توفيق بن بريك: الثورة التونسية ماتت بعد يومين من رحيل بن علي

توفيق بن بريك: الثورة التونسية ماتت بعد يومين من رحيل بن علي

[caption id="attachment_881" align="aligncenter" width="620" caption="توفيق بن بريك "]توفيق بن بريك   [/caption]




توفيق بن بريك كاتب وصحفي تونسي، ناضل بالكلمة في زمن كانت الكلمة ممنوعة مما دفع شخصيات دولية مفوضة من طرف الهيئة المشرفة على جائزة نوبل للآداب ترشيحه لنيل الجائزة.

وهو متحصل على جوائز عدة أهمها جائزة الكاتب الأمريكي "داشيال هامات" وجائزة "المجتمع الحر" التي يسندها الرئيس الايطالي، والتي كان قد تحصل عليها نيلسون مانديلا، وجائزة الصحافة الجزائرية وجائزة أحسن إنتاج صحافي تونسي لسنة 1990 وجائزة منظمة "هيومن رايتس ووتش" لمراقبة حقوق الإنسان عن عناوين ثلاثة من ضمن 15 عشر كتابا، وهي رصيده من الكتب إلى جانب مقالات عديدة في اشهر الصحف الأوروبية.

بن بريك كان أيضا "العدو الوطني رقم واحد" للرئيس التونسي السابق الذي قال عنه عن سماعه بخبر فراره الى خارج تونس: "لقد أصبت بخيبة أمل عندما علمت بفراره وأصابني الإحباط، لأنني كنت اعتقد أنني أقاتل خصما قويا ليتضح انه من ورق ..".

من بين كتبه، باللغتين العربية والفرنسية،"الآن أصغِ إليّ"، "ضحكة الحوت" (رواية) و"لن أرحل" (رواية) و"بن بريك في القصر"(رواية) و"المنتحل" (قصة شعرية) و"سكان تونس" (رواية) و"موعد في جهنم" (شعر) و"بـ..نَعْلي" (شعر).

بمناسبة صدور كتابه باللغة الفرنسية "تونس الهجمة " الصادر عن دار"أر أم أر" الباريسية للنشر، التقت "المجلة" توفيق بن بريك فكان هذا الحوار:

* ما الذي أراد توفيق بن بريك إيصاله عبر "تونس الهجمة" إلى القارئ؟

ـ أردت أن يعلم الناس أن ثورة شباب تونس ليست السبب الوحيد لفرار بن علي، بل هناك أيضا ثورة داخل نظام الحكم قام بها حرس بورقيبة الذين اسميهم في الكتاب المطرودين من الجنة، واقصد بالجنة الامتيازات التي كان يوزعها بن علي على المخلصين له من الحرس الجديد الذين تآمروا على البورقيبيين داخل النظام وأسسوا لطريقة أخرى في الحكم تستبعد كل ما هو سياسي لتعوضه بالأمني، أردت تسليط الضوء على المحسوبية والجهوية التي كانت المحرك الرئيس للحكم منذ عهد بورقيبة لتنقسم البلاد إلى جهات منسية أو لنقل ملغاة من خارطة البلاد وأخرى تختزل الوطن بكامله و49 في المائة من الثروة الوطنية، كما أردت في هذا الكتاب أن أوصل صورة حقيقية عن الثورة التونسية وليست التي وصلت للعالم عبر شاشات الفضائيات ولأقول أيضا احذروا ضياع الثورة في غياب أخلاقيات الثورة عند الثوار الجدد.

* ماذا تعني بـ"الثوار الجدد"؟

ـ الغرباء عن الثورة الذين لم يشاركوا فيها وتابعوها من بعيد ووجدناهم بعد فرار بن علي ينقضون عليها وينصبون أنفسهم حماة لها سواء كانوا من الملتحين الإسلاميين او مناضلي الصالونات من ذوي البشرة الفاتحة الذين لم يعرفوا أبدا عرق عمال المناجم ولا شمس الحقول التي أحرقت بشرة الفلاحين ويأس أصحاب الشهائد المعطلين والجائعين والمفقّرين من أبناء الجهات النائية.

* هل ترى تواصلا لبورقيبة مع وبعد بن علي؟

ـ بن علي قطع مع مفهوم الدولة التقليدي الذي عرفناه مع بورقيبة وأسس مفهوما جديدا خاصا به لتصبح الدولة البوليس والمخبرين والحزب الحاكم الذي انشأ دولة داخل الدولة، وهو ما سحب البساط من تحت أقدام أيتام بورقيبة الذين اطردوا من الجنة بمجرد صعود بن علي إلى الحكم الذي حول السياسيين إلى مخبرين على بعضهم البعض وأجهزة الدولة الى أدوات للنهب والفساد وهو ما هدد مصالح البورقيبيين وتحول إلى حجر في خاصرتهم فكان لا بد لهم من التخلص منه خاصة بعد ما أعلن وجوب القضاء عليهم في نهاية التسعينات وهو ما حصل فعلا ليسلم من هذا الاجتثاث من نجحوا في التلون والانحناء.

* هل تعني أن البورقيبيين شاركوا في الثورة؟

ـ البورقيبيون أو غيرهم ممن كانوا في النظام أرادوا أيضا رحيل بن علي ولكنهم كانوا يعلمون انه من المستحيل الإطاحة به بقواهم الخاصة، فكان لابد لهم من تأجيج غضب الشعب أو ذلك الحصان الأسود على حد تعبير اوباما ثلاثة أيام بعد حرق بوعزيزي لنفسه، والذي تخشاه كل أنظمة العالم وانتظار رفع الأمريكان ليدهم عن رجلهم في منطقة شمال إفريقيا وعن ابنهم المدلل الذي أصبح عاقا بمجرد انه أراد العمل لحسابه الخاص فاستعانت أمريكا، حسب وثائق ويكيليكس، بأوروبا للإطاحة به فاجتمعت هذه العوامل الثلاثة وكانت نهاية الطاغية الذي استعد لها جيدا والدليل رحيل عائلته قبل الرابع عشر من يناير ورحل بن علي إلا أن النظام لم يرحل.

* كيف ترون واقع تونس بعد الثورة؟

ـ ما زالت بقايا بن علي تدافع عن حقها في الوجود والثورة لم تقطع مع الماضي كباقي ثورات العالم، لأن الأخلاقيات الثورية قد غابت والثورة ماتت بالنسبة لي بعد يومين من رحيل بن علي وها هو بورقيبة يعود برجالاته وأموالهم وخطابه وإيديولوجيته ولكن الشعب لا يزال هنا وصعب جدا أن تعود الأوضاع لما كانت عليه والدليل عدم قدرة الحكومة على الحكم على الرغم من وجود لوبيات خفية تحاول السيطرة على البلاد.

* كيف ترون حظوظ الإسلاميين في الحكم؟

ـ أنا أولا أرى انه من الخطأ منح تأشيرة لحزب يحتكر الدين وينصب نفسه ناطقا باسم الله على الارض، ثانيا ارى ان حركة النهضة بصدد ارتكاب خطأ كبير وهو التقليل من شأن أولئك الذين يحتكرون العنف والذين هم في انتظار اول خطأ قد يرتكبه هذا الحزب الذي يتناسى أن دين التونسيين هو الإسلام، وأن التونسيين على تشبثهم بالحداثة هم محافظون، غير أنهم يرفضون بشدة ويحاربون من يتدخل في كيفية تدينهم، وأرى مستقبل النهضة كمستقبل جبهة الإنقاذ الجزائرية ولذلك أقول للإسلاميين لا تطالبوا بأكثر مما حصلتم عليه وإلا ستلاقون مصير آدم حين طرد من الجنة.

* كيف ترون مستقبل المنطقة العربية؟

ـ أولا لو لم تكن الثورة التونسية لما كانت الثورات العربية، فهي كانت الفاتحة لثورة منطقة بأكملها ليأتي الدور على إسرائيل، ولا مفر من ذلك، انه التاريخ واكثر منه الجغرافيا.

حوار أجراه: شهرزاد عكاشة
font change