أسهم الشبكات الاجتماعية.. ارتفاع بلا هوادة

أسهم الشبكات الاجتماعية.. ارتفاع بلا هوادة

[caption id="attachment_55231862" align="aligncenter" width="620" caption="مليارات من الدولارات في عالم افتراضي "]مليارات من الدولارات في عالم افتراضي [/caption]

لقد كانت هناك مؤخرا ضجة كبرى حول الاستثمار في أسهم الشبكات الاجتماعية، في أعقاب الأعداد الهائلة للتسجيل في الاكتتاب العام الأول في القطاع. لقد كان نجاح الاكتتاب العام الأول للموقع الإلكتروني المحترف «لنكد إن» مذهلا، وتتمتع الشركة حاليا برسملة سوق تصل إلى 6.8 مليار دولار، كما تصل رسملة السوق لموقع الصفقات الإلكتروني «غروبون» إلى 12.2 مليار دولار في أعقاب الاكتتاب العام الأول الأخير فيما تقدر شركة «زينغا» مطورة الألعاب الإلكترونية وموقع الشبكات الاجتماعية الصيني «رين رين» بنحو 6.2 مليار دولار و1.53 مليار دولار على التوالي. كما يقدر المحللون قيمة الاكتتاب العام الأول المتوقع لموقع «فيس بوك»، أكبر مواقع الشبكات الاجتماعية على مستوى العالم، بنحو 100 مليار دولار وهو ما يجعل موقع «فيس بوك» واحدا من أكبر شركات العالم حيث تتجاوز كلا من شركتي «ماكدونالدز»، و«ديزني». فيما يعتقدون أن موقع المدونات المصغرة «تويتر» يقدر بنحو 10 مليارات دولار. هل تلك التقديرات الفائقة مبررة بالنسبة لمثل ذلك القطاع الناشئ؟

مخاطر الاستثمار

لدى معظم هذه الشركات نسبة أرباح إلى الأسعار تتجاوز 20 ضعفا، وهو ما يتواءم مع تنامي الأسهم. ولكي نضع مخاطر الاستثمار في الاعتبار، ينظر إلى «غوغل» باعتبارها أسهم تكنولوجيا مجددة ولكنها عقلانية وهي تقدر بنحو 202.4 مليار دولار ويتم تداولها بنسبة أرباح إلى الأسعار تصل إلى نحو 21.3. ثم إليك «لنكد إن»، ففي وقت كتابة ذلك المقال، كانت أسهمها يتم تداولها بنسبة أسعار إلى الأرباح تصل إلى 1.388.50. كما أنها معرضة بالفعل للبيع المكشوف، ويمكن اعتبار أسهم «لنكد إن» أسهما كبرى ولكنها خطرة للغاية وذلك هو ما حذر منه قطب الاستثمار وارن بوفيت. فإما تشهد السوق إمكانات غير محدودة لنمو شركة «لنكد إن» أو أن تلك دلالة على فقاعة أسهم جديدة في الإنترنت.

وتعد الشبكات الاجتماعية، أو «ويب 2.0» جزءا من قطاع التكنولوجيا ووسائل الإعلام. وكما تقول القطاعات، فإن أسهم وسائل الإعلام متقلبة وإنها عرضة للتأثر بالركود الاقتصادي وإن أسهم التكنولوجيا يصعب تقييمها نظرا لأنها تعكس توجهات المستهلك والابتكارات سريعة التغير لمنتجات وخدمات تعد غير أساسية. فأحيانا يؤخر استعداد السوق من توقعات المحللين بالنسبة للشركة. كما يعتمد نجاح الشبكات الاجتماعية على نحو خاص على رؤى وتوجهات الأسواق الشابة وبالتالي فإنه حساس للغاية بشأن ما يعتقد المستخدمون أنه أكثر المناطق تشويقا.

ويقال إن «غوغل» قد فقدت قدرا كبيرا من المال عن طريق استحواذها على موقع «يوتيوب» وقد اعترف القطب الإعلامي ذو الشعبية الواسعة روبرت مردوخ مؤخرا (عبر التغريدات) أن شركته العملاقة «نيوز كورب» قد أخذت درسا قاسيا (يقول بعض المحللين إنه يعادل مليار دولار) من خلال استحواذها الفاشل على «مايسبيس».




كما شهدت الشبكات الاجتماعية «إي تي إف» التابعة لشركة «غلوبال إكس» (صندوق استثمار متداول، سلة من الأسهم التمثيلية) قيمتها وهي تتراجع بانتظام خلال العام الماضي (انظر الصورة). وربما يكون الأمر هو أن المستثمرين قد تغافلوا عن دروس الفقاعة الإلكترونية. ومن جهة أخرى، فربما يشير أداء «إي تي إف» والتي تتضمن عددا من شركات الشبكات الاجتماعية الأقل شهرة، إلى أن القطاع يعج بالمدعين الذين يدعون حجما غير حقيقي ويحاولون الابتعاد عن نجاح الأسماء الكبرى مثل «فيس بوك»، و«لنكد إن» و«تويتر».

وقد أخفقت العديد من الشركات خلال تراجع المواقع الإلكترونية قبل عقد ولكن بعض الشركات المعتمدة على الويب تمكنت من البقاء وأصبحت من أقطاب الإنترنت. ومن الأمثلة على ذلك «أمازون» و«غوغل».

ومما لا شك فيه أن لمواقع الشبكات الاجتماعية جاذبية مالية قوية. حيث يمكنها تحسين الوعي بالمنتج وزيادة المبيعات، وتسهيل العقود والحفاظ عليها عبر الحدود الدولية وقدرتها على مشاركة المعلومات بسرعة فائقة غير مسبوقة في التاريخ البشري. ولكنها تجاهد للاطلاع على أحدث التطورات في ظل الذوق المتغير لمستخدمي الإنترنت أو تحقيق أرباح بعيدا عن الإعلانات والتسويق.

مساحة للنمو

ربما لم يكن مستشارو الشبكات الاجتماعية لمردوخ مطلعين بما يكفي لكي يدركوا مدى تقلب تلك السوق، أو أن يقدروا أن «ماي سبيس» قد استغل المستخدمين من المراهقين لموقع الشبكات الاجتماعية «بيبو». وبالمثل، تحاول «غوغل» أن تلتهم حصة السوق عبر إطارها من الشبكات الاجتماعية «غوغل بلاس» رغم أنها حتى الآن لم تحظ بجاذبية.

هل ارتفعت أسهم الشبكات الاجتماعية حتى قبل أن تظهر للنور؟ أم هل كانت بعض تلك التطورات غير ناضجة؟ لقد أصبحت «ويب 2.0» جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية ويعتقد بعض المحللين أن هناك مساحة للنمو خاصة في الأسواق الناشئة التي ما زالت الحواسيب والهواتف الجوالة تحقق فيها نجاحا هائلا.

في الأسواق المتطورة، تعد الألعاب على الإنترنت، والرسائل الفورية، وغيرها من أشكال «ويب 2.0» شعبية للغاية في أسواق المراهقين الواسعة.

وفي نبرة حذرة، قال مستشار الشبكات الاجتماعية كولين غلكرايست: «ما زالت هناك مساحة للنمو ولكنها ليست كبيرة. فأنا أتوقع إزالة بعض الحواجز خاصة عبر القارات حتى يستطيع الناس التواصل عبر الشبكات الاجتماعية في الأكواخ». معظم مستخدمي «فيس بوك» في أوروبا وأميركا الشمالية، وليست هناك توقعات ثابتة فيما يتعلق بأسهم الشبكات الاجتماعية الصينية، كما يتزايد نمو سوق «تويتر» بسرعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وربما يصبح استخدام شكل من أشكال الشبكات الاجتماعية شائعا وضروريا كامتلاك الهاتف الجوال أو القدرة على الوصول إلى البريد الإلكتروني. مما لا شك فيه أنه نظرا لأن مواقع الشبكات الاجتماعية أصبحت تشتمل على التليفون أو البريد الإلكتروني، فربما يصبح من الصعب تجنبها.



وبالتالي فهناك العديد من المتفائلين بشأن الشبكات الاجتماعية وأحدهم هو الأمير الوليد بن طلال الذي استحوذ أخيرا على حصة قيمتها 300 مليون دولار في «تويتر».

على الرغم من تحفظات المحللين حول التقييمات المبالغ فيها، فإن وجود الشركات الكبرى مثل «تويتر» و«فيس بوك» ربما يشير إلى أن أوج الشبكات الاجتماعية ما زال لم يأت بعد وذلك نظرا لأنه ما زالت هناك إمكانات كامنة في أسواق أفريقيا، وآسيا، والشرق الأوسط. وعلى الرغم من التفاؤل بشأن الإمكانات الخفية للشبكات الاجتماعية، يعتقد غلكرايست أن هناك حاجة إلى الهبوط قليلا بسقف التقييمات كما يبدي قلقا حيال تأثير مطاردة تلك الأموال الطائلة لتلك الأطر الخام. حيث يمثل وضع معايير لأطر الشبكات الاجتماعية قضية معقدة.

ويشعر مقدمو المحتوى على شبكة الإنترنت والخدمات الإلكترونية أنه يجب أن يتقاضوا أجرا في مقابل إبداعاتهم التي تضيف في الوقت ذاته قيمة هائلة للحياة اليومية. وبالمثل، فإن الفائدة العائدة على المعلنين جلية. ومع ذلك، فإن مواقع الشبكات الاجتماعية تتميز عن غيرها من المواقع الإلكترونية نظرا لأن محتواها يصنعه المستخدمون بأنفسهم، فإذا ما بدأت في تقاضي المال من المستخدمين فإنهم سوف ينتقلون إلى موقع آخر. وهو منحى مهم بالنسبة لرأسمال الشبكات الاجتماعية: فهي تتطلب نموذجا ماليا يقر بأن الأشخاص هم المنتج وليس المستهلك.

سوف يظل تقييم الشبكات الاجتماعية فنا غامضا حتى تكتسب الشركات النافعة وذات السمعة الطيبة قوة التحمل. حتى الآن، يجب علينا رصد أسهم «لنكد إن» لكي نحصل على مؤشر حقيقي بشأن ما سوف يحدث لاحقا.

ديزني مازي
font change