التكنولوجيا تصنع أبطالاً من ورق.. البلطجة بديل للأكشن

محمد رمضان

التكنولوجيا تصنع أبطالاً من ورق.. البلطجة بديل للأكشن

القاهرة: لأفلام الأكشن مكانة مميزة في السينما المصرية، ولنجومها جمهور واسع، كرّس بعض الفنانين نجوماً على عرش الأكشن، الذي كان يمتاز بالديناميكية والحركة والخدع السينمائية، بعيداً عن البلطجة والعنف الأسود والدم الذي بات عنواناً عريضاً لأفلام الأكشن الجديدة.

«المجلة» استطلعت آراء النقاد حول غياب نجم الاكشن عن السينما والدراما المصرية، على غرار النجم فريد شوقي الذي لقب بوحش الشاشة، الوحش الذي أحبه الجمهور العربي ودخل قلب كل مشاهد رغم أدواره القاسية.

 

تصنيف الممثلين

الناقد الفني سمير الجمل يقول: «أنا ضد تصنيف الممثلين بين دراما أو كوميديا أو أكشن، لأن الفنان الحقيقي باستطاعته تقديم جميع الأدوار، بل يجب أن يكون منوّعاً في اختيار الأعمال التي يقدمها لجمهوره، لأن تنوع أعماله يكسبه خبرة كبيرة وجماهيرية أكثر».

ويستشهد الجمل بالفنان الراحل فريد شوقي، الذي كانت أعماله في بداية مشواره، مختلفة تماماً عمّا قدمه لاحقاً، واستطاع النجاح في كل الأدوار التي قدّمها، لأنه فنان شامل، مقنع في أدوار الشر، وفي أدواره الإنسانية.

ويتابع الجمل: «نرى في الآونة الاخيرة  الكثير من الاستسهال في السينما، والبحث عن النجومية العاجلة والمكسب السريع. فأغلب المشاهد الآن تعتمد على الدوبلير، أيضاً الكثير من الشباب النجوم في الآونة الاخيرة باتوا يقدمون أفلام العنف والبلطجة تحت اسم الأكشن، وهناك أسباب تجارية لهذه النوعية من الأفلام التي يعتمد بعضها على الدوبلير والبعض الآخر على الخدع السينمائية» .

 

لكل فن زمنه

يرى الناقد الفني طارق الشناوى أن لكل زمن نجومه وأدواته. ويقول: «رغم تقديرنا لنجوم الزمن الجميل وأعمالهم المحفورة في أذهاننا، إلا أنّ الدراما التي تقدم اليوم هي نتاج الوقت الذي نعيشه والصراعات التي نراها في كل مكان والعنف المنتشر».

ويتابع: «مع الانفتاح على العالم والتطور التكنولوجي في صناعة السينما، حدثت تغيرات في المجتمع، وما نراه من أعمال درامية هو نتاج هذه التغيرات وهذا الزمن، وهو ما نشاهده في أعمال محمد رمضان الذي ينتقده البعض فيها ويعتبرها أفلام عنف أو تحريض على البلطجة، إلا أنها في الحقيقة أعمال درامية تعالج بعض المفاهيم والقضايا التي تحصل في الواقع، وأنا أرى أن رمضان ممثل ذكي، يطوّر أداءه مع الوقت، خاصة بعد أن حقّق الشهرة والنجومية الواسعة».

ويكمل الشناوي قائلاً: «هناك الكثير من النجوم قدموا أفلام الأكشن مثل أحمد السقا، الذي حقق الكثير من النجاحات في أدوار الأكشن التي قدّمها، أيضا هناك الفنان أمير كرارة الذي نالت الكثير من أعماله إعجاب الجمهور واستحسان النقاد، وإن كانت فى إطار الأعمال الوطنية فإنها ايضا تندرج تحت اسم أفلام الأكشن».

 

غياب نجوم الأكشن

يؤكد الناقد عماد يسري أن السينما في مصر تفتقد نجم الأكشن منذ سنوات، وأنّ ما يعرض حالياً تحت اسم أفلام الأكشن، هو مجرد كوميديا سوداء للأكشن تدور فى إطار العنف والبلطجة أحياناً.

ويقول: «ما يعرض مجرد محاولات غير مدروسة، لأنّ النجوم الذين يتصدّرون الساحة لا يستطيعون تنفيذ الأكشن كما نشاهده فى السينما العالمية، فهم غير مؤهلين».

وينوّه يسري إلى وجود ممثلين شباب مؤهلين لأداء هذه الأدوار، يتمّ استبعادهم لصالح ممثلين غير مناسبين للأكشن، ويؤكّد أنّه ورغم التقنية والتكنولوجيا المستخدمة في هذه الأعمال، إلا أنّ النتائج كانت مخيّبة وتعرَضت للكثير من الانتقادات.

 

الأكشن الشعبي

يوافقه الرأي الناقد محمد عبد الرحمن، الذي يقول إننا بحاجة إلى ممثل لديه القدرة على تقديم سلسلة من أفلام الأكشن، ولديه لياقة بدنية وتناسق جسماني حتى يقنع الجمهور بما يقدمه. ويتابع: «الفنان أحمد السقا كان منغمساً لفترة طويلة في هذه الأدوار، لكن ما حدث للسينما في مصر خلال السنوات العشر الأخيرة، قضى على التنوع. فهذه النوعية من الأفلام تحتاج إلى ممثل مقنع حتى لو كان مستواه في التمثيل ضعيفاً نوعا ما، لكن لا بد أن يكون مقنعاً في مشاهد الأكشن، وهو ما برع فيه السقا الذي ابتعد قليلاً. كذلك أمير كرارة قدّم أكثر من عمل جيد في هذا الإطار، وأيضاً يستطيع الفنان محمد رمضان أن يتواجد في أفلام الأكشن، رغم أنه اختار الأكشن الشعبي، الذي لا يعيش طويلاً ولا يترك بصمة فنية».

 

التكنولوجيا.. البطل

الناقد السينمائي محمد شوقي يرى أن البطل الحقيقي لأفلام الأكشن اليوم، هي التقنية العالية المستخدمة في هذه الأعمال، عكس ما كان يحصل في السابق، حيث كان الاعتماد الكلي على نجوم الأكشن، من أبطال رياضيين.

ويتابع: «فريد شوقي كان بطلاً في رياضة كمال الأجسام قبل دخوله عالم الفن واحتراف التمثيل، كذلك زكي رستم وأحمد رمزي ورشدي أباظة وأنور وجدي وشكري سرحان ويحيى شاهين، كل هؤلاء كانوا أبطالاً قبل دخولهم مجال السينما، وكانوا حاصلين على ميداليات وكؤوس في الرياضة قبل عملهم في الفن، أما حالياً، فإن الممثل يدخل عالم التمثيل والسينما وينجح، ثم يتجه لتمارين رياضية بحثا عن لياقة جسمانية تتناسب مع كل الأدوار، خاصة الأكشن، مثلما فعل محمد عادل إمام، وبالتالي لن نرى وحشاً للشاشة مثل الراحل فريد شوقي».

ويرى محمد شوقي أنّ «غياب الأكشن حالياً يعود للتقنية السينمائية الحديثة، إذ أصبح بإمكان أي ممثل تقديم فيلم أكشن حتى لو كان جسمه لا يتناسب مع الدور، فالتكنولوجيا أصبحت بطلة أفلام الأكشن وليس الممثل، حتى إننا أصبحنا نرى الأكشن في الأعمال الاجتماعية والرومانسية».

 

نجم الأكشن

أما الناقد رامي متولي فله رأي مختلف، إذ يرى أن هناك نجوما كثرا في هذا الجيل يمكنهم تقديم هذه النوعية من الأعمال، مشيرا الى أن هناك فنانين يهتمون بأن تكون لديهم لياقة بدنية وتناسق جسدي يناسبان هذه النوعية من الأدوار وهو أمر مهم جداً، يقول: «هناك نجوم كثيرة تقدم هذا النوع من الأعمال الدرامية بشكل احترافي جيد ومن أبرزهم أحمد السقا الذي دائما ما يهتم بمشاهدة الأكشن فى أعماله ويصر على تنفيذها بنفسه حتى تكون أكثر واقعية وإقناعاً للمشاهد مما يدل على أن لديه آيديولوجيا واتجاها معينا فى هذه الأدوار. ولا تنسى الفنان ياسر جلال الذي يجيد هذه الأدوار ولديه إلمام بها، بالإضافة إلى محمد رمضان الذي عليه اختيار أدواره بدقة بعيداً عن العنف الشديد الذي نراه في أعماله».

 

البلطجة موجة مؤقتة

وتؤكد الناقدة ميرفت عمر أنه «لا يوجد غياب لفيلم الأكشن مع وجود فنانين مثل أحمد السقا وأمير كرارة وآخرين يمكنهم أداء هذه الأدوار وأن هناك مساحة جيدة لتقديم الأكشن.. وإذا كان هناك بعض العنف أو البلطجة التي نراها في بعض الأعمال فأرى أنها موجة ستنحسر مع الوقت ونضج الفنانين»

font change