محمود الخطيب لـ «المجلة»: الكرة العربية متخلفة!

محمود الخطيب يتمرّن

محمود الخطيب لـ «المجلة»: الكرة العربية متخلفة!

بعد غياب طويل استمر 107 أيام، أي منذ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عاد محمود الخطيب كابتن الفريق القومي، لصفوف فريقه الأهلي وقاده للفوز على المرسى التونسي في دور الـ32 لبطولة كأس أفريقيا للأندية أبطال الكؤوس، والصعود إلى دور الـ16 حيث سجل هدفا وكان محور تحركات الفريق.

ولا يختلف اثنان من الكرويين على أن محمود الخطيب «ببيو» نوع فريد من الموهبة الكروية في ملاعبنا العربية.. يشاركه هذه الندرة نجوم آخرون مثل ماجد عبد الله، وطارق دياب، وقليلون غيرهما، إلا أن شهرة موهبة «بيبو» ذاع صيتها بشكل أكثر في الميدان الدولي، من خلال لعبه مع ناديه الأهلي وأيضا المنتخب المصري والعربي حتى حصل العام الماضي على لقب أحسن لاعب في أفريقيا.

ولكن هذه الموهبة، كثيرا ما تسبب الحيرة لمحبيها من مشجعي كرة القدم في مصر والعالم العربي، وأيضا أفريقياً، ذلك أن الخطيب في أحيان كثيرة لم يعد بخطورته المعهودة على مرمى الخصم، شأنه في ذلك شأن المواهب الكروية الأخرى في العالم، مثل مارادونا وزيكو وغيرهما.

وكانت أن التقت «المجلة»، بالنجم الخطيب تبحث لديه عن إجابة لحقيقة مستواه، وهل إن دور الموهبة في ملاعب كرة القدم بدأ في التقلص في الخطط الكروية الحديثة التي تعتمد على الأداء الشامل لمجموعة اللاعبين.. وما هو وضعها الحالي في ملاعبنا العربية؟

«المجلة» التقت بالخطيب وأجرت معه حوارا مطولا تناول كل ما يخطر على بال المحبين والمتتبعين لتحرك الخطيب الكروي وقد استهللنا الحوار بسؤاله عن رأيه في المباراة الأخيرة وخططه في المرحلة المقبلة...

 

الكرة العربية متخلفة!

 

قال محمود الخطيب:

في البداية أحمد الله سبحانه وتعالى أن وفقنا لتحقيق الفوز الكبير وتقديم عرض مشرف يليق بالكرة المصرية وباسم النادي الأهلي الكبير، وفي رأيي أن المباراة جاءت قوية وسريعة من الطرفين وقدم خلالها فريق المرسى أقصى ما يملك، ولم يدخر أحد جهدا، ولكن فارق الإمكانيات المادية والفنية رجح كفتنا، حيث لعب زملائي مباراة طيبة، وهاجموا من البداية وكان هناك تصميم واضح على تحقيق الفوز وبنسبة طيبة من الأهداف وخاصة بعد أن تأكدوا على أثر اللقاء الأول من أن فريق المرسى ليس من الفرق السهلة.

اشتراكي في المباراة كان باتفاق مع الكابتن السايس على أساس أن ألعب نصف ساعة كبداية لعودتي للملعب وبالفعل اشتركت بعد سبع دقائق من الشوط الثاني، وحاولت أن ألعب السهل الممتنع وبالتعاون مع زملائي وفقنا الله لتحقيق الفوز وبعدد طيب من الأهداف إلى جانب تقديم مباراة طيبة.

أعتقد أنني- والحمد لله- قد تماثلت للشفاء بنسبة كبيرة. وكان لقاء المرسى فرصة للاطمئنان على نفسي وإن شاء الله مع التدريب الجاد لاستعادة لياقتي البدنية يمكنني أن أعود للمباريات تدريجيا حتى أصل إلى أداء مباراة كاملة في القريب العاجل. ليس سرا أنني قسوت على نفسي في الفترة السابقة لكي أعود إلى الملعب بحالة طيبة، فقد نفذت جميع تعليمات الأطباء إلى جانب تدريبات اللياقة والسرعة والمهارات، وحرصت على أن أطمئن باستمرار على شفائي. والحمد لله عدت للملعب بالصورة الطيبة وهذا بتوفيق الله أولا وأخيرا.

فريق الأهلي حاليا قادر إن شاء الله على الفوز بالبطولة الأفريقية للعام الثاني على التوالي وهذا هو هدفنا جميعا ونحن مصممون على تحقيق ذلك والبداية طيبة. والمباريات القادمة سنبذل فيها أقصى الجهد لنواصل المسيرة وتحقيق النصر لمصر.

الدوري المحلي هدفنا أيضا وأمامنا سبع مباريات، ويلزمنا سبع نقاط للفوز بالبطولة وسنركز على تحقيق ذلك حتى نفوز بالبطولة بعد غياب عامين، إلى جانب کأس مصر أیضا.. كل المؤشرات تؤکد کفاءتنا ولیس لدينا أي مشاكل والكل يعمل بروح الأسرة الواحدة مع الكابتن السايس والجهاز المعاون.

أخيرا أتمنى أن أساهم مع زملائي بالمنتخب أيضا في تشريف الكرة المصرية في لقاء مدغشقر يوم 5 أبريل (نيسان) المقبل لنواصل المشوار ونصل لنهائيات كأس العالم إن شاء الله.

قلنا للخطيب: يرى البعض أن موهبتك الكروية ليست دائما في أوجها وخطورتك المعهودة على مرمى الخصم تنتفي في بعض الأوقات، ما تعليقك على ذلك؟

- رد الخطيب قائلا:

- الموهبة في كل زمان وعصر لها وضعها وشأنها الهام، سواء كان ذلك في الكرة الحديثة. أو في الخطط القديمة التقليدية، و«الكوتش» الناجح هو الذي يستطيع أن پبني خططه على استغلال العناصر الموهوبة في فريقه، حتى وإن لم يعط هذا اللاعب شيئا ملموسا في اللعب بسبب الرقابة التقليدية التي تفرض عليه مثلما يحدث مع «مارادونا» بصفة دائمة... ولكن يكفي أنه سيجعل عمل لاعب أو أكثر من الفريق الخصم متفرغا لمراقبته لينفتح الملعب أمام زملاء آخرين لتنفيذ خطط ذات فاعلية، وهنا يأتي دور «الكوتش»، ليبرز مهارته. كما يكفي اللاعب الموهوب أن يحصل بموهبته على عدد قليل جدا من الكرات ليسجل منها أهدافا رغم الرقابة، وبقدرة لا يستطيعها غيره من اللاعبين.

 

لوحة شرف أولمبية

* ولكن موهبتك لم تتجل بصورتها المعتادة في مباريات مصر بدورة لوس أنجليس الأولمبية.. فما أسباب هذا التراجع في تصورك؟

- ليس هناك أي تراجع، بل على العكس فأنا راض عن نفسي تماما خلال مباريات دورة لوس أنجليس.. لقد لعبت ثلاثا منها بالإضافة إلى 15 دقيقة تقريبا من المباراة الأولى أمام إيطاليا، وأمام كوستاریکا وأميرکا بالدور الأول، وفرنسا في الدور الثاني. تم اختياري بواسطة خبراء اللجنة الفنية الدولية التابعة لـ«الفيفا» كواحد من اللاعبين المتميزين في هذه المباريات، ومعي أيضا إبراهيم يوسف.. ثم عادل المأمور في مباراة واحدة.

 

* ولكنّ هناك اعتقادا سائدا بين الجماهير أنك في السنوات الأخيرة لا تستغل موهبتك بالشكل الذي كنت عليه في بدايتك فهل ذلك راجع لقلة اهتمامك بالتدريبات سواء مع ناديك أو المنتخب؟

- أنا أرفض تصور وجود مثل هذا الاعتقاد بين الجماهير.. لأنني مؤمن أن الله سبحانه وتعالى منحني موهبة كبيرة، ومن حقه علي أن أشكره لها، وأحافظ عليها بكل استطاعتي.. ولكن هناك واقع لا يمكن إنكاره. وهو أنني أحب التدريبات جدا لأنها وسيلتي للحفاظ على هذه الموهبة.

أما ظاهرة قلة عطائي في الملعب اليوم قياسا على الماضي، فسببها بالطبع كثرة إصاباتي وكثرتها ليست لضعف في بنياني فكلها إصابات ملعب وتدريبات نتجت  بسبب استعجالي الدائم  في العودة إلى الملاعب رغم عدم شفائي وذلك لإحساسي بأن الجماهير تنشدني، «وفريقي» سواء الأهلي أو المنتخب في حاجة إلي. أهم باللعب وأنا نصف سليم، فتعاودني الإصابة تلو الأخرى، وأنا لست نادما على كثرة إصاباتي وإهمال الاعتناء بشفائها الكامل، لأنني كثيرا ما وفقت في مباريات هامة، رغم الإصابة، ونلت تقدير الجماهير، وهذا يسعدني، ويقنعني بالاستمرار، حتی وإن أدى الأمر إلى اعتزال مبكر.. ثم إن السؤال نفسه مردود عليه من البداية أنني نلت في العام الماضي لقب أحسن لاعب فى أفريقيا.. ويؤسفني القول إن كثيرين يريدون أن يطمسوا هذا الإنجاز! بل يدعونني للاعتزال.. وهذا لن يحدث.

 

درس لوس أنجليس

مثلتنا- نحن العرب- خمسة منتخبات في ألعاب لوس أنجليس في كرة القدم.. وهذا الاحتكاك وضع الكرة العربية في ميزان الكرة الحديثة فرأيناها ما زالت تعتمد عل موهوبيها بشكل أساسي، في حين أن منتخبات مثل فرنسا والبرازيل ويوغوسلافيا، كانت تعتمد على الأداء الجماعي لكل لاعبيها، عل كثرة ما لديهم من لاعبين موهوبين..

- هذه هي الحقيقة.. لقد انكشفت الكرة العربية في ألعاب لوس أنجليس، وثبت أنها ما زالت بعيدة عن الكرة الحديثة. لأن كل فريق من الفرق الخمسة كان يعتمد تقريبا على لاعب أو اثنين المشهود لهم بالمهارة الفردية. أساليب هذه المنتخبات اهتزت بشكل أو بآخر، وإن بدا المنتخب المصري أكثر ذكاء، لأن لاعبيه كانوا يعرفون قوة الفريق الفرنسي، فعملوا على عدم الانهيار أمامه، مثلما حدث في مباراة العراق ويوغوسلافيا.. فقد كان العراقيون متقدمين (2/ صفر) ولكنهم انهاروا فجأة، عندما لجأوا للأساليب التقليدية ليخسروا المباراة (2/4). كذلك المنتخب السعودي المشهود له بالقوة في آسيا، لم يحاول التغيير من الاعتماد الكلي على لاعبه الكبير ماجد عبد الله.. وأقول حقيقة أن توقف المنتخب المصري عند دور الثمانية مناسب جدا لمستوى الكرة المصرية، وكان يمكن للمنتخب المغربي أن يقف مثل هذه الوقفة.. ولكن احتمال تقدم أي منهما لأكثر من ذلك كنت سأعتبره مجرد طفرة غير محسوبة أو متوقعة؟

 

* هل أصبح في الإمكان صناعة لاعب موهوب، مع تطور أساليب التدريب في كرة القدم، والتي وصلت إلى مستوی رفیع جدا في أوروبا بالذات؟

- أي «كوتش» مهما بلغت قدراته في علم التدريب غير قادر على تحقيق ذلك، ولكن ما يحدث الآن هو أن المدربين يلجأون إلى صنع توليفة قوية من لاعبين يملكون جميع المهارات الأساسية، ومع تطور الأساليب التكتيكية، يصبح الاعتماد على (الفرد) الموهوب أقل بكثير، وفي إطار اعتماد محدود داخل الخطة العامة.

 

font change

مقالات ذات صلة