مرصد كتب "المجلة"... جولة على أحدث إصدارات دور النشر العربية

مرصد كتب "المجلة"... جولة على أحدث إصدارات دور النشر العربية

نتعرف من خلال هذه الزاوية إلى أحدث إصدارات الكتب العربية، في الأدب والفلسفة والعلوم والتاريخ والسياسة والترجمة وغيرها. ونسعى إلى أن تكون هذه الزاوية التي تطل كل أسبوعين مرآة أمينة لحركة النشر في العالم العربي.

الكتاب: ما الفلسفة

الكاتب: ميشيل فوكو

ترجمة: الزواوي بغورة

الناشر: دار الساقي – لبنان

أن يصدر كتاب لأحد أكثر الفلاسفة شهرة وتأثيرا في الفلسفة المعاصرة على مستوى العالم، فهذا حدث ثقافي. فقد نُشر أخيرا المخطوط الذي كتبه ميشيل فوكو منذ أكثر من نصف قرن (1966) بعنوان "ما الفلسفة"، بترجمة الزواوي بغورة، ومن شدة أهمية الحدث كتب الناشر على الغلاف عبارة مأخوذة من صحيفة "لوموند" هي: "سَحَرَ القراء حتى قبل صدوره".

ترك فوكو العديد من الكتب وراءه، فهو لم ينشرها ولم يتلفها، وعلى الرغم من وصيته بألا تُنشر كتبه غير المنشورة بعد وفاته، إلا أن صدورها توالى ومنها هذا الكتاب. وقد عقّب ناشر الكتاب الفرنسي بأن مهمة تفسير عدم نشره بعض كتبه تقع على عاتق الباحثين.

فما الذي يقوله الفيلسوف عن الفلسفة بعد كل ما كتبه في هذا الشأن، وما الجديد في تعريفه للفلسفة؟ يقول حول ذلك: "عندما نقول إن الفلسفة لديها اليوم مهمة التشخيص، فهل نريد شيئا آخر غير ربطها بمصيرها القديم؟ فما يمكن أن تعنيه كلمة تشخيص، إن لم تكن نظرة متعمقة، وإنصاتا مرهفا، وحواسَّ أكثر انتباها، تتجاوز ما هو محسوس ومسموع ومرئي، لتبرز في النهاية بسطوع المعنى في النص، والشر في الجسد؟". فالفلسفة تشخيص الحاضر، إنها لكي تعاش لا لكي تُعرَّف. فعبرها يفكك الخطاب والأنساق المعرفية وليست مجرد أقوال وعبارات جاهزة. إنها ليست لادعاء امتلاك الحقيقة بل لمساءلتها".

في هذا الكتاب يناقش الفيلسوف الانتقادات التي وجهت الى فكرة "موت الإنسان" ويرى أنها لا تعني موت الفلسفة بل استمرارها، وذلك عبر مناقشة فلاسفة قدماء وحديثين مثل نيتشه وهايدغر وألتوسير وسارتر. ويتوقف بصفة خاصة عند نيتشه وفكرته في نقد البدايات الثابتة لصالح البدايات المتغيرة، معتمدا كما هو واضح على فكرته في أركيولوجيا المعرفة، وهي عنوان كتاب شهير له.

يناقش الفيلسوف الانتقادات التي وجهت الى فكرة "موت الإنسان" ويرى أنها لا تعني موت الفلسفة بل استمرارها

يلخص الناشر الفكرة الأساس من وراء الكتاب بالقول: ما الفلسفة وما دورها اليوم.. يقدم فوكو نهجا جديدا لفهم الفلسفة: إنها خطاب مادي هدفه تشخيص الحاضر. كما يحلل الحدود التي تفصل الخطاب الفلسفي عن الخطابات الأخرى: العلمية والأدبية والدينية. في مخطوطة تنشر للمرة الأولى بعد أكثر من نصف قرن على كتابتها، يقدم فوكو الشرح الأوفر والأفضل لطموحات مشروعه الفكري. مساهمة كبرى في الأرشيف القديم ومحفز مهم للتفكير في المستقبل.

غلاف "ما الفلسفة؟

هذا كتاب يشكل علامة من علامات الفكر والفلسفة الغربية وأثرها حول العالم.

الكتاب: الفلسفة السياسية النسوية – تاريخ من العدالة المراوغة

الكاتبة: د. إكرام طلعت البدوي

الناشر: بيت الحكمة للثقافة – مصر

 يناقش كتاب "الفلسفة السياسية النسوية – تاريخ من العدالة المراوغة" للباحثة د. إكرام طلعت البدوي، الانشغال السياسي بالحركة النسوية، الذي يأتي تعبيرا عن التزام أيديولوجي بالدعوة والعمل معا على تحقيق المساواة على مستويات عدة: المساواة الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية في بقاع مختلفة من أنحاء العالم. كما يناقش التطور الذي لحق بالحركة النسوية فكريا، وانطلق من بلاد يقال إنها أحرزت من الديمقراطية السياسية نجاحا كبيرا، حيث تعد الديمقراطية بمعناها السياسي تجسيدا للمساواة، ومن ثم فإنها محور الارتكاز للمطالب النسوية بالحقوق التي يتمتع بها الرجال. من هنا يحاول الكتاب الإجابة عن الأسئلة: ما الذي يحدد النسوية ويميزها كنظام سياسي؟ وما المشاكل الهيكلية الأساسية لعدم المساواة بين الجنسين؟ وما التحديات التي تواجه منظور النوع الاجتماعي في النظرية السياسية؟

غلاف "الفلسفة السياسية النسوية – تاريخ من العدالة المراوغة"

أما ماذا قصدت الكاتبة بتعبير "المراوغة"، فنجده في حوار معها حول كتابها حيث قالت إنها عندما شرعت في تأليفه وجدت أنه من الضروري التوغل في جذور الفكر السياسي الكلاسيكي، لاكتشاف كيف صورت المرأة بوصفها "آخر" أو كيانا تابعا. واقترحت ما أسمته بـ"المراوغة"، وهي تراكمات فلسفية ودينية وقانونية سمحت باستمرار النظرة التي تقلل أهلية المرأة ودورها، حتى بعد حركات الإصلاح والتنوير.

كتاب يضيء الكثير من المفاهيم والاشكاليات حول المرأة تاريخيا وفي الحاضر، وهو إضافة مهمة للنظرية النسوية وللنظر في واقع المرأة

ترى الكاتبة أن مجال النظرية السياسية النسوية انبثق من الحركات النسوية في القرن العشرين، حيث يقع مجال النظرية السياسية النسبية عند تقاطع النظرية النسوية والنظرية السياسية، وهدفه الأساس تعزيز توزيع الحدود السياسية، أما النسوية فهدفها محاربة التمييز والأشكال المتنوعة من التبعية، مثل الاضطهاد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي للمرأة، والهدف النهائي للسياسة النسوية هو فهم الطريق التي من خلالها يمكن تحسين الحياة المجتمعية، ومن ثم معالجة اقصاء المرأة من خلال تحليل وتعديل المؤسسات والنظريات التي تديم تبعيتها. فالنظرية النسبية السياسية تطبق منظورا نسبيا على الأسئلة التقليدية في الفلسفه السياسية التاريخية والحالية، وما الذي يحدد مفهوم النسوية ويميزها كنظام سياسي، ما المشكلات الهيكلية الأساسية لعدم المساواة بين الجنسين، ما التحديات التي تواجه منظور النوع الاجتماعي في النظرية السياسية، هل استطاعت النسوية بموجبها أن توحد صفوفها من أجل التغيير الاجتماعي السياسي.

كتاب يضيء الكثير من المفاهيم والاشكاليات حول المرأة تاريخيا وفي الحاضر، وهو إضافة مهمة للنظرية النسوية وللنظر في واقع المرأة المستمر في تهميشها.

الكتاب: السمّاق المر

الكاتبة: حسيبة عبد الرحمن

الناشر: دار نينوى للنشر والتوزيع – سوريا

تتحدث رواية الكاتبة السورية حسيبة عبد الرحمن عن حقبة الديكتاتورية الطويلة في سوريا، عبر شخصيات عدة يتخذ كل منها منحى سرديا خاصا يبدأ وينتهي بالعلاقة مع الديكتاتور حافظ الأسد، الذي تصاغ شخصيته في الرواية بنوع من المزج بين الواقع والخيال، ليظهر في بعض المرات كائنا خياليا فانتازيا ينتمي الى ما يشاهده الناس في السينما الخيالية عن كائنات غريبة.

غلاف "السمّاق المر"

تتساءل الروائية بتحسّر: "كيف يمكن أن تكتب حكاية الديكتاتور الذي سلب منك أجمل سني عمرك؟ وما لم ‏يسلبه سجنا سلبه ‏إرهابا وتخويفا ومضايقة، حتى تحولت حياتك إلى ما يشبه الكابوس ‏والخوف الدائم من زوار الفجر ‏الذين كان من الممكن أن يأتوك في أي وقت".‏ يعقب الناشر حول ذلك بقوله: هذا ما فعلته حسيبة عبد الرحمن في روايتها الجديدة "السمّاق المر". صحيح أنها ‏نثرت نتفا من تلك ‏الحكاية في كتابات عديدة، لكنها هنا تخصه بالحكاية، بشخصه، ‏بأحلامه وكوابيسه وذكرياته ‏ومؤامراته، بصداقاته وخياناته، بالوجه الرؤوم الذي ‏يحاول أن يظهر به: "الأب القائد"، وبالوجه ‏الآخر الذي لا يتوانى عن سحق، لا ‏خصومه فحسب، بل أقرب المقربين إليه إذا اشتمّ منهم رائحة ‏معارضة لإرادته ‏المطلقة. ‏

رواية تنطوي على تصفية حساب مع أشد المراحل سوداوية في تاريخ سوريا الحديث والمعاصر

تقول: "يتداخل الزمن كخيوط حريرية، وها أنا أعود إلى اللحظة التي أدخلتُ فيها الطائرَ ‏إلى القبة المقدسة، ‏وتركتُه ينغرز في التراب، وينقر البخور، يتعمَّد تشويه المكان ‏القدسي، ويعتاد عليه، أمسكت القرآن ‏وفتحته: (فلينصرنكم)".

‏ وتتابع: "قبّلت الضريح الحجري، أحد تقمصات الشيخ المهاجر، رجعت خلفا، ظهري للباب ‏ووجهي لشاهدات ‏الضريح الطويل. يقال إنه ضريح من سلالة هاشمية. كما كنت ‏أفعل في صغري وبيدي الطائر ‏العجيب... كأني لم أصدق حيازتي له، دخلتُ القبة ‏ثانية، أشعلتُ مجامر البخور، فتحت القرآن: ‏‏(فلينصرنكم)". إن إعادة الآية القرآنية مرتين في مقطع واحد ليحمل دلالة كبيرة على: إما الإيمان بنصر الشعب السوري خلال نضاله ضد المستبد، أو ترجي هذا النصر، أو كليهما معا، حيث هذا من ذاك، ولا تناقض.

الجدير بالذكر هنا أن الروائية كتبت روايتها قبل سقوط النظام وأرادت نشرها قبل ذلك، ففي حوار معها أكدت أنها كانت ستصدر قبل سقوط النظام، وتوقعت أن تُعتقل على إثرها، ومع ذلك أصرت على إكمالها. لكنها تأخرت لدى الناشر بسبب الحاجة إلى تدقيقها، ورفض أكثر من مدقق تدقيقها، فشاءت الأقدار أن تصدر بعد سقوطه.

رواية تنطوي على تصفية حساب مع أشد المراحل سوداوية في تاريخ سوريا الحديث والمعاصر.

غلاف "البورخيسة"

الكتاب: البورخيسة

الكاتب: محمود عبدالغني

الناشر: منشورات المتوسط – إيطاليا

البورخيسة، صفة كما يتضح، وهي آتية من بورخيس، الكاتب الأرجنتيني الشهير، أُطلقت في الرواية التي حملت الاسم نفسه "البورخيسة" للكاتب محمود عبد الغني، على سيدة محبة لبورخيس، عاشقة له، ومن شدة ذلك سُميت: البورخيسة! تقول عن نفسها: "لقد أصبحتُ بورخيسة صغيرة رغم أنني غير متعلمة ولا قارئة بما يكفي. امتلأتُ من الداخل ببورخيس رغم أنني لا أعرف منه غير الاسم. إنه ابن مخيّلتي، ابن حلمي الذي منحني كل شيء في حلم واحد. أتذكر أنه دام صمت طويل بيننا قبل أن يلوّح لي بيده وهو يتأبط الكتب. بقيتُ شاردة الذهن أفكر في كل كلمة. كنتُ أتمنى أن أسير بجواره نحو وجهته، لكن خوفا غريبا تملكني. كيف أذهب مع رجل غريب لا أعرف عنه سوى الاسم؟ حين خرج، رأيته يتسلق أغصان شجرة الدردار الكبيرة الموجودة في رصيف الزقاق، ثم طار نحو القمر الذي بدا صافيا ومضيئا. القمر شرط ضروري لكل قصة جيدة". سارة تعمل في مكتبة وقد تكونت لديها خبرة معرفة الناس من خلال الكتب التي يطلبونها ويقنونها من المكتبة. قالت لها مرة إحدى العاملات: سوف أعطيك بعض كتب مؤلف أرجنتيني اسمه خورخي لويس بورخيس. ثم قالت لها: لا تنسي ذلك الاسم؛ بورخيس! ومن يومها تعرفت اليه وحاورته طويلا في الحلم.

أصبحتُ بورخيسة صغيرة رغم أنني غير متعلمة ولا قارئة بما يكفي. امتلأتُ من الداخل ببورخيس رغم أنني لا أعرف منه غير الاسم

اسمها سارة، مطلقة من زوجها، لديها طفل يعيش مع أمها، جدّته. تعمل في المكتبة بيسر وسلاسة، وبخلوّ من منغصات خاصة سوى ما يفرضه العمل روتينيا، إلا أن مديرها الإداري يبدأ في مضايقتها، يتحرى عنها، يجمع معلومات تخصها، وهنا تتعقد حياتها فتقرر مواجهته، إنما كيف؟ الروائي ترك الباب مواربا على مآل العلاقة بين سارة ومديرها هذا، الساخط، والكاره للنساء، والحاقد الى درجة أنه طردها من العمل: "هذه الفتاة الطائشة أرادت أن تكون مثل بورخيس، أنا فعلا سأجعلها مثل بورخيس. سأطردها من المكتبة مثلما طُرد بورخيس من مكتبة بلدية بوينس آيرس، وسأجعلها تبيع الدجاج والأرانب في الأسواق مثله".

الرواية رواية امرأة، تجري على لسان سارة، لكن المثير في الأمر أن كاتبها هو رجل، وهذا يتطلب دراية خاصة بالمرأة نفسيا وعاطفيا وعلى المستويات كافة، إلا أن الأمر بحد ذاته ينطوي على جرأة.

الكتاب: أصداء الغذامي – تلقّي الكتّاب والمبدعين لفكر الدكتور عبدالله الغذامي

جمع وإعداد وترتيب: عبد العزيز بن علي النصافي – رحمة القرشي

الناشر: دار رشم للنشر والتوزيع – السعودية

هذا كتاب يبحث في بصمة الكاتب السعودي عبدالله الغذامي في الثقافة العربية عامة، والسعودية على وجه الخصوص، عبر كتبه التي أثارت، في غالبيتها، ولا يزال بعضها يثير التساؤلات والجدالات والمزيد من التأمل والتفكير في مختلف مناحي الفكر والفلسفة والأدب والنقد الثقافي وغيرها من الموضوعات.

غلاف "أصداء الغذامي – تلقّي الكتّاب والمبدعين لفكر الدكتور عبدالله الغذامي"

يضم كتاب "أصداء الغذامي – تلقّي الكتّاب والمبدعين لفكر الدكتور عبدالله الغذامي" الذي جمعه وحرره كل من عبد العزيز بن علي النصافي ورحمة القرشي، مقالات لم تنشر من قبل. فمنذ طرح الفكرة على المبدعين والنقاد العرب، بادرت نخبة من الكتاب العرب بحماسة للكتابة عن الناقد العربي الدكتور عبد الله الغذامي، بحسب ما جاء في المقدمة، وهي مقالات تنوعت موضوعاتها، بسبب تنوع كتَّابها واختلاف اتجاهاتهم الفكرية والثقافية. وأضافت هذه المقالات للكتاب، وذلك بسبب جودة ما كُتب، وانضمام عدد من النخب العلمية في العالم العربي للكتابة عنه.

كتاب يعطي نظرة شاملة وغنية عن مسيرة المفكر الغذامي، لما تنطوي عليه من جدية واطلاع وثراء

يقول الكاتب رحمة القرشي في مقدمته: "إن جمع المادة كانت فكرة أذكى جذوتها الأستاذ الفاضل عبد العزيز النصافي، وشاركتُه اعتزازا بدور الدكتور الغذامي، وإيمانا بدور طلبة العلم في الحفاظ على إنتاج أساتذتهم، وهو محاولة لتوثيق مادة ثرة عن العالم الجليل الذي خرج بأفكار أنار بها دروب البحث، وولدت أفكاره قراءات متباينة عن النص. وقد جمعنا في هذا الكتاب المقالات التي صدرت عن الدكتور وعن دراساته، من داخل المملكة وخارجها، وسيلحظ المتلقي الكريم أن المقالات المختارة لم تغطِّ مسيرة الدكتور كاملة، نظرا إلى ضخامتها، فحاولنا جمع المقالات المترامية في الصحف العربية، احتفاء بمسيرة الدكتور الطويلة، والمقالات التي تلقّت الدكتور أكبر بكثير من هذا العدد، وهي تتفاوت في الجودة والنضج، وبعضها ضعيف صَعُبَ علينا وضعه".

يصف القرشي المقالات التي ضمها الكتاب بـ"الرصينة"، وبأنها جاءت "احتفاء بمسيرة الغذامي، الناقد الذي أعطى النقد العربي، وبوّأ له مكانة مرموقة تليق بالفكر العربي الضارب في عمق التاريخ".

كتاب يعطي نظرة شاملة وغنية عن مسيرة المفكر الغذامي، لما تنطوي عليه من جدية واطلاع وثراء، وقبل ذلك من محبة وتقدير للكاتب الكبير.

font change