إياد علاوي

إياد علاوي

[escenic_image id="5564480"]

أصبح إياد علاوي، رئيس الوزراء المؤقت السابق في العراق والمنافس الحالي على المنصب، شخصية بارزة في معظم نقاط التحول في التاريخ السياسي الحديث في العراق. وعلى الرغم من أن منصبه كرئيس وزراء مؤقت أضفى على هذا الرجل الشيعي العلماني صفة الدمية الأميركية، إلا أن علاوي يخطط من أجل عودته السياسية في الانتخابات الأخيرة.

لقد وجد جرّاح المخ والأعصاب الذي تلقى تدريبه في بريطانيا نفسه من جديد تحت دائرة الضوء بعد أن اقترب تحالفه، القائمة العراقية، من الفوز في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في شهر مارس (آذار)، حيث فاز بـ91 مقعد تزيد على المقاعد التي فاز بها منافسه نوري المالكي وعددها 89 مقعد. وعلى الرغم من أن المالكي ما زالت لديه فرصة لاستعادة منصبه كرئيس وزراء، إلا أن خبرة علاوي في المناورات السياسية ستخدمه جيدًا إذا مُنح الفرصة لتكوين حكومته الائتلافية.

وفي الوقت الذي يوجد فيه القليل من التأكيد في مستقبل القيادة السياسية في العراق، حيث لم يحصل أي من المتنافسين على العدد اللازم من المقاعد وهو 163 مقعد للحصول على الأغلبية، من المؤكد أن علاوي تعلم من الماضي. وبعد مشاهدة العراق يقع تحت طائلة العنف الطائفي، تأكد من أن جبهته تقرب بين الخلافات الطائفية التي تظهر بين الحين والآخر.

وفي وعده بأن تحالف القائمة العراقية "سيفتح قلبه لجميع القوى السياسية وكل من يريد أن يبني العراق،" أراد علاوي أن يجتذب طارق هاشم، نائب الرئيس السني، وصالح المطلق، وهو سني أيضا منع من خوض الانتخابات التي أجريت في شهر مارس (آذار). ونتيجة لذلك، أحضر علاوي لصناديق الاقتراع العديد من السنة الذين قاطعوا الانتخابات الماضية، مضفيا المصداقية على نظام التنمية المزدهر  في العراق. وبالإضافة إلى نجاحه في المناطق التي يسودها السنة، كان أداؤه قويا في كركوك، وهي المنطقة التي يتنافس عليها العرب والأكراد.

ولكن، لا يرى الجميع في علاوي الحل للانقسام الطائفي أو الزعيم المثالي للبلاد. ويرى كثير من الشيعة أن التأييد السني لهذا السياسي "تأييد متخفٍ لحكومة قديمة"، كما نشرت صحيفة نيويورك تايمز.

ويواجه علاوي أيضًا انتقادات بسبب فترة قيادته كرئيس وزراء مؤقت في العراق. وعلى الرغم من أنه تم اختياره بفضل أوراق اعتماده كمعارض لصدام حسين بواسطة الولايات المتحدة، إلا أنه أثار استياء بالغ لدى العراقيين بسبب حياته في المنفى، وبسبب قبضته القوية التي حارب بها انعدام الأمن عندما كان في السلطة.

وقبل تعيينه رئيسًا للوزراء، كان علاوي مسؤولا عن إصلاح الجيش والشرطة والاستخبارات. وعلى الرغم من أنه عارض تطهير أعضاء حزب البعث السابق بعزلهم من المناصب الحكومية، إلا أنه اعتبر متشددًا فيما يتعلق بالأمن، وهي الحقيقة التي بسببها لقب بـ"صدام بدون شارب".

ومن بين قراراته المثيرة للجدل تأييده للهجوم الأميركي على الفالوجة والنجف ضد جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر. وكانت هناك أيضا شائعات بأنه أعدم اثنين مشتبه بهما في عمليات إرهابية في عام 2004. وكانت تلك الأمور المثيرة للجدل، بالإضافة إلى فشل حكومته في الحد من العنف الطائفي، هي السبب في ضعف أدائه في الانتخابات البرلمانية التي أجريت عام 2005. وقد احتل تحالف القائمة العراقية الوطنية العلماني المركز الثالث بعد الائتلاف العراقي الموحد الشيعي.

ومنذ البداية، بدت حياة علاوي تدور حول الأحداث التي تشكل العراق. فقد ولد في أسرة بارزة تعمل في التجارة ولديها ميراث سياسي، حيث ساعد جده في مفاوضات استقلال العراق عن بريطانيا، وكان والده عضوًا في البرلمان. وسريعا ما انخرط علاوي في السياسة بالانضمام إلى فرع الشباب في حزب البعث المحظور حاليًا، والتنظيم ضد حكومة عبد الكريم قاسم.

ولكن ساءت علاقة علاوي بحزب البعث في وقت مبكر. ونظرًا لاختلافه مع سياسة الحزب، ولاستكمال تعليمه في مجال الطب، انتقل علاوي إلى لندن في عام 1971. وفي النهاية استقال من حزب البعث في عام 1975، مما أبعده كثيرًا عن تفضيل صدام. وبعد مقاومة ضغوط صدام من أجل العودة للانضمام إلى الحزب، أخبره أصدقاؤه بأن اسمه مدرج على قوائم التطهير الشائنة التي وضعها صدام حسين.

ويبدو أن المسافة لم تكن عقبة كافية لردع صدام عن قتل أعدائه. وتعرض علاوي لإصابات بالغة في محاولة اغتيال أثناء إقامته في كينغستون-أبون-تايمز في عام 1978. فقد هاجمه الذين حاولوا اغتياله في غرفة نومه بفأس، وكادوا أن يقطعوا ساقه اليسرى، وألحقوا به جرحا خطيرا في الصدر. وعلى الرغم من أن مهاجميه تركوه ظنا منهم أنه مات، إلا أنه يقال إنه صرخ: "أخبروا صدام أنني سأنجو من هذا، وسأنتزع مقلتيه."

وقد نجا بالفعل. وأمضى علاوي عامًا تقريبًا في المستشفى يتعافى من جراحه. وتوفر لديه الوقت لدراسة اختياراته، فقرر تنظيم البعثيين في الخارج، مؤسسًا الوفاق الوطني العراقي، وهي حركة ارتفعت شعبيتها بعد غزو الكويت عام 1990.

وفي عام 1996، بمساعدة من وكالة الاستخبارات الأميركية والاستخبارات البريطانية، حاولت المجموعة القيام بانقلاب في العراق مستعينة بالحلفاء البعثيين في الجيش والحكومة. ولكن فشل الانقلاب عندما اخترق عملاء صدام الأمنيين الشبكة، مما أسفر عن اعتقال وإعدام العديد من المخططين.

في الحقيقة، انخراط علاوي في العمل السياسي يجعله ليس بغريب على المخاطر أو الجدل، مما يؤدي إلى تكهن الكثيرون بكيفية تعامله مع الموقف الانتخابي الحالي الذي وصل إلى طريق مسدود. ولكنه، حتى في ظل الأوضاع الحالية، أثبت أنه ماهر في التعامل مع التحديات. وربما يكون ما يحتاج إليه العراق لعلاج مرض الانقسام الطائفي المستمر منذ فترة طويلة هو إعطاء هذا الطبيب فرصة ثانية.

font change