هل لقاح «كوفيد-19» آمن؟ وهل سيكون إجباريًا؟

تساؤلات حول الفاعلية والأمان

هل لقاح «كوفيد-19» آمن؟ وهل سيكون إجباريًا؟

* كشف استطلاع رأي أجراه مركز غالوب في نوفمبر أن 58 في المائة من الأميركيين يقولون إنهم قد يحصلون على لقاح كوفيد-19، بعد أن كانت نسبتهم 50 في المائة في سبتمبر الماضي
* قد لا تفرض الحكومة لقاحات، إلا أن هناك بعض الطرق لجعل الناس يحصلون على اللقاح، وهي فرضه في حالة استخراج جواز سفر مثلًا أو لاستخدام تصاريح حرية الحركة أو جوازات سفر مناعية أو شهادات تحصينات، كدفعة نحو تنفيذ العملية

لندن: 
أعلنت شركة أسترازينيكا يوم الاثنين أن لقاحها المضاد لكوفيد 19 «ذو فاعلية عالية». يأتي ذلك بعد انتشار أخبار إيجابية مشابهة من شركة الأدوية فايزر، التي طرحت لقاحها الأسبوع الماضي للاستخدام في الحالات الطارئة، وموديرنا.
أثار لقاح فيروس كورونا الذي طال انتظاره، مثل العديد من التحصينات، الكثير من الجدل مع تزايد المخاوف بشأن سلامته وما إذا كان سيصبح إجباريًا.
 
هل سيكون لقاح كوفيد آمنا؟
لن يروق لكثير من الناس فكرة حقن أجسامهم باكتشاف علمي جديد تمامًا. يطرح كثيرون أسئلة مثل: هل أثرت سرعة تطوير اللقاحات وتجاربها على نزاهته العلمية؟ كيف قررت الجهات التنظيمية؟ ما هي الآثار الجانبية المقبولة؟ ما الذي سيحدث إذا أصيب شخص ما بأثر جانبي خطير للقاح كوفيد بعد طرحه؟
تبدأ تجارب السلامة في المعمل حيث تُجرى الاختبارات والأبحاث على الخلايا والحيوانات، قبل الانتقال إلى دراستها على البشر. والمبدأ هو البدء على نطاق صغير ولا يتم الانتقال إلى المرحلة التالية من التجارب إلا إذا لم تقع أي مخاوف واضحة تتعلق بالسلامة. وطالما كانت بيانات السلامة الواردة من المعمل جيدة، يستطيع العلماء التوثق من أن اللقاح أو العلاج فعَّال أيضًا. ويتضمن ذلك إجراء تجارب على أعداد كبيرة من المتطوعين. وتتم مراجعة العمل كله والتحقق منه على نحو مستقل.
على الرغم من أن التجارب على لقاح كوفيد أجريت بسرعة هائلة، فإنها لم تتخط أيا من هذه الخطوات. وتم تعليق تجارب لقاح كوفيد-19 من إنتاج أكسفورد (أسترازينيكا) في إحدى المراحل للتحقيق في سبب وفاة أحد المتطوعين، وهو واحد بين عدة آلاف. واستكملت التجارب من جديد بمجرد التأكد من عدم صلة اللقاح بالوفاة.
في إفادة فريق عمل البيت الأبيض لمواجهة كورونا، حاول الدكتور أنتوني فاوتشي تهدئة المخاوف حول سلامة أول لقاحين تصدر تقارير أولية عن نتائج التجارب السريرية لمرحلتيهما الثالثة.
وصرح الدكتور فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية قائلًا: «إن عملية السرعة لم تضر على الإطلاق بعملية السلامة، ولم تقوض النزاهة العلمية». وأضاف: «بل كانت انعكاسًا للتقدم العلمي الاستثنائي في هذا النوع من اللقاحات والذي يسمح لنا بإنجاز أمور في شهور بعد أن كانت تستغرق أعوامًا».
متظاهر يحمل نموذجاً لحقنة لقاح «كوفيد-19» يعتقله ضباط شرطة في مظاهرة ضد فاعلية توعية بلقاح كورونا في المقر الأوروبي لمؤسسة بيل وميلندا غيتس في لندن ببريطانيا، يوم 24 نوفمبر 2020 (غيتي)

تحصل اللقاحات على تصاريح بناء على البيانات الصادرة عن التجارب السريرية والتي تهدف إلى تقييم سلامتها على المدى القصير، وقدرتها على تحفيز رد فعل مناعي، وقدرتها على منع الإصابة بالمرض في مئات ثم آلاف المتطوعين. من المهم كذلك الإشارة إلى أن أسوأ الأضرار تقع بعد تلقي اللقاح بفترة قصيرة، وليس بعد عدة شهور أو سنوات. ولا يتم منح الموافقة على لقاح إلا إذا اقتنعت هيئة التنظيم الحكومية بأنه آمن وفعَّال.
بعد الحصول على الموافقة، تستمر عمليات الفحص للتأكد من عدم وقوع أي آثار جانبية أو مخاطر أخرى طويلة الأجل. ومن المهم أن العاملين في المجال الطبي مدربون على الإبلاغ عن أي حادث سلبي يثير قلقهم، بغض النظر عما إذا كانوا يظنون تسبب اللقاح به أو لا. كما أنه طُلب منهم التحلي باليقظة على وجه خاص في حالة اللقاحات المستخدمة حديثًا. وإذا تم الإبلاغ عن أي حادث سلبي، سوف تحقق هيئة التنظيم الطبي بدقة في ما إذا كان الحادث مجرد مصادفة أو نتيجة للقاح، وسوف تتدخل إذا لزم الأمر، على سبيل المثال بإصدار تحذير بعدم تلقي فئات معينة للقاح أو حتى سحب اللقاح وذلك في حالات نادرة.
 
هل ستكون اللقاحات إجبارية؟
وعلى نفس المنوال يواجه قبول اللقاح، سواء كان إجباريًا أم لا، بعض الاعتراضات؛ حيث كشف استطلاع رأي أجراه مركز غالوب في نوفمبر (تشرين الثاني) أن 58 في المائة من الأميركيين يقولون إنهم قد يحصلون على لقاح كوفيد-19، بعد أن كانت نسبتهم 50 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ولكن اختيار كثير من الناس عدم تلقي اللقاح سوف يؤخر تطبيق مناعة القطيع، لذلك يؤيد بعض المسؤولين فكرة فرض التحصينات بصفة إجبارية.
في أغسطس (آب) الماضي، اقترح رئيس وزراء أستراليا أن يكون اللقاح إجباريًا في بلاده، ولكنه تراجع لاحقًا عن هذه التصريحات. وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أوصت نقابة المحامين بولاية نيويورك بأن تدرس الولاية جعل اللقاح إجباريًا على جميع السكان، فيما عدا الفئات التي يستثنيها الأطباء.

وقال الدكتور أنتوني فاوتشي إنه «لن يؤيد بالتأكيد» فرض لقاح كوفيد-19 إجباريًا على جميع أنحاء البلاد. وقال في شهر أغسطس (آب) الماضي: «لا نرغب في إجبار أي شخص على الحصول على اللقاح. لم نفعل ذلك مطلقًا. يمكننا فرضه على فئات معينة مثل العاملين في المجال الطبي، ولكن لا يمكننا ذلك مع عامة الشعب». وأضاف: «لا نريد أن تجبر الحكومة الفيدرالية عامة الشعب، حيث لا يمكن تنفيذ ذلك ولن يكون مناسبًا».
قد لا تفرض الحكومة اللقاح، إلا أن هناك بعض الطرق لجعل الناس يحصلون على اللقاح، وهي فرضه في حالة استخراج جواز سفر، على سبيل المثال، أو لاستخدام تصاريح حرية الحركة أو جوازات سفر مناعية أو شهادات تحصينات، كدفعة نحو تنفيذ العملية.
وقد ذكرت ورقة بحثية نشرت في «ذا لانسيت» في الشهر الماضي أن البعض يعتبر  جوازات السفر المناعية «غير أخلاقية وغير عملية»، ولكنها دفعت بوجود «فرضية قوية تدافع عن الحفاظ على حرية الحركة إن كانت الفكرة ذات جدوى». وأضاف كاتبو الدراسة أن العودة إلى الحياة الطبيعية سوف يحقق كلا من «الفوائد الفردية والاجتماعية».

ويؤيد بعض أعضاء المجموعة الاستشارية العلمية للطوارئ ببريطانيا (سيج) هذه الفكرة أيضًا. وصرحت جانيت لورد، أستاذة بيولوجيا الخلايا المناعية في جامعة برمنغهام لـ«التايمز»، قائلة: «أعتقد أن جواز السفر المناعي فكرة معقولة، على الأقل في البداية».
وتدرس شركات الطيران كذلك فرض لقاحات كوفيد-19على المسافرين الدوليين. في أستراليا، حيث صرح رئيس شركة كانتاس أكبر خطوط جوية في البلاد، أنه بمجرد توفر لقاح الفيروس على نطاق واسع، من المرجح أن تشترط شركته على المسافرين الحصول عليه قبل أن يتمكنوا من السفر إلى الخارج أو الدخول إلى أستراليا. كذلك نقلت أكبر شركة طيران كورية جنوبية رسالة مشابهة. وصرحت جيل تشونغ المتحدثة باسم «كوريا آير» يوم الثلاثاء بوجود احتمال حقيقي أن تشترط الخطوط الجوية على المسافرين الحصول على اللقاح. وقالت إن السبب هو احتمالية اشتراط الحكومات الحصول على اللقاح لرفع إجراءات الحجر الصحي على رحلات الوصول.

كذلك تدرس صناعات أخرى ما إذا كان بإمكانهم ببساطة تشجيع الناس على الحصول على اللقاح أو فرضه عليهم. ويُعد العاملون في الرعاية الصحية نموذجًا تقليديًا. أحيانًا ما تشترط المستشفيات على بعض العاملين الحصول على لقاح الإنفلونزا أو فيروس الكبد الوبائي بي. وربما تفرض الجامعات على الطلاب والعاملين وأعضاء هيئة التدريس تلقي تحصينات ضد بعض الأمراض قبل دخول الحرم الجامعي. كما يمكن أن تضع المدارس اشتراطات مشابهة على الطلاب. ويفكر أصحاب الأعمال في الأمر أيضًا، ولكن على الرغم من قانونية فرض أصحاب الأعمال لقاح كوفيد-19 على العاملين لديهم، ستكون تلك مهمة صعبة وهائلة.
 
font change