أحداث العوامية.. عن أي ولاء نتحدث

أحداث العوامية.. عن أي ولاء نتحدث

[caption id="attachment_55227856" align="aligncenter" width="620" caption="من لقاءات الحوار الوطني الفكري في السعودية"]من لقاءات الحوار الوطني الفكري في السعودية[/caption]


الشيعة في السعودية كما في بقية الدول الخليجية ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية بل هم أصلاء ينحدرون من قبائل عربية أصيلة. في السعودية رحبوا بالملك عبدالعزيز كباقي المدن، ولا شك انهم في المنطقة الشرقية والى بزوغ الثورة الايرانية كانوا جميعا يدينون بالولاء لهذا الوطن الى ان بدأت الثورة الايرانية في محاولة استغلال الانتماء الطائفي لدى بعض الشيعة في الخليج وتحويله الى انتماء سياسي يخدم مصالح ايران في المنطقة عن طريق انتماءات حزبية وخلايا عسكرية عرفت باسم حزب الله في الخليج!

في السعودية نجد ان الطائفة الشيعية الاثناعشرية حصلت على حقوق لم تحصل عليها اقليات مماثلة في المنطقة وهذا لا يعني انها ليس لها مطالب مشروعة كباقي المجتمع السعودي فهي مثل غيرها من مواطني المملكة الذين يعيشون في الاطراف ما زالو بحاجة الى المزيد من التنمية.

هذه المقدمة هي للحديث عما يحدث هذه الايام في بعض المناطق الشيعية في السعودية والتي لبعض أفرادها ارتباط سياسي وعقدي مع ايران. أقول هذا الكلام لأن الكثير قد لا يعلم ان منطقة نجران في السعودية هي منطقة ذات غالبية شيعية لكنها ليست على ارتباط عقدي وسياسي مع ايران كونها تنتمي للطائفة الشيعية الاسماعيلية بينما شيعة المنطقة الشرقية على المذهب الشيعي الاثني عشري المؤمن بفكرة الامامة.

احداث العوامية لا يمكن قراءتها بعيدا عن سياقها السياسي فهي ليست حركة شعبية احتجاجية وحتى وان وجدت بعض المطالب المشروعة فلم تكن الاحتجاجات لتصل الى استخدام السلاح. الأحداث الأخيرة تأتي في سياق صراع في المنطقة وتحديدا على نفوذ ايران. نفوذ بدأ يهتز بخاصة اذا ما خسرت طهران حليفها القوي في المنطقة (بشار الاسد) في الوقت الذي تقف فيه السعودية وتركيا مع حقوق الشعب السوري مما قد يزيد في عزلة ايران والحرج الذي تجد نفسها فيه.

ارادت ايران ان تشعل فتيل ازمة طائفية عبر جناح حزب الله الخليج الذي سعى منذ اشهر عدة الى خلق فتنة طائفية عبر اغتيال شخصيات شيعية في الخليج على خلاف مع حزب الله وايران، كل ذلك لتوريط دول الخليج في جرائم وشحن الشيعة للمطالبة بدمه.
لذا على عقلاء الشيعة وكما كنا نقول عن السنّة ان يدينوا من دون اي تبريرات هذا العنف والتمرد المدعوم خارجيا للاخلال بأمن السعودية.

ومع كل يوم يتضح أن الصراع المتفاقم بين السنّة والشيعة ليس أساسه الطائفية أو الخلافات العقدية فقط على رغم الاختلافات ما بين المذهبين، إلا أنه وكما شاهدنا على مدار التاريخ الإسلامي نجد أن هناك فترات وئام وصدام بين السنّة والشيعة. فترات الصدام هي تلك التي تحاول فيها الأقلية القفز على واقعها والاستعانة بالخارجي لنصرتها لشعورها بالظلم والقهر. لذا على عقلاء الشيعة والسنّة على السواء ان يدينوا من دون اي تبريرات هذا العنف والتمرد المدعوم خارجيا للاخلال بأمن الدول الخليجية.

الواقع اليوم لا يمكن فصله عن الجانب السياسي للدولة الإيرانية ذات الأطماع القومية الفارسية في المنطقة والتي ترفع شعار التشيع في العالم الإسلامي وينطوي تحت ولائها غالبية الشيعة وليس كلهم، على حساب أوطانهم وأعراقهم وانتماءاتهم حيث استطاعت الدولة الإيرانية اللعب على الخلافات المذهبية في المنطقة من خلال ابتداع مفهوم الولاء الطائفي لتهدد بذلك دولا مستقرة يعيش فيها أقلية تبحث عن مزيد من الاستقرار والحقوق وتعزيز الولاء وليس العكس!

[caption id="attachment_55227764" align="alignleft" width="300" caption="الشعب البحريني يعلن ولاءه لوطنه وقيادته "]الشعب البحريني يعلن ولاءه لوطنه وقيادته [/caption]

السعودية، البحرين، الكويت، لبنان، دول عربية تعيش فيها أقليات شيعية تتمتع بكامل حقوقها السياسية والدستورية ولا تحس بأي تفريق طائفي، ومع ذلك تحاول إيران اللعب بالولاء الطائفي، من دون أن تأخذ في الاعتبار المصالح الداخلية لهذه الطائفة مكتفية بمصالحها القومية فقط وهو ما رأيناه بشكل واضح في الخليج والسعودية والبحرين تحديدا!

ففي البحرين على سبيل المثال، الشيعة هناك كانوا في طريقهم لتحقيق مكاسب سياسية ضخمة لولا دخول ايران على الخط ورفع سقف المطالبة برفع شعار الجمهورية الاسلامية والعلم الايراني! فالولاء يجب أن يكون للوطن أولا ً من دون أدنى تداخل أو ريبة.
أما في السعودية فنجد الشيعة ممثلين في مجلس الشورى وفي كل مصالح الدولة العليا وفي جميع القطاعات الخدمية ولهم ما لغيرهم وعليهم مع على غيرهم من المواطنين.
فليس سراً أن الشيعة في الخليج العربي منقسمون إزاء الانتماء الأولي أهو للمذهب أم للدولة؟ وإن كانت الغالبية الصامتة تقدم الولاء الوطني على الطائفي وبعض الرموز الشيعية المعتدلة في المنطقة تلامس هذا الامر بشكل واضح.

التشيع القائم على مبدأ عقدي صرف يظل مما يجب التعامل معه في اطار التنوع الذي تعايش معه السنّة والشيعة على مدى ألف واربعمائة. على الجميع، سنّة وشيعة، تحديد خيارهم الوطني من خلال تقديم الولاء للوطن على الولاء للطائفة. إن تهديد البعض لاستقرار أوطانه، عبر الاندفاع وراء شعارات وحماس الاعلام الايراني المزيف للحقيقة والساعي خلف اطماعه التوسعية الظاهرة في الخليج لن تكون عواقبه الا على حساب نفس الطائفة التي اعتقد أنه يخدم مصالحها.

المغرر بهم من الشيعة اليوم بحاجة الى حسم خيارهم الوطني وانتمائهم الحقيقي للوطن من خلال القفز على الولاء الطائفي وتجاوزه الى غير رجعة وتقديم مصلحة الوطن على مصلحة الانتماء الطائفي وتعزيز قيم المواطنة لدى الاجيال الشابة واي مطالبة بحقوق يجب ان تكون من خلال الوطن وليس اي قوة خارجية اخرى.

فالوطن هو ذلك العش الذي يحتضنك ويرعاك ويتنفس معك قبل ان تعرف الحياة الى ان تموت يربطك بتاريخك وارثك وارضك.

ولم يبالغ ابو فراس الحمداني عندما قال:
بلادي وإن جارت علي عزيزة وقومي وإن ضنوا علي كرام
font change