حلفاء الولايات المتحدة يعيدون التفكير بسياساتهم النووية

الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث إلى وسائل الإعلام في البيت الأبيض قبل صعوده على متن «مارين-1» في واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة الأميركية، في 12 فبراير 2021 (غيتي)

حلفاء الولايات المتحدة يعيدون التفكير بسياساتهم النووية

* تعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن في خطاب تنصيبه بـ«ترميم التحالفات». ولكن بعد نشاطات إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب التي زادت من زعزعة الثقة، يجب على الولايات المتحدة أن تقدّم أكثر من التعهّدات الكلامية لطمأنة حلفائها حيال التزاماتها تجاههم وإزالة أيّ أفكار قد تدفعهم إلى الانضمام إلى نادي الدول النووية

* يجب على الولايات المتحدة أن تشرك أعضاء حلف الناتو وحلفاءها الآسيويين في عملية التخطيط النووي من البداية وأن تتشاور معهم عن كثب أثناء تحضير مراجعتها التالية للوضع النووي. ويجب عليها أيضًا أن تخطط لتنفيذ المزيد من التدريبات التي تتضمن بُعدًا نوويًا مع الحلفاء وتشرك القادة السياسيين المتحالفين معها على الدوام

* تكمن أكبر مشكلة نووية مجهولة في العقد المقبل في الترسانة الصينية التي- وعلى الرغم من أنها محاطة بالسرية- يعتقد أنها تخضع لتحديث سريع ويمكن أن يتضاعف حجمها في غضون بضع سنوات

* ساعدت تحالفات الولايات المتحدة في وقف انتشار الأسلحة النووية على مدى أكثر من 50 عامًا. ولكن بدأ حلفاء أميركا إعادة تقييم ترتيباتهم الأمنية- بما في ذلك أبعادهم النووية- بسبب التهديدات الإقليمية المتفاقمة والشكوك المتزايدة بشأن بقاء الولايات المتحدة في السلطة

 

إنّه العام 2030. رصدت أجهزة المراقبة الزلزالية انفجارًا ذرّيًا غير متوقّع تحت الأرض ينذر بأنّ دولة أخرى انضمّت إلى نادي الدول النووية الذي أصبح اليوم يضمّ 20 عضوًا، وانضم أكثر من ضعف عدد أعضائه في 2021. ولكنّ المفاجأة هي أنّ مصدر انتشار السلاح النووي ليس الدول الفاسدة التي تمارس الابتزاز في هذا المجال، بل دول تُعرف بموقفها الحذر والتزامها بالقانون وتحالفها مع الولايات المتّحدة الأميركيّة. وتعهّدت هذه الدول بأنّها لن تمتلك السلاح النووي قبل سنوات عندما وقّعت معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، إلّا أن الحلفاء غيّروا رأيهم وانسحبوا من الاتفاقية ودفعوا باتجاه انسحاب دولٍ إضافية  في ظلّ السباق العالمي لامتلاك القنبلة. وساهم هذا الأمر في تضاعف عدد أصحاب القرار النووي وعزّز احتمال حصول سيناريو مرعب يتمثّل بإطلاق واحدة من هذه القنابل.

قد يكون هذا السيناريو غير واقعي، ولكنّه بات اليوم  واردا أكثر ممّا يتوقّع الكثيرون. وتركّز تهديد انتشار السلاح النووي في العقود الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط وآسيا ولكنّ الحال لم يكن كذلك دائمًا. ففي الستينات، شعرت واشنطن بالقلق من اقتناء حلفاء لها في أوروبا وآسيا لسلاحٍ نووي وتوقّع مسؤولو الاستخبارات الأميركية أن يتراوح عدد القوى النووية في العالم بين 10 و15 دولة بحلول السبعينات من بينها أستراليا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا. ووُضعت معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية لحماية العالم من هذا الاحتمال. ومنذ توقيعها عام 1968، اقتنت أربع دول فقط هي الهند وإسرائيل وباكستان وكوريا الشمالية أسلحة نووية تشغيلية واحتفظت بها. ويعود هذا النجاح في معظمه إلى جهود الولايات المتحدة المركّزة لتوسيع مظلّتها النووية لتشمل الحلفاء في آسيا وأوروبا الذين قرّروا بعد حصولهم على التطمينات اللازمة بالحماية من الاعتداءات والتهديدات النووية عدم تطوير قدراتهم الخاصّة في هذا المجال.

ولكنّ الحلفاء يعيدون حاليًا النظر في هذا القرار لأنّهم يواجهون تهديدًا عسكريًا متناميًا من قوى مالكة للسلاح النووي، بالتزامن مع ازدياد عدائية روسيا والصين وتحديثهما الدائم لقواهما النووية. كما أنّهم أصبحوا يرون في الولايات المتحدة حكومة أهملت الاتفاقات الطويلة الأمد للسيطرة على السلاح وشعبًا لا يبدو مهتمًّا بالتعاون على مستوى العالم. ودفعت هذه الأمور مجتمعةً حلفاء أميركا إلى التشكيك في إمكانية استمرار اعتمادهم عليها في شؤونهم الدفاعية والأمنية وإلى التساؤل عما إذا كان الوقت قد حان للتفكير باقتناء القنبلة.

تعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن في خطاب تنصيبه بـ«ترميم التحالفات». ولكن بعد نشاطات إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب التي زادت من زعزعة الثقة، يجب على الولايات المتحدة أن تقدّم أكثر من التعهّدات الكلامية لطمأنة حلفائها حيال التزاماتها تجاههم وإزالة أيّ أفكار قد تدفعهم إلى الانضمام إلى نادي الدول النووية. كما سيتوجّب عليها القيام بخطواتٍ فعّالة لتعزيز الثقة بضمانة الولايات المتحدة النووية وتنشيط التعاون الدفاعي مع حلفائها بالإضافة إلى إعادة النظر بمسألة السيطرة على التسلّح. وقد يكون هذا البرنامج كبيرًا وصعبًا ولكنّه قابلٌ للتطبيق.

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأمين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرغ، يتحدثان إلى الصحافيين قبل عقد محادثات في مقر المستشارية في 27 أغسطس 2020، بألمانيا (غيتي)

دولٌ متوتّرة

تدور معظم النقاشات حول المظلّة الأميركية النووية في العواصم الحليفة خلف الكواليس ولكنّ مؤشرات القلق بدأت تبرز إلى العلن. وتشهد الدوائر الرسمية في ألمانيا شكوكًا متزايدة حول موثوقية الولايات المتحدة في هذا الشأن بينما ترتفع المزيد من الأصوات غير الحكومية التي تشجّع على اختيار ضمانة نووية بديلة عن واشنطن. فقد اقترح البعض الاعتماد على مظلّة نووية أوروبية تضمّ مزيجًا من القدرات الفرنسية والبريطانية المدعومة ماليًا من ألمانيا ودول أوروبية غير نووية أخرى. ومن جهتها، دعت فرنسا دولًا صديقة لها في الاتحاد الأوروبي إلى المشاركة في «حوارٍ استراتيجي»حول الضوابط النووية واحتمال المشاركة في أيّ ممارسات في هذا المجال.

في سياق متصل، تشهد بولندا دعوات لتعزيز القوّة الأوروبية النووية الرادعة برزت في ترحيب ياروسلاف كاتشينسكي، رئيس الحزب الحاكم في البلاد، بفكرة تحوّل الاتحاد الأوروبي إلى قوّة نووية تملك ترسانة تعادل الترسانة الروسية. وأظهرت تركيا بدورها اهتمامًا بالحصول على قنبلة نووية من خلال فتح الرئيس رجب طيّب إردوغان باب مناقشة هذا الخيار، قائلًا: «بعض الدول لديها صواريخ ذات رؤوس نووية وليست واحدة أو اثنتين. ولكن ممنوعٌ علي أن أحصل عليها، أنا لا أقبل ذلك».

ولا يختلف الوضع كثيرًا في آسيا، حيث تشعر اليابان، الدولة الوحيدة التي تعرّضت لاعتداء نووي في تاريخ البشرية، بالقلق حيال قدرات مظلّة الولايات المتحدة النووية ولا سيّما في ظلّ تصاعد عدائية جيرانها المالكين لهذا السلاح. ولكنّ الشكوك حول موثوقية أميركا ليست جديدة في اليابان. ففي السبعينات، أخّرت الحكومة اليابانية توقيعها على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية لأكثر من خمس سنوات خوفًا من تعزيز هذه المعاهدة لدونيتها في المجال النووي ومن عدم كفاية المظلّة الأميركية لضمان أمن البلاد. واليوم، يزداد هذا القلق مدعومًا بإصرار الصين المستحدث على العمل النووي والتطوّرات التي تشهدها كوريا الشمالية في هذا الصدد. صحيح أنّ المسؤولين اليابانيين لا يرفعون الصوت في إثارتهم لاحتمال اقتناء بلادهم لترسانة نووية خاصّة بها، ولكنّ اليابان لا تهمل هذه المسألة ولن تنتظر كثيرًا قبل اتخاذ قرارها النهائي.

وتطرح كوريا الجنوبية بدورها مسألة افتقارها للترسانة النووية في ظلّ اختبار كوريا الشمالية للأسلحة النووية الذي بدأ عام 2006 ولم يتوقّف عن التقدّم منذ ذلك الوقت، بل تطوّر إلى صناعة عشرات الأسلحة ومئات الصواريخ التي يستطيع بعضها ضرب عمق الولايات المتحدة. بالإضافة إلى قلقها حيال أمنها، عمدت إدارة ترامب عام 2019 إلى إلغاء تدريبات عسكرية مشتركة مع كوريا الجنوبية وطلبت رفع المبالغ التي تدفعها بمعدّل خمسة أضعاف مقابل الإبقاء على آلاف الجنود الأميركيين في الجزيرة الكورية. ولم يدعم الكوريون فكرة تطوير ترسانة نووية خاصّة ببلادهم ولكنّ أصواتًا كثيرة بدأت تطالب بتطمينات أميركية أكبر وتدعو واشنطن إلى إعادة الأسلحة النووية التكتيكية القصيرة المدى ومنخفضة القوّة التي سحبتها بعد الحرب الباردة.

وأخيرًا، دفع القلق الذي تشعر به أستراليا من الصين الحكومة إلى الدعوة إلى «إعادة التنظيم الاستراتيجي الأكبر»لسياستها الدفاعية منذ الحرب العالمية الثانية مع التركيز الواضح على الدفاع عن أمنها القومي في منطقة المحيط الهادي- الهندي المحكومة بمنافسة بين قوى عظمى وخطر عدائي متصاعد. ولم تبدأ أستراليا بعد بإعادة النظر بغيابها عن الخارطة النووية ولكنّها قرّرت التزوّد بقدرات صاروخية بعيدة المدى لتعزيز فعالية دفاعها ومكانتها الردعية. ولكن إذا ثبت أنّ الشكوك حول موثوقية الولايات المتحدة في الأمن النووي ليست مسألةً مؤقتة، فقد يؤدّي هذا الأمر إلى تجدّد الجدل حول سياسة أستراليا غير النووية.

 

تبديد الشكوك

تبدأ طمأنة الحلفاء بالعودة إلى الأساسيات: يجب على إدارة بايدن التأكيد مجددًا وبوضوح على الأركان الأساسية لالتزامات الولايات المتحدة الأمنية. وهذا يعني تأكيد التزاماتها التعاهدية بشأن الدفاع الجماعي وعكس قرار إدارة ترامب الذي ينص على سحب القوات الأميركية من ألمانيا ودول أخرى والتفاوض على ترتيبات تقاسم التكاليف طويلة الأجل مع الدول التي تتواجد فيها القوات الأميركية في آسيا وأوروبا.

ولكي يتم محو الشكوك حول مظلة الولايات المتحدة، يجب على إدارة بايدن طرح أهم القضايا النووية مع الحلفاء. وعليها أن تشرك أعضاء حلف الناتو وحلفاءها الآسيويين في عملية التخطيط النووي من البداية وأن تتشاور معهم عن كثب أثناء تحضير مراجعتها التالية للوضع النووي. ويجب عليها أيضًا أن تخطط لتنفيذ المزيد من التدريبات التي تتضمن بُعدًا نوويًا مع الحلفاء وتشرك القادة السياسيين المتحالفين معها على الدوام. وأخيرًا، على الإدارة أن تسعى لتعزيز القدرات الدفاعية والردعية لتحالفاتها في آسيا وأوروبا. وقد يستلزم ذلك زيادة عدد القوات الأميركية في كلتا المنطقتين أو على الأقل التعهد بالحفاظ على أعدادها الحالية. وقد يتطلب أيضًا نشر قدرات إضافية للدفاع الصاروخي ومراجعة موقف الولايات المتحدة النووي في كلتا المنطقتين لضمان إمكانية قدراتها الحالية الحفاظ على مصداقية مظلتها النووية. ومهما كانت هذه القرارات، فيجب أن تُتخذ فقط بالتشاور الوثيق مع حلفاء الولايات المتحدة وبدعوة منهم.

وسينبغي على الحلفاء القيام بدورهم كذلك. فكما قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: «يتعين على أوروبا تحمل المزيد من المسؤولية في المجالين العسكري والدبلوماسي». ولكن عليها القيام بذلك من خلال بناء قدرة عسكرية حقيقية- قدرات قتالية محسنة وجاهزية معززة- بدلًا من فرض المزيد من الإجراءات أو فتح المقرات. وستحتاج أوروبا أيضًا إلى تعزيز البعد النووي لجهودها الدفاعية. ويتوجب على الحلفاء الأوروبيين الذين يشاركون حاليًا في مهمات الناتو النووية من خلال نشر الطائرات وتلقي الأسلحة الأميركية الاحتفاظ بهذه القوات وتحديثها.

لا يجب على القوتين النوويتين في أوروبا الغربية، أي فرنسا والمملكة المتحدة، تعميق تعاونهما النووي على المدى الطويل فحسب، بل عليهما أيضًا اقتراح توسيع نطاق الردع النووي ليشمل حلفاءهما الأوروبيين، لتصبح النتيجة مظلة نووية أوروبية من شأنها إتمام ضمانات أميركا النووية بدلاً من الحلول محلها وكذلك تعزيز الناتو والأمن الأوروبي. وفي الواقع، هذا هو الهدف من القدرات الأوروبية الأكبر، وعلى الولايات المتحدة أن توضح أنها ترحب بأي جهود لتعزيز التعاون الدفاعي داخل أوروبا. فقدرة المنطقة على التصرف بشكل مستقل لا تشكل أي تهديد للولايات المتحدة أو الناتو، بل إنها تجعل أوروبا شريكًا عسكريًا أقوى.

وستكون إعادة الثقة بين حلفاء الولايات المتحدة في آسيا أكثر تعقيدًا لأن المنطقة تفتقر إلى نسختها الخاصة من حلف الناتو وتعتمد بدلاً من ذلك على الترتيبات الأمنية الثنائية. ولتستطيع واشنطن التعويض عن ذلك، عليها أن تشجع حلفاءها الآسيويين ليتعاونوا أكثر ويعيدوا تأسيس التعاون الأمني الثلاثي مع اليابان وكوريا الجنوبية الذي توقف مؤخرًا بسبب الخلافات بين القوتين الآسيويتين. ويتوجب على واشنطن أيضًا إنشاء هيئة تعادل مجموعة التخطيط النووي التابعة لحلف الناتو في آسيا وتسعى لإشراك أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية في عملية التخطيط النووي الأميركي وتزويدهم بمنصة لمناقشة الردع الإقليمي.

وأخيرًا، قد تحتاج الولايات المتحدة والدول الثلاث الأخرى المشتركة في الحوار الأمني الرباعي في آسيا (أستراليا والهند واليابان) إلى النظر في ضم كوريا الجنوبية إلى المجموعة إذا أعربت سيول عن اهتمامها بالانضمام.

وتكمن أكبر مشكلة نووية مجهولة في العقد المقبل في الترسانة الصينية، التي- وعلى الرغم من أنها محاطة بالسرية- يعتقد أنها تخضع لتحديث سريع ويمكن أن يتضاعف حجمها في غضون بضع سنوات. وتمتلك الولايات المتحدة وحلفاؤها حافزًا قويًا لاختراق غموض الصين النووي والحصول على رؤية أكبر لقدراتها. ويمكن لاتفاقيات الحد من التسلح أن تلعب دورًا في هذا المجال إذ توفر قدرًا أكبر من الشفافية حول القدرات وتبادل وجهات النظر حول النوايا والاستقرار في العلاقة النووية ككل.

وتحتاج الولايات المتحدة في الواقع إلى إصلاح نهجها في الحد من التسلح على مستوى العالم. وقد اتخذ بايدن خطوة أولى حكيمة عندما وافق على تمديد معاهدة ستارت الجديدة مع روسيا، والتي تشمل الأسلحة الاستراتيجية بعيدة المدى فقط. ويجب أن تكون الخطوة التالية توقيع اتفاقية ثنائية جديدة تهدف إلى تغطية جميع الرؤوس الحربية النووية الأميريكية والروسية، تتضمن تلك الموجودة في المخازن، بالإضافة إلى أنظمة جديدة لإيصال الأسلحة النووية، مثل الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.

ومع ذلك، يجب أن يتجاوز الحد من التسلح الإطار الأميركي الروسي المهيمن لعقود. ويجب أن يتضمن التجمع المنطقي للمناقشات الموسعة الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة- الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدةـ وعليهم أن يبدأوا حوارًا يعالج القضايا النووية. وبمرور الوقت، يمكنهم التفاوض على تدابير من شأنها تسليط الضوء على ترساناتهم وإقناع بعضهم البعض بالطبيعة الدفاعية لتلك الترسانات وطرح إمكانية القيود المتبادلة. وكخطوة أولى، يمكن للولايات المتحدة وروسيا دعوة الأعضاء الثلاثة الآخرين لمراقبة عمليات التفتيش التي تجريها واشنطن وموسكو كجزء من التزاماتهما الحالية للحد من الأسلحة، وبالتالي إظهار قيمة الشفافية دون الكشف عن الأسرار الهامة حول تصاميم الأسلحة. وبعدها، يمكن للدول الخمس الموافقة على تبادل المعلومات حول قدراتها النووية وإخطار بعضها البعض بشأن التجارب التي ستجريها على الصواريخ وأسلحتها الأخرى واتخاذ خطوات من شأنها تعزيز الشفافية. وفي النهاية، يمكن لكل دولة الالتزام بالحد من قدراتها النووية إلى أدنى مستوى ممكن.

أعلام الناتو وألمانيا ترفرف بالقرب من قاعدة في سبانغدليم الجوية الأميركية بألمانيا، في 22 أكتوبر 2020 (غيتي)

على المحك

ساعدت تحالفات الولايات المتحدة في وقف انتشار الأسلحة النووية على مدى أكثر من 50 عامًا. ولكن بدأ حلفاء أميركا إعادة تقييم ترتيباتهم الأمنية- بما في ذلك أبعادهم النووية- بسبب التهديدات الإقليمية المتفاقمة والشكوك المتزايدة بشأن بقاء الولايات المتحدة في السلطة.

ويسعى بايدن لإعادة بناء التحالفات الأميركية كأولوية أساسية منذ اللحظة التي تولى فيها منصبه. وكان الرئيس محقًا في التشديد على التزام الولايات المتحدة تجاه الناتو خلال مكالمة هاتفية مع الأمين العام للحلف والحلفاء الأوروبيين الرئيسيين وكذلك الأمر في اتصالاته مع رؤساء أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية.

ولكن المهمة الصعبة تبدأ الآن من خلال السعي لتحويل العلاقات بطرق جوهرية أكثر- أي تعزيز قدرات الردع والدفاع في كل مكان وضم الحلفاء الآسيويين والأوروبيين إلى عملية التخطيط النووي الأميركية وتوسيع جهود الحد من التسلح خارج روسيا. ولا يعتبر برنامج العمل هذا مستحيلًا ولكنه طارئ للغاية. وما على المحك اليوم نجاحٌ دام عقودًا: منع انتشار أخطر الأسلحة في العالم.

* نشرت هذه المقالة أولًا على موقعForeignAffairs.com.

font change