مرصد الأفلام... جولة على أحدث عروض السينما العربية والعالمية

AlMajalla
AlMajalla

مرصد الأفلام... جولة على أحدث عروض السينما العربية والعالمية

نتعرف من خلال هذه الزاوية إلى أحدث إنتاجات السينما العربية والعالمية، ونسعى إلى أن تكون هذه الزاوية التي تطل شهريا، دليلا يجمع بين العرض والنقد لجديد الشاشة الكبيرة، على أن نتناول الأفلام الجماهيرية والفنية، من الأنواع كافة، بالإضافة إلى إعادة تقديم فيلم من ذاكرة السينما الكلاسيكية.

The Ritual

تأليف: ديفيد ميدل وإنريكو ناتال

إخراج: ديفيد ميدل

بلد الإنتاج: الولايات المتحدة الأميركية والهند

يبيع هذا الفيلم نفسه للمشاهدين، عبر بضاعتين جذابتين في عمل من هذا النوع، رعب طرد الأرواح الشريرة. النوع الذي تنتج منه هوليوود وغيرها من السينمات المهتمة العديد من الأفلام كل عام، بلا كلل ولا ملل، وبيقين في الحد الأدنى من المردود التجاري. البضاعة الأولى، هي ما يدعيه الفيلم، منذ الافتتاحية من نهوضه على قصة حقيقية، وليست حقيقية فقط، بل الأشد توثيقا من بين حالات طرد الأشرار التي أداها كهنة مسيحيون على فتيات مسكونات. أي أن صنّاعه، لا سيما مخرجه وكاتب السيناريو بالمشاركة ديفيد ميدل، يشيران إلى أنهم الأصل، أو على الأقل أقرب صورة من الأصل، بينما بقية الأفلام الأخرى التي شبعنا منها، ما هي إلا صور من صور. أما البضاعة الثانية، فلا تجذب محبي الرعب فقط، إنما محبي السينما عموما، وهي مشاركة آل باتشينو، في دور الكاهن الرئيس الذي يؤمن تماما برسالته، ويبحر بهذا الإيمان عكس التيار.

يبدو آل باتشينو الهدية الأكيدة في هذا الفيلم، بعفويته ولطف حضوره، وقدرته على انتزاع ضحكات حقيقية من المتفرجين

أيا كان إيماننا من عدمه، بمسألة سكن الأرواح في الأجساد ومصداقية هذه الممارسات الدينية، غالبا ما تملك الأفلام السينمائية من هذا النوع منطقها الخاص وتشق طريقها عبر العلامات التي يزرعها صنّاعها للدلالة على عالمها. لذا تتضمن معظم هذه الأفلام شخصا مؤمنا تماما، يحاول تخليص الضحية من نفوذ الشيطان، ومرافقين متشككين، ينتهي بهم الحال مؤمنين على جانب آخر. "الطقس" لا يخالف هذه المعادلة.

على الرغم من أنه بدا واعدا، حين طرح في البداية إمكان التشخيص النفسي للحالة، على لسان القس جوزيف (دان ستيفنس). ثم انقلب على عقبيه واكتفى بهذه الإشارة من غير أن يغامر سرديا في منطقة اختبار الفرضية، على جدتها، ربما خشية الخروج عن منطقة مضمونة تجاريا. تقنيا، يستعمل صناع الفيلم الكاميرا المهتزة في معظم المشاهد تقريبا. يحددون لقطات من أحجام قريبة أو متوسطة، وقليلا جدا ما يلجأون الى اللقطة الطويلة. يجاري هذا الخيار الشكلاني، الطبيعة الضبابية التي تحيط بحالة البنت المسكونة، وصعوبة الوصول إلى حقيقة موضوعية في هذا العالم الشخصاني المنحاز. مع ذلك، لا يمنعننا هذا الخيار التشويقي، من الشعور بالدوار في بعض لحظات الفرجة، أو حتى السأم. أما آل باتشينو، فهو رغم غرابة قراره قبول فيلم كهذا، يبدو الهدية الأكيدة، بعفويته ولطف حضوره، وقدرته على انتزاع ضحكات حقيقية من المتفرجين، بعد أن فشل الفيلم في انتزاع مخاوفهم.

The Ritual

Ocean with David Attenborough

إخراج: كولن بتفيلد وتوبي نولان وكيث سكولي

بلد الإنتاج: إنكلترا

إنتاج مشترك بين منصات "ناشونال جيوغرافيك" و"ديزني" و"هولو"، ومؤسسة أمير موناكو، ألبرت الثاني، من بين جهات أخرى، يأتي هذا الفيلم التسجيلي المهم، جاعلا من المحيطات عنوانه وقبلته. المحيطات هنا ليست فقط تلك العوالم الشاسعة والمخيفة، التي قليلا ما نغامر بالخوض فيها حتى بالخيال، إنها إلى هذا، الحياة الغنية حقا والممكنة الوحيدة والبديلة، لا سيما مع كل التدهور المتسارع الذي تشهده الحياة على كوكب الأرض، في ظل التغيرات المناخية. يقول ديفيد آتنبورو، خبير الحياة البحرية والسارد المرافق لنا في هذا الفيلم – أو أننا مرافقوه في قسم من رحلته الممتدة - إن المحيطات بما تحويه من عوالم كاملة ومستقلة، تستطيع أن تولد لنا المزيد من الأوكسجين، وأن تعادل إلى حد ما، درجة حرارة الكوكب على شرط واحد عصي على التحقق: أن نتركها في حالها.

Ocean

يركز الفصل الأول من الفيلم على سحر هذه المحيطات. يغرقنا بصريا في مشاهد رائعة وملونة، تجد فيها العين متعة، والفكر سلوانا وسط ما يحيط بنا من دمار. قبل أن يصدمنا دفعة واحدة، بما خسرته هذه المحيطات من ثروات. بالتكلفة الباهظة للصيد الجائر للمحار على حياة المخلوقات البحرية من جهة، وحياة السكان الأصليين للمناطق المحيطة بالمحيطات، عبر مشاهد تقارن ما آلت إليه هذه العوالم من موت وذبول، من بعد الألوان والجمال. قبل أن نتحطم تماما، من الأثر المروع لإساءة الإنسان حتى للمحيطات. يجعل لنا الفيلم مخرجا، وهو ضرورة استصدار قوانين تمنع التجريف البحري، لعدد من السنين، ريثما يتمكن البحر من تجديد نفسه، وبث الحياة من جديد في مخلوقاته.

بين يأس وأمل، تمتد رحلتنا مع فيلم يعتمد في طرحه على الإحصائيات والوثائق، لكنه يتوجه إلى وجداننا في الأساس، مما يجعل مشاهدته، تجربة إعادة فحص لقيمنا

وهكذا بين يأس وأمل، تمتد رحلتنا مع فيلم يعتمد في طرحه على الإحصائيات والوثائق، لكنه يتوجه إلى وجداننا في الأساس، مما يجعل مشاهدته، تجربة إعادة فحص لقيمنا وتصوراتنا عن رفاهيتنا. إن المصانع التي خربت المحيطات، واستنفدتها وجوعت حيتانها، تستهدف إشباع استهلاكنا أنواعا معينة من الأسماك. طوال عمر البشر، طعموا من هذه الأسماك، قبل أن يظهر توحش الرأسمالية، فيضخم الحاجة، ويعاظم الربح على حساب الأحياء، جيراننا في العوالم الأخرى. إن ما يحدث في المحيط، هو ما يحدث على الأرض. استعمار صريح، لم تقيده القوانين بعد. وصحيح أن الفيلم يشدد على ضرورة الوعي الجماعي، بما يدفعنا كمواطنين الى الضغط على حكوماتنا لوقف هذا الاستنزاف للمحيطات، إلا أن قضيته تبقى جزءا من قضية أكبر، عن ضمير الأقوى، الذي لا يسائل نفسه، ولا يرحم الآخر، متى تمكن من دهسه.  

Sister Midnight

سيناريو وإخراج: كاران كاندهاري

بلد الإنتاج: الهند وإنكلترا والسويد

يمكن القول إن هذا الفيلم عن التعساء، العاجزين عن تحقيق أدنى متع الحياة، وحين يتمكنون أخيرا من تحقيقها، يموتون فرحا. يمكن القول أيضا إنه فيلم عن صراع نساء العالم الثالث، بين أن يكن ساحرات وفقا للفهم الغربي، أي متحررات من منظومات اجتماعية قامعة، مالكات لقوى تغيير خارقة، أو أن تقودهن الحياة التعسة تماما نحو الجنون، فيصبحن خطرا على أنفسهن وعلى العالم. ومع ذلك، فإن هذا الفيلم الطويل الأول لمخرجه الإنكليزي الهندي كاران كاندهاري، يوحي بأنه يريد قول أكثر من هذا وذاك بأسلوبه السوريالي، وتركيزه على صناعة مشاهد آسرة بصريا، من ناحية التكوين والألوان، ومن ناحية التوليف أيضا الذي يمرر الشعور بزحف الجنون إلى عقل بطلته أوما (راديكا أبت) بعد الفشل غير المعلن لزيجتها بعريسها جوبال (أشوك باتهاك)، وهو ليس رجلا عنيفا، ولا غبيا، لكنه غائب عن نفسه بطريقة تدفع حقا إلى الجنون.

Sister Midnight

لا يرجع الفيلم أسباب هذا التمزق بين الزوجين الى أوضاع الفقر مثلا في المدينة مومباي، بل يبدو انخراط عمل أوما في التنظيف نوعا من التنفيس عن تدهورها العقلي أكثر من محاولة لتحسين الوضع المالي للبيت، بما يسمح للزوج بممارسة دوره. لا يعطينا السيناريو أسبابا جوهرية للوضع الغريب، ولا للميلودراما التي سيذهب الفيلم في اتجاهها بلا مبرر ربما إلا إن كانت الميلودراما (وفقا لفهم صانعه) سابقة على وجود البطلين، حادثة بهما أو معهما، في شكل من تحصيل الحاصل. فهل في هذا نوع من تحدي السينما الهندية المعروفة عموما بميلها الفاقع إلى الميلودراما؟ لا أحد يملك إجابة قاطعة عن هذا السؤال.

رغم الفراغات في حبكة الفيلم، تبقى الصورة التي يقدمها "الأخت منتصف الليل" متماسكة وفاتنة، كذلك أداء الممثلين

رغم الفراغات في حبكة الفيلم، تبقى الصورة التي يقدمها "الأخت منتصف الليل" متماسكة وفاتنة، كذلك أداء الممثلين، لا سيما راديكا أبت بتعبيرها عن البؤس الكبير الذي وصلت ايله الشخصية وفي الوقت نفسه قدرتها على رسم البسمة على وجوه المتفرجين المصدومين. حتى المدينة التي تنثر أوما ضياعها فيها، خصوصا أثناء الليل، لا تفتقد الجمال في تقديمها السينمائي هنا، وهي في ذاتها دافع لاستكمال الفرجة حين تعم الفوضى الفيلم تماما، ونوقن كمتفرجين أن فهمنا لما يجري من عدمه، لن يغير شيئا. 

Echo Valley

سيناريو: براد إنجلسبي

إخراج: مايكل بيرس

بلد الإنتاج: الولايات المتحدة

من إنتاج منصة "آبل"، إلى جانب آخرين من بينهم ريدلي سكوت، يأتي هذا الفيلم بما يحمل من لمسة كلاسيكية. مع كيت (جوليان مور) السيدة العذبة مربية الخيول التي تعتني بالمزرعة، وشعورها الجاثم بالحزن بعد فقدان شريكتها (باتي). إنها مضطرة إلى مواجهة وحدتها الجديدة بعد الحب الكبير الذي تركت من أجله كل شيء، وهي وحدة مزدوجة عاطفيا، لأن لديها ابنة مدمنة غير حاضرة في حياتها. حتى والد هذه الابنة، زوج كيت السابق لا يؤمن بأن حالة الابنة ستتحسن.

في المشاهد الأولى تتقدم كيت بصريا بطريقة تسرب الينا شعورا بأن هناك جوانب خفية من شخصيتها، وربما حتى تخيفنا منها رغم رقتها الظاهرة. غالبا ما يحاط حضورها تحت الشمس بكتل مظلمة، ويمتد الظلام إلى داخل المزرعة، وهي قلب حياتها، حتى في عز النهار. ثم تتحرك الدراما لتكشف المزيد من جوانب العذوبة، والوفاء لدى كيت، ويتأكد تقديرنا لها على حبها غير المشروط لابنتها كلير (سيدني سويني). بينما الابنة على النقيض من الأم، لا تخلص لشيء ولا تراعي أحدا ولا حتى هذه الوالدة الطيبة. حسب احتياجها المادي، تظهر في حياة كيت، ثم تختفي، ما يزعجنا كمشاهدين منها، ويخيفنا على كيت. وتبلغ كلير حد توريط الأم في إخفاء إحدى جرائمها، ويصدمنا أكثر انجرار الأم وراء نتائج أفعال ابنتها، في وقت حاجتها الشديدة للدعم النفسي. إلى أن تأتي لحظة المفاجأة، عبر تنفيذ حبكة ملتوية، تباغت كثيرا المشاهد، وتذكره بالتقديم السينمائي الخاص وغير العشوائي الذي لاحظناه في البداية.

يقول هذا الفيلم، من بين ما يقول، إن حب الأم أقوى من أي شيء آخر في العالم، وإن الأنوثة المعطاءة ليست غبية ولا سهلة الانقياد

تدور أحداث "إيكو فالي" في أماكن جميلة، تبرزها كاميرا حساسة لعذوبة وجمال الشخصية الرئيسة كما تؤديها جوليان مور. لا تتحدث كيت عن الحنين ولا الحب الذي عاشته وانقضى في حادثة مجانية، لكن الفيلم يشعرنا بكل شيء، بتكثيف واقتضاب. الموسيقى من جهتها، تحاكي إيقاع الأحداث الخارجية المتسارعة من جهة، والاستقبال النفسي لها من كيت. ربما يقول هذا الفيلم، من بين ما يقول، إن حب الأم أقوى من أي شيء آخر في العالم، وإن الأنوثة المعطاءة ليست غبية ولا سهلة الانقياد كما ظننا أول الأمر. 

Echo Valley

F1: The movie

قصة وسيناريو: جوزيف كوزينسكي وإيرين كروغر

إخراج: جوزيف كوزينسكي

بلد الإنتاج: الولايات المتحدة

فيلم عن السرعة والريح. السرعة، التي ينهض عليها سباق السيارات، والسرعة بمعناها الزمن، الذي يتغير باستمرار، آخذا معه المواهب التي تربعت يوما فوق القمة أو كادت. وهو عن الريح، التي تدفع إلى الحركة من جانب، لكنها القدر كذلك الذي يخشى منه. أما سؤال السرعة، فيبحثه الفيلم في نصفه الأول. عبر قصة سوني هايز (براد بيت) متسابق السيارات العائد في سن متقدمة لينافس الشباب، بسيارة لا تسمح له بإحراز تقدم حقيقي في الجولات، لكن ما بيده حيلة، فهو يريد أن يساند صديقه القديم روبن (خافيير بارديم) الموشك على عرض فريقه للبيع، بسبب الخسارات المتلاحقة. هل هذه فقط نية سوني؟ أم أنه يريد أيضا استعادة مجد قديم، هو الذي اضطر لترك شغفه الأكبر، بعد أن تعرض لحادثة عنيفة وهو يتسابق، أرغمته على الخروج عن المنافسة لزمن طويل احترف خلاله القمار والمراهنات.

F1

يجاري المونتاج في النصف الأول سرعة اللعبة. ولا يدع لنا مجالا للالتفات بعيدا من الشاشة. يبدو سوني يصارع العالم أجمع، فجسده الذي لم ينس صدمة الحادث القديم، ولا سخرية المحيطين منه. ثم هذا الشاب جوشوا (دامسون إدريس)، الذي لا يخلو من غرور، وليس معجبا كثيرا بسوني المسن كما ينعته دائما. جوشوا ابن زمنه، وهو نجم على وسائل التواصل الاجتماعي بابتسامته الواسعة. هناك مشكلة واحدة، إنه من فريق روبن الخاسر. وها هو اليوم مضطر إلى الدخول في مقارنة مع سوني الأشقر الذي يشبه رعاة البقر. إلى هذا، يتجاهل الفيلم أي أسئلة عنصرية، ويوازي السيناريو بين بطلين، يشتركان في الكثير من أحداث الحياة، إلى حد معه يبدوان متسابقا واحدا لكن في زمنين مختلفين.

يركز السرد على عالم سوني الداخلي، عما يثيره هذا اللقاء مع الشاب المندفع، وعن اختباره لشعور العودة. وسؤاله لنفسه غير المصرح به: عما يريده حقا

في النصف الثاني، يركز السرد على عالم سوني الداخلي، عما يثيره هذا اللقاء مع الشاب المندفع، وعن اختباره لشعور العودة. وسؤاله لنفسه غير المصرح به: عما يريده حقا. يصوغ المونتاج السؤال هنا في إيقاع أهدأ، أنعم ربما، بما يتوافق مع رؤيته للعالم: "النعومة سلاسة، والسلاسة سرعة". تمنح موسيقى هانز زيمر رحلة البطل بعدا جليلا. تجعله في النهاية، أكثر من بطل أبيض ينتصر على ذلك الأسود. أو على الأقل هذا ما أراد صنّاع الفيلم إقناعنا به.

La Fée aux Choux (The Cabbage Fairy)

إخراج: آليس غي بلاشيه

بلد الإنتاج: فرنسا، 1896

يعد "جنية الكرنب"، أول فيلم روائي في العالم، ومخرجته ليست فقط أول مخرجة امرأة في العالم، إنما كذلك أول مخرجة لفيلم روائي، غير أن اسمها استبعد لسنوات من كتب تأريخ السينما، همشت سيرتها، وتجاهل كثيرون لزمن طويل، الحديث عن مساهمتها في تشكيل السينما بالمعنى الذي نعرفه اليوم. نحن نعرف أن العرض السينمائي الأول- أو على الأقل من العروض الأولى- كان للأخوين لوميير في باريس عام 1895، حين بثا أمام الناس، لقطات صور متحركة، منها لقطار يدخل إلى المحطة، وأدى المشهد إلى فرار المتفرجين خائفين من الدهس كما صدرته الشاشة.

La Fée aux Choux

كانت آليس غي بلاشيه، من بين المدعوين في هذا العرض هي ورئيسها في العمل ليون جومون، صاحب الشركة الشهيرة، وأحد رواد صناعة السينما في العالم. بعد الفرجة، اقترحت آليس التي تعمل آنذاك سكرتيرة عند جومون، أن تستعير منه إحدى آلات التصوير لتصور شيئا على غرار ما حضراه يوم لوميير. آنذاك، يجرب الجميع تصوير مشاهد من الحياة اليومية، أنشطة طبيعية تجعلها السينما مثيرة للاهتمام، ليعاد تقديمها إلى الناس الذين يقبلون للتفرج على ما ينتجه هذا الاختراع الجديد، والغريب. فكرت آليس في اتجاه آخر، من غير أن تعرف أنها بهذا تمهد للصناعة الجديدة طريقها في العالم. سألت نفسها ماذا لو أخذنا الخيال من الروايات والقصص، وأضفناه على الصور المتحركة؟

هكذا استعانت آليس بأصحابها وصورت الفيلم عن جنية تأتي بالمواليد من بين ثمار الكرنب. جارت فكرة الفيلم حكاية من الفولكور الفرنسي، لكن الأهم أن هذا الخيال، ضمن لآليس بلاشيه ترقيها في شركة جومون، حتى أصبحت مسؤولة عن خط إنتاج للأفلام التي تحكي قصصا مضحكة، أو قصصا درامية أو حبا.

يعد "جنية الكرنب" أول فيلم روائي في العالم، ومخرجته ليست فقط أول مخرجة امرأة في العالم، إنما كذلك أول مخرجة لفيلم روائي

حسب "ويكيبيديا" الفرنسية، ثمة ثلاث نسخ من هذا الفيلم. أولاها فقدت تماما مما اضطر آليس إلى تصوير نسخ أخرى، وبالتالي تطوير الفكرة، على نحو مختلف. يقال إن نسخة العام 1900، هي المأخوذ منها هذه الدقيقة التي يمكن الفرجة عليها عبر "يوتيوب". ولعل هذه المساحة فرصة لتذكر آليس التي بدأ العالم السينمائي يكفر عن ذنبه معها، بعد أن حوربت ربما فقط لأنها رائدة مبدعة وسط صناعة استأثر بها الرجال. ولدت آليس في فرنسا 1 يوليو/ تموز من العام 1873، أي أن بداية هذا الشهر توافق أيضا تاريخ ميلادها، وتوفيت في الولايات المتحدة في 24 مارس/ آذار 1968.    

font change