رأيان أميركيان متعارضان: التحرش الجنسي.. وملابس النساء

(غيتي)

رأيان أميركيان متعارضان: التحرش الجنسي.. وملابس النساء

واشنطن: في الشهر الماضي، اهتمت صحف أميركية كبيرة بتصريحات أدلى بها عمران خان، رئيس وزراء باكستان، سكبت الزيت على نقاش ساخن يستمر منذ عقود: هل ملابس النساء مسؤولة عن التحرش الجنسي بهن؟

قال خان، في مقابلة مع موقع «أكسيوس» الأميركي: «لا بد أن تؤثر المرأة التي تلبس ثيابا قليلة جدا على الرجل، إلا إذا كان الرجل روبوتا». وتحدث عن الحل، وهو تخفيض «الإغراءات النسائية» بما يخفض حالات الاغتصاب، والاعتداء الجنسي، والتحرش الجنسي.

قالت مجلة «نيوزويك» أن خان «يحمل النساء اللائي يلبسن ملابس قليلة مسؤولية العنف الجنسي». وقالت صحيفة «واشنطن بوست» إنه «انتقد النساء» اللائي «يلبسن قطعا قليلاً جدًا من الملابس». وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إنه «ربط الاغتصاب بحجم ملابس النساء».

طبعا، لا يقتصر هذا الموضوع على باكستان والولايات المتحدة.

وقبل عامين، قال استطلاع أجرته صحيفة «الإندبندنت» البريطانية أن «أكثر الرجال البريطانيين قالوا أن المرأة أكثر عرضة للتحرش الجنسي عندما تلبس ملابس كاشفة». وإن 55 في المائة من الرجال قالوا إنه «كلما كشفت المرأة عن مزيد من جسدها، زاد احتمال تعرضها للتحرش أو الاعتداء الجنسي».

وفي العام الماضي، كشف استطلاع في 56 دولة أجراه مركز أبحاث «بيو» في واشنطن أن النساء في هذه الدول «يعانين من العداء الاجتماعي بسبب الملابس التي يلبسونها، والتي تخالف معايير الملابس الدينية، أو معايير الملابس العلمانية... وأن الأذى الذي يلحق بهن يختلف من إساءات لفظية، إلى عنف جسدي، وإلى القتل».

التحرش في مصر.. وصمة تلاحق الضحية لا الجاني

وفيما يلي رأيان متعارضان عن هذا الموضوع:

  • في جانب، كيم ك. بي. جونسون، أستاذة في جامعة مينيسوتا، ومؤلفة مشاركة لكتب كثيرة، منها: «علم النفس الاجتماعي للملابس»، و«الموضة والمستهلك»، و«الملابس والقوة».
  • وفي الجانب الآخر، ساندرا شولمان، الرئيسة السابقة لجمعية علم النفس الأميركية، والمستشارة النفسية الدولية. درست في جامعة هارفارد وحصلت على الدكتوراه في علم النفس من جامعة ولاية أوهايو.
كيم ك. بي. جونسون، أستاذة في جامعة مينيسوتا، ومؤلفة مشاركة لكتب كثيرة

كيم ك. جونسون: «المظاهر مهمة»

أثبتت أبحاث اجتماعية ونفسية أميركية، وفي فترات زمنية مختلفة أن ملابس الشخص تؤثر كثيرا، وفي الحال، على كل من يشاهد هذا الشخص.

بصورة خاصة، أثبتت هذه الأبحاث أن نتائج ملابس المرأة قد تكون قاسية، وقد تكون لها ردود فعل اجتماعية، واقتصادية، وقانونية. ومن جانبين:

جانب مباشرة، مثل ملاحظة نسبة الملابس إلى نسبة الجسد المكشوف.

وجانب غير مباشر، مثل أهمية المرأة، ومنصبها، وتأثيرها على المعجبين بها، أو المؤيدين لها.

وفي الحالتين، تظهر أهمية ملابس المرأة.

* أكثر الرجال البريطانيين قالوا إن المرأة أكثر عرضة للتحرش الجنسي عندما تلبس ملابس كاشفة

وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن بعض النساء يستخدمن الملابس استخداما متعمدا لتقديم معلومات جنسية عنهن. لكن، إذا استخدمن الملابس لإثارة الرجال جنسيا، فيمكن أن يسيء الرجال تفسير ذلك، ويمكن أن تكون ردود الفعل سلبية بالنسبة لهؤلاء النسوة.

وربطت الأبحاث بين الملابس المثيرة جنسيا والعنف الجنسي. وذلك في حالتين:

الأولى: عنف مباشر ضد المرأة التي ترتدي هذه الملابس.

الثانية: عنف غير مباشر ضد النساء كلهن، وبما يولد كراهية عامة، أو احتقارا عاما، للنساء كلهن ...

وفسرت الأبحاث هذا العنف بأنه قد لا يكون هجوما، بل فقط مثل لمس غير مرغوب فيه، أو مسك يد غير مرغوب فيه، أو تعليق غير مرغوب فيه، أو حتى نظرة عميقة غير مرغوب فيها ...

ومن المجالات الأخرى التي تهم الباحثين استخدام الملابس «المثيرة» للتعبير عن الرغبة الجنسية أو جذب الانتباه الجنسي للآخرين.

ولأن هذا الموضوع عمره من عمر الإنسان، ولأن تفسير «اللباس المثير» يختلف من عصر إلى عصر، وضع الباحثون تقسيمات يمكن أن تطبق على كل عصر. ووضعوا تقسيمات لكل فعل، وردود كل فعل.

 ولاحظوا، بسبب عوامل دينية، وأخلاقية، واجتماعية، استمرار زيادة نسبة ما لا يغطى (اللباس المثير) من جسد المرأة على نسبة ما يغطى ..

لكن، بصرف النظر عن هذه النسب، وجد الباحثون أن أعدادا ليست قليلة من النساء يتعمدن لبس «ملابس مثيرة وجريئة وجذابة أومريحة». وأن هدفهن هو الغزل مع الرجال، أو إغراؤهم. وأن هذا الإحساس يقود إلى الاعتقادات الآتية:

أولا: إغراء الرجل جزء من طبيعة المرأة.

ثانيا: الحصول على المرأة جزء من طبيعة الرجل.

ثالثا: رغبة الرجل الجنسية أقوى من رغبة المرأة.

رابعا: ملابس المرأة تغري الرجل أكثر من العكس.

ساندرا شولمان، الرئيسة السابقة لجمعية علم النفس الأميركية، والمستشارة النفسية الدولية

ساندرا شولمان: «مجرد عذر»

يتكرر سؤال عام كلما سمعنا عن اغتصاب، ومغتصب، ومغتصبة: «لماذا اغتصبها؟» لكن، لا يناقش الناس سؤالا آخر تسأله المغتصبة، وهو: «لماذا أنا؟».

هذا السؤال هام لأن الضحية، بصورة طبيعية، تريد أن تعرف سبب الظلم القاسي الذي وقع عليها. وتريد أن تتأكد أن الحياة ليست عشوائية، وأن فيها قوانين وأنظمة تحمي الناس، وتحمي المجتمعات ...

ملايين المرات، سارع المحللون والمراقبون، وأجابوا على سؤال: «لماذا اغتصبها؟» بقولهم إن السبب هو «اللباس المثير جنسيا».

لكن، لا تؤكد ذلك نتائج أبحاث علمية، وتحقيقات شرطة، ومرافعات أمام قضاة. تؤكد هذا أن نساء قد اغتصبن وهن يرتدين ملابس تغطي كل أجسامهن، أو جزءا كبيرا من أجسامهن، أو تغطي حتى شعورهن ووجوههن. وتوضح أكثر من حالة أن نساء اغتصبن وهن يرتدين ملابس التزحلق على الجليد...

* يتكرر سؤال عام كلما سمعنا عن اغتصاب، ومغتصب، ومغتصبة: «لماذا اغتصبها؟» لكن، لا يناقش الناس سؤالا آخر تسأله المغتصبة، هو: «لماذا أنا؟»

في كل الحالات، هذه حجج هدفها هو:

أولا: نقل مسؤولية الاعتداء الجنسي من المعتدي إلى المعتدى عليها.

ثانيا: تأكيد سيطرة الرجال على النساء.

ثالثا: تأكيد نظرة كثير من الرجال للنساء على أنهن لسن غير «أهداف جنسية».

لكن، الواقع هو أن هذه الجرائم تؤذي الضحية جسديًا ونفسيا. وفي حالات كثيرة تسبب التوتر، أو الاكتئاب، أو حتى الانتحار.

وحسب نتائج أبحاث علمية كثيرة، وعكس أشياء كثيرة، مثل ظلم، أو مخالفة قانون، أو مشاكسة، فإن الاعتداء الجنسي لا ينسى من قبل الضحية. ويا للهول إذا تكرر.

حملات في لبنان لـ «فضح المتحرش» ومعاقبته

وفي الحقيقة، تقول أعداد ليست قليلة من النساء إن اعتداء جنسيا واحدا قد يكون مثل اعتداءات جنسية متكررة. وذلك لأنه يعيش في عقل الضحية، وخاصة إذا فكرت في موضوع جنسي، ناهيك عن إذا مارست الجنس ...

وأخيرا، يستطيع الذين يبحثون عن أعذار وتفسيرات للاعتداءات الجنسية العثور على كثير من الأعذار، لكن ملابس النساء ليست واحدة من هذه الأعذار.

 اتهامات وتحرش في مهرجان القاهرة السينمائي

 

font change

مقالات ذات صلة