جاء خبر إعلان الأردن اعتقال 16 شخصا بتهمة التورط في تصنيع صواريخ ومسيّرات بهدف "إثارة الفوضى والتخريب داخل المملكة"، كجرس إنذار أو تذكير بأن ما نعيشه مع ضعف الدور الإيراني في المنطقة وسقوط نظام الأسد لا يعني أن الدور التخريبي قد انتهى، أو أن محاولات الوصول إلى الأردن المستمرة قد توقفت.
وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، أعلن أن المخابرات العامة كانت تتابع هذه الشبكة "بشكل دقيق منذ عام 2021".
وعرض الأردن تسجيلات مصورة لاعترافات بعض الموقوفين، حيث اعترف بعضهم بتلقي تدريبات في لبنان. وأكدت مصادر أردنية أن الاعترافات لن تنشر كلها لحسابات عدة بعضها يتعلق بالتحقيق وبعضها بسبب حساسية تلك الاعترافات وما تتضمنه من معلومات.
وفيما ذكر مصدر أمني أردني أن أعضاء من جماعة الإخوان شاركوا في المؤامرة لمهاجمة منشآت في المملكة، نفت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن أي صلة لها بهذا الموضوع. في الوقت الذي صدرت فيه بيانات من هيئات عالمية ذات أيديولوجيا إخوانية، تتخذ من القضية الفلسطينية ذريعة.
هذه البيانات- ورغم اختلاف أصحابها وتياراتهم- اتفقت على إقحام القضية الفلسطينية بشبكة تمس مباشرة بأمن الأردن، عناصر يتلقون تدريباتهم في لبنان، وبالطبع الأمر لا يحتاج إلى دهاء وتحليلات لنقول إن لبنان الذي دربهم هو "حزب الله"، وهو ما يعيد إلقاء الضوء مجددا على حالة التخادم التي تجمع بين مشروع إيران ومشروع هذه الجماعات في منطقتنا، وإن اختلفوا أحيانا تكتيكيا لا استراتيجيا.
وقد يكون من المفيد هنا التذكير بأن تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" أعلن مسؤوليته عن التفجيرات التي ضربت العاصمة الأردنية عمّان عام 2005، والتي راح ضحيتها نحو 57 شخصا بينهم المخرج السوري مصطفى العقاد، لتصدر بعد ذلك بسنوات محكمة أميركية حكما غيابيا بإدانة النظام السوري عن تلك التفجيرات، معلنة أن المخابرات العسكرية السورية كانت وراء هذه التفجيرات.
يتعرض الأردن لحملات ممنهجة منذ سنوات، ومحاولات مستمرة للعبث بأمنه واستقراره، من الحدود السورية-الأردنية سابقا وقبل سقوط نظام الأسد الذي أغرق ومعه إيران وميليشياتها الأردن بالمخدرات والسلاح
الأردن الذي يتعرض لحملات ممنهجة منذ سنوات، ومحاولات مستمرة للعبث بأمنه واستقراره، من الحدود السورية-الأردنية سابقا وقبل سقوط نظام الأسد الذي أغرق ومعه إيران وميليشياتها الأردن بالمخدرات والسلاح، إلى حملات التحريض والتهويش على الحدود العراقية-الأردنية بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إلى أطماع نتنياهو بتحويله إلى وطن بديل لفلسطينيي الضفة الغربية، كل ذلك مرورا بجماعات داخل الأردن تتقاطع أجنداتها مع كل هؤلاء حتى وإن قالت إنها "تقاوم" بعض هذه الأجندات.
لكل هذه المجموعات والدول عدو مشترك وهو "الدولة"، الدولة بمفهومها المؤسساتي والوطني. فهل تتمكن هذه المجموعات من أن تعيد حساباتها وتقوم بمراجعة خطابها الذي يلغي الوطن ويحوله لمجرد ساحة للصراع بعد كل ما حل بها وما تسببت فيه من كوارث على دولها وشعوبها؟ هذا الخطاب الذي أدى إلى قيام هذه المجموعة بما قامت به، فإذا افترضنا أن جماعة الإخوان بريئة من التحريض أو التخطيط، فإنها بالقطع ليست بريئة من إشاعة "خطاب الساحة" الذي يقود حتما لإلغاء مفهوم الوطن لصالح صراعات تتجاوز حدوده.