
تغيّرت خريطة القوى «الصديقة» للثورة السورية وتلكم «العدوة» بعد المقامرة العظمى يوم 21 أغسطس (آب) الماضي. فقد غامر النظام السوري باستخدام جرعات كبيرة من السلاح الكيماوي ضد منطقة الغوطة، مما أدى إلى مئات الضحايا من المدنيين. واعتبر «محللوه» أن هذه الخطوة بقدر ما يمكن لها أن تحرّض على ردّ فعلٍ دولي غاضب، بقدر ما هي قادرة على إعادة ترتيب البيت الداخلي والحديقة الخارجية. فالخطوط الحمراء التي تحدث بها كثيرٌ من القادة الغربيين والإقليميين بخصوص المقتلة المستمرة في هذا البلد الاستراتيجي للجميع، كانت أميل للّون الوردي الباهت. وتبين في المحصّلة أنها لا تقصد البتة حيوات السوريين من المدنيين بل تسعى، إن كانت جدية بالتأكيد، إلى حماية أصدقاء الغرب.
هذا وقد أوحى الأميركيون على لسان وزير خارجيتهم كيري في مؤتمر صحافي شهير بالحلّ للروس، الذين سرعان ما تلقفوه وأقنعوا، أو أمروا (لن ندخل في متاهات الأفعال في هذه العجالة)، دمشق بالقبول به واعتباره المخرج الأفضل للورطة المرتبة غالبا.
ونجح الرهان، فقد تمحور الهم الدولي إعلاميا وسياسيا على مسألة استخدام هذا السلاح المحرّم دوليا منذ عشرينات القرن المنصرم والمنصوص عليه في عديد من المعاهدات الدولية التي كانت آخرها قد وقعت سنة 1993. وتبدّى بأن الحديث عن ضربات تأديبية كان محض هراء، أميركيا على الأقل، وأوقع الكثير من رموز المعارضة السورية في وهم «الخلاص» القريب، مما أشار بجلاء إلى بدائية/ سذاجة تحليلهم السياسي وضعف مقدراتهم الذهنية على فهم الرهانات الدولية والمحاصصات والحسابات والمصالح. وهذا للأسف ليس بغريب عن أدائهم السياسي منذ بدء الحراك الثوري السوري مما أدى إلى انفصام حقيقي عن المسألة السياسية وانعكاساتها العسكرية والإنسانية.
وانشغلت الدول بوفودها ومؤتمراتها الصحافية عن المقتلة السورية بمسألة تفكيك هذه الأسلحة، وتجاوب معها النظام السوري بفاعلية وواقعية متخليّا عما تغنّى به كسلاح استراتيجي ضد عدوٍ لم يحاربه خلال عقود. وأشار بعض أبواقه الاستراتيجيين إلى أن هذا التخلي السريع والمنتهك للسيادة الوطنية ناجم عن امتلاكه لأسلحة أكثر تعقيدا وتطوّرا تجعل العدو في خطر ماحق ومستمر. حتى إن الخيال الكوميدي دفع بأحدهم للحديث عن صاروخ أطلقته القوات الأميركية من قاعدة لها في جنوب إسبانيا (حيث لا توجد مثل هذه القاعدة)، باتجاه الأراضي السورية، وتم اعتراضه بصاروخ دفاعي فوق المتوسط. ويمكن تصوّر هذا المسار إضافة إلى تصوّر درجة الاستهزاء بالمنطق وبالعقل من مطلقي هذه الأكاذيب. ولكن، هل هم ينفخون في قربة مقطوعة؟ يبدو أن الجواب هو بالنفي.
سوريا ما بعد 21 أغسطس
المسألة السورية ما بعد 21 أغسطس، أضحت محصورة ببضعة جوانب، منها التقني ومنها الإقليمي ومنها المرحلي. وتضعضعت التحالفات، ولو كانت وهمية وعلى الورق، بين الأطراف التي ادّعت يوما عن كذب أو نفاق بأنها صديقة للشعب السوري. ونجح الدب الروسي السينيكي بامتياز في فرض تصوّره للحل، مرسّخا «مصداقيته» التي لم يتراجع عنها يوما فيما يتعلق بالشأن السوري وذلك على العكس من نفاق من ادعى قربا من السوريين ومطالبهم الشرعية. ولقد استغل الروس التردد المرضي الملازم للسياسة الخارجية الأميركية في عهد أوباما، لينقضوا على الملف بقفازات مخملية وبأنياب بارزة. وقد أوضح كثيرٌ من العارفين نسبيا بصناعة القرار في واشنطن، بأن القرار قد حُسم بأن الحل الروسي، مع بعض التعديلات، هو الأنسب.

ملامح المستقبل القريب تبدو ضبابية للبعض وجزيلة الوضوح للبعض الآخر، ومن المحبّذ أن يكون الموقف العقلاني متموضعا في منتصف هذا الطريق. فعلى الرغم من أن الراعي الروسي قد سجّل انتصارا واضحا على المستوى الدبلوماسي، فيبدو أن العمل الحثيث على الملف الإيراني من قبل بعض الجهات الأوروبية والأميركية سيفتح مجالات أوسع لمناقشة المسألة السورية مع صاحب القرار الفعلي في طهران. ولكن هذا المخاض كله سيستمر بالمقتلة السورية أشهرا عدة، ولو تم التوافق بين الراعيين الأميركي والروسي، دون التشاور مع أحد، على أن يكون موعد مؤتمر جنيف الموعود في 25 من الشهر المقبل.
وهنا يبدو أن المعارضات السورية تتأرجح بين الموافقة والاعتكاف عن المشاركة في هذا اللقاء المنتظر، والذي يعتبر الروس والأميركيون أنه فاتحة الحل بالنسبة للسوريين. بالمقابل، لا يحمل الإعداد «الحثيث» لهذا اللقاء من قبل المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي، أية مضامين واضحة أو مسارات محددة أو بنود جدول أعمال يمكن لها أن تذرّ الرماد في عيون الواهمين المترقبين الموعودين بالفرج على أقل تقدير.
الانتخابات الرئاسية
إن موعد الانتخابات الرئاسية في سوريا قد اقترب، وهي التي لم تكن، منذ عقود وحتى تاريخه، إلا استفتاءً على رئيس موجود يُشار إليه كتجديدٍ للبيعة. وها هي البلاد، تكتشف أن أمر البيعة في النظام الرئاسي مرافق لكل استبداد، ولا يمكن التمييز في هذا الصدد بين الدولة الأمنوقراطية والدولة الأوثوقراطية. فإن المجموعات الظلامية والإقصائية الدخيلة على المجتمع السوري، التي ساهم تمويلٌ مشبوه المقصد في تطوّرها وانتشارها، تطالب بالبيعة لها وإلا فحدّ السيف أو رصاصة الرحمة.
هل يعتبر مؤتمر جنيف فرصة لتمرير الوقت وإيجاد مخرجٍ «مناسب» عبر هذه الانتخابات (الاستفتاءات) المرتقبة؟
يجوز الاعتقاد بذلك إن كان هناك أدنى شعور بالضعف لدى حكّام دمشق، وهو ما كانوا قد خبروه في الأشهر الأولى من الحراك الثوري السلمي السوري، ومن ثم، استمروا في الشعور به خلال التحوّل إلى الحراك العسكري حتى مرحلة معينة. فمنذ أن نجحوا في تحويل الوهم إلى حقيقة، أي منذ أن تحوّل الحديث عن إرهاب «القاعدة» والمقاتلين الأجانب من كذب وبهتان في بداية الثورة إلى حقيقة ملموسة في الأشهر الأخيرة، ومنذ أن بدأ الإعلام الغربي في التركيز على هذا الجانب حصرا من الحراك السوري، ومنذ أن تصارعت قوى إقليمية فيما بينها عبر تعزيز قدرات هذا التنظيم الدخيل أو ذاك، ومنذ سعت قوى إقليمية أخرى إلى تصفية حسابات سياسية وأمنية فيما بينها على حساب حيوات السوريين، بدا أن النظام يسترجع الشعور بالثقة ويحضّر نفسه، مع معارضته المصطنعة، للذهاب إلى جنيف ومحاولة فرض ما يراه هو الحل للخروج من عنق الزجاجة. وهو في هذا التوجّه، لا يأبه فعلا إلى أمرين أساسيين يُفترض أن السوريين بمجملهم معنيون بهما، وهما وحدة الأراضي السورية ووقف المقتلة المستمرة منذ عامين ونصف. إذن، منسوب الثقة عالٍ بالذات وبالحلفاء الذين لم يبخلوا دعما وإرشادا وتوجيها.

ومقابل هذا الشعور المستند إلى تقدم إعلامي وعسكري وتغاضٍ دولي وتلكؤ عربي ونفاق أمم متحدي (أو قلق مستمر يعبر عنه الأمين العام)، يبدو أن المعارضات السورية تجد نفسها في موقف لا تحسد عليه البتة. فهي غير متفقة، حتى في داخل تنظيماتها المختلفة، كالائتلاف أو المجلس الوطني أو الجيش الحر.. إلخ. على المشاركة أو عدمها أو مضمونها.. إلخ. وبدأت الرؤوس الحامية في تسجيل المواقف الشعبوية بحثا عن سمعة «فيسبوكية» بعيدا عن آلام الملايين القابعين تحت القصف اليومي أو التجويع الممنهج أو القمع ذي اللبوسين، الأمني والديني. وبدأت بعض القوى الإقليمية المؤثّرة في تحريك بيادقها على رقعة المشهد السوري، وبدأ تناسل التجمعات والهيئات والتكتلات، بعيدا عن أية خارطة طريق واضحة. واشتدّ ساعد القوى الظلامية التي لم تواجه النظام إلا لماما، وسعت منذ بروزها غير واضح الكواليس، إلى السيطرة المجتمعية، بالترهيب وبالترغيب، وفرض سلطة لا مرجعية وطنية سورية لها حتما.
من جهة ما يسمى بالمجتمع (الهلامي) الدولي، فبعد أن بارك ممثلوه (بالمعنى المسرحي للكلمة)، للنظام جرأته وخطواته الإيجابية، وبعد أن توقف أمين عام الأمم المتحدة عن إبداء قلقه اليومي عجزا وترقبا، وبعد أن عبّرت الدولة العبرية عن غبطتها بتدمير الترسانة الكيماوية السورية، بدا وكأن المعضلة السورية قد أضحت بعيدة عن اهتمامات صانعي القرار. وبدا أن حديث النظام وتابعيه وأبواقه ومسترزقيه ومريديه وحماته ورعاته في بدء الثورة الوطنية التحررية عن مؤامرة متخيلة، قد أتى أُكله وأثمرت الكذبة الكبيرة عن اجتراع مؤامرة فعلية متشابكة ومعقدة ومتلونة ليس ضد النظام القائم، بل ضد الشعب السوري بذاته.
وبعد إرسال ما يقارب المائة موظف أممي لمراقبة عملية تفكيك الترسانة السورية وتدمير محتوياتها، أضحى دفقا من النفاق الممجوج الحديث عن تسليح القوى المعتدلة والمؤمنة بديمقراطية الدولة السورية. فلا يمكن للدول الفاعلة أن تقوم بهذا معرضة حياة ممثليها للخطر. بالمقابل، يستمر الظلاميون والقاعديون بتلقي السلاح من كل حدب وصوب، وكذا النظام. وتستمر المقتلة السورية تحت سمع وبصر المتخاذلين من العرب، الذين حركتهم رسوم هزلية بحق رموز دينية لا تنتظر منهم أن يدافعوا عنها وعن قدسيتها، إلا إذا تم الإقرار بضعفها، وهذا من المستحيلات، ولم تحركهم آلاف الضحايا البشرية المتساقطة أمامهم يوميا.

وتستمر المأساة السورية تعبر بين أخبار المنوعات العالمية بعد أن تخلّص منها الوعي الغربي من بين أولوياته. وأضحت المسألة محصورة بالحالة الإنسانية التي يروق للبعض الانغماس بها بحثا عن براءة مصطنعة من مسؤولية إنسانية تتجاوز مسألة المهجرين واللاجئين لتحيط بمصائر شعب ودولة حاق بهما الدمار من كل صوب.
يبدو أن من أصيب بخيبة أمل من طرف السوريين هم أولئك فقط الذين صدّقوا يوما أن الآخرين مهتمون لشؤونهم ويريدون مساعدتهم فعلا على التخلّص من النظام. وربما، التوصل إلى حل سياسي ينقل السلطة إلى جماعة منتخبة من قبل مؤتمر حوار وطني يسبق تنظيم الحياة السياسية التي ستفضي حتما إلى انتخابات شفافة ونزيهة. وهؤلاء السوريون يشكلون القسم الأكبر من بعض المعارضات السياسية المتشظية والمصابة بأمراض الشخصانية أو تراكم عقد الآيديولوجيات المتراكمة والمتوارثة، أو المتعرضة للتأثير من قبل قوى إقليمية ودولية عديدة.
مفاوضات جنيف
أما من هم في صلب المعاناة، وهم الغالبية، فلم يصدّقوا يوما وعودا كاذبة أو آمالا وهمية. ليس ذلك نابعا من إيمان بدائي بأن الآخر ضدهم وضد مصالحهم، ولكنهم، وبعض من نخبهم، وعوا مبكرا إلى تعقيد المشهد وتداخل المصالح والاستراتيجيات. وعرفوا أن مسؤولية الخروج من النفق هي سورية أولا وقبل حسن أو سوء الظن بالآخر مهما كان هذا الآخر، أخا في القومية أو في الدين أو في الإنسانية. وقد نبّه هؤلاء إلى ضرورة سورنة التفكير بالحل والبحث عن علاقات متوازنة مع القوى المؤثرة دون هيمنة زيد أو عمرو. ولكن صوت العقل قليلا ما يتم الإنصات له، مما يترك المجال لأصوات أخرى متعددة المصادر.
فإن تعقدت مفاوضات جنيف بحضور من حضر، وهذه رغبة صنّاع القرار وفارضيه في غياب خارطة طريق واضحة، وبوجود منظّم لقوى النظام الحليفة والمعارضة، وبوجود متشرذم لقوى المعارضة المدنية والعسكرية، وبحضورٍ فاعل لمن يفرض نفسه أكثر فأكثر كعنصر حلّ للمسألة السورية (إيران) بعد أن اعتبرت عن حق أنها طرف حقيقي من مسؤولي المقتلة السورية، وبوجود روسي فرح بانتصاره الدبلوماسي على المتردد الأميركي القابع في البيت الأبيض والذي يمارس أسوأ سياسة خارجية للولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وبغياب عربي واضح، ما عدا بعض الدول الخليجية وتمثيل رمزي بشخص الإبراهيمي وموظفي الجامعة العربية العاجزة بنيويا، فالنتيجة ستكون ليست حتى باتفاق دايتون سوري أو طائف سوري، أو حتى بحل على الطريقة اليمنية.
النتيجة ستكون سلبية للغاية من أجل المناضلين في سبيل الحرية والكرامة والعدالة: إن لم تتعدّل موازين القوى حتى انعقاد هذا المؤتمر الشبح، وإن لم تتمكن المعارضات السورية من وضع خلافاتها التافهة والتي تترجم انعدام المسؤولية، أو حتى الأخلاق، لدى من يثيرها دون كلل، وإن لم تقم القوى الغربية الكاذبة حتى يثبت العكس، في دعم المعارضة الديمقراطية الموجودة على أرض الواقع، وإن لم تسع بعض الدول العربية المؤثرة إلى وقف المساعدات العمياء لقوى ظلامية تعبث بالمشهد السوري حاضرا ومستقبلا، وإن لم تقم أيضا قوى المعارضات السياسية إلى تحديد موقف وطني واضح من الدخلاء على الثورة وسارقيها وظلامييها، دون لف ودوران، ودون خطابات غوغائية ما فتئنا نسمعها من بعض رموزها.
أن تكون على حق وصاحب قضية عادلة لا يعني البتة أن ينتصر لك الآخرون. والقضية الفلسطينية العادلة تعطي المثال الصارخ، ومن المفيد التعلّم من دروسها. وبالتالي، فالإدارة السيئة للملف من قبل بعض السوريين، كما جرى مع بعض الفلسطينيين، ستزيد من انحسار فرص النجاح. وسيقوم النظام بتنظيم «انتخابات» مراقبة عربيا في المناطق التي يسيطر عليها للحصول على نتيجة ملائمة لاستمرار «شرعيته». وسيقبل الغربيون بنتائجها بضغط من الروس أو لأنهم فاقدوا الحيلة أمام العجز الأميركي عن اتخاذ موقف لا يلائم في كل حذافيره الموقف الإسرائيلي المتحسّب من انفلات الأمور في سوريا وتأثير ذلك المحتمل على حدوده الآمنة منذ عقود.
تراث الحكم الأحادي
التطرف في المواقف من التفاوض لوقف المقتلة السورية لا يمكن أن يكون مبررا إلا لدى من هم غير معنيين بالمأساة المستمرة. وممارسة رياضة التخوين والتشكيك وتوزيع الوطنيات، تصيب بالتقلّصات الأخلاقية، وهي ليست مساعدة على تمهيد الطريق للشعب السوري للحصول على حريته. والتفاوض المبني على خطة طريق واضحة بعيدا عن التنازل الرخيص بحثا عن موقع تحت الشمس هو الوسيلة الأنجح للوصول إلى ما يمكن أن يحقق الجزء الأكبر من أهداف المواطنين الذين خرجوا عفويا للتعبير عن رفضهم لاستمرار آلة القمع والاستبداد والفساد. لقد قادهم تخلي العرب والغرب عنهم، وضعف أداء معارضاتهم السياسية، ودخول عناصر غريبة على قيمهم وعلى أهدافهم على خط المواجهة، وفاعلية الدعم والمساندة والتغطية الروسية والإيرانية للنظام، إضافة إلى إدارة حملة علاقات عامة وتواصل فعّالة من قبله، مقابل تشتت جهود التواصل وتناقضها من طرف بعض المعارضات، قادهم ذلك كله إلى الوصول إلى مرحلة من الإحباط النسبي، لا تثنيهم بالتأكيد عن مواصلة السعي إلى تحقيق الأهداف المبدئية.
إن التفاؤل الحذر الذي يمكن أن «يصيب» المراقب المتحسّس للقضية السورية، ينبع من التصميم الهائل للشعب السوري على متابعة المقاومة بكافة صورها وأشكالها. ويعتمد أيضا على إرادة قوية لدى بعض قواهم السياسية على إيجاد مخرج مقبول ومناسب لجميع السوريين بعيدا عن تراث الحكم الأحادي والمستبد الذي حرمهم من كل فرص التنمية والتطور السياسي، الثقافي، الاقتصادي والاجتماعي. إن عزيمتهم قادرة على اختراق سنتين ونصف السنة من الموت باتجاه مخرج النجاة المحمّل بالآمال.
هذا التفاؤل يحتاج إلى حدِّ أدنى من المسؤولية لدى من يمثل تطلعاتهم السياسية، والذي سيمثّلهم في «جنيف» أو في غيره. ويحتاج أيضا إلى موقف دولي أقل هلامية وأكثر وضوحا، وإلى موقف عربي يوحّد جهوده السلمية أو العسكرية دون الخوض في الاستقطابات وصراعات الذاكرة وطموحات البروز على حساب الأموات.
إن أسباب التفاؤل هذه تحمل في طياتها جرعات من التشاؤم، ولكننا ملتزمون بعبارة الراحل سعد الله ونوس: إننا محكومون بالأمل.