في الذكرى العاشرة لانتهائها.. حرب وشيكة بين إسرائيل و«حزب الله»

في الذكرى العاشرة لانتهائها.. حرب وشيكة بين إسرائيل و«حزب الله»


تحل هذا الشهر الذكرى العاشرة لانتهاء حرب عام 2006 بين إسرائيل وما يسمى «حزب الله» التي استمرت لمدة 34 يوما. كانت التغييرات الاستراتيجية التي حلت بمنطقة الشام على مدار العقد الماضي هائلة. أحد التغييرات المهمة هو تفكك سوريا - التي كانت تمثل عمق ما يسمى «حزب الله» الاستراتيجي وجسره اللوجستي الذي يصله بإيران. ولكن الأهم من ذلك هو أن فترة رئاسة أوباما التي استمرت ثمانية أعوام شهدت تحولا جذريا في موقف الولايات المتحدة في المنطقة، حيث تمت إعادة ترتيب بالتقارب مع إيران وروسيا. تهدد تلك التحولات الكبرى باندلاع حرب في المستقبل بين إسرائيل وما يسمى «حزب الله» - وينتشر الاعتقاد بأن وقوع نزاع مسألة تتعلق بالوقت.
ما هي احتمالية وقوع حرب جديدة؟ من المفارقة أنه في حين تزيد التغييرات في بيئتي إسرائيل وما يسمى «حزب الله» الاستراتيجية احتمالات تجدد الصراع، تفرض تلك التغييرات قيودا في الوقت الحالي.
كانت الحرب في سوريا مكلفة للغاية بالنسبة لما يسمى «حزب الله». لم تقف التكلفة على أعداد الضحايا الهائلة، ولكن شملت أيضا فقدان العمق الاستراتيجي للمنظمة، حيث أدى ذلك إلى تركها مكشوفة. استطاعت إسرائيل ضرب مستودعات وقوافل الأسلحة، بالإضافة إلى كوادر المنظمة بحُرية. وليس لما يسمى «حزب الله» خيار سوى ابتلاع الأمر.

بالإضافة إلى ذلك نتيجة لمشاركة ما يسمى «حزب الله» في الحرب ضد الشعب السوري، أصبح عليه تسديد ثمن دماء غير الشيعة والعلويين من السوريين. ويلقي ذلك بتبعات على أي حرب تقع في المستقبل مع إسرائيل، إذ إن اللاجئين الشيعة اللبنانيين في ذلك النزاع المستقبلي لن يجدوا ملاذا آمنا في سوريا كما فعلوا في عام 2006، كما أن هناك آثارا طويلة الأجل، حيث يخوض ما يسمى «حزب الله» في الوقت الحالي حربا مع اثنين فقط من دول الجوار. ويتجاوز عداؤه مخالفيه حدود سوريا، مما أدى إلى اتخاذ بلدان الخليج العربي إجراءات ضده. وأضر ذلك بقدرة قاعدته على العمل وكسب الأموال هناك، وقد يؤثر ذلك على الأنشطة المالية الإجرامية التي ينفذها ما يسمى «حزب الله». وأخيرا، إذا كانت أموال العرب قد ساعدت على إعادة بناء المناطق التابعة لما يسمى «حزب الله» والتي تعرضت للدمار في عام 2006. ربما لا تتوفر أموال إعادة الإعمار في حالة اندلاع حرب مستقبلية، خاصة أن مجلس التعاون الخليجي أعلن أن ما يسمى «حزب الله» كيان إرهابي.

ومع ذلك استطاع ما يسمى «حزب الله» إنقاذ مصالح أساسية في سوريا، أهمها أنه حافظ على مجاورة الأراضي الذي يسيطر عليها النظام المتاخمة للبنان. ورغم الغارات الإسرائيلية، استطاع تحديث إمكانياته، ونجح في تهريب نظم أسلحة متطورة. ومع تكلفتها الباهظة، قدمت الحرب السورية فرصا جديدة للتوسع في سوريا، وتحديدا في الجنوب والتي لم تكن متاحة من قبل. لم تؤت تلك الفرص ثمارها حتى الآن، ولكن من المفترض أن حربا جديدة مع إسرائيل سوف تمتد إلى الساحة السورية أيضا.

في الوقت ذاته، تظل مكانة ما يسمى «حزب الله» في لبنان بلا منازع على الإطلاق. تتحكم المنظمة في الدولة، وتقيم شراكة مع الجيش وجميع الأجهزة الأمنية تقريبا. وبمباركة ودعم من الولايات المتحدة، يُعد الجيش اللبناني بالفعل قوة مساعدة لما يسمى «حزب الله» في لبنان. مرر الكونغرس الأميركي قانون عقوبات يستهدف المنظمة، مما أضر بما يسمى «حزب الله» في لبنان ويمكن أن يلحق به مزيدا من الأضرار. بيد أن أوباما حرر راعي ما يسمى «حزب الله» في إيران، من خلال رفع العقوبات والحظر وفك تجميد عشرات المليارات من الدولارات لصالح إيران.

استفاد ما يسمى «حزب الله» من قيام أوباما بإعادة ترتيب فعّال مع إيران في المنطقة. كانت الأمور ستزداد سوءا بالنسبة لما يسمى «حزب الله» في سوريا، لو عملت الولايات المتحدة مع حلفائها في المنطقة من أجل هزيمة نظام الأسد. ولكن بدلا من ذلك اعترف أوباما بصراحة بـ«أسهم» إيران في سوريا - الذي يعني في الحقيقة استمرار امتلاكها لجسر بري يصلها بما يسمى «حزب الله». كما جعل أوباما أيضا من إيران شريكا شرعيا في سوريا. ومن خلال مساعدة إيران مباشرة على تحسين مكانتها الاستراتيجية، عرقل أوباما إسرائيل. تحمل تلك السياسة وكذلك الاتفاق النووي، الذي سيترك إيران تمتلك برنامجا نوويا على نطاق صناعي، تأثيرا مباشرا على احتمالية وقوع حرب جديدة.
في الوقت الحالي، ينشغل ما يسمى «حزب الله» بالحرب في سوريا. ونظرا لمشاكل تتعلق بالقوة البشرية التي يملكها الأسد، من المرجح أن يستمر انشغال ما يسمى «حزب الله» في المستقبل القريب. أما على المدى البعيد، إذا تمكنت إيران بمساعدة روسية من تحقيق الاستقرار لوضعها في سوريا، فسوف يَكبُر التحدي الأمني أمام إسرائيل، وسوف تزيد احتمالات وقوع حرب بين إسرائيل وما يسمى «حزب الله» أيضا. لن تقبل إسرائيل بتعزيز الوجود الإيراني على حدودها، مع احتمالية عملها تحت مظلة نووية بعد ذلك.
وبالتالي، عندما تندلع الحرب في النهاية، سوف تستخدم إسرائيل قوة جيشها الكاملة من أجل تحقيق نتيجة حاسمة.
font change