدو وميليشيات الهجري، واتهام الحكومة السورية زورا بالجرائم التي ارتكبتها الأطراف المتنازعة، وإثارة المزيد من الخوف والفوضى.

من أشد هذه الانتهاكات تقارير موثقة عن قطع رؤوس الأطفال، في جريمة تهز الوجدان الإنساني وتعد انتهاكا خطيرا للقانون الدولي

عقب الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، يوم الأربعاء السادس عشر من يوليو/تموز- بما في ذلك الغارات الجوية المباشرة على المؤسسات الحكومية في دمشق ودرعا والسويداء- وبجهد محسوب رامٍ لتجنب المزيد من التصعيد أو انتشار الصراع إقليميا، اتخذت الحكومة السورية القرار الصعب، والمسؤول، بالانسحاب أمنيا وإداريا من السويداء عشية اليوم نفسه.
كان هذا القرار، كما أعلن بشكل واضح، لتجنب مواجهة مدمرة، سعت لها إسرائيل بشكل مقصود بذريعة "حماية الأقليات" المغلوطة ضمن سردية إسرائيلية مرفوضة قطعيا وكليا من الجمهورية العربية السورية.
للأسف، كانت النتيجة المباشرة لهذا الانسحاب هي التدهور السريع والشديد للظروف الإنسانية والاجتماعية والأمنية في المحافظة. في الساعات المبكرة من السابع عشر من يوليو، شنت الجماعات المسلحة الموالية لحكمت الهجري- والمتورطة بفظائع موثقة بحق المدنيين البدو والقوات الحكومية- حملة وحشية من المجازر والإعدامات الميدانية والعلنية والاختطاف والنهب والتهجير القسري بحق السكان البدو.
وردا على ذلك، حشدت العشائر البدوية على امتداد سوريا لحماية أبنائها من سكان السويداء ومقاومة العمليات المسلحة الخارجة عن القانون، وقاموا بعمليات انتقامية ضد المجتمعات المحلية، مستهدفين مدنيين أبرياء، منها حرق بعض القرى وقيامهم بأنفسهم بممارسات خارجة عن القانون.
كان من أشد هذه الانتهاكات تقارير موثقة عن قطع رؤوس الأطفال، في جريمة تهز الوجدان الإنساني وتعد انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، وبما يتعارض تماما مع المعايير العالمية التي تلتزم الحكومة السورية بتطبيقها والحفاظ عليها. إن هذه الانتهاكات تذكير قاسٍ بإرث الوحشية والقمع والعنف الطائفي الذي خلفته أربع وخمسون سنة من نظام الأسد، والتي عمل خلالها على التمزيق الممنهج للنسيج الاجتماعي، وترسيخ الشك والخوف بين المجتمعات المحلية، تاركا البلاد هشة وممزقة.

وزارة الشؤون الخارجية والمغتربين السورية تدين بشدة هذا التحريض الخطير، والذي لا يهدد استقرار سوريا الداخلي وحسب، بل أمن المنطقة وسلامها على السواء

وفي ظل غياب السلطة الشرعية، قامت ميليشيات الهجري بتهجير قسري لعائلات البدو من منازلهم وقراهم، واستهدفتهم على أساس هويتهم الإثنية والعشائرية. وأدت هذه التطورات لاشتعال اشتباكات كبيرة بين الجانبين، سعت خلالها الحكومة السورية مرارا بالوساطة وخفض التصعيد والعمل على وقف إطلاق النار. وفي حين أن فصائل البدو وافقت بشكل كبير على مقترحات الحكومة، رفضت ميليشيات الهجري كل هذه المساعي وأطلقت- بدلا من ذلك- دعوات للتدخل الأجنبي، في انتهاك صارخ لسيادة سوريا ووحدة أراضيها.

أ ف ب
عناصر من قوات الامن السورية قرب حافلة تتبع الامم المتحدة تجلي عائلات من السويداء في بصرى الحرير جنوب درعا في 22 يوليو

نجم عن آخر هذه الدعوات غارات إسرائيلية أدت لمقتل العشرات من الجنود والمدنيين السوريين، وتسببت بدمار واسع للمنشآت الحكومية في قلب العاصمة دمشق. إن وزارة الشؤون الخارجية والمغتربين السورية تدين بشدة هذا التحريض الخطير، والذي لا يهدد استقرار سوريا الداخلي وحسب، بل أمن المنطقة وسلامها على السواء.
يوم الجمعة، الثامن عشر من يوليو، نجحت جهود الوساطة المشتركة لدول سوريا والأردن والولايات المتحدة بإقناع ميليشيات الهجري والأطراف الأخرى بالتوصل لوقف مؤقت لإطلاق النار.

عرقلة العمل الإنساني والأضرار على المدنيين
منذ السادس عشر من يوليو، عملت الحكومة السورية على جمع الموارد الإنسانية المطلوبة لدعم المدنيين في السويداء. ومنعت ميليشيات الهجري بشكل متكرر من دخول قافلة حكومية، تضم ثلاثة وزراء (الصحة، والطوارئ والكوارث، والشؤون الاجتماعية) ومحافظ السويداء وممثلين عن وزارة الشؤون الخارجية، وعشرين سيارة إسعاف تحمل معدات طبية ضرورية. وبوساطة من الحكومة السورية، استطاع الهلال الأحمر العربي السوري دخول المحافظة يوم الاثنين، العشرين من يوليو، وإيصال بعض المساعدات الإنسانية المحدودة.

تواصل الحكومة السورية مطالبتها بالوصول الكامل غير المشروط للمناطق المتضررة، بما في ذلك إرسال المساعدات الطارئة والعناصر الطبية والمساعدات الأساسية

تؤكد الجمهورية العربية السورية مجددا أن حماية ورعاية المواطنين السوريين جميعا، بمن فيهم أبناء محافظة السويداء، مسؤولية دستورية وسيادية للدولة، إلا أن هذه المسؤولية تتعرض لعرقلة ممنهجة من ميليشيات خارجة عن القانون ومدعومة من إسرائيل، تسعى لاستغلال هشاشة الوضع في سوريا في فترة انتقالية حرجة تمر بها البلاد بعد إسقاط نظام الأسد. إن قدرة الدولة على القيام بمسؤولياتها الدستورية، ومنها تقديم الخدمات الأساسية وحماية المدنيين، يتطلب الوصول لكامل السويداء ضمن الحق السيادي الكامل للدولة السورية، والذي لا يمكن التنازل عنه بأي حال بسبب تهديد الميليشيات المدعومة خارجيا، والتي لا تضعف أفعالها الدولة وحسب، بل تهدد حياة السوريين المتضررين في المحافظة بشكل مباشر.
تعرضت الخدمات الأساسية- بما في ذلك الكهرباء والماء والإنترنت- لأضرار بالغة بسبب الغارات الإسرائيلية والاشتباكات المتواصلة، كما منعت فرق الإصلاح المبتعثة من وزارة الطاقة من الوصول، وأصيبوا أثناء القيام بمهماتهم. وقد بذلت الحكومة السورية جهودا متجددة مساء الحادي والعشرين من يوليو للسماح للفرق التقنية بالدخول للسويداء لإصلاح الخدمات الأساسية، لكن الفرق استُهدفت برصاص القناصة في اليوم التالي أثناء محاولتهم القيام بعملية الإصلاح، على الرغم من الموافقة المبدئية لميليشيات الهجري للسماح لهم بالدخول والإصلاح.

رد الحكومة وأولوياتها
على الرغم من هذه التحديات، تؤكد الحكومة السورية التزامها الراسخ لحل هذه الأزمة وحماية كل مواطنيها. ولذا، فهي تعمل بكل جهدها لتحقيق هذه الأولويات:
1. وقف إطلاق النار وخفض التصعيد
تواصل الحكومة السورية تعاونها مع كلا الجانبين للوصول لوقف إطلاق نار دائم. وفي الوقت الذي استجابت فيه فصائل عشائر البدو بشكل كامل، ما تزال ميليشيات الهجري تعرقل السير قدما لتحقيق ذلك. وتؤكد الحكومة السورية على استمرار مساعيها الدبلوماسية وجهود الوساطة المحلية إلى أن يُستعاد الهدوء بشكل كلي.
2. الوصول الإنساني دون عوائق
تواصل الحكومة السورية مطالبتها بالوصول الكامل غير المشروط للمناطق المتضررة، بما في ذلك إرسال المساعدات الطارئة والعناصر الطبية والمساعدات الأساسية.

تؤكد الحكومة السورية التزامها الراسخ بإقامة العدالة وحكم القانون. وأن كل الأفراد والمجموعات الذين ثبت تورطهم بارتكاب جرائم بحق المدنيين سيخضعون للمحاسبة الكاملة 

3. إطلاق سراح الرهائن والمحتجزين
تواصل الحكومة السورية كل جهودها للوصول لحل للأزمة الراهنة، يحمي كل المدنيين، ويحفظ الوحدة الوطنية، ويحول دون إراقة المزيد من الدماء. وستبقى الجهود الرامية للإفراج الكامل عن المحتجزين وتنفيذ عمليات تبادل الأسرى قائمة إلى أن يتم الوفاء بجميع الالتزامات القائمة، واستعادة الاستقرار في السويداء. وقد أكدت الحكومة مجددا التزامها الثابت بالحوار بديلا عن المواجهة العسكرية، وبحل الخلافات الداخلية بالوسائل السلمية المستندة إلى مبادئ العدالة والسيادة واللحمة الوطنية.
4. المحاسبة على الانتهاكات
تؤكد الحكومة السورية التزامها الراسخ بإقامة العدالة وحكم القانون. وأن كل الأفراد والمجموعات الذين ثبت تورطهم بارتكاب جرائم بحق المدنيين- بما في ذلك القتل والتهجير القسري وغيرها من الانتهاكات الجسيمة- سيخضعون للمحاسبة الكاملة وفقا للقانون السوري والقانون الدولي، ويأتي هذا انسجاما مع الجهود التي أطلقتها الدولة منذ سقوط النظام في الثامن من ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، ومنها تأسيس "لجنة السلم الأهلي"، و"اللجنة المستقلة للعدالة الانتقالية"، وغير ذلك من الإجراءات المؤسساتية الرامية لاستعادة النظام وضمان المساءلة.
تعرب الجمهورية العربية السورية عن تقديرها وامتنانها للدول الصديقة والشركاء الذين تضامنوا معها وقدموا لها العون، كما تؤكد في هذا السياق على الظرف الهش الذي تمر به مرحلة التعافي في سوريا وتستغله أطراف خارجية ومخربون داخليون.
تود وزارة الشؤون الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية اغتنام هذه الفرصة لإبراز الإرث المدمر للنظم السياسية السابقة، والتي كرست الانقسامات الداخلية باستخدام العنف والتلاعب المجتمعي والهندسة الطائفية، وهو ما يتطلب، لعلاجه وتجاوزه، التزاما راسخا بالوحدة الوطنية والحكم الشامل وترسيخ سيادة القانون والاعتراف بالتنوع الاجتماعي الذي يميز النسيج السوري.
هذا هو المسار الذي تلتزم به الحكومة السورية التزاما راسخا، ولا يجب إضعافه بالتدخلات الخارجية أو النشاطات المسلحة الداخلية، ولتحقيق ذلك، فكل الأسلحة يجب أن تبقى تحت السلطة الحصرية للدولة، ولا يمكن الوصول لأي حل- عسكري أو غير ذلك- خارج إطار السيادة الوطنية وحكم القانون.

font change