أستاذ هندسة طاقة: خطة مصر لترشيد الكهرباء تهدف إلى توفير الغاز الطبيعي لتصديره إلى أوروبا

أستاذ هندسة طاقة: خطة مصر لترشيد الكهرباء تهدف إلى توفير الغاز الطبيعي لتصديره إلى أوروبا

القاهرة:وضعت الحكومة المصرية عددا من الإجراءات الاقتصادية مؤخرا ضمن خطة عاجلة لزيادة حصيلة النقد الأجنبي كان أهمها ترشيد استهلاك الكهرباء بهدف تقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي المستخدم في محطات توليد الطاقة لاستغلاله في التصدير الفوري لدول أوروبا بعد الحصول على حصة بديلة لصادرات الغاز الروسي خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، والاستعانة مقابل ذلك ببدائل لما تم توفيره من مصادر أخرى لاستخدامها في تشغيل محطات الكهرباء ومن بينها المازوت، ووسائل الطاقة المتجددة.

الخطة الحكومية انتشرت بشكل مكثف في وسائل الإعلام المختلفة ضمن حملة منظمة ودعوات مستمرة لترشيد الكهرباء في القطاعات الحكومية، والشوارع والأسواق، وقام رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي في مؤتمر صحافي عقب اجتماع لمجلس الوزراء بالتمهيد للإجراءات الحكومية الجديدة، والتي أخذت في التطبيق الفعلي لتقيل كميات الغاز المستخدمة في توليد الكهرباء واستغلال هذه الكميات في التصدير لتوفير النقد الأجنبي، وتهدف الحكومة- بحسب مدبولي- لإعلام المواطن بالخطوات المتخذة للتعامل مع الأزمة العالمية المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية.

«المجلة»حرصت على الالتقاء بالدكتور حافظ سلماوي أستاذ هندسة الطاقة بجامعة الزقازيق في مصر لإلقاء الضوء على جدوى وتوقعات التوجه الحكومي في مصر، وتأثيرات الإجراءات الاقتصادية الأخيرة في ظل حالة الكساد والتضخم الذي يضرب دول العالم مؤخرا، وارتفاع أسعار الطاقة والمحروقات كرد فعل لتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، وتأثير ذلك على الأسعار بشكل عام، وكذلك تداعيات ذلك على الحالة المصرية في ظل تراجع احتياطي النقد الأجنبي لحوالي 33 مليار دولار بحسب البنك المركزي في مصر.

 

*كيف تقيمون إجراء الحكومة المصرية في ترشيد الكهرباء، وما تداعيات هذه الخطوة اقتصاديا؟

- الهدف من الخطة توفير كميات من الغاز الطبيعي الذي يتم استهلاكه في توليد الكهرباء لتصديرها للاستفادة من مستوى أسعار الغاز الموجودة حاليا في السوق الأوروبية لحاجة أوروبا للطاقة، حيث يبلغ سعر «السوق الفورية»في أوروبا حاليا في حدود 30 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، ويباع لقطاع الكهرباء في مصر بحوالي 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، ويعني ذلك أن كل مليون وحدة حرارية يتم توفيرها تحصل منها الدولة على 30 دولارا من العملة الصعبة أو بالتحديد 27 دولارا صافيا فعليا وهذه هي أصل الخطة.

 

*هل توجد آلية عمل لتنفيذ هذه الخطة؟

- بالفعل تم وضع آلية للعمل من خلال محورين أساسيين الأول هو إدارة موارد الطاقة، ويتم من خلاله تخفيض استهلاكات الغاز الطبيعي لقطاع الكهرباء عن طريق استبداله بالمازوت، وبالتالي انخفض استهلاك الغاز الطبيعي في مجال الكهرباء من حوالي 82.5 في المائة تقريبا من إجمالي عملية الوقود المستخدم إلى حوالي 72 في المائة، وفي المقابل زادت نسبة المازوت من 4 في المائة إلى 15 في المائة، وزادت نسبة وسائل الطاقة المتجددة المستخدمة أيضا إلى حوالي 13 في المائة.

 

*ما جدوى استبدال الغاز بالمازوت اقتصاديا؟

- المازوت المستخدم في حدود الكمية المنتجة محليا، وبالتالي يتم توفيرغاز بنسبة من 12- 13 في المائة من إجمالي الغاز المستهلك في الكهرباء الذي يعادل 38 مليار متر مكعب، أي توفيرغاز بشكل واقعي بحوالي 4.5 مليار متر مكعب، وتريد الحكومة المصرية الوصول إلى توفير 15 في المائة من الغاز المستخدم في قطاع الكهرباء، والمطلوب حاليا نسبة تخفيض أخرى في استخدام الغاز قدرها 2.5 في المائة، يجري العمل على تحقيقها من خلال تخفيض الإضاءة العامة التي تستهلك حوالي 5 في المائة من الكهرباء، والمباني الحكومية أيضا، والتشديد على قواعد فتح وإغلاق المحال التجارية، وذلك لتوفيرهذه النسبة لتحقيق الهدف الحكومي في توفير الغاز المستهلك في قطاع الكهرباء وهو 15 في المائة، وتمثل هذه النسبة حوالي 5 مليارات متر مكعب في العام، وستقوم الحكومة بالاستفادة بحصيلة تصدير هذا القدر من الغاز بقيمة 5 مليارات دولار سنويا وهذا هو الهدف من الاستفادة من سعر «السوق الفورية»في دول الاتحاد الأوروبي.

 

*كيف تقيمون صدى زيادة الانبعاثات الحرارية جراء زيادة نسبة استخدام المازوت كبديل للغاز الذي سيتم تصديره في الوقت الذي تطالب الأمم المتحدة بخفضها؟

- بالطبع استبدال الغاز بالمازوت سيسهم في زيادة الإنبعاثات، ولكن يجب الإشارة إلى أن معدل الانبعاثات الحرارية المستخدم في قطاع الكهرباء في مصر ليس مرتفعا بسبب ارتفاع نسبة استخدام الغاز، الأمر الآخر أنه يتوقع مستقبلا انخفاض أسعار الغاز في أوروبا ربما بدءا من عام 2025 أو 2026، وبالتالي سيعود الأمر إلى وضعه الطبيعي.

 

* هل ستكون استفادة مصر مرحلية من هذا العائد المقدر بخمسة مليارات دولار سنويا؟

- الاستفادة ستكون من ذروة الأسعار الحالية بسبب أزمة السوق من الغاز، والمبلغ سيساعد بلا شك في مواجهة الأعباء الإضافية على مصر والتي جاءت نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، والمتوقع أن يستمر الأمر بضع سنوات، ولكنها وفق تقديري سنوات مهمة للمساعدة في التغلب على الظروف الحالية، وأتوقع استمرار الفائدة عامين أو ثلاثة يمكن أن تحقق فيها مصر ما بين 15-20 مليار دولار، ويرتبط الأمر أيضا بلا شك بتطور الأحداث على الساحة الدولية خلال الفترة القادمة في ظل المتغيرات الموجودة يوميا وهو شيء لا يمكن توقعه مطلقا.

font change

مقالات ذات صلة