ليبيا.. حذار من انتهاك حرمة القبائل!

ليبيا.. حذار من انتهاك حرمة القبائل!

[caption id="attachment_55238861" align="aligncenter" width="620"]ليبيون يتظاهرون ضد التقسيم ليبيون يتظاهرون ضد التقسيم [/caption]

هناك مدن ليبية تصنف على أنها مارقة أو أنها غير موالية، أو ما شابه من نصنيفات من هذا القبيل..
كلمات غير مسؤولة، وظفها مسؤولون في سياقات سيئة، وبخاصة في بلد يرنو إلى لمّ شمله المبعثر، وإعادة لحمته الوطنية. وإشاعة الانسجام والتناغم بين قبائله المتعددة.
لذا فإن على بعض المسؤولين الليبيين أن ينتقوا مفرداتهم، ويراقبوا ألسنتهم، عندما يفتحون أفواههم بالكلام مصرحين لوسائل الإعلام، أو عندما يكتبون في الصحف وألا يقعوا في حبائل الكلم، التي قد تجلب شرا مستطيرا، وعنفا مستديما.
إنه من الأهمية بمكان اجتناب تصنيف المدن.. على أساس الولاء أو العداء.
بل ينبغي لهم أن يشجعوا القبائل صغراها وكبراها، ويعالجوا الأمور بتؤدة وصبر وحكمة، لا أن يؤلبوا القبائل، ويطلقوا ـ سرا أو علنا ـ تصريحات لفظية مباشرة وكأنهم مواطنون عاديون لا يفقهون.
ما لم يقله هؤلاء المسؤولون هو أن هناك مدنا تصنف على أنها موالية، وهي تمثل دولا داخل الدولة فعلا لا قولا.

هناك طائرات تحط وتقلع في رابعة النهار، وفي الظلمة أيضا في هذه المناطق. وتعقد فيها الصفقات خارج نطاق الدولة، هذه المدن ينبغي للحكومة أن تعالج أمرها سريعا وتبسط سيطرتها عليها.
هذا النوع يمثل خطرا داهما على البلد من تلك المدن المنضىوية على نفسها، والتي لا تشكل خطرا في واقع الأمر على الأمن الوطني، ولا تحمل سلاحا لمحاربة الحكومة في طرابلس.. والزمن كفيل بحل قضاياها قصر أم طال. وهي تريد أن يترك لها الحد الأدنى من الحكم المحلي ولا يمثل هذا أدنى خطر على الدولة.
وطالما بقي هذا الأمر داخليا، فلا خوف على الأمن الوطني.
أما إذا ركب بعض المسؤولين رؤوسهم، واستبدلوا الصخب بالحكمة، فإن من شأن هذا أن يفتح جبهات عدة على الحكومة، ويؤدي إلى عدم استتباب الأمن.

ينبغي على الحكومة ألا تشتت جهودها وقدراتها المحدودة في إثارة قضية المدن التي تسميها مارقة وما هي بمارقة. إنما المدن المارقة فعلا من لها علاقة مباشرة بالخارج من دون علم الدولة. هذا ما يقلق فعلا أن تتغاضى الحكومة عن أمر حيوي كهذا، في وقت تناصب فيه الحكومة مدنا أخرى العداء، وتصنفها حسب مزاج وزير أو وكيل.

أرى أنه من الضروري أولا للحكومة أن تبذل قصارى جهدها، وألا تنام الليل حتى تجد حلا سريعا لتنظيف المدينتين الكبريين طرابلس وبنغازي من العصابات المسلحة وتهيئتهما وتأمينهما. والعمل بكل جد على تسريع بناء الجيش وتثقيفه بأدبيات جديدة تراعي القيم الاجتماعية والمتطلبات الحضارية، ليكون مدرسة في الأخلاق والانضباط. وبعد أن يتحقق هذا تقسم البلاد إلى مناطق عسكرية. وهكذا يضمن انتشار الجيش بشكل سلس على سائر البلاد.
بعد أن يتحقق ذلك، تكون الطريق قد تعبدت لمعالجة أمور المدن والمناطق الأخرى، رويدا رويدا، من دون إثارة النعرات القبلية، أو إحياء الحمية الجاهلية.

[caption id="attachment_55238871" align="alignleft" width="300"]القبلية تنذر بحريق يدخل ليبيا في حرب أهلية القبلية تنذر بحريق يدخل ليبيا في حرب أهلية[/caption]

في هذا المضمار، أليست هناك وزارة في الحكومة المؤقتة اسمها (وزارة الحكم المحلي) وهي وزارة قديمة أعيد إحياؤها؟ هذه الوزارة يمكن أن تلعب دورا مهما في تهدئة القبائل، بإعطائها نوعا من هذا الحكم المحلي.

كما أنه بإمكان الحكومة أن توظف سيكولوجيين وخبراء وحكماء لمعالجة القضايا القبلية.
إنه من الأجدى للمسؤولين ألا تصنفوا القبائل سلبيا.
وألا يفكروا وفقا لرؤى المجتمعات التي كانوا فيها، وألا يحاولوا فرض هذه الرؤى وتجريبها على المجتمع الليبي، وخاصة ما يتعلق منها بالهاجس الأمني، وفرض سيادة الدولة وهيمنتها على القبائل.
عليهم أن يجدوا طرقا أخرى عن طريق الحوار المستمر والمكثف مع ما يتماشى ووضع كل قبيلة. إن وضع قبيلة ما على المحك، من شأنه أن يجلب رد فعل عقباه ليست حميدة.

هناك أمر آخر، وهو ربما يكون أخطر على البلد من قلاقل القبائل. ألا وهو تأمين حدود البلاد الذي يجب أن يكون على رأس كل الأولويات. وإلا فإن الأمن الداخلي لا يمكن ضمانه أو حتى التفكير فيه.
وكما هو معلوم، فإن في الجنوب الليبي خاصة أغرابا يتدفقون، ولا بد من معالجة أمرهم وإعادتهم إلى البلدان التي أتوا منها، قبل أن يطول الأمد، ويفرض الأمر الواقع. هذه مسألة ينبغي أن تأخذ قصب السبق في برنامج الحكومة، وألا تضيع الوقت في أشياء أخرى، هي في الواقع ثانوية.

ليبيا "على قرن ثور"، وهو تحريف بسيط لقول الجدات. فتداركوا هذا الثور قبل أن تقع ليبيا من على قرنه وتتهشم.
font change