عائدة بعد غياب سنوات عن البرامج التلفزيونية، كانت خلالها حاضرة في المناسبات الكبرى، وفي ذاكرة جمهورها التي طبعت فيها حوارات فنية راقية، بعيدة عن المجاملة، بعدها عن الإثارة المجانية التي يفتعلها المحاورون في البرامج الفنية على وجه الخصوص لزيادة عدد المشاهدين.
تجيد تدوير الزوايا لكنها تعترف أنّ الزمن اليوم تغيّر، وأنّ الجمهور لم يعد يملك ترف الوقت، وأنّ الرقي ليس مرادفاً للملل.
جومانة بوعيد، إعلامية من طراز خاص، أسّست لمدرسة حوارية قائمة على احترام الضيف والمشاهد، تعود ببرنامج جديد تتحدّث عنه لـ«المجلة» في هذا الحوار:
* بعد غياب سنوات عن البرامج الفنية تعودين ببرنامج «يلا نحكي» عبر شاشة «LBC» الفضائية، ماذا تخبريننا عن انطلاقة البرنامج؟
- البرنامج سيبدأ يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، سيكون ضيفي المنتج صادق الصباح في حوار صريح وجريء.
*هذا البرنامج يأتي بعد مرور 8 سنوات على آخر برامجك الفنية «كلمة فصل»، هل تشتاقين إلى الشاشة؟
- أنا فعلياً لم أغب طوال هذه السنوات، كنت حاضرة عبر حلقات خاصة، كان آخرها «ليلة المعازيم» في موسم الرياض، حيث تم إطلاق الهولوغرام وأرشفة مئات الأغاني، كما كنت أطل في مناسبات رسمية وهامة، لكني بالفعل لم أقدم برنامجاً أسبوعياً منذ «كلمة فصل».
* خلال هذه السنوات، هل كنت تشعرين بأنها استراحة محارب أم شعرت يوماً بالإحباط؟
- لا، لم أشعر بالإحباط، فأنا كثيراً ما أقول لا.. والفترة التي ابتعدت فيها عن الشاشة، تزامنت مع عالم السوشيال ميديا. أنا لم أستفد من هذا العالم عندما كنت أقدم البرامج، وخلال السنوات الماضية، بدأ الإعلام بأخذ منحىً آخر، إعلام رقمي ومنصات، كان هذا العالم مجهولاً بالنسبة لي وكنت أودّ أن أتعرّف إليه أكثر قبل أن أغامر. لديّ مسيرة أحرص عليها من أي خطوة ناقصة، لذا كنت أقول لا. لم تكن الشاشة يوماً هاجسي ولم أشعر بالإحباط، كان لديّ شغف بمهنتي، وأحب أن أظهر بمسؤولية. كما أنّني عندما أغيب عن الشاشة، أكون مشغولة بأمور أخرى، لدي نشاطات اجتماعية وسياسية، ولدي موقع إلكتروني يتطرق إلى السياسة والاقتصاد والوثائقيات والدراما.
* أخبرينا عن تجربتك في الصحافة المكتوبة، وأي فارق لمست بين الصحافة المكتوبة والتلفزيون؟
- عندما أطلقت موقع «السهم» كان البلد يغلي، وكانت الأحداث السياسية تحتلّ الحيّز الأكبر من اهتمام الناس. وتخصصي الجامعي في الأساس كان العلوم السياسية وأتابع الأحداث السياسية حتى عندما كنت على الشاشة أقدّم برامج فنية، لذا لم يكن هذا العالم غريباً عنّي، وتعاملت مع أهم الكتاب والإعلاميين، وأنا شخصياً أكتب مقالاً مرتين في الشهر في السياسة والاقتصاد.
* ماذا عن الخطوط الحمراء في موقعك؟
- طبعا يأتي عداؤنا مع العدو الإسرائيلي في المقام الأول، ونحن ملتزمون بلياقة وأدب الصحافة في التعاطي مع أي قضية، ونرفض تغذية النعرات أو التعرض للدول الشقيقة، ونحن موقع مستقل لا ينتمي الى أي اتجاه سياسي.
* لنعد إلى «يلا نحكي»؛ قلتِ في المؤتمر الصحافي الذي عقدته الأسبوع الماضي للإعلان عنه إنّه حوار حياة، كيف تضعين معايير من يستحق أن تكون قصّته قصةً تروى؟
- قد يكون ثمّة نجوم كبار لكنهم لا يليقون بالبرنامج، وقد يكون ثمة شخصيات تحت الضوء في مجال الفن أو غيره، لديها قصة مؤثرة تستحق أن نفرد لها حلقة وأن يستمع إليها الجمهور. تركيبة الحلقة في البرنامج غير موجودة بالمعنى التقليدي. أجلس أنا والضيف، وليس ثمّة حوار سؤال وجواب كما في البرامج الحوارية، بل أقرب إلى البودكاست العالمي لكن بمعايير مؤثرة للجمهور الذي يشاهدها. لن تمر حلقة دون أن تترك انطباعاً لدى الناس عن قوّة الضيف وإنجازاته ومعاناته.
* تعتمد هذه النوعية من البرامج على شخصية الضيف، ماذا إن خذلك ضيف ما ولم يكن على مستوى التطلعات التي رسمتها لاستضافته؟
- إذا خذلني يكون قد قال الحقيقة.. يكون شخصاً مختلفاً عن الصورة التي رسمناها له لكنها بالنهاية حقيقته.
* المقصود ماذا لو كانت لديه قصة تستحق أن تروى ولم يُجِد التعبير عنها فخفت إيقاع الحلقة؟
- هنا تكمن شطارة المحاور في أن يجر ضيفه إلى الكلام. أنا شخصياً أحضر نفسي قبل الحلقة، لكني لم أحضّر مع أي ضيف قبل بدء التصوير أنا فقط أختار الاسم، وأكون مطلعة على مسيرته، وأنّ لديه قصة تعلّم في أذهان الناس، وعندما نبدأ الكلام، من قصة واحدة نتطرق إلى الكثير من القصص. مهمة المحاور أنّ يشد الضيف إلى الحوار، أن يعطيه أحياناً من تجربته الخاصة ليحثه أن يتحدّث عن تجربته هو أيضاً.
* هل يعني هذا أنك أنت أيضاً ستنكشفين أمام المشاهدين في البرنامج؟
- حسب الضيف، مثلاً المخرج سعيد الماروق سألني عن تجربة خاصة بي فرويتها، طبعا لدي الكثير من التجارب المشتركة مع ضيوفي، وقد نتبادل التجارب، لكنّي لا أريد أن أتحدّث عن نفسي، بل عن الضيف، إلا إذا سنح الظرف أو كان لدى الضيف فضول في معرفة أمر ما، حينها سيعرفه المشاهدون.