أتاتورك ألغى الخلافة ... فتنافس الطامحون

Getty Images
Getty Images
السلطان محمد السادس يغادر قصر دولمة بهشة بعد خلعه من منصبه في 17 نوفمبر 1922

أتاتورك ألغى الخلافة ... فتنافس الطامحون

"لقد أُلغيتْ الخلافة". بهذه الكلمات القوية، ألغى الرئيس التركي مصطفى كمال أتاتورك آخر خلافةٍ رسميةٍ إسلامية في 3 مارس/آذار 1924. ووقع هذا بعد أربعة أشهرٍ فقط من إعلان الجمعية الوطنية التركية عن تحوّل تركيا إلى جمهورية وإنهاء الإمبراطورية العثمانية بعد خمس سنوات ونيف من هزيمتها في الحرب العالمية الأولى. ونُقل جزءٌ من واجبات الخليفة وبعضٌ من مهامه وما تبقى من أمواله إلى البرلمان التركي. وتضاءلت مكانة الخلافة، التي كانت ذات يوم رمزا من رموز الوِحدة والسلطة الإسلامية، الآن لتصبح سلطةً دينية شبه رمزية وضئيلة الشأن للغاية.

تلاشى البهاء والسلطة اللذان كان يتمتّع بهما السلطان العثماني بحلول أوائل عشرينات القرن الماضي، وألغى أتاتورك لقبه السلطاني أيضا. أطيح بالسلطان الأخير، محمد السادس، والذي سمي عند ولادته في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1922 وحيد الدين. وسُحِق جيشه ودمرت الإمبراطورية التي كان يحكمها. كانت القوى الغربية قد احتلّت عاصمته بعد الحرب العظمى. وأُجبرت الخليفة المهزوم الذي كان يحظى باحترام واسع النطاق وصل إلى مسلمي إسبانيا والهند في أزمنة سابقة، على الامتثال لإملاءات بريطانيا العظمى وفرنسا.

Corbis/ Getty Images
السلطان محمد السادس على العرش

كان عليه التخلي عن أجزاء من الأناضول وعن كل من سوريا والعراق، والإفراج دون قيدٍ أو شرط عن سجناء الحلفاء. كما توجب على الخليفة أيضا أن يتنازل عن السيطرة على خطوط السكك الحديدية وخطوط التلغراف العثمانية الذائعة الصيت. تنازل محمد السادس عن عرشه في إسطنبول مستقلا متن سفينةٍ بريطانيةٍ متجهةٍ إلى مالطا، ومعه أوامر بعدم العودة أبدا. واختفى ذكره في العالم، كما اختفى ذكر الخلافة الإسلامية. وبعد يومين من ذلك التاريخ، تم الإعلان عن ابن عمه ووريثه الأول، عبد المجيد، كخليفةٍ للمسلمين، ولكن دون أن يحمل لقب سلطان حتى قام أتاتورك بخلعه أيضًا في مارس/آذار 1924. وانتهى المطاف بمحمد السادس في الريفيرا الإيطالية، ونُقل جثمانه جوا لدفنه في دمشق عندما توفي في مايو/ أيار 1926. كانت خزائن الدولة التركية فارغة لذلك نُقل الجثمان ودُفن من الأموال الخاصة للرئيس السوري في ذلك الوقت، أحمد نامي، والذي تصادف أن يكون صهر السلطان عبد الحميد الثاني.

تلاشى البهاء والسلطة اللذان كان يتمتّع بهما السلطان العثماني بحلول أوائل عشرينات القرن الماضي، وألغى أتاتورك لقبه السلطاني أيضا. أطيح بالسلطان الأخير، محمد السادس، والذي سمي عند ولادته في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1922 وحيد الدين. وسُحِق جيشه ودمرت الإمبراطورية التي كان يحكمها

كان بعض مساعدي أتاتورك قد نصحوه بقوة بعدم إلغاء الخلافة، زاعمين أنه من الممكن الحفاظ عليها وفصلها عن السلطنة. فالتخلص من سلطة السلطان الإلهية كان أمرا، لكن إلغاء اللقب الذي كان يحمله رفاق محمد السادس كان أمرا مختلفا تماما. وجادل مستشارو أتاتورك بأن الحفاظ على الخلافة سيخدم مصالح الجمهورية التركية الجديدة، ويوحّد المسلمين في العالم خلف سلطتها. شبّهوا سلطة الخليفة الدينية بسيطرة الفاتيكان على الكاثوليكية. لكن أتاتورك الجمهوري والعلماني كان يحمل في جعبته خططا مختلفة لتركيا. ورأى أن الخلافة على تعارض شديد مع الجمهورية، إذ لا يمكن للجمهورية والخلافة أن تجتمعا معا. فوفقا للدستور الجديد كان الشعب التركي هو مصدر التشريع ولم يكن مصدره الإسلام ولا الخليفة.


نظر المسلمون في جميع أنحاء العالم، والذين كانوا بمثابة رعايا سابقين للخليفة، بعدم الرضى لقرار أتاتورك. وحاول الكثيرون منهم إنقاذ الخلافة من الانهيار لكنهم لم يحرزوا نجاحا يذكر. فعلى سبيل المثال، تم إنشاء "حركة الخلافة" (Khalifat Movement) في الهند في عام 1919 لحشد دعم إسلامي عالمي لممارسة الضغط على بريطانيا العظمى، ونجحت تلك الحركة في كسب شخصياتٍ بارزة للمشاركة في مناسباتها الاجتماعية ومن ضمنها المهاتما غاندي. لكن تلك الحركة لم تدم زمنا طويلا ولم تكلل بالنجاح، حالها حال الدعوات الأخرى لإقامة الخلافة. إذ قام الأمير الجزائري البارز سعيد الجزائري وهو حفيد زعيم المقاومة الجزائرية الأمير عبد القادر الجزائري بتأسيس حركة الخلافة في دمشق، لكن انفرط عقدها أيضًا في أواخر عشرينيات القرن الماضي.

Hulton Archive/Getty Images
الملك فؤاد الأول الطامح الى لقب الخليفة 


كان ملك مصر أحمد فؤاد الأول أحد الطامحين إلى الخلافة. وكان الطامح الآخر هو الشريف حسين بن علي، أمير مكة وملك مملكة الحجاز الذي أعلن نفسه الوريث الطبيعي لآخر خليفة عثماني، وأشار إلى أن شجرة عائلته تعود في نسبها إلى النبي محمد. وأعلن الشريف حسين عن ترشّحه لمنصب خليفة المسلمين الشاغر في 11 مارس/آذار 1924، بعد انقضاء أسبوعين فقط على إلغائها في تركيا. 


لكن بعد عامٍ واحد من ذلك التاريخ، قضى الملك عبد العزيز آل سعود على حكم الشريف حسين ونفاه إلى قبرص. وتلاشت تاليا مطالبته بالخلافة مع تلاشي دوره السياسي.  ودعا ملك مصر في 25 مارس/آذار 1924 إلى عقد مؤتمر إسلامي شامل الهدف منه مناقشة مستقبل الخلافة. كان هدف المؤتمر توحيد العالم الإسلامي خلف محاولته التي لقيت تأييدا من الأزهر للحصول على لقب الخليفة. لكن محاولته أخفقت شأنها في ذلك شان محاولة الشريف حسين. 


ولم تتراجع هذه القضية في القرن الذي تلاه. إذ توصّل استطلاعٌ للرأي العام أجرته مؤسسة غالوب في 2007 إلى نتيجة مفادها أن 65٪ من المسلمين الذين شملهم الاستطلاع يريدون قيام وحدة الدول الإسلامية في ظل الخلافة. كما ورد ذكر الخلافة 15 مرة في الخُطب التي ألقاها الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، وأتى على ذكرها أربع مرات في خطاب واحد. وحذّر نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني من أن القاعدة تريد "إعادة إنشاء الخلافة القديمة"، وأضاف وزير الدفاع دونالد رامسفيلد أن القاعدة تريد "إقامة خلافةٍ تحلّ محل الأنظمة الإسلامية السائدة". وفي أثناء ذلك، أوضح رئيس الأركان العامة البريطاني السير ريتشارد دانات أن ثمّة حاجة للقوات البريطانية في أفغانستان لأن الإسلاميين يضعون نصب أعينهم هدفا طويل المدى يتمثل في "استعادة الخلافة الإسلامية التاريخية". أضاف النائب الأميركي ألين ويست في أغسطس/آب 2011 قائلا "إن ما يسمى بالربيع العربي ليس له علاقة بحركةٍ ديمقراطية بقدر ما هو مرحلة أولى من استعادة الخلافة الإسلامية."
 

لم تتراجع قضية الخلافة في القرن الحادي والعشرين. إذ توصّل استطلاعٌ للرأي العام أجرته مؤسسة غالوب في 2007 إلى نتيجة مفادها أن 65٪ من المسلمين الذين شملهم الاستطلاع يريدون قيام وحدة الدول الإسلامية في ظل الخلافة. كما ورد ذكر الخلافة 15 مرة في الخُطب التي ألقاها الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، وأتى على ذكرها أربع مرات في خطاب واحد. وحذّر نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني من أن القاعدة تريد "إعادة إنشاء الخلافة القديمة"

كما قال الأمين العام لحزب النهضة التابع لجماعة الإخوان المسلمين حمادي الجبيلي بعد فترةٍ وجيزة من فوز تلك الجماعة في الانتخابات التي جرت في أعقاب الربيع العربي في تونس في أكتوبر/تشرين أول 2011: "إننا في مرحلة الخلافة السادسة إن شاء الله". كان يشير بالخلافة السادسة إلى الخلفاء السلفيين الأربعة (أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي) إضافةً لخليفةٍ خامس هو عمر بن عبد العزيز الذي يتحدّر من الأسرة الأموية. وأضاف زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي قائلا إن الخلافة هي أمل ورغبة المسلمين بقضهم وقضيضهم. وعندما سئُل الباحث السوري المخضرم ساطع الحصري ذات مرة لماذا لم تتمكن سبعة جيوش عربية من هزيمة إسرائيل خلال حرب عام 1948 أجاب قائلا إن مردّ ذلك بالتحديد لحقيقة كونها سبعة جيوش. كان ثمّة حاجة إلى إقامة جيش واحد، وخليفة واحد يدير شؤون الدولة الإسلامية. 


تسلّم أبو بكر البغدادي المشوّه والباطل لمنصب الخليفة


بعد تسعين عاما بالتمام والكمال على إلغاء كمال أتاتورك لمنصب الخليفة، ظهر أول منافس جاد على هذا المنصب، حين أعلن إبراهيم عوض إبراهيم البدري (المعروف باسم أبو بكر البغدادي)، والذي برز فجأة على نحوٍ غامض، عن نفسه خليفة في 29 يونيو/ حزيران 2014. وأعلن المتحدث باسمه إعادة إنشاء الخلافة قائلاً إن أبو بكر البغدادي سيتّخذ لقب "الخليفة إبراهيم."


 وقّع أكثر من 120 رجل دينٍ سنّي على رسالةٍ مفتوحة إلى أبو بكر البغدادي، في 20 سبتمبر/أيلول 2014، يخالفون فيها تفسيراته للقرآن الكريم، وتفسيراته للحديث النبوي الشريف، أكّدوا فيها: "لقد أخطأت تأويل الإسلام بتأويلك إياه على أنه دين قسوة ووحشية وتعذيب وقتل. إن هذا خطأ جسيم وإهانةٌ للإسلام والمسلمين وللعالم بأسره".

Getty Images
أبو بكر البغدادي "خليفة" تنظيم "داعش"

واحتشد آلاف المسلمين في مسجد في فرنسا ليقولوا: "ليس باسمنا." وأصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى تنص على التوقف عن تسمية تنظيم داعش بـاسم "الدولة الإسلامية،" وإنما باسم "انفصاليي القاعدة في العراق وسوريا". وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014، اقترحت ثلاث منظمات إسلامية بريطانية صياغة مصطلح "الدولة غير الإسلامية": الجمعية الإسلامية في بريطانيا، ورابطة المسلمين البريطانيين، ورابطة المحامين المسلمين.
وقد اعتاد الصحافيون الغربيون ممن لا يتمتعون بمعرفة كافية بالإسلام أن يصفوا البغدادي خطأً بأنه خليفة للخليفة الأول في الإسلام، أبي بكر الصديق، وهم في ذلك يجهلون التاريخ شأنهم في ذلك شأن قرائهم، لذلك لم يكن هناك من يعترض على الملخص التاريخي الذي ظهر في العديد من التقارير الإخبارية في عام 2014 والذي مفاده أن "الخلافة الإسلامية تأسست بعد وفاة النبي محمد عام 632 واستمرت حتى عام 1924 عندما ألغاها كمال أتاتورك بعد الحرب العالمية الأولى." وسواء أتمّ ذلك عن قصد أو من دون قصد، فإن هذه الحجة الخاطئة تدل على أن أبو بكر البغدادي هو الخليفة الطبيعي لأبي بكر الصديق، ولسلالة من الرجال العظماء من أمثال عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، والسلاطين العثمانيين مثل سليمان القانوني، وعبد المجيد الأول، وعبد الحميد الثاني.


 وفقا لغالبية المسلمين السنة فإن أبا بكر الصديق جار النبي وصديقه وصاحبه الأمين هو أول من تولّى منصب الخليفة في عام 632. وأطلق الناس عليه لقب "خليفة رسول الله".  وقالوا إنه ينبغي أن يجري اختيار الخليفة بالإجماع (الشورى)، وأن يتبع في نسبه مباشرةً إلى قبيلة قريش القوية في مكة أو أيٍ من فروعها، نظرا إلى أن مكة هي مسقط رأس الإسلام. ينتمي النبي نفسه إلى عشيرة بني هاشم القرشية. لكن تقول "مدرسة" الإسلام الحنفي إنه بوسع غير القرشيين أيضًا تولي الخلافة، وهذا ما يفسر الكيفية التي حكم السلاطين العثمانيون إمبراطورية إسلامية، على الرغم من حقيقة أن أيا منهم لم ينحدر من سلالة أعيان مكة. في حين يزعم المسلمون الشيعة أنه لا يكفي المرء أن يكون أحد أعيان مكة كي يصبح خليفة، بل ينبغي أن ينحدر المتنافسون المحتملون من آل البيت بالتحديد. وهذا ما يفسر سبب إصرار أبي بكر البغدادي على استخدام اسمين أخرين إضافيين مهمين لدى الإدلاء ببيان أو عندما كان يظهر للعلن. اللقب الأول القرشي (من قريش) والثاني الحسني (من نسل الحسن بن علي حفيد النبي). وكان الصحافيون الغربيون وغير المسلمين يميلون إلى إغفال كلا اللقبين لاعتباراتٍ عملية، لكن لم تشر وسائل الإعلام التابعة لداعش إلى أبي بكرٍ البغدادي على الإطلاق من دون ذكر كلا الانتماءين.


شروط الخلافة: من يحقّ له تولّي الخلافة؟


وشروط الخلافة واضحةٌ إلى حدٍّ ما بصرف النظر عن النسب. إذ ينبغي أن يكون الخليفة رجلا ومسلما. والمفروض في الخليفة أن يؤمّ جموع المسلمين أثناء الصلاة، وتبعا للتقاليد الإسلامية لا يمكن للمرأة أن تتولى منصب القيادة، أو حتى أن تظهر في مسجدٍ مخصصٍ للرجال. ويُفترض في الخليفة أن يكون على درايةٍ بالإسلام. وحريٌّ به أن يكون عادلاً وجديرا بالثقة وأن يتمتع بأخلاقٍ عالية. كما ينبغي أن يتمتع بلياقةٍ بدنية وروحانية وشجاعة وقدرةٍ على حماية الأمة من أعدائها. يُجمع السنة على أن الخليفة هو حاكم زمني، يُفترض فيه أن يحكم "بالعدل" ضمن حدود الشريعة الإسلامية. ويُفترض فيه أن يقرّ القوانين التي يقوم فقيه شرعي بصياغتها نيابةً عنه ويتوجب على المواطنين إطاعتها. لكنّ سلطة الخليفة لا تعلو شريعة القرآن. فإن هو خالف التعاليم القرآنية فيمكن لمجلس الشورى مساءلته. ومجلس الشورى هو ثُلةٌ صغيرةٌ من الرجال المثقفين تعهد إليهم مناقشة شؤون الدولة واتخاذ القرارات نيابةً عن الأمة الإسلامية. وأحد الأسباب التي تبرّر إقالة الخليفة على سبيل المثال هو عدم دعوته المسلمين للصلاة.
 

بعد تسعين عاما بالتمام والكمال على إلغاء كمال أتاتورك لمنصب الخليفة، ظهر أول منافس جاد على هذا المنصب، حين أعلن إبراهيم عوض إبراهيم البدري (المعروف باسم أبو بكر البغدادي)، والذي برز فجأة على نحوٍ غامض، عن نفسه خليفة في 29 يونيو/أيار 2014

بعد وفاة الخليفة الأول أبو بكر الصديق عام 634، جرى اختيار عمر بن الخطاب كي يتولّى الخلافة. كان الخليفة عمر شخصيةً استثنائية في تاريخ الإسلام. فلقد كان حكيما وعادلا وتقيا وكان يتمتع بحنكةٍ سياسية عالية. وعندما كان عمر يتحدث، كانت كلماته تتحول إلى قوانين وتتناقلها أجيال المسلمين من جيل إلى جيل. وتصادف أنه كان صديقاً قديماً من أصدقاء النبي وأبا زوجته حفصة. ولتفادي التكرار في قول "خليفة خليفة رسول الله"، اتخذ عمر لقب أمير المؤمنين. وأصبح هذا اللقب لقبه ولقب خليفتيه عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب. وكلاهما من أعيان مكة ومتزوجين من بنتي الرسول. ووفقا لأحاديث السنة، بشّر النبي الخلفاءَ الأربعة الأوائل بالجنة في الحياة الآخرة، وهي بشرى لم يخصّ بها النبي أيا من ذويه، بمن في ذلك خديجة زوجته الأولى المحبوبة، أو ابنته فاطمة، أو زوجته الأثيرة عائشة.  وتاريخ هؤلاء الخلفاء ماثل في صلب العالم الإسلامي. وكان أبو بكر البغدادي يعرف هذا التاريخ عن ظهر قلب. فالخلفاء الأربعة هم بمثابة القدوة المثالية التي يتّبعها أي مسلم صالح، وزعم البغدادي أنه ينهج نهجهم.

لكنّ البغدادي لم يكن مسلما صالحا. بل كان مغتصبا ودجالا. ولقد حذّر الأمير سعيد الجزائري الأمة المسلمة عندما تأسست حركة الخلافة في سوريا عام 1924 إلى أن ثمّة حاجة إلى إيجاد خليفة مناسب فورا قبل أن يظهر محتالٌ يطالب بالمنصب الذي خلّفه قرار أتاتورك شاغرا. بعد تسعين عاما، ظهر هذا الدجال، أبو بكر البغدادي، وكل من يدعي خلافته منذ وفاته عام 2019.
 

font change