مصطفى الحمارنة: إذا وظف الإخوان "التشريع" في الحكم.. وجبت الإطاحة بهم

مصطفى الحمارنة: إذا وظف الإخوان "التشريع" في الحكم.. وجبت الإطاحة بهم

[caption id="attachment_55243700" align="aligncenter" width="621"]مصطفى الحمارنة مصطفى الحمارنة[/caption]







الحمارنة يساري مخضرم، وأحد مؤسسي كتلة التجمع الديمقراطي، إحدى الكتل التي أفرزها مجلس النواب السابع عشر – الوليد الشعبي الجديد - يراهن على وعي النواب الجدد لطبيعة المرحلة التي خرج من رحمها المجلس الجديد، وهي "الربيع العربي" التي تستوجب "التشريع باتجاه التنمية السياسية والاقتصادية، وأن يكون رقيبا قويا على أداء السلطة التنفيذية".
لا يخفي الحمارنة، في حوار مع "المجلة"، انحيازه لصيغة قانون الانتخاب عام 1989- باعتبار القانون أحد المفاصل المهمة في الاختلاف بين المعارضة التقليدية والحكومة، معتقدا أن من يقف ضد الطرح المؤمن بالأخذ بعين الاعتبار التساوي في عدد المقاعد المخصصة لكل دائرة حسب عدد المقيمين في تلك الدائرة، هو مع فكرة المحاصصة وضد المساواة.
في ما يلي نص الحوار:

* هل تعتقد أن فكرة المشاورات النيابية مع القصر الملكي لاختيار رئيس وزراء حققت الغرض منها، وهي إشراك النواب باختيار رئيس الحكومة؟
ـ بداية من طرف البرلمان قدمت الكتل النيابية أقصى ما عندها بخصوص المشاورات، ورشحت شخصيتين إلى الملك عبد الله الثاني، الذي بدوره كلف رئيس الحكومة الحالي عبد الله النسور تشكيل الحكومة الجديدة، كون عدد النواب الذين رشحوه، كان أكثر من عدد النواب الذين رشحوا منافسه نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الدكتور عوض خليفات.

* رئيس الوزراء المكلف التقى الكتل النيابية، من أجل اختيار الوزراء، ما تقييمك لهذه اللقاءات؟
ـ مشاورات رئيس الوزراء المكلف مع البرلمان، هي خطوة بالاتجاه الصحيح، والأمل ألا تكون خطوة، القصد منها احتواء أي غضب أو معارضة برلمانية، بل ان تكون فعلا محاولة جادة من قبل الطرفين - السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية - للخروج بمقترحات عملية وعميقة، وتتحول إلى سياسات تنفذ للخروج من الأزمة المركبة، التي تمر بها البلاد وتشكل أرضية للانطلاق نحو التنمية السياسية والتنمية الاقتصادية.

* فكرة المشاورات بين القصر الملكي والبرلمان، هل تنهي المطالبات من المعارضة الإسلامية بتعديل المادة الدستورية المتعلقة بحصر تعيين رئيس الوزراء بيد الملك فقط؟
ـ نحن في الأردن نمر بمرحلة انتقالية، ويمكن أن تتقدم هذه الصيغة، إذا كانت مخرجات البرلمان أكثر نضجا للتعامل مع الواقع، يعني ما هو موجود في البرلمان الحالي، هي كتل تشكلت بعد الانتخاب، ومازال هناك نواب يتنقلون من كتلة إلى أخرى، كما أنه لا يوجد للكتل النيابية قيادات سياسية، ولا يوجد لها مرجعيات فكرية واضحة. وفي اعتقادي التجربة لا تكتسب النضج إلا بوجود أحزاب سياسية تخوض الانتخابات على برامج واضحة، لها علاقة بالإصلاح السياسي ومجمل القوانين الاقتصادية، كالضرائب وتخفيض العجز وهذا بحاجة إلى أن يقدم البرلمان الحالي على تعديل قانون الانتخاب.

* هناك خلاف بين المعارضة والحكومة حول صيغة قانون الانتخاب؟
ـ ليس المطلوب أن يكون هناك توافق وطني على قانون الانتخاب، بل المطلوب إقرار قانون انتخاب يشكل رافعة للتنمية السياسية لبلادنا، وأهم ما في القانون هو تعديل الدوائر المحلية والعودة إلى دوائر ما يعرف بقانون 1989، وهو القانون الذي أجريت على أساسه انتخابات عام 1989.

* هل تؤيد فكرة اعتماد التمثيل السكاني كأساس في توزيع المقاعد في مجلس النواب؟
ـ في بلد صغير الحجم ومع وجود خدمات البنية التحتية المتقدمة، يجب أن يقل أهمية البعد الجغرافي في قانون الانتخاب، وأنا مع العودة أن يكون عدد مجلس النواب 80 نائبا، وليس 150 كما هو عليه اليوم. والعودة إلى قانون عام 89 في توزيع الدوائر الانتخابية.
ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار، التساوي في عدد المقاعد المخصصة لكل دائرة حسب عدد المقيمين في تلك الدائرة، ومن يقف ضد هذا الطرح في الأصل هم مع فكرة المحاصصة وليسوا مع المساواة.


[caption id="attachment_55243701" align="alignleft" width="200"]صورة للحمارنة خلال حملته الانتخابية صورة للحمارنة خلال حملته الانتخابية[/caption]



فقدان الثقة





* هل تتوقع أن يكون مجلس النواب الحالي قادرا على إعادة ثقة المواطنين بمجلس النواب؟
ـ من المبكر الحكم على أدائنا، فالعبء الأخلاقي والسياسي على المجلس الحالي، ربما كان بمستوى برلمان عام 1989، أول برلمان بعد الأحكام العرفية - والبرلمان آنذاك خرج من رحم الأحكام العرفية، ومجلس النواب الحالي خرج من رحم الربيع العربي، لذلك يجب أن نعي أن توقعات المواطنين بأن يكون أداء المجلس الحالي عاليا وراقيا، بمعنى أن نشرع في اتجاه التنمية السياسية والاقتصادية، وأن يكون رقيبا قويا على أداء السلطة التنفيذية، مجلس النواب الحالي يجب أن يكون أكثر ديمقراطية من برلمان عام 89، إذا ما أردنا أن نعيد ثقة المواطنين للمجلس واستعادة مصداقيته.

* هل تعتقد كخبير سياسي أن استراتيجية جماعة الإخوان المسلمين في الأردن تغيرت من المشاركة إلى الاستحواذ على السلطة؟
ـ إذا استطعنا إعادة مصداقية مجلس النواب من خلال الأداء والانجاز، فباعتقادي يكون الإخوان المسلمون ومن قاطعوا الانتخابات، قد ارتكبوا خطأ سياسيا، وعليهم أن يعيدوا حساباتهم، أما إذا فشلنا في مجلس النواب الحالي، فسيكون الإخوان المسلمون ومن قاطعوا، قد عبروا عن حنكة سياسية سيقطفون ثمارها في الانتخابات المقبلة، إذا ما قرروا المشاركة.
اعتقد أن صعود الإسلاميين الحاسم في كل من تونس ومصر وإلى حد ما ليبيا، فتح شهية الإخوان المسلمين كما هو متوقع وطبيعي لمزيد من المطالبات السياسية، وبالمناسبة هذه ليست حالة فريدة في التاريخ السياسي، وعودة إلى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كيف اكتسحت حركات التحرر الوطني في معظم دول العالم الثلاث وكيف استفادة من بعضها البعض.

* هل هناك إرادة سياسية لتحقيق إصلاح سياسي حقيقي؟
ـ منذ عام 1993 وهناك وجهتا نظر في الأردن، على الأقل، على صعيد القرار السياسي بمعنى مؤسسة الحكم وكافة أذرعها، فالهاجس كان هو الاستقرار السياسي وكيفية تحقيقه، وهذه وجهة النظر هي التي سيطرت وفرضت التراجع عن الديمقراطية بالتشريع، وليس بالاحكام العرفية، وكانت تؤمن بأن تطور الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، يؤثر سلبا على الاستقرار السياسي في البلاد، وكما شاهدنا بدأت تنمو الهويات الفرعية بمعنى العشائرية والمناطقية والجهوية، وانتهينا بمجالس نيابية فعليا هي الأقرب إلى التمثيل العشائري والمناطقية، وغابت الرؤى السياسية المنبثقة من مدارس فكرية محددة تمثل في النهاية مصالح الناخبين وتعدديتها. الآن ومع نتائج تفكيك المجتمع والدولة، واضمحلال هيبتها، قد أفاقت بعض أذرع أجهزة الحكم من سباتها، والسؤال الآن هل سيقبلون بأطروحاتنا ويسيرون معنا باتجاه تعزيز القوى السياسية، وليس المقصود بالتقليدية بل السماح للمجموعات السياسية والاجتماعية الجديدة في التأطر والدفاع عن مصالحها، والتي في النهاية ستجعل من هذا البلد، وطنا أفضل لجميع مواطنيه، واعتقد سيستمرون بالسير، إذا كان هذا البرلمان برلمانا حيويا برامجيا، ذا محتوى فكري وعقلاني.

* كيف تقيم تجربة حكم الإخوان المسلمين في الدول العربية، التي وصلوا فيها الى الحكم؟
ـ هذا مخاض يجب أن نمر به، ولا نستطيع القول إننا مع الديمقراطية، ولكن إذا انتخب غيرنا نتراجع عنها، على القوى السياسية العلمانية أن تناضل وتقدم برامج ورؤى سياسية قابلة للتنفيذ للخروح من المأزق السياسي في كل من مصر وتونس، والعمل على الوصول إلى السلطة كما وصل الإسلاميون هناك، أما إذا أخذت الحركات الإسلامية منحى آخر من خلال التشريع، بمنع وصول غيرهم إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع، فعندها يصبح مشروعا الكلام عن الإطاحة بهم بطرق غير سلمية، كما حصل مع الأحزاب الشمولية في أوروبا الشرقية.
font change