تتويج تشارلز الثالث...أفول نجم الملكية أم الولاء للملك؟

بدأ الملك تشارلز الثالث حقبة جديدة على عرش المملكة المتحدة، ليواجه جملة تحديات، من بينها مهمة الحفاظ على الملكية

Matthew Holland
Matthew Holland

تتويج تشارلز الثالث...أفول نجم الملكية أم الولاء للملك؟

عادت مراسم تتويج الملك في بريطانيا إلينا بعد طول انتظار بطقوسها التاريخية، وزخارفها النابضة بالحياة و"صحن التتويج، من فطيرة الكيش الخاصة. هذا السبت، اجتمع الشعب البريطاني في احتفال بهيج ليشهدوا ملك جديد

كما هي الحال في كثير من الأحيان، حين تتعلّق الأمور بالمسائل الملكية في هذا البلد، تنقسم الآراء، فيرى البعض في وسائل الإعلام البريطانية أن دعوة الأفراد للتعهد بالولاء للملك الجديد خطوة "عصرية" ستلقى ترحيبا حارا من قبل الجمهور المحب. بينما سيرى آخرون، وبخاصة من بين الصحفيين الأكثر ليبرالية، في ذلك خطأ فادحا يرتكبه القصر، بل وربما الكنيسة العريقة. إنهم يرون أنها لفتة من لا يرى الواقع في وقت تتراجع فيه شعبية الملكية.

في الماضي البعيد، عندما شاهدت الأمة تتويج الملكة إليزابيث على أجهزة التلفزيون غير الملون، كان قسم الولاء يقسم فقط من قبل الرجال الذين يرتدون ملابس من فرو حيوان القاقم ذات الأبهة من النبلاء.

واليوم، لن تمنح العائلة المالكة "الرعايا" عباءات من فرو القاقم مجانا كحافز. وبدلاً من ذلك، سيدعو رئيس أساقفة كانتربيري "جميع الأشخاص ذوي النيات الحسنة في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، وفي بقية الأنحاء والأقاليم إلى إعلان الولاء في قلبهم وبصوتهم لمليكهم الحق والمدافع عن الجميع".

بعد ذلك، شملت مراسم التتويج في كنيسة وستمنستر، التي استضافت العديد من حفلات التتويج على مر القرون، العبارة التالية: "أولئك الذين يرغبون في القيام بذلك، في هذا الدير وأماكن أخرى، سيرددون معا: أقسم أن أقدّم ولائي الكامل لجلالتكم، ولورثتكم وخلفائكم من بعدكم وفقا للقانون، وعلى ذلك فليساعدني الله."


واليوم، لن تمنح العائلة المالكة "الرعايا" عباءات من فرو القاقم مجانا كحافز. وبدلاً من ذلك، سيدعو رئيس أساقفة كانتربيري "جميع الأشخاص ذوي النيات الحسنة في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، وفي بقية الأنحاء والأقاليم إلى إعلان الولاء في قلبهم وبصوتهم لمليكهم الحق والمدافع عن الجميع".

من المحتمل أن يشعر الحاضرون في الهيكل الكبير، سواء أكانوا من النبلاء أم لا، بضغط قوي من أقرانهم للامتثال للقسم. إن وقار المناسبة سيكون بمثابة حافز كاف في حد ذاته لفعل ذلك.

وسيهتف رئيس الأساقفة بعد ذلك "فليحفظ الله الملك"، وسيُطلب من الجميع الرد بالقول: "فليحفظ الله الملك تشارلز. عاش الملك تشارلز. عسى أن يعيش الملك إلى الأبد". على الأقل، هذا ما تم الإعلان عنه. على الرغم من أن المشاعر المتفائلة التي تم التعبير عنها في الجملة الأخيرة قد تكون مفرطة في التفاؤل.

Reuters
الملك تشارلز وزجته الملكة كاميلا بعد التتويج رسميا.

مهمة الحفاظ على الملكية

أولئك الذين يتابعون العائلة المالكة عن كثب سوف يدركون أن شعبيتها تشهد انخفاضا مطردا، وأن الملك سيبذل قصارى جهده للحفاظ على الملكية البريطانية. فقد وقعت مؤخرا حادثة في يورك حين تعرض الملك الجديد لوابل من البيض النيئ.

ورفض الشخص المسؤول عن هذا الاحتجاج، واسمه باتريك ثيلويل، أن يعتذر بعد ذلك عن أفعاله ونقل عنه مراسل من صحيفة الغارديان قوله: "من ذا الذي لا يريد أن يضايق الملك؟ إنه احتجاج على انحدار البلاد إلى الفاشية." (الغارديان، 14 أبريل/نيسان 2023).

من غير المرجح أن تكون هذه الحادثة قد سببت للملك تشارلز الكثير من القلق، وليس ذلك فقط لمهارته تشارلز في تجنّب الإصابة بالبيض! ومع ذلك، فإن الحادث الذي وقع بالقرب من قصر باكنغهام في الثاني من مايو/أيار، حين ألقى رجل يحمل سكينا شيئا يشبه خراطيش بندقية في أرض القصر، وفجرت الشرطة حقيبته كإجراء احترازي، كان إشارة أكثر عدائية وأشدّ خطورة.

أولئك الذين يتابعون العائلة المالكة عن كثب سوف يدركون أن شعبيتها تشهد انخفاضا مطردا، وأن الملك سيبذل قصارى جهده للحفاظ على الملكية البريطانية. فقد وقعت مؤخرا حادثة في يورك حين تعرض الملك الجديد لوابل من البيض النيئ

ولكن حتى لو وضعنا تصاعد العنف جانبا، يبدو أن هناك شكوكا متزايدة تجاه المَلكية البريطانية، التي كان يشار إليها ذات مرة باسم The Firm )المؤسسة). بعد الاضطرابات العائلية الأخيرة، توقف الأمير هاري عن استخدام هذا الوصف للمَلكية، واستبدله بكلمة Institution، التي تعني المؤسسة أيضا، ولكنها تعني بالأحرى مشفى الأمراض العقلية.

وطوال قرون ماضية، وعلى الرغم من الفترات التي لم تكن الملكية فيها تحظى بشعبية كبيرة لدى الجمهور البريطاني، استطاع التاج الاستمرار. والآن قام هاري وعمه، أندرو، برفع الستائر، سامحين للضوء أن يدهم الملكية المحجوبة، بعد سلسلة فضائح ومذكرات كشفت المستور، ما جعلها تشبه مصاص دماء حديث، دهمه ضوء النهار فتعثّر وما عاد يتحرك بالسرعة والكفاءة اللازمة.

واليوم يدور الكلام عن أموال "قذرة" اكتسبت في الماضي من العبودية، وعن الثروة المفرطة التي لا تخضع للضريبة، وعن إساءة استخدام النفوذ. حتى أن هناك مطالب بأن يدفع تشارلز نفسه نفقات مراسم تتويجه.

لا أحد يعرف حتى الآن ما إذا كان ضوء النهار الباهر هذا سيكون قاتلا. يبدو أن الجيل الشاب بدأ يفقد صبره، لكن الحقيقة الثابتة أن الشباب يكبرون بمرور الوقت. ومن يدري؟ ستتقدم "قاعدة" الملك الشعبية معه في السن: هذه القاعدة التي صمّم قسم الولاء من أجلها وليس من أجل الليبراليين المتذمّرين.

ولعلّ من الحكمة أن يلعب تشارلز لعبته على المدى الطويل، وله في والدته – في هذا المجال – أسوة حسنة.

font change

مقالات ذات صلة