تيران وصنافير حق تاريخي مشروع للسعودية

تيران وصنافير حق تاريخي مشروع للسعودية

بقلم: علي السمان

أرجو ألا نضع في اعتبارنا ما أعلنه البعض من أفكار وتصريحات مناهضة لقرار مجلس النواب المصري، تعطي صورة تخالف إجماع معظم الشعب المصري عن تيران وصنافير.
أولا أقولها بصراحة إن التصريحات الخاطئة لجزء من شعبنا جاءت نتيجة الجهل بما كان يجب على الجهات المختصة لدينا أن توضحه للرأي العام في وقته من حقائق ووقائع تاريخية موثقة ولكنها غابت عن علمنا.
وماذا تقول الوقائع والوثائق التي يعود تاريخها حسب رأي عالم القانون الدولي الكبير الدكتور مفيد شهاب وزميل الدراسة بجامعة باريس إلى عام 1990؟ الوثيقة التي وقع عليها الدكتور عصمت عبد المجيد رحمة الله والدكتور مفيد شهاب انتهت إلى الاعتراف بملكية المملكة العربية السعودية للجزيرتين.
وقد أصر الدكتور عصمت عبد المجيد وقتها أن يوقع الدكتور مفيد شهاب بجانبه على الوثيقة باعتباره عضو اللجنة المكلفة بدراسة دوسيه طابا لاستعادتها للسيادة المصرية.
وشهادة الدكتور مفيد شهاب عن تبعية الجزيرتين للسعودية تعبر عن موقف أمين وموضوعي وجريء جاء بعد الظروف القاسية والمرارة التي مر بها بعد 25 يناير (كانون الثاني)؛ الاتهامات الظالمة التي وجهت إليه ودفعته إلى أن يعتزل العمل السياسي ويعود إلى الجامعة ولكن حينما طلب منه أخيرا أن يأتي للشهادة وقول كلمة الحق في موضوع تيران وصنافير لم يتردد وجاء ليقول بأمانه ما يجب أن يقال.
ولكن مرة أخرى طالما أن شهادة الدكتور مفيد شهاب عن اتفاقية ترسيم الحدود سجلها قبل أن ترتفع الأصوات التي رفضت أن تعترف بسعودية الجزيرتين، إذن كان ينبغي أن تطلب شهادته وأن تعلن في الوقت المناسب قبل أن تأتي الضجة والأصوات العالية.

وجاءت شهادة أخرى ذات قيمة علمية كبيرة على لسان الدكتور علاء الدين النهري خبير الاستشعار عن بُعد ونائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم وتكنولوجيا الفضاء بالأمم المتحدة، والذي حصل على صور الأقمار الصناعية التي أثبتت وقوع جزيرتي تيران وصنافير ضمن المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية.
وكشف الدكتور النهري العلاقة «الجيومكانية» بين الجزيرتين والساحل وأن المياه ذات منسوب ضحل فوق أرضية البحر في المياه الإقليمية السعودية وأن جزيرتي تيران وصنافير تتصلان بتلك الأرضية الضحلة للبحر وتعتبران أمتدادا لها لارتباطها بالسواحل السعودية، وختم الدكتور النهري تحليله بقوله إن تحليل الصور الفضائية تؤكد علميا أن جزيزتي تيران وصنافير سعوديتان وفقا لتطابق التربة والمياه.
وجاءت شهادة ثالثة من خلال تصريح واضح وصريح للسفير أحمد عبد العزيز قطان ردا على بعض ما تناقلته القنوات التلفزيونية الإخوانية من تصريحات مزيفة نسبت إليه بشأن منح مسؤولين وإعلاميين مصريين هدايا خاصة أثناء زيارة العاهل السعودي لمصر، والمعروف أن السفير قطان يثق الرأي العام المصري في جدية كلماته لا سيما حينما يقول إنه «سيقاضي كل من يسيء للعلاقات السعودية والمصرية عن طريق بث الأكاذيب والشائعات وتزوير الوثائق التي تنسب لأي مسؤول سعودي، والتي يكون الهدف منها الإساءة البالغة للعلاقة المتميزة التي توجت الزيارة التاريخية لخادم الحرمين لمصر.
لا شك أن شهادة الحق من جانب الدكتور مفيد شهاب والدكتور علاء النهري وكذلك التكذيب الجريء من جانب العزيز المحترم سفير المملكة، ستكفي نظريا للرد على الادعاءات والافتراءات المهاجمة لعودة السيادة السعودية للجزيرتين، ولكنها لا تكفي عمليا بسبب تساؤلات جزء من الرأي المصري.
أنا أفهم أن يكون رد فعل الدولة على أسلوب المعارضين يأتي نتيجة لعنف الهجوم والنقد وكأنه نقد للقصد والنية من جانب الدولة وكأنه تفريط في حقوق الوطن.
وهنا قد يكون من المفيد أن نوضح نموذجا حول مقولة مصرية، وهي تؤكد على أهمية كل شبر من أرض مصر. هذه القصة أو النموذج كان وقت مفاوضات كامب ديفيد والتي بدأت بحوار بين الرئيس السادات والرئيس كارتر، يقول من خلالها الرئيس السادات ما معناه إن كل شيء قابل للتفاوض إلا التنازل عن شبر من أرض الوطن.

وأثناء المفاوضات حول التنازل عن مستعمرة ياميت التي كانت تمثل أمتارا معدودة (مساحتها 600 متر ويقطنها 2500 إسرائيلي) لكي تسترد للسيادة المصرية، وأصر بيغن رئيس وزراء إسرائيل وقتها على الاحتفاظ بياميت وأصر السادات على استردادها وأدى هذه الخلاف إلى درجة عالية من التصعيد كانت نتيجته أن أمر الرئيس السادات بإعداد حقائبه ومغادرة كامب ديفيد ولجأ الرئيس كارتر إلى موشي ديان وإلى عزرا وايزمان للضغط على بيغن لإقناعة بالموافقة على التنازل عن ياميت ولم يقتنع بيغن قبل الثالثة صباحا وتم حل الأزمة وعادت أرض مستعمرة ياميت إلى السيادة المصرية.
فى علم السياسة هناك مواقف لا تقبل التنازل وهنا الحق في أرض تيران وصنافير هي حق تاريخي مشروع للمملكة السعودية.
font change