هل تأخر استعادة لبنان من قبضة «ميليشيا نصر الله»

هل تأخر استعادة لبنان من قبضة «ميليشيا نصر الله»

[caption id="attachment_55253657" align="aligncenter" width="620"]حسن نصر الله من رمز المقاومة العربية إلى دجال المقاومة.. هكذا بات الأمين العام لجزب الله في أعين العرب حسن نصر الله من رمز المقاومة العربية إلى دجال المقاومة.. هكذا بات الأمين العام لجزب الله في أعين العرب[/caption]


محور الممانعة ورافعو شعارات المقاومة وجدوا أنفسهم في أكبر مأزق أخلاقي وقيمي بسبب سقوط الأوهام منذ بدايات انفجار الثورة السورية التي كشفت عن سقوط كثير من الأقنعة بعد أن جرّف ما عرف بالربيع العربي الأوضاع السياسية في المنطقة وكان من أهم الملفات التي كشفها انهيار الاستقرار السياسي في المنطقة خرافة «المقاومة»، التي يدعيها نظام طهران وذراعه في المنطقة العربية حزب الله باعتبارهما خلاصًا للحالة الفلسطينية التي ظلت إلى ما قبل الربيع العربي استثمارًا سياسيًا شديد الربحية يتم استخدامه في كل مرة بهدف استغلال المشاعر الجياشة تجاه قضية الفلسطينيين العادلة التي لم تستغل قضية إنسانية من كل الأطراف كما فعل بها من قبل مدعي المقاومة والممانعة وأصحاب الخطب الرنانة التي ما عادت تطرب أحدًا في المنطقة بعد أن ظهرت تحديات سياسية كثيرة تشي بتحولات كبيرة في البلدان العربية كما هو الحال مع ملف الإرهاب الذي بات التهديد الأكبر للعالم.



مشروع الحزب في المنطقة




مشروع حزب الله في المنطقة لم يكن منذ بدايته إلا مشروعًا تقويضيًا لسيادة الدولة اللبنانية، لكن المحاصصة السياسية والانحيازات للكتل المعبرة عن الشارع اللبناني ورفع شعار المقاومة حوله من حزب سياسي إلى ميليشيا مستقلة نجحت إلى حد كبير في تكريس مفهوم «الدولة داخل الدولة»، بل وتصديره إلى مناطق أخرى بهدف تكرار التجربة، وكان سبب هذا الإهمال لابتلاع الحالة اللبنانية من قبل الحزب بسبب رفعه راية المقاومة ضد إسرائيل إبان احتلالها لجنوب لبنان وما تبع ذلك من الضربات الإسرائيلية في عام 2006.

إن العودة إلى بدايات تأسيس حزب الله تجيب على السؤال الأهم الذي يتردد اليوم بعد القرار الخليجي ثم العربي بإدانة حزب الله وتصنيفه كمنظمة إرهابية محظورة: هل تأخر القرار العربي تجاه «حزب الله».
يمكن القول إن العودة إلى إيران ما بعد ثورة الخميني تعطي مفاتيح للإجابة على السؤال لا سيما إذا علمنا أن علاقة إيران بالقضية الفلسطينية مرت بمنعطفات كثيرة أهمها هو أن الدعم لم يكن في البداية بسبب الإيمان بالقضية قدر أنه محاولة للتحالف مع المؤمنين بالثورة الجديدة اللامعة، ومن المعلوم أن حركة الجهاد ومؤسسها الشيخ فتحي الشقاقي كانت هي الحركة الأولى المؤيدة للثورة الإيرانية مما حدا بطهران إلى تبني الحركة والاستفادة منها كذراع إيران ولاحقًا تأسيس ميليشيا مماثلة في لبنان من شأنها الانقياد لسلطة الولي الفقيه.

لاحقًا وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، قامت جميع الفصائل الفلسطينية والأحزاب القومية واليسارية اللبنانية بالوقوف ضده، إلا أن موقف الحزب آنذاك كان مخالفًا لكل التوقعات وهو الاستقواء بالتدخل الإسرائيلي، وهو الأمر الذي قامت به حركة أمل، التيار العريض عند شيعة لبنان وعدد من الميليشيات المسيحية قبل أن تنطلق العمليات الانتحارية من وسط لبنان والمخيمات الفلسطينية.


الاحتلال الإسرائيلي




فترة المقاومة المبكرة ضد الاحتلال الإسرائيلي كانت المناخ الخصب لتوليد ميليشيا سيكون لها الدور الأكبر في الحرب الأهلية وتوترات المخيمات الفلسطينية، ومن هنا جاء قرار طهران بإنشاء حزب الله في ظروف معقدة ساهم في تسريع وتيرتها الوصاية السورية آنذاك على لبنان.
حزب الله في فترة لاحقة بات واجهة للتنظيمات الفلسطينية داخل لبنان، بل نسبت كثير من عملياتها إليه بسبب التحالف الذي حصل بين سوريا واستخباراتها والرئيس الراحل ياسر عرفات ومنظمة فتح والجبهة الشعبية.
تضخم دور الحزب بدأ فعليًا مع مشاركته في تحرير جنوب لبنان في عام 2000 ويمكن القول إن تلك المرحلة انتقل الحزب فيها إلى مرحلة جديدة بسبب المشاعر الإيجابية التي اكتسحت الشارع العربي ليتجدد الأمر وبشكل أكبر توسعًا إلى الحد الذي لانت فيه كثير من الجماعات السنية الممثلة للإسلام السياسي تجاه الحزب، وذلك تحديدًا في 2006 بعد أن خاض عددًا من المعارك ضد إسرائيل مع فصائل أخرى إلا أن قصب السبق والتغطية الإعلامية لم يحظ بها أحد كما الحزب.


[blockquote]يؤكد استطلاع للرأي أن 85 % من الشعب الخليجي يعتبر حزب الله وميليشيات طهران السبب الرئيس وراء تدهور الأوضاع في المنطقة[/blockquote]

البدايات لتكريس حزب الله نفسه في لبنان كميليشيا خارجة عن مفهوم الدولة تؤكد سبب إنشاء الحزب كذراع لنظام طهران وولاية الفقيه وليس مشروعًا تحرريًا أو مقاومًا، بل العودة إلى التاريخ الذي نتعمد نسيانه في لحظات العاطفة السياسية تؤكد أنه واحد من المشاريع الإرهابية في المنطقة منذ أن أسال الدم اللبناني وتحالف مع ميليشيات مماثلة له في العراق كفيلق بدر والمجلس الإسلامي اللذين يشتركان معه في ولاية الفقيه وقبل التلوث بالمستنقع السوري والمساهمة في إراقة دماء الشعب السوري ودعم نظام الأسد بل وحمايته من السقوط، وليس آخرًا ما فعله الحزب من دعم وتخطيط في اليمن لمحاولة إنقاذ شبيهه اليمني أنصار الله أتباع الحوثي.
التطورات البارزة التي لحقت بالحزب الآن والمتمثلة في قرار مجلس التعاون الخليجي بالإجماع على اعتبار حزب الله رسميًا منظمة إرهابية. وهذا الأسبوع جاء متأخرا إذا ما علمنا السياق الطويل الذي تمدد فيه الحزب وعبث بالحالة اللبنانية، بل وأصبح حجر عثرة في أن يختار اللبنانيون مصيرهم السياسي.


سقط من عيون العرب



التحولات الكبيرة التي يعيشها الحزب الذي سقط من عيون العرب بعد موقفه المشين من الثورة السورية انعكست على استطلاعات الرأي تجاهه حيث يؤكد استطلاع الرأي الذي قامت به مؤسسة «زغبي» في سبتمبر (أيلول) 2015 إلى أن 85 في المائة من الشعب الخليجي يعتبر أن حزب الله والميليشيات المدعومة من نظام طهران هي الآفة السياسية الكبرى في المنطقة وسبب تدهور الأوضاع في العراق وسوريا واليمن.
والأمر أيضًا يتعلق بباقي البلدان العربية التي تؤكد فيها نتائج استطلاعات الرأي الحديثة بأن «حزب الله» خسر معظم شعبيته في تلك البلدان، وبنسب أعلى من دول الخليج كما هو الحال مع مصر التي كانت من أوائل البلدان التي حاول الحزب فيها العبث باستقرار البلد، ووفقًا لنتائج استبيانات زغبي في سبتمبر 2015، فإن معظم الشعب المصري بغالبيته الساحقة (بنسبة 96 في المائة) يرى الأزمات السياسية من خلال العبث الذي تقوم به الجماعات المدعومة من إيران كحزب الله وباقي الأذرع لنظام طهران في المنطقة.
وضعية حزب الله السياسية في أدنى حالاتها، والأكيد أن الحزب باندفاعه المستميت لحماية نظام الأسد وتقتيل وتهجير الشعب السوري يتكبد خسائر معنوية ومادية كبيرة كما أنه قطع كل الحبال مع الكتل السياسية السنية في لبنان ورفع من منسوب الطائفية في المنطقة إلى مرحلة حرجة جدًا.
font change