مرصد كتب "المجلة"... جولة على أحدث إصدارات دور النشر العربية

AlMajalla
AlMajalla

مرصد كتب "المجلة"... جولة على أحدث إصدارات دور النشر العربية

نتعرف من خلال هذه الزاوية إلى أحدث إصدارات الكتب العربية، في الأدب والفلسفة والعلوم والتاريخ والسياسة والترجمة وغيرها. ونسعى إلى أن تكون هذه الزاوية التي تطل كل أسبوعين مرآة أمينة لحركة النشر في العالم العربي.

الكتاب: شروح على التفسير الإشاري للشيخ محمد محيي الدين ابن العربي

الكاتب: عبدالباقي مفتاح

تقديم: د. أمين عودة – د. عبدالإله بنعرفة

الناشر: دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع – سوريا

هذا كتاب خاص، يبحث في تفسير القرآن الكريم إشاريا، وفق الطريقة الصوفية أو العرفانية في التفسير. وهذه تختلف عن التفاسير الأخرى التي بحثت في لغة القرآن الكريم وبلاغته وأسباب النزول والأحكام وما إلى ذلك... وهي -وفق شروح الإمام الزرقاني والصابوني وابن عاشور وغيرهم- تأويل آيات القرآن بغير ظاهرها، بل بإشاراتها التي لا تظهر إلا لأهل التصوف. ويستند أولئك القائلون بالتفسير الإشاري والباطني للقرآن الكريم على الحديث الشريف: "لكل آية ظاهر وباطن وحد ومطلع".

النسخة التي بين أيدينا هي طبعة جديدة مزيدة ومنقحة من كتاب "شروح على التفسير الإشاري للشيخ محمد محيي الدين ابن العربي" للكاتب عبدالباقي مفتاح، ولتوضيح الفكرة يقول الكاتب إن مناهج تفسير القرآن الكريم وتأويله تعددت عند العلماء والمفسرين، وذلك وفقا لتعدد ‏الأنظار ‏والمداخل التي ينبني عليها مسار التفسير والتأويل، فثمة مدخل يعتمد منهج ‏التفسير بالأثر وتفسير القرآن ‏بالقرآن ومراعاة أسباب النزول، وثمة مدخل يرتئي ‏منهج النظر العقلي والرأي المسدد، وآخر يستغرقه البحث ‏والافتتان بنظم السور ‏وبلاغاتها وجمالياتها ذات المنحى الأدبي واللغوي الإعجازيين، وثمة مناهج سواها ‏شُغلت ‏بالتفسيرات التشريعية والأحكام الفقهية والأصولية والموضوعية، والتفسيرات ‏الإعجازية العددية والعلمية على ‏مختلف أنماطها. وهذا فضلا عن بعض اتجاهات ‏التفسير المعاصرة التي تنهض على استثمار مفاهيم ‏الهرمينوطيقيا المعاصرة وتقنيات ‏اشتغالها الواسعة.‏

كتاب يفتح نافذة أخرى لتفسير آيات القرآن الكريم وتأويلها وفهم مدلولاتها الثرية

ويرى أن التفسير الإشاري أو الرمزي أو العرفاني، وهي تسميات ‏متعددة لمسمى ‏واحد، اختُص به الصوفية، يندرج في سياق هذا التعداد، وهذا هو لون من ألوان فهم القرآن الكريم، ‏والتفاعل مع آياته والانفعال بها وتلقيها ‏تلقيا ذوقيا، يجاوز ألوان التلقي السائدة في ‏كل عصر ومكان.‏

غلاف "شروح على التفسير الإشاري" للشيخ محمد محيي الدين ابن العربي

تجدر الإشارة، وفق ما يرى الكاتب، إلى أن الصوفية عندما يطلقون تسمية "تأويل" أو "تفسير" أو "معانٍ" ‏على الإشارات ‏الذوقية المستخلصة من الآيات القرآنية، إنما يطلقونها إطلاقا مجازيا لا ‏حقيقيا، لأنهم يدركون أن هذه ‏المصطلحات لها دلالاتها الخاصة المتصلة بتلقي ‏آيات القرآن الكريم وفهمها على هدي من ضوابط نقلية ‏وعقلية ولغوية وبلاغية ‏وسياقية. كما أن مصطلح التفسير، وقرينه مصطلح التأويل، معنيان بقراءة ظواهر ‏‏النصوص في مجالاتها التداولية المعروفة عند المفسرين باعتبار الحقيقة والمجاز، ‏وفق الضوابط المذكورة آنفا، ‏وترجيح معنى على آخر مما هو محتمل في الآية أو ‏الآيات المعنية، على ما يتطلبه السياق الخاص والسياق العام ‏لتلك الآيات، وعليه فإن التفسير والتأويل، لا يغادران ظاهر النص، سواء أكان هذا الظاهر يحيل ‏‏إلى معنى حقيقي مباشر، أي: تفسير، أم يحيل إلى معنى غير مباشر أو معنى ‏مجازي، أي: تأويل.

كتاب يفتح نافذة أخرى لتفسير آيات القرآن الكريم وتأويلها وفهم مدلولاتها الثرية.

الكتاب: السؤال المفتوح والجواب الحتمي - نموذجية العلوم الإنسانية في حوار التخصصات

الكاتب: هانس روبيرت ياوس

المترجم: د. رضــوان ضــاوي

الناشر: الآن ناشرون وموزعون – الأردن

بالاطلاع على بعض عناوين كتاب "السؤال المفتوح والجواب الحتمي - نموذجية العلوم الإنسانية في حوار التخصصات" للكاتب الألمالني هانس روبيرت ياوس، الذي ترجمه د. رضــوان ضــاوي، مثل: "النموذجية التكاملية للعلوم الإنسانية" و"الوحدة الحوارية في صراع الكليات الجديدة" و"وظيفة العلوم الإنسانية المتجاوزة للحدود - أداة للبحث المتداخل للثقافات وللبحث الأنثروبولوجي"، نجد أن الكتاب ينطوي على تخصص معرفي دقيق وصعب الولوج إليه إلا من مختص، كما أن ترجمته ليست بالأمر اليسير إلا لمترجم عارف بالموضوع معرفة كبيرة. يشرح الكتاب كيف يمكن العلوم الإنسانية أن تجدد خطابها بشكل مستمر، من حيث إنها تساهم في إنشاء التخصصات العلمية وفي إعادة تعريف العلوم الإنسانية. لذلك استند الكاتب الى العديد من تخصصات المعرفة كفقه اللغة والدراسات المقارنة والفلسفة وغيرها ليقارب موضوه الأثير وهو تعريف وإعادة تعريف العلوم الإنسانية. فهو لا يجد أن الفلسفة والعلم على سبيل المثل متحدان بالمطلق ويقولان الشيء ذاته، إلا أنهما في الوقت نفسه لا ينفصلان بالمطلق أيضا. فالفكر الذي يعرفنا الى الأشياء ويزيد معرفتنا عنها دائما هو ذاته الفكر الذي يجعلنا -وعبر إجراءات مختصرة- نفهم اتساعها هذا وتنوعه. وكذلك البحث العلمي قادر في الوقت نفسه على تزويدنا جديده الغامض من جانب، وعلى تجاوز ذلك الغموض من جانب آخر، وإلا كيف لنا أن نستوعب ونستفيد من التطور الهائل للعلم ونفهم معضلاته وصعوباته الكثيرة.

كتاب يوسع الأفق المعرفي في فهم التخصصات الدقيقة والمتناهية الدقة وعلاقتها بالعلوم الإنسانية المرتبطة بحياة البشر

يرى الكاتب أن الفلسفة التي طرحت أسئلتها التي باتت شائعة عن الخير والشر والإنسان والموت والطبيعة والجمال والدولة... ولم تجد أجوبة عن أي منها، هي ذاتها ابتكرت "علوما" لتجيب عن أسئلتها هي، لكن تلك العلوم فاقت الفلسفة نموا واستقلت عنها واعتبرت أسئلتها ساذجة ولم تولها أهمية، إذا لا جواب علميا عنها. فالأجوبة بالنسبة للعلوم يجب أن تصمد في وجه النقد المنطقي، لذلك يجب أن تستند إلى أدلة علمية، وهذا لا يتوافق مع طبيعة تلك الأسئلة الفلسفية التقليدية.

غلاف "السؤال المفتوح والجواب الحتمي - نموذجية العلوم الإنسانية في حوار التخصصات"

كتاب يوسع الأفق المعرفي في فهم التخصصات الدقيقة والمتناهية الدقة وعلاقتها بالعلوم الإنسانية المرتبطة بحياة البشر بشكل يومي والتي لا يمكن الناس الاستغناء عنها وهم يظنون أنهم بعيدون كل البعد عن التخصصات العلمية في الوقت الذي هم على تواصل دائم معها أيضا.

الكتاب: عالَم آثار العالم القديم – رواده ومواقعه ومصطلحاته

الكاتب: د. عيد مرعي

الناشر: وزارة الثقافة – الهيئة العامة السورية للكتاب – سوريا

لطالما كانت دراسة الآثار القديمة مثيرة جماليا ومعرفيا، فعبرها نتعرف إلى الحضارات القديمة من خلال دراسة ما بقي منها، ومن خلال تلك اللقى نتعرف الى ثقافتها وعاداتها وطرائقها في العيش والحياة وكذلك مساهماتها في صناعة التاريخ وتطوره وما إلى ذلك.

كتاب "عالَم آثار العالم القديم – رواده ومواقعه ومصطلحاته" للكاتب د. عيد مرعي يأتي في هذا الإطار، فيعرف القارئ الى اشتغالات علماء الآثار ويلقي الضوء على أبرزهم. يقسم العلماء الذين جاؤوا إلى الشرق لاكتشاف الآثار قسمين: قسم جاء بهدف استعماري، وقسم بهدف علمي. اتصف الأوائل من هؤلاء، وفق الكاتب، بحب المغامرة والاستطلاع، والرغبة في الحصول على المال والشهرة مع قلة الخبرة والمعرفة في تاريخ الحضارات القديمة. فسافروا بتكليف من حكوماتهم الاستعمارية (الإنكليزية والفرنسية) إلى الشرق، وزاروا ما كان معروفا من مواقع قديمة، ونهبوا آثارها ونقلوها إلى متاحف دولهم، كالمتحف البريطاني في لندن ومتحف اللوڤر في باريس. أما الذين جاؤوا إلى الشرق في ما بعد، لا سيما منذ بداية القرن العشرين، فأكثرهم من المختصين في الآثار العارفين بتاريخ الحضارات القديمة، وهؤلاء قدموا إلى الشرق لأهداف علمية بحتة هي الكشف بطرق منهجية عن آثار الماضي.

الكتاب يعرف القارئ بأشهر المكتشفين الآثاريين، ويعرفه أيضا بالمواقع المكتشفة وأهميتها وحضاراتها القديمة

الكتاب يعرف القارئ الى أشهر المغامرين الأوائل الذين زاروا الشرق، وكشفوا، أو وصفوا آثار مدنه القديمة، وحققوا من وراء ذلك الشهرة والمكاسب المادية، من أمثال بول إميل بوتا، وفيكتور بلاس، وبيلزوني، ودو سارزيك، وهوارد كارتر، ووليم ألبرايت، وموريس دونان وغيرهم.

أما أولئك الذين قدموا إلى الشرق لأهداف علمية فقدموا بتكليف من هيئات علمية وجامعات في أوروبا وأميركا، وكان لهم الفضل في تقديم دراسات دقيقة عن المواقع التي اكتشفوها أو عملوا فيها. ومن أمثال هؤلاء روبرت كولدفاي مكتشف بابل، وليونارد ووللي مكتشف أور وألالاخ، وديفيد أوتس مكتشف تل الرماح وتل براك، وباولو ماتييه مكتشف إيبلا، وجاك كوڤان مكتشف تل المريبط، وغيرهم.

غلاف "عالَم آثار العالم القديم – رواده ومواقعه ومصطلحاته"

علاوة على أن الكتاب يعرف القارئ بأشهر المكتشفين الآثاريين، فهو يعرفه أيضا بالمواقع المكتشفة وأهميتها وحضاراتها القديمة.

الكتاب: جدّة والآخرون – قراءة في الأهمية المكانية للمدينة حتى بداية القرن العشرين

الكاتب: د. محمد أنور مسلم نويلاتي

الناشر: دار متون المثقف للنشر والتوزيع – مصر

يواصل الدكتور محمد أنور مسلم نويلاتي في كتابه هذا "جدّة والآخرون – قراءة في الأهمية المكانية للمدينة حتى بداية القرن العشرين" مشروعه الأثير في استعراض الأهمية التاريخية والجغرافية والثقافية لمدينة جدة السعودية، بعد كتبه: "جدة وعبقرية المكان - صفحات من فرادتها الروحانية والثقافية" و"جدة وأمنا حواء - عبق المكان وعمق الزمان - قراءة متجددة".

ينتمي كتابه الجديد "جدة والآخرون - قراءة في الأهمية المكانية للمدينة حتى بداية القرن العشرين" إلى حقول الدراسات التاريخية والجغرافية والأنثروبولوجية، وبشكل أخص إلى الجغرافيا السياسية. حيث يعرض تاريخ جدة بتنوعاته وغناه منذ العصر الإسلامي حتى جدة الحديثة. يرفق كتابه بالعديد من الصور التي أرخت المكان عمرانيا وطبيعيا، ويلاحق الأحداث التاريخية التي مرت على تلك المدينة وساهمت في أن تصير مدينة عالمية على المستويات الثقافية والجغرافية والتاريخية.

تناول الكاتب المحاولات البرتغالية الصليبية الأربع لغزو المدينة وفشلت جميعها، الأمر الذي جعل البرتغال تحاول مرة أخرى غزوها فقصفت ميناءها بالمدفعية عام 1514 ولم تنجح أيضا.

لجدة، شخصية جغرافية وشخصية ثقافية وشخصية تاريخية، ويتعرف القارئ عبر 380 صفحة الى هذه المدينة الشهيرة عبر الكلام والصور والبحث الدقيق

ويعرض لمرحلة مهمة في تاريخ جدة وتاريخ العالم من خلال التجارة بين جدة ومكة والصين التي بدأت عام 1431 بعد محاولات الصين دخول عمان للتجارة وعدم تمكنها من ذلك، الأمر الذي جعلها تتفق مع الشريف بركات بن حسن بن عجلان، أمير مكة آنذاك، الذي سمح لها بذلك وفق متطلبات السوق، مؤذنة باتفاق تاريخي بين ميناء جدة وميناء كانتون الصيني.

غلاف "جدّة والآخرون"، قراءة في الأهمية المكانية للمدينة حتى بداية القرن العشرين

في فصل لطيف وغني بعنوان "سكان جدة وزوارها"، تتضح جليا أهمية جدة بوصفها مركزا لاستقطاب الزوار عبر الحج والتجارة وزيارات مجموعات تعنى بالفكر والثقافة، وما نتج من ذلك من تلاقح شامل جراء ذلك التنوع الكبير في زوارها من مختلف الجنسيات والثقافات والتيارات الفكرية والمعرفية مما جعلها مدينة عالمية بامتياز تضم الجميع، لكنها بتوليفة حضارية وتاريخية حافظت على خصوصيتها كمدينة سعودية.

لجدة، وفق الكتاب، شخصية جغرافية وشخصية ثقافية وشخصية تاريخية، وقد جعل القارئ عبر 380 صفحة يتعرف الى هذه المدينة الشهيرة عبر الكلام والصور والبحث الدقيق.  

الكتاب: حين يمشي الجبل

الكاتب: هيثم حسين

الناشر: دار رامينا - بريطانيا

عبر أربع وعشرين قصة قصيرة يشرح الكاتب هيثم حسين قصة المنفى واللجوء والهوية والانتماء. ففي المنفى يمشي الجبل حيث لا استقرار ولا يقين. تبدأ المجموعة القصصية المعنونة "حين يمشي الجبل" بقصة "نافذة لا تغلق" وتنتهي بقصة "ظلي العائد من الكتاب" ليختم رحلته بالانحياز الى الكتابة التي تتحول في المنفى إلى فعل مقاوم، وبين هذا وذاك يتحدث عن الزوال المتحقق في لحظات حياتنا كلها، فكما أن الجبال تمشي، فإن المكتبات تُمحى، والهواتف تُسرق... وكأن حياتنا تحولت هي الأخرى إلى حياة رقمية متماهية مع الحياة الرقمية الموازية التي يعيشها الإنسان المعاصر، المنفي على وجه الخصوص.

مجموعة قصص تكثف ما يشغل المنفي وما يفكر به وما يعانيه، وتفتح الأسئلة المرتبطة بالهوية إلى آخرها

يكتب هيثم حسين عن أطياف لا تزال تبحث عن أسمائها، عن منازل لا تظهر على الخرائط، عن لغة تتنفس في الخفاء، كما جاء على الغلاف.

غلاف "حين يمشي الجبل"

هذه المجموعة، نتابع قراءة الغلاف، مرثية مطولة للمنفى الكردي، بكل ما فيه من تفاصيل لا تدخل كتب التاريخ، ولا تُذاع في نشرات الأخبار، ولا تُدرس في المدارس، لكنها تحفظ الحياة الحقيقية، تلك التي يمشي أصحابها بصمت، ويُسرق صوتهم حتى حين يتكلمون. ينسج هيثم حسين عالما متصدعا، لا يحاول إصلاحه، إنما يرسم شقوقه بدقة لا تجامل. يكتب عن اللاجئ الذي يتكلم كل اللغات ما عدا لغته، عن الكاتبة التي تخشى أن تكتب قصتها الحقيقية، عن الأب الذي يموت دون أن ينطق اسم الجبل الذي نشأ عند سفحه. في هذه القصص، لا تنتهي الحكاية عند الخاتمة، إنما تبدأ. يصبح الصمت نفسه طريقة في السرد، يصبح المنفى حالة لغوية، وتصبح الكتابة محاولة لتسجيل ما لا يمكن كتابته أصلا. كل قصة تبدو كأنها تقف على الحافة، حافة اللغة، حافة الجغرافيا، حافة الاعتراف، حافة الضياع... ومع ذلك، لا تسقط، إنما تبقى هناك، تتأمل من بعيد، وتتردد في قول الحقيقة، لا لأنها تخافها أو لا تعرفها، لكن لأنها تعرف الثمن جيدا.

مجموعة قصص تكثف ما يشغل المنفي وما يفكر به وما يعانيه، وتفتح الأسئلة المرتبطة بالهوية إلى آخرها.

font change