نتعرف من خلال هذه الزاوية إلى أحدث إصدارات الكتب العربية، في الأدب والفلسفة والعلوم والتاريخ والسياسة والترجمة وغيرها. ونسعى إلى أن تكون هذه الزاوية التي تطل كل أسبوعين مرآة أمينة لحركة النشر في العالم العربي.
الكتاب: ضد النسوية البيضاء - ملاحظات حول مواطن الخلل
الكاتبة: رافيا زكريا
ترجمة: ضحوك رقية
الناشر: دار تكوين الكويت – العراق
بات من الواضح والمعروف أن الحركة النسوية الناشطة والقوية في العالم ليست على انسجام، بل ثمة تيارات واتجاهات مختلفة، بل متناقضة أحيانا داخلها، ويبدو أن الصوت الأقوى والمهيمن عليها هو صوت النسوية البيضاء، وهو ما تحاول فرضه على نساء العالم أجمع ليصرن يشبهن المرأة البيضاء في التوجه الفكري والسياسي والاجتماعي وغير ذلك، ويخضعن لها. أدى هذا الأمر إلى ما يمكن تسميته انشقاقات داخل تلك الحركة، فثمة نسوية ملونة وسوداء وآسيوية وعربية، إلى ما هنالك، لها اهتمامات وتوجهات مختلفة عن تلك التي للمرأة البيضاء.
هذا الكتاب "ضد النسوية البيضاء - ملاحظات حول مواطن الخلل" لمؤلفته رافيا زكريا، هو تماما كما يقول عنوانه ضد النسوية البيضاء، فالمؤلفة ترى صراحة أن ثمة انقساما داخل الحركة النسوية لم يُفصَح عنه صراحة، لكنه ظل يمور تحت السطح على مدى سنوات. إنه الانقسام بين النساء اللاتي يكتبن عن النسوية ويتحدثن عنها والنساء اللاتي يعشنها، النساء اللاتي لديهن صوت مقابل النساء اللاتي لديهن التجربة، بين اللاتي يكتبن النظريات والسياسات واللاتي يحملن ندوبا وقطوبا جراء الصراع. وعلى الرغم من أن مصدر هذا الانقسام ليس عرقيا دائما، فالحقيقة، في وجه عام، أن النساء اللاتي يحصلن على أجور مقابل الكتابة عن الحركة النسوية، ويقدن المنظمات النسوية، ويضعن السياسات النسوية في العالم الغربي، هن من البيضاوات ومن الطبقة الوسطى العليا. هؤلاء هن مثقفاتنا، "خبيراتنا"، اللواتي يعرفن أو -على الأقل يزعمن أنهن يعرفن- ماذا تعني النسوية وكيفية عملها. على المقلب الآخر، هناك النساء الملونات، ونساء الطبقة العاملة، والمهاجرات، والأقليات، ونساء السكان الأصليين، والنساء المتحولات، والمقيمات في الملاجئ، كثير منهن يعشن الحياة النسوية، لكن نادرا ما يتسنى لهن الكلام أو الكتابة عنها. ثمة افتراض مبهم في أن النساء القويات بحق، النسويات "الحقيقيات"، هن اللاتي تربين على أيدي نسويات بيضاوات أخريات، لا يقعن فريسة حالات إساءة المعاملة.