مهمتان لحمزة يوسف: استقلال اسكوتلندا وإنقاذ حزبه

AFP
AFP
حمزة يوسف يوقع أوراق ترشيحه لتولي منصب الوزير الاول في اسكوتلندا

مهمتان لحمزة يوسف: استقلال اسكوتلندا وإنقاذ حزبه

بالنسبة لمؤيدي استقلال اسكوتلندا المتشددين، فإن انتخاب حمزة يوسف زعيما جديدا للحزب الوطني الاسكتلندي (SNP) يجب أن يكون سببًا للاحتفال، حيث يُنظر إليه على أنه المرشح الأكثر احتمالية للحفاظ على سياسات رئيسة الوزراء السابقة، نيكولا ستورجن Sturgeon.

طوال فترة الحملة المؤلمة لانتخاب خليفة لستورجن، بدا بوضوح أن يوسف، البالغ من العمر 37 عاما، والذي حقّق تميزه الكبير من كونه أول زعيم مسلم للحكومة الأسكوتلندية، هو مرشح الاستمرارية والشخص الذي سيحافظ على مسيرة ستورجن ومواقفها في ما يتعلق بجملة من القضايا، بدءا من دعمها الثابت لاستقلال اسكتلندا وانتهاء بتأييدها المثير للجدل لحقوق المتحولين جنسيا.

وكان من بين التعهدات الرئيسية التي قدّمها يوسف في حملته الانتخابية أنه سيستمر في الأجندة "التقدمية" لستورجن، وكشف أنه سىيظلّ على اتصال دائم معها، من اللحظة التي يتولى فيها منصبه.

وقد بلغ إعجاب يوسف بستورجن حدّ ادعائه أنه "بكى قليلاً" عندما أعلنت أنها ستتنحى.

ينظر الأسكتلنديون إلى حمزة يوسف، وهو متزوج وأب لطفلة واحدة، كرجل دمث ولطيف وهادئ – ولديه موهبة لإلقاء نظرة جيدة على الأخبار التلفزيونية. حفيد مهاجر بنجابي عمل في الستينيات في مصنع "سينجر" لماكينات الخياطة في كلايدبانك، أما أبوه فكان محاسبا نشطا في فرع الحزب الوطني الأسكتلندي في جنوب غلاسكو، حيث وضع ابنه في مدرسة هوتشيسونز Hutchesons النموذجية الخاصة في المدينة.

ويوسف رجل مسلم متدين يصوم رمضان ويحافظ على صلاة الجماعة. وفي الواقع، كان تمسكه الصارم بعقيدته الإسلامية في وقت ما، مصدر جدل سياسي بعد امتناعه عن التصويت النهائي على زواج المثليين في عام 2014 والذي ادعى خصومه أنه كان بسبب الضغط الذي تعرض له من القادة المسلمين، ولكنه ينفي هذه التهمة.

EPA
يوسف محاطا بأفراد عائلته بعد اعلان فوزه بزعامة الحزب الوطني الاسكوتلندي في ادنبره في 27 مارس

من بين جميع المرشحين الذين خاضوا السباق ليحلوا محل ستورجن كزعيم للحزب الوطني الاسكتلندي، كان يوسف هو الوحيد الذي أعلن دعمه الشامل لنهج الزعيمة السابقة، ما عنى حصوله على أكبر قدر من التأييد من أعضاء البرلمان والوزراء في الحزب الوطني الاسكتلندي، لا سيما نائب ستورجن وصديقها السياسي المقرّب جون سويني، وهو نفسه زعيم سابق للحزب.

ويمتلك سويني خبرة كبيرة في العمل مع يوسف، حيث خدم إلى جانبه خلال فترات عمله وزيراً للصحة والعدل والنقل في الإدارة الأسكوتلندية. وأعلن أن يوسف، في حال انتخابه، "سيعزز الحزب الوطني الأسكتلندي كقوة للتغيير التقدمي في السياسة الأسكوتلندية."

على الرغم من أن ستورجن تجنبت بحكمة تأييد يوسف خلال المنافسة على انتخاب خلف لها، إلا أن زعيم الحزب في وستمنستر، ستيفن فلين، وسلفه إيان بلاكفورد، منحاه تأييدهما العلني.

ويعود انتصار يوسف بفارق ضئيل على أقرب منافسيه، كيت فوربس، إلى مكانته كمرشح مفضل لمؤسسة الحزب الوطني الأسكتلندي، ولذلك فإن أداءه سيتوقف على ما إذا كان يريد إحياء حظوظ الحزب الوطني الاسكتلندي المتعثرة، وخاصة في ما يتعلق بالقضية المحورية المتمثلة في استقلال اسكوتلندا.

مع فوضى الحزب الوطني الأسكوتلندي بعد موجة من الاستقالات على مستوى رفيع، يحتاج يوسف حاجة ماسة إلى إثبات قدرته على إدارة حكومة فعالة إذا ما أراد للحزب الوطني الأسكوتلندي أن يبقى في السلطة، وأن يبلي بلاء حسنا في الانتخابات البرلمانية في المملكة المتحدة العام المقبل

لقد مر ما يقرب من عقد من الزمان منذ أن أجرت اسكوتلندا استفتاءها المثير للجدل بشأن إعلان الاستقلال عن المملكة المتحدة. ففي 2014، رفض 55 في المئة من سكان اسكوتلندا الاستقلال، مقابل 45 في المئة صّوتوا لصالحه. وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى أن هذه النسبة هوت في الفترة الأخيرة إلى 41 في المئة فقط.

AFP
يوسف مترئسا الاجتماع الأول لحكومته في ادنبره في 31 مارس


ومنذ ذلك الحين، على الرغم من استثمار ستورجن معظم رأس مالها السياسي في متابعة أجندة الاستقلال، لم يتم إحراز تقدم يذكر. مع رفض الحكومة البريطانية بشدة دعواتها لإجراء تصويت ثانٍ على الاستقلال، عانت ستورجن من انتكاسة شديدة في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، عندما قضت المحكمة العليا في المملكة المتحدة بأن البرلمان الأسكتلندي لا يمكنه إجراء استفتاء ثان على الاستقلال دون موافقة مجلس العموم البريطاني في وستمنستر.


في ذلك الوقت، كانت ستورجن في موقف التحدّي وقالت لمؤيديها إن "لا يمكن لأحد إنكار الديمقراطية الأسكوتلندية." ولكنها ما لبثت أن استقالت بعد ثلاثة أشهر فقط، وسرعان ما تبعها زوجها، والرئيس التنفيذي للحزب بيتر موريل، والعديد من الوزراء الرئيسيين.


وبينما يظل يوسف مدافعا مخلصا عن استقلال اسكوتلندا، فإن أولويته ستكون إعادة بناء الحزب الوطني الأسكوتلندي كقوة سياسية بعد الانقسامات العميقة التي ظهرت خلال الحملة الانتخابية، لا سيما الانتقادات المريرة التي وجهتها له منافسته فوربس على سجله السابق في حكومة اسكتلندا.


وكانت فوربس قد شنّت عليه واحدة من أشرس الهجمات التي تعرض لها خلال الحملة، مندّدة بسجله الحافل في المناصب الثلاث التي شغلها في الحكومة قبل أن يصبح قائدا. وادعت أن القطارات كانت تتأخر دائما عندما كان يوسف وزيراً للنقل؛ وحين عًيِّن وزيرا للعدل، كانت الشرطة في أزمة؛ وفي آخر منصب له، كوزير للصحة، كان المرضى ينتظرون دورهم للعلاج في طوابير طويلة. 


ثم خلصت إلى سؤال يوسف، "ما الذي يجعلك تعتقد أنه يمكنك القيام بعمل أفضل كوزير أول؟" 
وفي هجوم آخر تطرقت أيضا إلى سجل ستورجن نفسها، واتهمتها فوربس بتأييد الأداء المتوسط والفشل، "إن المزيد من نفس الشيء لن يوقفه."


ولكن إصرار يوسف على رغبته في معالجة الانقسامات التي سببتها الحملة الانتخابية يخضع بالفعل للتدقيق بعد أن فشل في إيجاد منصب مناسب لفوربس في إدارته الجديدة. فقد منحها منصب وزير الشؤون الريفية، وهي حقيبة غير سيادية سرعان ما رفضتها، وبعرضه هذا المنصب الصغير، فقد تمكن يوسف بالفعل من عزل شخصية رئيسية في التسلسل الهرمي للحزب الوطني الأسكتلندي.


وفوق ذلك، مع فوضى الحزب الوطني الأسكوتلندي بعد موجة من الاستقالات على مستوى رفيع، يحتاج يوسف حاجة ماسة إلى إثبات قدرته على إدارة حكومة فعالة إذا ما أراد للحزب الوطني الأسكوتلندي أن يبقى في السلطة، وأن يبلي بلاء حسنا في الانتخابات البرلمانية في المملكة المتحدة العام المقبل. ووفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، تولى يوسف قيادة الحزب الوطني الأسكوتلندي بدرجة قبول أقل بعشرين نقطة، ما يعني أن عليه العمل بجدّ أكبر لإظهار أنه الرجل المناسب للوظيفة.


 

font change