القاهرة: شهد الملف الليبي في الساعات القليلة الماضية تسخينا جديدا وذلك بعد إعلان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح عن عدم مشروعية التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة أو التخاطب باسمها؛ كونها منتهية الولاية بموجب قرار مجلس النواب الصادر في 24 ديسمير (كانون الأول) الماضي 2021، وكذلك القرار رقم 10 لعام 2022 القاضي بسحب الثقة منها، داعيا إلى التعامل مع حكومة فتحي باشاغا باعتبارها السلطة التنفيذية وفق قرار مجلس النواب رقم 1 لعام 2022، هذا في الوقت الذي قام فيه رئيس الوزراء الدبيبة بزيارة للجزائر ولقاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للحصول على دعم سياسي لحكومته، في حين يحاول فتحي باشاغا رئيس حكومة الاستقرار الجديدة التحرك تجاه لندن من خلال طلب الحصول على دعم دولي لحكومته متعهدا بالتحرك في ملفي الإرهاب والهجرة غير الشرعية هذا في الوقت الذي أوقفت فيه المؤسسة الوطنية للنفط الإنتاج من حقل الفيل جنوبي البلاد بسبب ما وصفته بمحاولات الإغلاق التعسفي بعد دخول مجموعة من الأفراد لمنع الاستمرار في الإنتاج.
«المجلة» التقت الدكتور مصطفى علوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في مصر في حوار خاص لإلقاء الضوء على التطورات الأخيرة في الملف الليبي الساخن...
* كيف تقيمون الوضع الحالي في ليبيا بعد التطورات الأخيرة والتدافع الحاصل بين حكومتين على الساحة؟
- الصراع بين القوى المتدافعة في ليبيا يؤشر لاستمرار التوتر لفترة زمنية طويلة، فمن يتولى الأمر لم يقم بما كان يجب أن يقوم به من إعادة وصياغة البنية المؤسسية للدولة الليبية، وبالتالي القدرة على اتخاذ قرارات سليمة في صالح المواطن الليبي، ويجب أن تتحمل القوى السياسية جميعا مسؤولياتها الوطنية في هذه المرحلة المهمة من تاريخ ليبيا.
* هل إيقاف إنتاج النفط من بعض الحقول، وعودة الحشود الموجهة في طرابلس وغيرها يعد مؤشرا لعودة الصراع المسلح وهز الاستقرار النسبي؟
- نعم، من الممكن حدوث ذلك وتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، ويحتاج الأمر أن تكون جميع القوى السياسية سواء في الحكم أو المعارضة لديهم القدرة على استيعاب الموقف السياسي والاستراتيجي، والتواصل مع العوامل والمؤثرات التي تؤكد أنه ليس هناك قدرة على تحقيق الانتصار على الآخرين بشكل منفرد في المستقبل القريب، خاصة وأن خبرات المجتمع الليبي في التحول السياسي والديمقراطي ليست كبيرة، وأتمنى أن يتغير الأمر إلى واقع على الأرض يكون فيه استيعاب الآخر متاحا بحيث يفتح المجال لعملية تحول ديمقراطي سلمية تقبل بالجميع داخل منظومة الدولة الليبية الحديثة التي تتمتع بالاستقرار، وسينتج عن هذا بالطبع واقع جديد يكون فيه متصدر المشهد قادرا على اتخاذ القرارات وتنفيذها بشكل يعزز من وجود مجتمع سياسي حقيقي وفاعل يطرح رؤى حقيقية لمستقبل الشعب الليبي.
فالمجتمع السياسي المستقر والحقيقي يعتبر العامل الأول في وجود البنية المؤسسية اللازمة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، وما يدفع للقلق حاليا عدم وجود عوامل لدى ألوان الطيف لتحقيق الرؤى الاستراتيجية المطلوبة في هذا التوقيت المهم والحاسم في المشهد الليبي.
* ما هو السيناريو الأمثل للوضع الحالي في ليبيا من وجهه نظركم؟
- أن تعي القوى السياسية والمجتمع الليبي بكل أطيافه أن الاستقرار النسبي الأخير كان يجب أن يكون دافعا لتحقيق عملية استقرار حقيقي ودائم، وليس فرصة للتربص بالآخر، وأن العودة للخلف من خلال تدافع القوى السياسية النابع من مصالح ضيقة وآنية لن يكون في صالح الجميع، وسيكتوي بناره المواطن الليبي الذي يهدف إلى الاستقرار بعد رحلة طويلة من التوتر والاضطرابات التي أثرت على الجميع دون استثناء، فيجب على كل القوى السياسية الرجوع خطوة للخلف والنظر للمشهد الليبي من زاوية مصلحة الشعب، والحرص على الاستقرار خاصة مع الاضطرابات التي تحيط بالمنطقة ككل، والتي لا تتحمل توترا إقليميا جديدا مع ما يعرف عن أهمية الملف الليبي بالنسبة لعدد من القوى الإقليمية.
* كيف تقيمون استعانة حكومتي الوفاق والاستقرار بالقوى الإقليمية لتعزيز موقف كل منهما على الساحة السياسية بهدف تأكيد الشرعية؟
- حزين جدا لهذا الأمر فهذا يعني عدم توافق وتخبط يحيط بالمشهد الليبي بدلا من السعي لتحقيق الديمقراطية من خلال الانتخابات، والعمل لبناء مجتمع سياسي غير موجود حاليا، وهذا شيء يدعو للقلق ويزيد من علامات الاستفهام حول المرحلة القادمة وما يمكن أن يحدث في ليبيا.
