السلام ينتعش الاقتصاد والتبادل التجاري

السلام ينتعش الاقتصاد والتبادل التجاري

[caption id="attachment_55268501" align="aligncenter" width="1307"]رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ورئيس مجلس إدارة معهد توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ورئيس مجلس إدارة معهد توني بلير[/caption]

خاص - «المجلة»*

يعرض تقرير لرئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير نظرة عامة للتنمية التجارية طويلة الأجل بين إسرائيل والعرب الذين تقيم معهم بالفعل اتفاق سلام، وهم: السلطة الفلسطينية والأردن ومصر.
يقول التقرير « في حين تتسم التجارة بين إسرائيل والأسواق الشرق أوسطية بضخامة الحجم، فإن هناك إمكانيات كبيرة لم تتم الاستفادة منها في مجال التعاون التجاري والاقتصادي بين إسرائيل والعرب». ويلقي التقرير الضوء على كيفية مساعدة اتفاقيات السلام على التنمية الاقتصادية، ليس من خلال فتح طرق تجارية جديدة فحسب، بل نظرًا لأن أطرافها حققوا أرباحًا كبيرة من الاتفاقيات، حيث إن الأموال التي كانت ستُنفق على الدفاع يمكن استثمارها في مجالات أخرى. وسمحت اتفاقيات السلام مع إسرائيل لكل من الأردن ومصر بالحصول على قدر كبير من المساعدات الدولية، بالإضافة إلى ترتيبات تجارية ذات أفضلية مع الولايات المتحدة. ويلقي التقرير نظرة على ما يمكن أن يعنيه التعاون لهذه المنطقة في كل من التكنولوجيا والثقافة والتجارة، بالإضافة إلى فرص أخرى للتنمية الاقتصادية.
في حين تقيم إسرائيل والسلطة الفلسطينية صلات تجارية، يلقي التقرير مزيدًا من الضوء على الاعتماد المتزايد للاقتصاد الفلسطيني على إسرائيل في الأعوام الأخيرة. في عام 2016. كانت إسرائيل مصدرًا لنحو 60 في المائة من السلع الفلسطينية الواردة المُسجلة. وإذا وضعنا في الاعتبار التجارة غير المُسجلة، ترتفع نسبة إسرائيل إلى ثلثي السلع الواردة وأكثر من 90 في المائة من السلع الصادرة. علاوة على ذلك، ارتفع عدد العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل بنسبة كبيرة: من 40 ألف عامل في عام 2002 إلى 130 ألف عامل في 2016. من أجل دعم دولة مستقبلية مستقلة وقابلة للاستمرار اقتصاديا، يجب أن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالنمو والتطور بعيدًا عن إسرائيل.
وأضاف التقرير «من دون الوصول إلى اتفاق الوضع النهائي مع الفلسطينيين، سوف يظل مجموع التكاليف المتعلقة بالأمن في إسرائيل على مستوى عالٍ نسبيًا يقترب من 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. قد يُخفض حل النزاع الفلسطيني هذه التكاليف بنسبة قد تصل إلى النصف. كما أن التكلفة الاقتصادية التي يتحملها الفلسطينيون بسبب استمرار الصراع مع إسرائيل هائلة، ونحن الآن في نهاية ثلاثة عقود ضائعة من النمو الاقتصادي منذ اندلاع الانتفاضة الأولى».
وأشار التقرير أن التجارة في منطقة الشرق الأوسط تشهد نموًا، ولكن من أجل الوصول الفعلي إلى الفرص الكبرى التي تقدمها هذه الأسواق، سوف تحتاج إلى نهج إقليمي لعملية السلام؛ نهج يضع القضية الفلسطينية على طريق الحل. ووفقا للتقرير توجد إمكانية هائلة إذا أمكن رفع القيود السياسية على الصادرات إلى الأسواق العربية ، حيث تمر هذه المنطقة بمرحلة انتقالية كبرى، يجب أن يكون فيها الهدف النهائي هو اقتصادات مفتوحة خاضعة للقواعد، وتسامح ديني. وفي هذا الإطار الإقليمي الواسع، يجب أن تسمح الإمكانيات ونقاط القوة الاقتصادية التي تملكها إسرائيل لها بأداء دور محوري أكبر كثيرًا في التعاون الاقتصادي الإقليمي. وإذا أمكن إزالة الحواجز السياسية، سوف يكون إسهام إسرائيل في الشرق الأوسط بالغ الأهمية، مما يقدم حلولاً قابلة للاستمرار لبعض من أهم التحديات التي تواجه المنطقة، ومنها ما يتعلق بمجالات المياه والطاقة والتنمية الصناعية المستدامة.
ولكن من أجل المُضي قُدمًا لتحقيق ذلك، يجب معالجة القضية الفلسطينية. ما نحتاج إليه هو الاستفادة من الديناميات الإقليمية المتغيرة لتقديم حل الدولتين. ويمكن أن يبني الاقتصاد والتجارة تكتلات، أو يكونا ركيزة للمساعدة على تنفيذ العملية.
بيد أن كل المذكور آنفا لا يعني أن الاقتصاد يمكن أن يحل محل السياسة؛ فمن دون حدوث تقدم سياسي، يصبح أي تقدم اقتصادي دائمًا عُرضة لخطورة التراجع. أحيانًا ما يتم التشكيك في قضية حل الدولتين اليوم. ولكنها تظل الاحتمال الواقعي الوحيد لتحقيق سلام دائم. وتوضح مبادرة السلام العربية الالتزام الإقليمي بالسلام. وعلى الرغم من الجمود الراهن، تعلم القيادات الإسرائيلية والفلسطينية على وجه التقريب ما يبدو عليه حل الوضع النهائي وكيف يمكن تحقيقه في إطار سياسي أكثر إنتاجًا. وفي ظل تردي الوضع في غزة بوجه خاص، يجب بذل كل جهد ممكن لوضع عملية السلام في مسارها الصحيح مرة أخرى. وإن لم يحدث، فلن تتحقق الفرص المذكورة هنا.

* رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ورئيس مجلس إدارة معهد توني بلير
font change