
يقيم أبو الحسن بني صدر اليوم بفيللا في مدينة فرساي الفرنسية الصغيرة الشهيرة بقصرها الملكي المبهر، على مسافة 30 كلم من العاصمة باريس. فرساي، تعد عمليا من «ضواحي باريس البعيدة»، وهي عاصمة محافظة الإيفلين ومركز أسقفي وتعليمي وقضائي وعسكري مهم. أما الفيللا التي يقيم فيها بني صدر، فمحاطة بأسوار عالية من كل النواحي وتلاصق المقبرة اليهودية في المدينة، وهي تحظى بإجراءات أمنية مشددة على مدار الساعة، إذ يخضع الداخل إليها لعمليات تفتيش متعددة، من التدقيق في الهوية إلى التحقق من الأجهزة الإلكترونية. وحتى بعد الدخول، على الزائر المكوث في صالة انتظار مع مرافقين. وفيما يلي نص الحوار:
* ما رأيك بقرار مجلس صيانة الدستور استبعاد هاشمي رفسنجاني واسفنديار مشائي من السباق الرئاسي؟ هل نحن بصدد تكرار أزمة انتخابات 2009؟
- الانتخابات الحالية لها خصوصيّات لم تكن في الانتخابات السابقة. فعلى سبيل المثال، في هذه الانتخابات.. ولاية الفقيه هي على المحكّ.. إن ولاية الفقيه على المحكّ. وكذلك خلافة السيّد علي خامنئي. لقد قالت ابنة السيّد هاشمي رفسنجاني مؤخّرا إن والدها استُبعد نظرا لأنه كبير في السنّ. وأضافت أن هناك من على كواهلهم أعباء أثقل وهم أكثر كبرا في السنّ ومرضى أيضا.. وخامنئي وحده في هذه الحالة، أي مريض، وبالتالي، فإن خلافته تشكّل إحدى مشاكل هذا النظام. ولو (أصبح) السيّد رفسنجاني رئيسا، لطرح ذلك العديد من المشاكل. هذه واحدة من الخصوصيات. الخصوصية الثانية تتعلّق بالأزمة النووية. فالعقوبات والتهديدات بالحرب لم تكن مطروحة سابقا. والسيّد خامنئي انتهج سياسة لو أوتي للشعب أن يختار رئيسا، لرفضها، وهذا شجبٌ لا يمكن للسيد خامنئي أن يقبل به في الوضع الراهن. الخصوصية الثالثة هي أن الشعب، منذ أربع سنوات، لعب دورا في ميزان القوى داخل النظام الإيراني. وقد دفع خامنئي ثمن ذلك غاليا جدا. وهذه المرّة رفض أن يلعب الشعب الدور نفسه. ولذلك، فإن جميع الذين كان يمكن أن يمثّلوا سياسة أخرى استبعدوا. الخصوصية الرابعة هي أن النظام مشلول من الداخل. والبرهان على ذلك أنه بعد أربع سنوات من تولّي السيّد أحمدي نجاد سدّة الرئاسة، لم يستطع أن يُصدر سوى قانون واحد. وهو قانون توزيع (مساعدات) مالية على الأسر. ولم يُكتب لذلك النجاح. الأزمة الاقتصادية خطيرة. ولهذا السبب تلاحظون أن جميع المرشّحين لا يتحدّثون إلاّ عن الاقتصاد. هذا الانقسام داخل النظام، مع رفض ترشيح كل من رفسنجاني ومشائي، يدلّ على أن خامنئي خائف جدا من هذا الانقسام الداخلي بالتحديد. هذا مع العلم أن الحرس الثوري في هذه المرة يسيطر على الدولة وعلى الاقتصاد. السيد رفسنجاني لا يريد أن يُهيمن الحرس الثوري على كامل الدولة وهم يريدون ذلك. فهو لا يريد تقاسم هذه السلطة.
[caption id="attachment_55245542" align="alignleft" width="271"]

* هل تعتقد أن هذا التحوّل نوعي؟ بمعنى أنه بعد رحيل خامنئي سيصعب على الحرس الثوري أن يجد بديلا له؟ سيأخذ زمام السلطة بيده؟
- بالتأكيد، إنهم بحاجة إلى غطاء شرعي. ولهذا السبب هم بحاجة إلى السيد خامنئي. وإذا توفّي خامنئي، سيجدون ملاّ آخر. أي شخص آخر يتيح لهم الاستمرار في حكم إيران دون أن يُعتبَروا غير شرعيّين. لذا، ومن وجهة نظري، فليس خامنئي هو الذي يحكم حاليا، بل الحرس الثوري هو الذي يمسك بزمام الحكم. إنه بمثابة حزب سياسي مسلّح يُمسك في الوقت نفسه بالدولة والاقتصاد. هذا الحزب، في الداخل.. لنقل إنه منقسم على نفسه. ويمكن أن نميّز فيه ثلاثة اتجاهات. واحد مؤيّد لخامنئي، وفي يده كلّ شيء. يسيطر على كلّ شيء. وواحد معارض، وهم من مؤيّدي أحمدي نجاد أو هاشمي رفسنجاني أو الإصلاحيين. وهناك اتجاه ثالث، أولئك الذين يعتبرون أن الوضع خطير وأنه لا يمكن أن يستمرّ على حاله. وذهب كبار مسؤوليه لزيارة خامنئي وتنبيهه.. لكنه أجابهم: «أنا القائد الأعلى وأعرف ماذا أفعل».
الانتخابات الإيرانية
* هناك ثمانية مرشحين بارزين من بينهم حسن روحاني وعلي أكبر ولايتي، ولكن يبدو أن السيد سعيد جليلي ربما يكون الأكثر حظا. فهل يعد جليلي مرشّح المرشد؟
- في البداية، كان قاليباف. قال ذات مرّة، وكان في إيطاليا يومها: «لقد حصلت على موافقة المرشد. والحرس الثوري أنفق الكثير ليكون مرشّحا مقبولا. وشق الطرقات وشيّد القنوات وغير ذلك في طهران. غير أني أعلم أن جزءا من الحرس الثوري غير موافق عليه. وهؤلاء قدّموا جليلي ليكون مرشّحهم. ويبدو أن مجتبي، ابن خامنئي يؤيّده، على الأقلّ في اللحظة الراهنة. لأن الأمور تتغيّر في إيران كلّ 24 ساعة! مجتبي خامنئي يؤيّد حاليا محمد باقر قاليباف. لكن الأمور ستتغيّر. وسنرى قبل 24 ساعة من الانتخابات ونعرف من سيصبح رئيسا.. هناك أمور مقرّرة، لكنها قد تتغيّر. فانظر، إنهم ثمانية مرشحين الآن. وهم أقنعة لمرشّح واحد. فكلّ شيء متوقف على خامنئي.
* الآن أريد أن أعود بك للذاكرة قليلا. توقعت في 1981 بأنه بسبب الأحوال الاقتصادية والحرب مع العراق وأسلوب «النظام في قمع شعبه» أن الشعب سيثور. لكن هذا لم يحدث.
- في تاريخنا.. وفي الانقلاب الذي وجّه ضدّي، وفي الحقيقة ضدّ الثورة وضدّ التجربة الديمقراطية شيء دموي.. ولم نعرف في تاريخنا ثورة دموية مثل هذه، حيث أريق دم كثير. من 1981 وحتى اليوم. لا تتوقف آلة الإعدام عن العمل. المجازر في مدن مختلفة مستمرّة. الإرهاب في بلدان مختلفة في سائر أنحاء العالم. كلّ ذلك يعني أن هذا الشعب قد قاوم، وبشكل لم يكن يتوقعه أحد. والسيد خامنئي، لفرط خوفه من هذا الشعب، يرفض أشخاصا مثل مشائي وهاشمي رفسنجاني. لا ننسى أن هذا الأخير رمز للجرائم والفساد والخيانة والحرب.. ومع ذلك، لمجرّد أن الشعب حاليا يعتبره شخصية مستقلّة.. إنه مستقلّ بهذا القدر أو ذاك بالنسبة لخامنئي. ولأن خامنئي خائف من الشعب، فقد رفض ترشيحهما. كنتُ على حق عندما قلت إن هذا الشعب سينتفض. ولا زال تمرّده قائما حتى اليوم
* حدثت انتفاضات في العالم العربي خلال العامين الماضيين. وهناك مراقبون يربطون بين ما يحدث في العواصم العربية بما جرى في إيران خلال مظاهرات عام 2009. ولكن تمّ التعامل مع المعارضة بشكل قاس. هل تعتقد أن الشعب الإيراني يمكن أن يثور مجددا بسبب نتائج الانتخابات القادمة؟
- في إيران، الانتخابات حصلت.. يعرف الشعب منذ الآن من سيصبح رئيسا. يعرف أن الذي سيصبح رئيسا لن يكون سوى أداة بيد السيد خامنئي. وما يمنع الشعب من الدخول في عمل من أجل المرحلة النهائية هو أنه خائف. خائف من الوضع في سوريا. خائف من أن تصبح إيران أفغانستان ثانية. أو سوريا ثانية أو عراقا ثانيا. وبرأيي فإن التغيير سيكون طويلا لكنّه مؤكّد.
سوريا وحزب الله
* بشأن سوريا. تخوض إيران اليوم علنا، عبر حزب الله وفصائل شيعية عراقية وإيرانية، حربا في سوريا. هل تعتقد أن ذلك سينعكس سلبا على المصالح الإيرانية في المستقبل؟
- يجب أن أقول بدايةً إن الشعب السوري شعب بائس، فقد أصبحت سوريا مسرحا لحرب دولية. ليس هناك إيران وحزب الله فقط. الولايات المتحدة أيضا موجودة هناك. أوروبا ودول الخليج.. الجميع هناك. وهذا بالنسبة لي أمر مؤسف جدا. أعتقد أنه كان على العالم العربي أن يحل المشكلة ولا يترك الجميع يتدخّلون بالسلاح. يأتي الجميع مسلّحين، ممّا يعطي صورة لا تُطاق. فيما يتعلّق بإيران، أنا مع مبدأ الاستقلال.
وهذا يعني أنه لا يحق لأي بلد أن يتدخّل في شؤون بلد آخر. وبالتالي، لستُ موافقا على ما تقوم به إيران في سوريا. كما أنني لا أوافق على ما يقوم به الآخرون في سوريا. وبالتأكيد، سيؤثر ذلك على إيران. ما يقوم به النظام الإيراني، من وجهة نظر العالم العربي، وكما تراه بلدان أخرى في العالم، يُعتبر وكأنه نابع من الإيرانيين وكأن الإيرانيين يقومون به. والحال أن الإيرانيين غير موافقين على ذلك. وعندما يتظاهرون، فإنهم يقولون: «بدلا من الاهتمام بسوريا، اهتمّوا بنا».
* لقد أنفقت أموال كثيرة من قبل الحرس الثوري في سنوات متعاقبة على العمليات الخارجية. هناك من يرى أن الحرب السورية هي حرب استنزاف اقتصادية لإيران.
- دعمت إيران حزب الله بالسلاح والمال. ويعلم ذلك الجميع. يقولون إن حزب الله هو الوحيد الذي تصدّى لإسرائيل ويعني ذلك (بالنسبة للنظام) أن إيران على حق في دعمها له. ولا يسعني إلاّ أن أحترم، لا بل أن أحيّي مقاومة حزب الله في وجه الإسرائيليين. ولكن بأي ثمن؟ الشعوب بحاجة للاستقلال والحرية والتقدّم. وأنا لا أوافق على أن يحلّ تنظيم مسلّح محل شعب. وما ألاحظه هو أن الشعب اللبناني ليس مستقلا فعلا ولا حرّا. والنتيجة أن تنظيم شؤون حزب الله وصرف الأموال له، لا يوازي التضحية بحرّية شعب واستقلاله وتقدّمه. ولهذا السبب أنا ضدّ الكفاح المسلّح في سوريا وفي أفغانستان وفي العراق.. أنا مع أن تضطلع الشعوب بمصيرها. واقتصاد الحرب يُضعف مجمل بلداننا. وخير دليل على ذلك حالة الاقتصاد الإيراني.
مجلة "المجلة"
[caption id="attachment_55245543" align="alignright" width="300"]

[/caption]
* في حوار أجريتموه مع مجلة «المجلة» أغسطس (آب) 1981، كتب الزميل أمير طاهري عن الحراسة المشددة التي فرضتها عليك السلطات الفرنسية خوفا عليك. اليوم، ما زالت الحراسة موجودة كما شاهدنا. هل ما زال النظام يخشى رجالا مثلك في الخارج؟
- في ذلك الوقت، خرجت من إيران وصرّحت أني جئت إلى فرنسا لأكشف عن العلاقات العضوية بين الخمينية و«الريغانية» وأضفت: هناك تسوية سرّية بين ريغان وبوش حول الرهائن. وحول فضيحة «إيرانغيت». في تلك الفترة كانت التهديدات يومية. وقد ألقي القبض في فرنسا على شخص (قالت عنه الصحف إنه إيراني) يحمل حقيبة متفجرات ويستهدف قتل بني صدر. لكن النظام خائف اليوم. خائف من البديل. يعرف أنه لا يستطيع أن يحكم وهو في طريق مسدود. ويظهر هذا الخوف في الدعاية التي يُطلقها كلّ يوم. وآخر واحدة كانت عبارة عن فيلم وثائقي مزعوم تمّ بثه على التلفزيون وهو يشبّه أحمدي نجاد ببني صدر. باعتبار أن بني صدر عارض الإمام الخميني وأحمدي نجاد يعارض خامنئي. جزء من الدعاية الرسمية في أجهزة إعلام الدولة (راديو، تلفزيون، صحف، صلاة الجمعة..) تتعلّق ببني صدر. وهذا له معنى.
* خلال الثلاثين عاما التي مضت، هل حاول النظام التصالح معك، أو فتح باب الحوار.. أم أنك كنت ترفض؟
- في فترة السيّد الخميني، نعم. قبل ثلاثة أشهر من نهاية الحرب، أرسل الخميني شخصا إليّ وهو السيّد مصباحي، الذي قدّم شهادة أمام المحكمة في ميكونوس. جاء وطلب مني العودة إلى إيران. وأضاف إن الخميني يقول لك تعال وسنفعل كلّ ما تشاء. فأجبته: لا أريد سوى الحرية. وهذا لا يستلزم عودتي. على الشعب أن يحظى بحريته. أعيدوا الحرية للشعب، فسأعود. هذا ما قلته له وأضفت: اذهب وأبلغ السيّد الخميني: «من مصلحتك ومصلحة الإسلام ومصلحة الشعب الإيراني أن تظهر على التلفزيون وتعتذر من الشعب الإيراني وتعتذر عن كلّ ما قمت به. هذا ما يمكن أن يُعتبر انفجارا معنويا». إذا كان مستعدا لذلك، يمكنني أن أعود. أعرف أنكم خسرتم الحرب. لهذا السبب أرسلكم إليّ. لقد خسر الحرب. وبالتالي، فسيكون لعودتي معنى. يمكننا أن نعيد بناء هذا البلد في الاستقلال والحرية. فأجابني مصباحي: هل يمكن أن تعدّ قائمة أرفعها إليه؟ أجبته بالنفي. لن أكتب شيئا. «قلت لك ما عندي أن أقوله». عاد. وبعد شهر، جاء من جديد. لا بدّ أن أقول لكم إني كنت أعرف وضع الذين يحكمون إيران وأعرف أن السيد مصباحي هذا كان ممنوعا عليه الدخول إلى فرنسا. فاتصلت بمحام صديق وطلبت منه أن يتصل بالحكومة الفرنسية، كي تعرف أن السيد الخميني يرسل شخصا إليّ. وأن هذا الشخص هو مصباحي. وهو بحاجة لترخيص. وقد استقبله مسؤولون فرنسيون في المطار وجاءوا به إليّ. وبعد ذلك أعطيت مقابلة صرّحت فيها أن السيد الخميني أرسل شخصا ليقابلني. وبذلك لا مجال للتكذيب. عاد بعد شهر، ونقل إلي عن الخميني: «قولوا لابني - أصبحت ابنه من جديد - إن الوضع سيئ. تعال إلى إيران. وأؤكّد لك مجدّدا أني سأفعل كلّ ما تطلب».
* لكنه كان دائما يسميكم تسميات سيئة (منافقون).. ويهاجمكم أنتم شخصيا. فكيف يُرسل لك رسالة ودّ وفي ذات الوقت يهاجمك؟
- لم ينعتني يوما بالمنافق. كان يقولها عن مسعود رجوي وجماعته. عندما أرسل إلي السيد الخميني ذلك الشخص، اعتبرتُ أنه يريد أن يخدعني. كان يريد أن أعود إلى إيران، لأنه كان يعرف أنه خسر الحرب ولا يريد أن يقوم شخص مثلي بتأنيبه على ذلك، على خسارته لحرب كنّا قد ربحناها قبل 8 سنوات. والدليل أنه عندما رجع السيد مصباحي ليرفع إليه جوابي، بدل أن يفتح الأفق السياسي في البلد، عمل العكس.. أعطى الأوامر باغتيال معتقلين في السجون وأعدم منهم 4000. وهذا يعني عدم وجود أي انفتاح. كلّ ما كان يريده هو بني صدر في إيران، تحت سيطرته. واغتياله عند الاقتضاء.. هذه قصّة طبيعية تتكرّر في التاريخ وفي العديد من البلدان. يحاول رجال الحكم في الديكتاتوريات اجتذاب أعدائهم ليتخلّصوا منهم. هذا ما فعله صدّام عندما استدعى صهريه من الأردن.
العلاقة بصدام حسين
* هناك أشخاص اتهموك بأنك كنت على صلة بصدّام حسين؟
- هذا غير صحيح. ولكن بعد أوّل حرب أميركية على العراق، جاءت شخصية فرنسية تقابلني وقالت لي إن السيّد صدام حسين يدعوك إلى العراق. سيستقبلك كرئيس دولة مع كلّ الحفاوة والمراسم. أجبته أن السيّد الخميني لم يستطع أن يستخدمني لأهدافه. فكيف تريدني أن أصبح أداة بيد صدام حسين؟ بدل ذلك، أقترح عليكم شيئا أنتم الوحيدون القادرون على تحقيقه: إقامة الديمقراطية، ولا أقول فورا، ولكن مع الوقت. وإلاّ، لن تتمكنوا من حكم العراق. خسرتم حربين. حمّلتم الشعب العراقي الكثير من الأضرار. والعالم كلّه ضدّكم. كيف تريدون أن تحكموا؟ مع الأسف، لم يسمع ما قلته. ورأينا ماذا كان مصيره..
* هل نستطيع المقارنة بين حزب البعث سواء في نسخته السورية أو العراقية مع عقيدة الحرس الثوري الآن؟
- كعقيدة، لا. كتنظيم، نعم. قلّد النظام الإيراني تنظيمات قمعية سورية وعراقية وتخطّاها. والآن إيران هي التي تعلّم القمع لنظام الأسد.
* هناك معارضون في الخارج منذ قبل رحيل الشاه وحتى الآن. لماذا لم تتشكل معارضة موحّدة طوال الثلاثين سنة الماضية؟
- أولا، ماذا تعني المعارضة؟ عندما تكون معارضا تحدّد نفسك كمعارض للآخر. والآخر هو النظام. المعارضة في الغرب لها معنى. لأن النظام مقبول من الجميع. مثلا، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يحكم الآن فرنسا، واليمين يعارضه وهي المعارضة. في إيران، هل نقبل بهذا النظام؟ كلا. بالتالي، نحن نحدّد أنفسنا كأنصار للديمقراطية. ونعدّ النظام عائقا يجب التخلّص منه. وعلى صعيد الديمقراطية.. الديمقراطيون لا يعارض بعضهم البعض. أما المعارضون الذين يعتمدون على البلدان الغربية، مثل الملكيين أو السيد مسعود رجوي ومجموعته، فكيف يمكن أن نتحّد مع الذين يجهلون ما هي الديمقراطية؟ والذين هم مرتبطون بجهات خارجية..
ربيع طهران
[caption id="attachment_55245544" align="alignleft" width="150"]

* قالت مريم رجوي مؤخرا إن «الربيع العربي» سيطال طهران، وقالت إن المعارضة -ممثلة بمجاهدين خلق - مستعدة لأن تكون بديلا للنظام. فهل تعتقد أن هناك من يحاول وضعهم كبديل للنظام؟ وهل تطرح نفسك أنت كبديل؟
- بالتأكيد. أعتبر نفسي بديلا وكذلك جميع الاتجاهات الديمقراطية.
ولكن كيف يمكن اعتبار فصيل كان معتمدا على صدّام خلال كلّ سنواته في الحكم ديمقراطيا؟ واليوم، ها هي تدّعي أنها تلعب دور «اللوبي» في واشنطن. أهذا هو البديل عن النظام الإيراني؟ مجموعة ضغط بيد واشنطن؟
* لقد جرى رفع تهمة الإرهاب عنهم في الاتحاد الأوروبي ومؤخرا من قبل الخارجية الأميركية، ألا يعدّ ذلك تمهيد لدور محتمل لهم في المستقبل؟
- أعرف، نعم. هذا يعني أنك عندما تكون معتمدا على قوّة خارجية، فأنت يوما إرهابي وفي يوم آخر لستَ إرهابيا. ولهذا السبب، لا تملك تلك المجموعات أي قاعدة في إيران. فهي لا تمثل عنفوان شعب. إنهم رمز الاحتقار. أن تخضع للأجنبي، بالنسبة للإيرانيين، شيء لا يمكن القبول به. لا ننسى أننا قمنا بثلاث ثورات خلال قرن. وفي هذه الثورات الثلاث، كان شعارنا الاستقلال والحرية. فكيف يمكن أن يكون المرتهنون للخارج مقبولين من شعب كان شعاره ولا يزال الاستقلال والحرية؟
* في 1996 خرجت مظاهرات الطلبة وكتبت أنت في حينه مستبشرا بهذا الحراك.. هل أنت مؤمن بإمكانية إصلاح النظام من الداخل؟
- تحرّك الشعب الإيراني منذ أربع سنوات، ضدّ الانتخابات، كان شعاره: «أين بطاقة اقتراعي؟ هذا يعني أني أقبل بالنظام، لكني لا أقبل بالتزوير». هذا هو الفارق الكبير، مع الشعب المصري، على سبيل المثال. عندما تحرّك الشعب كان شعاره: «مبارك.. ارحل». لهذا السبب استطاع النظام أن يقمع هذه الحركة. ثانيا، لا يمكن تغيير نظام أو إصلاحه في الاتجاه المعاكس لمحوره الرئيس. محور هذا النظام ولاية الفقيه. كيف يمكن الإصلاح ضدّ ولاية الفقيه؟ مستحيل. في اتجاه هذا المحور، الأمر ممكن، أي العمل أن تتوطّد ولاية الفقيه نهائيا، هذا أمر ممكن. ونلاحظ أنه منذ خاتمي.. خامنئي في ظلّ ولاية الفقيه تثبّت. الآن، فإن الدولة بين يديه.. الإصلاح إذن لا معنى له. ولذلك لا يمكن للإصلاحيين أن يشرحوا ما هو الإصلاح. أحيانا يتحدّثون عن إصلاح البنية، دون شرح ذلك وماذا يدور في أذهانهم عندما يتحدثون عن الإصلاح البنيوي. إذا جاءوا واجتمعوا بي يقولون إن ذلك يعني إلغاء ولاية الفقيه. أما إذا كان الحديث علنيا، فيكتفون بالقول إنهم إصلاحيون. في الدستور ما يكفي للإصلاح. ولكن لا يشرحون أبدا كيف. لأنهم يعرفون جيدا أن الدستور لا يسمح بذلك.
* خلال هذه المدة، هل حدث تواصل بينك وبين الإصلاحيين في إيران، في 1996 مثلا. هل تتواصل معهم ويتواصلون معك؟
- هناك اتصالات نعم، منذ أربع سنوات..
* وهل دعوك إلى العودة إلى إيران؟
- كلا لم يدعوني للعودة إلى إيران. أصدقائي في إيران لديهم أحيانا اتصالات، تفسيرات.. لأن الدفاع عن حقوق الإنسان بالنسبة لنا أولويّة. يستطيع أي كان أن يدافع عنها إذا لم تكن حقوق الإنسان محترمة. لذا، نحن ندافع عن أمير حسين موسوي ومهدي كروبي بالنسبة لمسألة حقوق الإنسان.
ولاية الفقيه
* ما رؤيتك لمختلف الفترات الرئاسية التي عقبتك. كيف تقيّمها؟
- هناك ميزة عامة إذا جاز التعبير. أنا والخميني.. ثم الخميني والخميني.. ثم هاشمي رفسنجاني وخامنئي.. خاتمي وخامنئي.. ثم أحمدي نجاد وخامنئي. لا وجود دائما لأي معارضة. الواحد ضد الآخر. وهذا يعني أن الجمهورية لا يمكن أن تتوافق مع مبدأ ولاية الفقيه. ومن مميّزات هذه الانتخابات أنه لو انتُخب جليلي، على سبيل المثال.. لقد ذهب إلى قم وهناك قال إن الرئيس ليس لديه رأي، بل إنه يطيع المرشد.
[caption id="attachment_55245545" align="alignright" width="300"]

وهذا يعني أنه بهذه الحالة، لن يعود للجمهورية وجود سوى اسمها، لتصبح كلمة بلا مضمون. إلى جانب هذه الميزة العامة، أي التناقض بين الجمهورية وولاية الفقيه، السيد رفسنجاني يختلف عن خاتمي وأحمدي نجاد، باعتباره أحد مؤسّسي هذا الوضع. لقد كان مهندس الانقلاب ضدّي، وهو وراء سنوات الحرب الثماني، ثم انتهى في الإرهاب وهو الذي جعل من خامنئي مرشدا وذلك بإبراز خطاب من الخميني إلى اية الله علي مشكيني الذي كان في حينه رئيس مجلس الخبراء ويقول فيه إنه يمكن للمرشد ألاّ يكون من أعلام المجتهدين. أخضعت هذه الرسالة لخبيرين دوليّين وأكّد الاثنان أنها مزوّرة. وأنها ليست بخطّ الخميني. وقد نشرت صحيفة «لوموند» في حينه تقرير الخبرة. منذ أيّام.. أو ربما منذ أسبوعين، شرح السيد هاشمي رفسنجاني، متحدثا إلى والي إحدى المحافظات سابقا، «كيف جئت بخامنئي من مشهد وجعلته عضوا في مجلس الثورة وكيف جعلتُ منه مرشدا». هذه هي الحقيقة. والفساد تفشّى أيضا في عهده. المافيا المالية العسكرية تكوّنت في أيّامه. خاتمي، مقارنة برفسنجاني، كان أكثر طاعة للمرشد. أو قل إنه كان أقلّ معارضة له. وهو لم يكن فاسدا. قد أقول إنه كان أكثر ضعفا، إزاء خامنئي، من هاشمي رفسنجاني. أمّا أحمدي نجاد، فظاهرة أخرى. فهو تكوّن على يد هؤلاء: خامنئي، هاشمي رفسنجاني.. كان طالبا في أيّام الثورة. وهو يجسّد النظام. إنه صنيعة هذا النظام. يراوغ مثلهم وبسهولة تجعلنا نتصوّر أنه يقول الحقيقة.. يتصوّر من ينصت إليه أنه يقول الحقيقة، وفي الواقع هو يراوغ. لا شيء غير السلطة له معنى بالنسبة إليه. تماما مثل رفسنجاني.
* هل فاجأك تمرّد أحمدي نجاد على خامنئي؟
- لقد قلتُ للتوّ إنه صنيعة أولئك الناس. وتمرّده شبيه بتمرّد الابن على أبيه. كان يعتبر نفسه «من السراي» ولم يكن يفهم لماذا يتدخّل خامنئي يوميا في مجاله.
* لماذا يصر المرشد على استبعاد رفسنجاني رغم عدم تحديه لسلطته؟
- أوّلا، إنها القاعدة في السلطة. بوفاة الذي كان يجسّد السلطة، يحاول من يخلفه أن يلغي كلّ ما كان له علاقة بسلفه الراحل. فهو بحاجة إلى أشخاص يطيعونه هو. وفي الحكم، يسري الأمر نفسه. عندما يموت الحاكم يقوم الابن الذي يخلفه بإبعاد جميع الذين كانوا يعملون مع أبيه ويستبدل المقربين منه بهم. ما إن استطاع السيد خامنئي أن يُمسك بزمام الأمور، بدأ عملية «إزالة الخمينيّة». وبدأ بالتخلّص من جميع الذين كانوا مرتبطين بالخميني، بدءا باغتيال ابنه، أحمد.
* تقول إن لخامنئي علاقة مباشرة باغتيال أحمد ابن الخميني؟
- نعم.. سعيد إمامي، الذي كان نائب وزير «السافاك».. وهي مثل سافاك الشاه إن لم تكن أكثر دموية.. إذن، سعيد إمامي قال إن أحمد الخميني كان يتخذ مواقف مناهضة للمرشد الجديد. نقلنا كلّ ما كان يقوله في اجتماع العلماء، مصباح يازدي وخوشباه واثنان غيرهما الذين قالوا «إن رجلا كهذا، حتى لو كان ابن الخميني، يجب قتله. وقد قتلناه». وقال وكيل المحاكم العسكرية لحسن الخميني، ابن أحمد: «لقد اغتيل والدك». إزالة «الخمينيّة» بدأت إذن باغتيال أحمد. وحتى اليوم، كل من كان قريبا من الخميني تمّ إبعاده. وبالنسبة لهاشمي رفسنجاني، فإن خامنئي يتّصف بأنه انتقامي. انتقامي جدا. عندما كان رئيسا للجمهورية وكان هاشمي رفسنجاني رئيسا للبرلمان، لم يكن رفسنجاني يترك لخامنئي أي صلاحية أو دور. والآن.. اختار أحمدي نجاد رئيسا بالضبط بسبب هاشمي رفسنجاني. ومنذ ثماني سنوات، لم يتوقف إلغاء هاشمي رفسنجاني كإحدى دعائم النظام.. حتى بالنسبة لإمكانياته الاقتصادية.. وحيث كان يعمل أبناؤه فقد تمّ طردهم. وعلّقت البنوك منح الاعتمادات لهم. إذن تمّ الحدّ من نشاطهم الاقتصادي. والدعاية ضدّ هاشمي رفسنجاني لم تتوقّف حتى اليوم. وأظنّ أن خامنئي سيكمّل عملية إزالة الخمينيّة. ولذلك تمّ استبعاد هاشمي رفسنجاني.
* ولكنه لم يقض على رفسنجاني، فقد مدد له في مجلس تشخيص مصلحة النظام. لماذا خامنئي لا يريد التخلّص تماما من رفسنجاني؟
- كيف تريدون أن يتخلّص منه؟ بإلغائه؟ لقد فعل ذلك إلى حدّ كبير. رفسنجاني لم يعد شيئا، لم يعد سوى رئيس «مجمع تشخيص مصلحة النظام»، وهذا لا يمثل شيئا ولا يغنيه عن الخضوع للمرشد. هو الذي كان يُعتبر فوق المرشد بات الآن تحته. وينظر إليه الجميع على أنه رئيس ذلك المجمع ويخضع للمرشد وهذا ما يتعيّن على الجميع أن يفعلوه.
* هل هناك نيّة في حفظ ماء وجهه؟
- كلا! كيف تحفظ ماء وجهه باحتقاره؟ أعطاه المرشد منصبا لا أهميّة له على صعيد السلطة التنفيذية أو القضائية. ولكنه في الوقت نفسه يمثل الطاعة للمرشد. وهذا ما يناسب تماما خامنئي. احتقاره، تحديدا. أنت لست سوى ما عيّنتك فيه.
* هناك روايات كثيرة حول طريقة هربك. منها أنك تدثرت بعباءة امرأة كما يقول خصومك. ما هي القصّة الحقيقية؟
- القصة الصحيحة أني ذهبت إلى القاعدة الجوّية في ثياب عسكرية؛ لأنها كانت الوسيلة الوحيدة للدخول إليها. أعطاني أحد أعضاء هذه القاعدة بطاقته. وبهذه البطاقة دخلنا ونحن في سيّارة. هذا ما في الأمر.
أدب وسينما
* لديك مكتبة كبيرة. ماذا تقرأ؟
- أولا أقرأ عندما أعمل على موضوع ما. منذ ربع قرن، أعمل على الديمقراطية. ومجمل هذا العمل يمثل 10 مجلّدات. ولكلّ من هذه المجلّدات، علي أن أقرأ. وقد قرأت الكثير. على سبيل المثال هناك كتاب عن العدالة. العدالة في الغرب منذ زمن الإغريق وحتى النظريات الحديثة. وكذلك عندنا في الشرق. وخصوصا في القرآن. فكم من كتب يجب أن تقرأ لتطّلع على كلّ هذا. لا أدري.. أكثر من 400 كتاب.. حول العدالة.
* ما الجديد في مشاريعك الكتابية؟
- لقد أنهيت مؤخرا الكتاب الثاني حول أجهزة الديمقراطية. وآخرها المجتمع المدني. هذا آخر مؤلفاتي. وآخر جزء في هذا الكتاب يدور حول المجتمع المدني. وأما الكتب التي قرأتها لذلك، فكثيرة. مثلا، مؤلفات هابرماس.. وحقوقيين.. لنلق نظرة على المراجع.. هناك 357 مرجعا.
[caption id="attachment_55245546" align="alignleft" width="150"]

* هل تشاهد أفلاما؟
- كلّ مساء. أفلام إيرانية مثلا. أنا بعيد عن إيران وهذه وسيلة لأكون على صلة يومية بها. المشاهد، الوجوه.. وأحيانا أشاهد أفلاما أخرى.
* هل شاهدت فيلم «الافتراق»؟ وهل أعجبك؟
- نعم، شاهدته. وأعجبني. إنه فيلم جيد جدا. فرادي مخرج جيد. وقد حازت الممثلة بطلة فيلمه («الماضي») المعروض في «كان» جائزة أفضل ممثلة.
* وعبّاس كياروستامي، هل تشاهد أفلامه؟
- نعم، طبعا. فيلم «طعم الكرز»..
* هل ندمت على أشياء في حياتك؟
- أشياء كثيرة، نعم. في كتاب «الأمل المغدور»، عددتُ 12 خطأ ارتكبتها. والأكثر مرارة كان.. السيّد الخميني. كانت ثقتي عمياء. وقد تمت خيانة هذه الثقة المطلقة.
* في كتاب إحسان نراغي.. يذكر أنك كنت تلميذا له، وأنك ساهمت في وصول الخميني إلى السلطة.
- لا، لم أكن تلميذه، بل هو كان تلميذي.. فيما يتعلّق بخطاب الثورة. هنا، كان الصحافيون يطرحون أسئلتهم قبل الذهاب إلى السيد الخميني. وكانت هناك لجنة تهيّئ الأجوبة. والخميني كان يردّد فقط هذه الأجوبة. لم يكن الخطاب من الخميني، بل مني. والدليل أنني منذ الثورة وحتى الآن، ما زلت أردّد الخطاب نفسه. عندما وصل هو إلى طهران، نسي هذا الخطاب. ومع الأسف، لم يستعِد أحد هذا الخطاب. إذن بالنسبة لخطاب الثورة، أنا علّمتُ السيّد الخميني. كيف كان يمكن أن يجيب صحافيي العالم عن أمور يجهلها؟ ومن الخطأ القول إني ساعدت الخميني، لأن الثورة قام بها الشعب الإيراني. إلاّ أنه أنجزها بذلك الخطاب عن الإسلام. إسلام الحرية. إسلام التقدّم. إسلام الاستقلال. إسلام العدل. تقدمة مهمة. إنها ثورة عظيمة بالنسبة للعالم الإسلامي. الخروج من ذلك الانقسام بين السني والشيعي وما إلى ذلك لتصبح مسلما بمعنى خطاب إسلام الحرّية. الإسلام كخطاب حرّية. بيان الحرّية.
* ميشال فوكو.. ومثقفون فرنسيون آخرون اتصلوا بالثورة. هل تعتقد أنهم تسرّعوا في قراءة الحدث؟
- لا.. زارني فوكو مرّتين. كان يريد أن يعرف كيف استطاع شعب أن يصنع ثورة عفوية في تنظيمها. وكما تعلمون، كان يقول في كتبه إن جميع الخطابات هي خطابات سلطة. وفي نقاشي معه، سألته: برأيك ألا نستطيع التفكير وتقديم خطاب حرية؟ لم يكن يعتقد ذلك. وعلى أساس الثنائية الفلسفية، لا بدّ لي من القول إنه لا يستطيع، بل لا يمكنه تصوّر خطاب حرية. قلت له إن الأمر ممكن انطلاقا من التوحيد. وبرأيي إن القرآن هو خطاب الحرية هذا. غير أن الغرب يجهل ذلك. باستثناء الفيلسوف إنغلز. لأنه يقول إن العرب هم الذين اكتشفوا التوحيد.
* لقد تجاوزت الثمانين قبل بضعة شهور، كيف ترى نفسك الآن، مثقفا أوّلا أم سياسيا أوّلا؟
- أعتبر نفسي شخصا عمل كلّ حياته تحديدا من أجل العودة إلى خطاب الحرّية هذا. النشاط السياسي أقوم به بحكم المسؤولية وليس كمهنة. لم أعتبر نفسي يوما شخصية سياسية، بل كمناضل.
* ما أقرب كتبك إليك؟
- مبادئ القرآن. حقوق الإنسان في القرآن. العقل أو الإدراك الحرّ.
* هل يقرأون كتبك الآن في إيران؟
- (كلّ الكتب) متاحة في إيران، حتى كتب ستالين. بني صدر وحده تمنعه الرقابة. لكن كتبي قرئت وتقرأ. مثلا على موقع بني صدر، كتابي عن المرأة هو الأكثر قراءة. لا أستغرب ذلك. فنسبة الشباب بين الإيرانيين كبيرة. وهم لهذا السبب يهتمون بهذه الكتب.
* هل تقرأ روايات إيرانية؟
- من حين لآخر أقرأ الروايات. آخر رواية قرأتها هي «كيميا خاتون» لسعيدة قدس هي قصة فتاة تحكي قصة حياتها. توفي والدها وتزوّجت أمها جلال الدين الرومي. تحكي قصّة حياتها وسط حريم جلال الدين الرومي
* كيف ترى علاقة دول الخليج بإيران؟
- مع رفسنجاني كانت العلاقات جيدة. وهي الآن سيئة. أعتبر أنه لو بدأت شعوب المنطقة، ابتداء من الاستقلال، بالتعاون فيما بينها، لتمكّنت من أن تتقدّم على نحو لا يمكن تصوّره في الوضع الحالي. انظروا كيف نهضت آسيا. لا يمكن للعالم الإسلامي أن يتأخّر عنها. فجزء كبير من آسيا مشكّل من بلدان إسلامية. والحضارة هي أيضا حضارة البلدان الإسلامية. إننا أكبر دائرة حضارية في العالم. من أقصى الشرق حتى جبل طارق. إنه عالم كبير. لماذا نترك العنف يدمّرنا؟ ونترك الآخرين يصنّفوننا بأننا «إسلام العنف» وأن المسلمين شعب يستبسل في تدمير نفسه؟