تركيا و«سترات فرنسا الصفراء»... تصفية حسابات

استراتيجيات استغلال أحداث الخارج وتوظيفه لدعم نفوذ أنقرة الإقليمي

1- الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان في مقر الأمم المتحدة خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك في 25 سبتمبر 2018. (غيتي)

تركيا و«سترات فرنسا الصفراء»... تصفية حسابات

* العلاقات التركية - الفرنسية يجمعها توافقات طارئة وتناقضات دائمة، عبر عنها بوضوح الاختلاف بشأن التعامل مع كثير من قضايا الدول العربية.
* دعا جاويش أوغلو أوروبا إلى «أن تستفيق». وأشار إلى أن كافة القيم الأوروبية «أخذت بالانحلال».
* سعت السلطات التركية من وراء توالي الانتقادات لممارسات السلطات الفرنسية إلى كسب تأييد المواطنين الأتراك لسياسات تركيا الخارجية.
* موقف إردوغان من «السترات الصفراء» جاء في إطار سياسة توزيع الأدوار مع السياسيين الأتراك للإيحاء بأن فرنسا دولة لا تحترم حقوق الإنسان.
* ركز الإعلام التركي على إظهار ما سماه «ازدواجية المعايير» التي تتبعها فرنسا والغرب بشكل عام في معالجة الأحداث التي تمر بها تركيا.
* وضعت صحيفة «يني شفق» التركية على صدر الصفحة الأولى اقتباسًا من تصريح إردوغان الذي قال فيه إنهم «سقطوا في البئر الذي حفروه»، في إشارة إلى فرنسا.
* قدرة الحكومة التركية على تقليل حدة المشكلات الاقتصادية التي قد تواجهها خلال عام 2019 ستبقى محدودة، سيما في ظل توقف الاستثمارات الأجنبية.
* انتشرت دعوات لتنظيم احتجاجات في تركيا على غرار مظاهرات السترات الصفراء في فرنسا، وهي دعوة أطلقها رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض.
* يبدو أن تركيا التي تتصاعد إجراءاتها الأمنية حيال المعارضة، تواجه على الصعيد الخارجي تحديات تتعلق بالبقاء أسيرة الحليف الواحد الذي تمثله قطر.
* سياسة تركيا مع قوى إقليمية ودولية كبرى تواجه تحديات غير مسبوقة بسبب الاستمرار في سياسة استخدام العامل الخارجي لتعزيز شرعية الحكم داخلياً.
* شهدت مدينة ديار بكر التركية مظاهرات شارك فيها آلاف الأشخاص احتجاجا على غلاء المعيشة وجاء هذا التحرك تلبية لنداء كونفدرالية نقابات عمال الخدمة العامة. 

أنقرة: استراتيجيات استغلال أحداث الخارج وتطوراته وتوظيفها في إطار دعم نفوذ تركيا الإقليمي وسياساتها المحلية تمثل سياسة مركزية اختبرتها في كثير من المواقف وثبت انتهاجها المستمر من قبل الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان. وربما تتشارك تركيا في ذلك مع قطر ليس لكونهما دولتين بينهما الكثير من العلاقات والسياسات المشتركة حيال قوى إقليمية كبرى، وإنما لأن ذلك قد يكون أحد مصوغات الرغبة المشتركة لدى الجانبين في ترسيخ النفوذ المحلي وتعزيز القبضة الأمنية على مقاليد الحكم. لذلك بينما اختفت التصريحات القطرية حيال أوضاع فرنسا الداخلية على خلفية تفجر مظاهرات «السترات الصفراء» فإن وسائل إعلامها ظلت في خدمة سياسات تركيا ونخبتها الحاكمة، التي استغلت بدورها أوضاع فرنسا المحلية في محاولة لـ«تصفية حسابات» معقدة مع الجانب الفرنسي.
فالعلاقات التركية - الفرنسية يجمعها توافقات طارئة وتناقضات دائمة، عبر عنها بوضوح الاختلاف بشأن التعامل مع كثير من قضايا الدول العربية، وبينما كانت فرنسا أقرب إلى دعم الدولة العربية، فإن تركيا كانت أقرب ما تكون إلى دعم المعارضة الداخلية في البلدان عربية، ربما وضح ذلك مؤخرا في إطار سياسات الدولتين حيال قضايا الإقليم، التي حاولت تركيا تأججيها واستغلالها ليس إلا لتحقيق مكاسب سياسية والحصول على تنازلات إقليمية، وربما رفضت ذلك القوى الإقليمية الكبرى، وساندتها في مسلكها الدولة الفرنسية عبر مؤسسات مختلفة. لذلك فقد اعتبرت أحداث فرنسا الأخيرة بالنسبة لأنقرة فرصة مهمة يمكن توظيفها في إطار التجاذبات مع باريس.
وفي هذا السياق، حاول الرئيس التركي الدفاع عن سياسات تركيا في معرض هجومه على ممارسات السلطات الفرنسية، حيث اتهم إردوغان المدافعين عن حقوق الإنسان بالتقاعس عن انتقاد ما يتعرض له المشاركون في مظاهرات «السترات الصفراء» في فرنسا، في حين أنهم سارعوا في المقابل إلى انتقاد أنقرة بسبب قمع مظاهرات إسطنبول، وذلك في محاولة مركبة لتعزيز الشرعية الداخلية، وفي الوقت نفسه، الاستجابة العكسية لتصريحات وزيرة الصحة الفرنسية انياس بوزين التي اتهمته بـ«التدخل في شؤون فرنسا الداخلية»، وذلك بعد إعرابه عن أسفه إزاء «تمادي» قوى الأمن الفرنسية في استخدام العنف لاحتواء مظاهرات «السترات الصفراء».
وأكد إردوغان في خطاب متلفز أن «الذين كانوا يدافعون عن حقوق الإنسان خلال مظاهرات (غيزي بارك) في 2013. أصبحوا عميانا وصما وبكما حيال ما يحصل في باريس». وقد تعرضت السلطات التركية لانتقادات حادة من البلدان الغربية ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بعد القمع القاسي للمظاهرات الصاخبة ضد الحكومة في ربيع 2013 والتي تعرف باسم مظاهرات «غيزي».
وأضاف إردوغان أمام أعضاء حزبه: «حركتم العالم خلال أحداث إسطنبول. لماذا؟ لأننا هنا في تركيا؟ اذهبوا الآن، وافعلوا الشيء نفسه في باريس». وعلى الرغم من تزايد الاتهامات والتقديرات الغربية بشأن استمرار الانتهاكات لحقوق الإنسان في تركيا وتآكل سيادة القانون، استنكر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ما رآه «عنفًا غير متكافئ» للسلطات الفرنسية تجاه المتظاهرين، مؤكدًا أنه يتابع الوضع بقلق، وأن فرنسا فشلت في اختبار الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، رغم أنها تنتقد ما تمارسه الشرطة التركية طوال الوقت.
موقف إردوغان من مظاهرات «السترات الصفراء» جاء في إطار سياسات توزيع الأدوار مع السياسيين الأتراك بهدف الإيحاء بأن فرنسا دولة لا تحترم حقوق الإنسان، وأن اتهاماتها لتركيا بشأن انتهاك حقوق المعارضة إنما تفتقد المصداقية. وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية التركية، جاويش أوغلو، بدوره، على أن أوروبا تكيل بمكيالين تجاه أوضاع تركيا الداخلية، وأضاف أن «المواقف التي تبنتها الدول الأوروبية حيال حالة الطوارئ المعلنة في تركيا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، اختلفت كثيرًا عن المواقف التي بدرت منهم عندما أعلنت فرنسا حالة الطوارئ في عموم البلاد عقب التفجيرات الإرهابية التي تعرضت لها».
وأوضح في كلمته خلال منتدى للأمن الإقليمي بمنتجع بليد الجبلي في سلوفينيا أن «الشعب التركي ينظر إلى اختلاف المواقف الأوروبية حيال حالتي الطوارئ المعلنة في تركيا وفرنسا، على أنه مثال لسياسة ازدواجية المعايير». وأشار جاويش أوغلو إلى أن أوروبا «تنحدر إلى هاوية خطيرة» في ظل تصاعد خطاب العنصرية ومعاداة الأجانب. جاء ذلك في كلمة له خلال مشاركته باجتماع «اتحاد جمعيات رجال الأعمال الشباب» في ولاية أنطاليا جنوبي تركيا، ودعا جاويش أوغلو أوروبا إلى «أن تستفيق». وأشار إلى أن كافة القيم الأوروبية «أخذت بالانحلال». وسعت السلطات التركية من وراء توالي الانتقادات لممارسات السلطات الفرنسية إلى كسب تأييد المواطنين الأتراك لسياسات تركيا الخارجية. ولدعم وجهة النظر هذه، أكد وزير الخارجية التركي إلى سماح الاتحاد الأوروبي لمواطني دول لا صلة لها بأوروبا بالدخول إليها دون تأشيرة، بينما يماطل بخصوص منح الوضع ذاته لمواطني تركيا. واعتبر جاويش أوغلو أن فرنسا وألمانيا لا تزالان تمثلان مركز ثقل الاتحاد الأوروبي، وأنهما أكثر دولتين تناهضان عضوية تركيا في الاتحاد خشية تغير هذه المعادلة.
ويبدو من المستغرب، حسب اتجاهات رائجة، أن تنتقد تركيا ما انتهجته هي ذاتها، حيث قامت الشرطة التركية بالاعتداء بعنف على فاعلية لمجموعة «أمهات السبت» أواخر أغسطس (آب) 2018، ومنعت تنظيمها في الأسابيع اللاحقة بتعليمات من وزير الداخلية سليمان سويلو، رغم أنها مظاهرة سلمية كانت تنظمها كل سبت سيدات كرديات يرغبن في معرفة مصير أقاربهن المختفين قسرًا داخل المعتقلات منذ عام 1995. وأدانت جماعات حقوق الإنسان القمع الذي تعرض له الاعتصام السلمي دون مبرر واصفين ذلك بـ«المخزي»، فيما سلطت وسائل إعلام عالمية الضوء على الحدث. كما شهدت عمليات فض مظاهرات حديقة غيزي عام 2013 في تركيا عنفًا مفرطا ضد المتظاهرين، وقبل أيام ألقت قوات الأمن القبض على مجموعة من المشاركين في تلك المظاهرات قبل 5 سنوات بتهمة السعي لقلب نظام الحكم.

 

  • متظاهرة من ذوي السترات الصفراء تحمل لافتة كتب عليها "Stop Macron" أثناء زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان للتحضير لإطلاق الرئاسة الفرنسية لمجموعة السبع في 18 كانون الأول / ديسمبر 2018 في بياريتز، فرنسا. (غيتي)
 


 
«السترات الصفراء» وانتخابات مارس المحلية
تشهد تركيا انتخابات محلية في مارس (آذار) 2019. تعتبرها أوساط أكاديمية تركية بمثابة اختبار مهم لحزب العدالة والتنمية، سيما مع تصاعد مظاهر التنسيق بين حزب الشعوب الديمقراطية الكردي وحزب الشعب الجمهوري الأتاتوركي. وقد يشكل ذلك المحرك الرئيسي الذي يدفع الرئيس التركي إلى التصعيد خارجيا من أجل تعبئة الساحة المحلية وشحذها خلف حزبه الحاكم قبل انتخابات مارس المقبل، يأتي هذا في الوقت الذي تستمر فيه السلطات التركية في تبني سياسات الاعتقالات والإقالات، حيث تعمل النخبة الحاكمة على توظيف الأحداث الخارجية لخدمة الأجندة المحلية، سيما أنّ نسبة التصويت لحزب العدالة والتنمية الحاكم انخفضت من قرابة 49 في المائة إلى 42.56 في المائة، في الانتخابات الأخيرة، ما يعني خسارته لعدد كبير من أصوات ناخبيه.
وكعادته حاول إردوغان المحافظة على نفس تقنيات الخطاب القائمة أساسا على شحذ همم المواطنين الأتراك، حيث عمد إلى توظيف الجدل الذي أحدثته احتجاجات السترات الصفراء لاستقطاب المواطنين لدعم سياساته، متهما منظمات حقوق الإنسان بالتقاعس وعدم انتقاد السلطات الفرنسية رغم أن آلته القمعية ما زالت تصر على توظيف محاولة الانقلاب الفاشلة لتصفية الخصوم في كل القطاعات بتركيا.
ويرى مراقبون أنه ليس من حق إردوغان الذي أعلن في عام 2013 أن رجال الشرطة الذين قمعوا احتجاجات حديقة غيزي أبطال أن ينتقد السلطات الفرنسية أو منظمات حقوق الإنسان في إطار تصفية حسابات مردها أن تواصل انتقاد نظامه وسياساته القمعية كان عائقا كبيرا لتسهيل انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. ويشدد كثير من المتابعين على أن الرئيس التركي يوظف كل الملفات خدمة لمستقبله والتي لا تتسق على أرض الواقع مع ما تلعبه أنقرة بالتنسيق مع قطر من أدوار سلبية ساهمت في تأجيج الاضطرابات الداخلية في دول عربية وإقليمية رئيسية.
 
«السترات الصفراء» في وسائل الإعلام التركية
حظي الحدث الفرنسي لدى الإعلام التركي، لا سيما المقرب من الحكومة، باهتمام بالغ وتركيز غير مسبوق، واحتلت أخبار المظاهرات ومشاهد عنف المتظاهرين وممارسات الشرطة الفرنسية حيالهم الصفحات الأولى لكبرى الصحف التركية والمواقع الإخبارية، كما أفردت الفضائيات الإخبارية مساحة هائلة لتغطية الأحداث مع التركيز على حجم العنف والدمار والتخريب الذي تخلل الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين. وما بين محاولة إظهار عنف الشرطة الفرنسية في قمع المتظاهرين وانتقاد عمليات الحرق والتخريب التي قام بها المتظاهرون، ركز الإعلام التركي على إظهار ما سماه «ازدواجية المعايير» التي تتبعها فرنسا والغرب بشكل عام في معالجة الأحداث التي تمر بها تركيا.
وتبني الإعلام التركي في هذا الإطار خطاباً مفاده أن فرنسا والدول الأوروبية دعمت المتظاهرين الأتراك في أحداث «غيزي بارك» وبررت أعمال العنف والتخريب التي ارتكبوها في البلاد، كما انتقدت محاولات الشرطة التركية لإيقاف هذه العملية، واتهم الإعلام الغربي بمحاولة «تشويه صورة تركيا». وقد عنونت صحيفة «ستار» التركية صفحتها الرئيسية بعنوان «أوروبا تهتز» فوق صورة ضخمة لأعمال العنف في باريس، وإلى جانب صور أصغر لمظاهرات «السترات الصفراء» في بلجيكا وهولندا، ونشرت عنوانًا آخر على جانب الصفحة بعنوان «الإعلام الأوروبي أغلق الشاشات» تنتقد ما قالت إنه تجاهل الإعلام الأوروبي وعدم تغطيته لأحداث باريس.
وكتبت صحيفة «يني عقد» عنوانًا فوق صورة لنيران تلتهم سيارات في باريس: «آهات المظلومين تحرق باريس»، وقالت الصحيفة: «فرنسا الملطخة أيديها بالدماء، فرنسا التي قتلت مليون جزائري وعشرات آلاف الليبيين بحجة إسقاط نظام القذافي، ها هي تحترق اليوم بآهات المظلومين، تحولت باريس إلى ساحة حرب»، وانتقدت ما وصفته بـ«الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين ومهاجمتهم بالغاز والرصاص المطاطي».
وعلى صدر صفحتها الأولى كتبت صحيفة تركيا «الغاز يمطر باريس» فوق مجموعة صور تظهر قمع الشرطة الفرنسية للمتظاهرين، فيما وضعت صحيفة «يني شفق» على صدر الصفحة الأولى اقتباسًا من تصريح إردوغان الذي قال فيه إنهم «سقطوا في البئر الذي حفروه»، في إشارة إلى فرنسا، وهو نفس العنوان الذي وضعته صحيفة «غونيش»، كما كتبت تحت عنوان آخر أن «الشتاء الأوروبي حوّل شوارع باريس إلى ساحات حرب».
كما كتبت صحيفة «أيدينليك» على صدر صفحتها الأولى «الليبرالية الجديدة تنهار»، فيما وضعت صحيفة «الاتحاد الجديد» صورة ضخمة لنيران تلتهم سيارات في باريس على صدر صفحتها الأولى، وكتبت «باريس تحترق». ومن جهتها، كتبت صحيفة «سوزجو» المعارضة: «دائرة النار تتسع من باريس إلى أوروبا»، كما كتبت صحيفة «جمهورييت» فوق صورة لمظاهرات باريس على كامل صفحتها الأولى «المد الأصفر»» مشيرة إلى أن مظاهرات باريس امتدت لتصل بلجيكا وهولندا والمجر. هذا فيما قامت شبكات التلفزيون والصحف بنشر صور لسيارات تحترق ومحال تجارية تنهب وردّ الشرطة العنيف جدًا ضدّ المتظاهرين.
وفي هذا السياق، قال الرئيس التركي ساخرًا: «انظروا ماذا يفعل الشرطيون التابعون لأولئك الذين كانوا ينتقدون رجال الشرطة لدينا!»، معتبرًا أنّ أوروبا «فشلت في مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات». وعلى وسائل التواصل الاجتماعي التي غصت بكتابات وصور ومقاطع فيديو متعلقة بأحداث باريس، كتب مغردون أتراك: «أين الإعلام العالمي من أحداث باريس، أين القنوات والوكالات التي غطت أحداث غيزي بارك على مدار 24 ساعة يوميًا»، وكتب آخر: «أصبح الإعلام العالمي أعمى أمام عنف المتظاهرين والشرطة الفرنسية، الأمر مختلف لو كانت هذه الأعمال في تركيا». وكتب مغرد آخر: «أين الاتحاد الأوروبي، ودول الاتحاد، والمنظمات الحقوقية الدولية التي أصدرت مئات التصريحات والتقارير حول أحداث غيزي بارك؟».

 

اشتباكات بين الشرطة والسترات الصفراء في الأوبرا، في 15 ديسمبر 2018 في باريس ، فرنسا. (غيتي)


 
«السترات الصفراء»... المحركات الداخلية لسياسات تركيا
تخشى تركيا من الخلفية التي تأتي في ظلها الاحتجاجات الفرنسية كونها تتعلق في الأساس بمطالب اقتصادية وترتبط بسياسات الاجتماعية، وهو ما لا يشكل أرضية صلبة يمكن الاستناد إليها إذا ما أقدمت تركيا على توجيه انتقاد للسياسات الفرنسية بسبب تأخر وضع تركيا فيما يخص حرية الصحافة والشفافية ومحاربة الفساد، لذلك بدا أن الوسيلة في انتقاد السياسات الفرنسية الأنسب، تتعلق بالممارسات الأمنية، محرك تركيا في ذلك تدهور أوضاع تركيا الاقتصادية، على نحو غير مسبوق خلال عام 2018، سيما مع تراجع قيمة العملة المحلية، الليرة، وبلوغ معدلات التضخم في نوفمبر (تشرين الثاني) 21.62 في المائة بالنسق السنوي، متباطئا بشكل ضئيل عن مستواه في أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته. وعدم فاعلية سياسات الحكومة في تخفيض منسوب التضخم المتصاعد.
وحسب كثير من التقديرات التركية فإن قدرة الحكومة التركية على تقليل حدة المشكلات الاقتصادية التي قد تواجهها خلال عام 2019 ستبقى محدودة، سيما في ظل توقف الاستثمارات الأجنبية في البلاد وتراجع النمو مصحوبا بتصاعد معدلات البطالة وتفاقم تكلفة الديون الخارجية. وبطبيعة الحال كان لذلك ارتدادات سلبية على كافة المجالات الإنتاجية والخدمية التي عانت من اهتزازات هيكلية، يأتي في مقدمتها قطاع الإنشاءات الذي كان يعول إردوغان عليه كثيراً في إحداث نهوض اقتصادي. بيد أنه أضحى يواجه ركوداً كبيراً، وليس ثمة احتمال في استفاقة، فمبيعات الوحدات السكنية في تراجع وثقة الشركات في الصناعة وصلت لأدنى مستوياتها منذ أكثر من عشر سنوات. وللخروج من تلك الحالة الضبابية شرعت الحكومة في اتخاذ عدد من الإجراءات لإنقاذ شركات البناء من الإفلاس، وذلك بإصدار قوانين تسهل حصول المستثمرين على الجنسية التركية، بتقديم إغراءات لهم على أمل أن يضخوا مئات الآلاف من الدولارات في الاقتصاد الذي تصلبت شرايينه، وهذه الخطوة لم تكن عصية على التفسير، إذ إنها تأتي في محاولة الحكومة العمل على الحد من الإفلاس الذي يعانيه كثير من مؤسسات التشييد العقاري.
وقد أشارت صحيفة «زمان» المعارضة إلى أن تركيا تحاول أن تصرف النظر عبر سياساتها من أحداث فرنسا عن الفجوات الاجتماعية، بين مظاهر التبذير والإسراف التي يقودها سياسيو الدولة في الموارد المالية التي تم توفيرها من خلال الاقتراض، على الصعيد المقابل تدنت دخول قطاعات عريضة من المواطنين مع تراجع قيمة الليرة وضعفت القدرات الشرائية بصورة غير مسبوقة، هذا بالتزامن مع تصاعد انتقادات المواطنين منذرة بموجات احتقان اجتماعي، وفقا لمراقبين، خاصة مع استمرار عجز مواطنين عن سداد ما عليهم من ديون نتيجة السحب على المكشوف لبطاقات الائتمان، سيما بعد رفع الفائدة على القروض الاستهلاكية بأكثر من 30 في المائة، وهو ما دعا أحد الموظفين إلى أن يقول: «أرى المستقبل قاتما بلا أي أمل، لقد وصلنا إلى نقطة نعجز فيها عن الخروج من المنزل، مررت بتجربة البطالة من قبل، والآن لا أجد سبيلا للخروج مما أنا فيه».
ولا يمكن فصل سياسات الداخل عن نظيراتها التي يتم انتهاجها خارجيا، فانزلاق تركيا في مستنقع الحرب السورية، باتت له تداعياته الدراماتيكية على احتياطيات بلاده من الدولار، وباتت تركيا أقرب ما تكون بسبب سياساتها التصعيدية حاليا حيال الشمال السوري، لأن تخسر آخر حلفائها ألا وهي الولايات المتحدة، خاصة بعد أن أعلن مجلس الشيوخ التوجه لفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية حال ما أتمت تركيا عملية شراء منظومة صواريخ «S-400» الروسية. 
إقليميا وعربيا لم يعد لتركيا حلفاء غير دويلة قطر، فبات ساسة تركيا معزولين، وبدلا من مواجهة أزماتهم الداخلية بواقعية يكثر الحديث على عملية «المؤامرة» التي تحاك ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، فيما التدخلات التركية في شؤون الجوار العربي لا تنقطع ولا تتراجع.
وقد أوفدت وكالة الأناضول الحكومية التركية للأنباء وقناة «TRT» التلفزيونية مُراسليها لتغطية أحداث فرنسا، الأمر الذي أثار استياء أحد المواطنين الأتراك بانتقاده لتجاهل الإعلام التركي لتغطية أي حركة احتجاجية في تركيا، مُقابل نشر تقارير واسعة لما يحدث في فرنسا. وكتب النائب الفرنسي يواكيم سون فورجيه على «تويتر»، ردّا على انتقادات إردوغان لطريقة تعامل الشرطة الفرنسية مع المُحتجين وما وصفه بازدواجية موقف فرنسا من استخدام القوة ضد المتظاهرين في الداخل والخارج: «هذا الرجل يجب أن لا نقول له شيئا؟... اللباقة السياسية ستقتل فرنسا حيث لم تعد قادرة على التصدي لأمر غير منطقي، والتي لا تجرؤ على الدفاع عن أفكارها وبشدّة إذا لزم الأمر».
هذا في حين قال الكاتب التركي فهيم طاشتكينإن احتجاجات السترات الصفراء منظمة باحترافية، لتمثل إنذاراً ورد فعل للرغبة في ممارسة الديمقراطية المباشرة بعد فقدان الثقة في الأجهزة النيابية والتمثيلية والأحزاب السياسية والاتحادات التجارية، ويرى أن الحركة ترغب في إيجاد نظام مماثل لنظام شارل ديغول الذي اكتسب شرعية سلطته من إنهائه لحالة عدم الاستقرار والفاعلية الضعيفة التي اتسم بها النظام البرلماني في ذلك الوقت.كذلك فإن ذلك رد فعل على «السياسات النيوليبرالية» التي اتبعها ماكرون منذ اجتماعه مع المديرين التنفيذيين للشركات الكبرى العام الماضي بقصر فرساي حين وعد بـ«فرنسا الجاذبة للاستثمار»، حيث أدى ذلك الوعد والسياسات التي تلته من وجهة نظر الكاتب إلى نتائج مؤلمة على الطبقات الوسطى والفقيرة بفرنسا؛ منها تسهيل تسريح العمالة والموظفين، وتقليص حقوق العمالة وتعويضاتهم، وإسقاط ضريبة الثروات والتركات، وخصخصة المرافق الحيوية والاستراتيجية، مما أثار حفيظة الطبقات الفقيرة.
أما الكاتب علي رضا طاش ديلين، فيرى في النهاية أن الشعب الفرنسي قد بدأ بدهس أنقاض السياسات النيوليبرالية المعولمة، وأنه من المتوقع حدوث محاولات لاختراق حركة السترات الصفراء وتعميق الانقسام بها وهو ما بدأ يحدث بالفعل، كذلك فإنه يرى أن نقطة ضعف الحركة هي عدم وجود تنظيم مركزي حتى الآن، كما أن غياب القيادة السياسية الحزبية يعتبر من أهم نقاط الضعف، إلا أنه يرى أن الإشكالية الرئيسية التي أثارتها الحركة تكمن في كيفية ظهور مثل تلك الحركة الشعبية في ظل انهيار نظام الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية أو المحافظة وفي ظل نمو وتطور أحزاب أجنحة اليمين واليسار الشعبوية، وأن هذا السؤال سيظل مجال جدال لفترة طويلة.

 

متظاهرون في مسيرة نظمتها الجماعات الموالية للأكراد واليسار ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 28 سبتمبر 2018 في برلين، ألمانيا. (غيتي)


 
التدخل التركي ورد الفعل الفرنسي
على الرغم من أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لعدم التدخل في شؤون فرنسا الداخلية على خلفية احتجاجات «السترات الصفراء»، غير أنّه لم يُشر نهائيًا لتصريحات الرئيس التركي، حيث تجاهلت فرنسا الردّ رسميا على تصريحات الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان والإعلام الرسمي التابع له فيما يتعلق باحتجاجات «السترات الصفراء»، هذا في وقت كرر فيه إردوغان اتهام المُدافعين عن حقوق الإنسان بالتقاعس عن انتقاد ما يتعرّض له المشاركون في مظاهرات فرنسا، في حين أنهم سارعوا في المقابل إلى انتقاد أنقرة بسبب قمع مظاهرات في إسطنبول. هذا في حين أشارت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية في مقال لها إلى ما سمته «الدروس السوريالية» بخصوص حفظ الأمن في فرنسا، هذه الدروس قدمها الرؤساء دونالد ترامب، وفلاديمير بوتين، ورجب طيب إردوغان. وحسب الجريدة، فإن تعليقات الرؤساء الثلاثة تثير السخرية. ويقول جورج مالبرينو في «لوفيغارو» إن ذلك يرتبط بالرئيس إردوغان على وجه الخصوص جراء اعتقاله مئات الصحافيين والأكاديميين.
 
الخوف السياسي من «سترات تركيا الصفراء»
قال إردوغان ساخرًا: «انظروا ماذا يفعل الشرطيون التابعون لأولئك الذين كانوا ينتقدون رجال الشرطة لدينا!» معتبرًا أن أوروبا «فشلت في مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات». وقدمت وسائل الإعلام في أنقرة تحليلات غلبت عليها عدم الحيادية. وقد قارن رجب إردوغان، بين الأحداث الدائرة في باريس، واحتجاجات متنزه ميدان تقسيم التركي، في مايو (أيار) 2013، التي قادها ناشطون بيئيون ضد إزالة أشجار ميدان تقسيم وإعادة إنشاء «ثكنة عسكرية عثمانية» كانت قد هدمت في 1940. وتطورت الاحتجاجات إلى أعمال شغب بعد مهاجمة قوات الشرطة للمحتجين، مما كان سببا في اتساع الاحتجاجات لتشمل مظاهرات في إسطنبول وأنقرة وإزمير وعدد آخر من المدن التركية الهامة، أسفرت عن سقوط مئات المتظاهرين بعد استخدام قوات الشرطة التركية قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، واعتقال 939 شخصا آخر من المشاركين في المظاهرات. وتجمّع مئات الأتراك أمام مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل للتنديد بحكومة إردوغان، ونظم الأتراك مسيرات تضامنية بعدة مدن في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا ونيويورك بالولايات.
وشهدت مدينة ديار بكر التركية مؤخرا مظاهرات شارك فيها آلاف الأشخاص احتجاجا على غلاء المعيشة، وجاء هذا التحرك تلبية لنداء كونفدرالية نقابات عمال الخدمة العامة. وقد أشاد بعض المحتجين بحركة «السترات الصفراء» في فرنسا المطالبة بالمزيد من العدالة الاجتماعية.
وقد شارك آلاف في جنوب شرقي تركيا للتظاهر تنديدا بارتفاع الأسعار في الأشهر الأخيرة، وأشاد بعضهم بمتظاهري «السترات الصفراء» في فرنسا، بحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وتجمع المحتجون الذين لبوا نداء كونفدرالية نقابات عمال الخدمة العامة، في وسط مدينة ديار بكر، كبرى مدن جنوب شرقي تركيا ذات الغالبية الكردية، وذلك تحت رقابة أمنية مشددة. وكتب على إحدى اللافتات «لن ندفع ثمن الأزمة الاقتصادية». وقد دعا المحتجون الذين قدموا من مختلف مناطق الجنوب والجنوب الشرقي أيضا بإعادة المطرودين الـ140 ألفا من وظائفهم إثر محاولة الانقلاب في 2016. إلى أماكن عملهم.
وقد انتشرت دعوات لتنظيم احتجاجات في تركيا على غرار مظاهرات السترات الصفراء في فرنسا، وهي دعوة أطلقها رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليشدار أوغلو، مما أثار قلق الرئيس رجب طيب إردوغان الذي حذر من نقل التجربة إلى تركيا. وقال إردوغان، إن «التحضير جار لتنظيم المظاهرات، لكن من يرتبون لهذا لأمر لن يجنوا شيئا وسيدفعون الثمن غاليا». وأضاف الرئيس التركي «إنهم يدعون الناس حتى ينزلوا إلى الشارع. يا للعار. أحدهم، وهو رجل وقح وسفيه، يفعل ذلك عن طريق شاشات التلفزيون. لكن القضاء سيتحرك وسيرد تبعا لذلك. هل تعتقدون أن هذه باريس؟».
وكان الصحافي التركي فاتح برتاكال قد تعرض لهجوم بعدما انتقد حكومة إردوغان متحدثا عن حق الشعب في الاحتجاج، قائلا إنه أمر صعب في تركيا في ظل خوف الناس من قمع السلطات. 
وفي وقت سابق، حذر زعيم الحركة القومية دولت بهجلي - حليف إردوغان - من يرغبون في التظاهر قائلا إن «كل من سيخرج في تركيا على غرار السترات الصفراء سيدفع ثمنا غاليا».
واعتبرت تركيا ارتداء السترات الصفراء في الشوارع جريمة إرهاب، بعد ورود معلومات حول عميات شراء محمومة لها من المتاجر، تمهيدا للنزول إلى الميادين والتظاهر ضد حكومة رجب إردوغان، التي لا تفعل شيئا لكبح الغلاء والتضخم، وانهيار الليرة، وتمضي بالبلاد إلى هوة اقتصادية سحيقة لا خروج منها. هذا فيما قال الصحافي الموالي للنظام فاتح تزجان، على موقع «تركيش مينيت» إن أجهزة الأمن على علم بـما سماه «مؤامرة السترات الصفراء» التي يتم تحريكها في تركيا حاليا من قبل أعداء الدولة - على حد زعمه - للإطاحة بحزب العدالة والتنمية الحاكم، محذرا كل من يشتري هذه السترات بالقبض عليه بتهمة التورط في أعمال إرهابية.
وحذر إردوغان خاصة زعيم المعارضة التركية كمال كليشدار، متابعًا: «تدور في فرنسا احتجاجات السترات الصفراء وفي تركيا دارت احتجاجات في حديقة غيزي، بحضور السيد كمال». وأكد إردوغان أن المعارضة بقيادة رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي كمال كليشدار، تحضر لاحتجاجات أكبر الآن، قائلاً: «ينتظرون عبثًا، سنجعلهم يدفعون ثمنًا باهظًا».
وجاءت المظاهرات رغم تهديد الرئيس رجب طيب إردوغان لحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، بسبب دعوة المواطنين للخروج إلى الشوارع في مظاهرات شبيهة باحتجاجات السترات الصفراء في أوروبا.
وأشارت تقارير صحافية تركية إلى أن الأجهزة الأمنية رصدت وجود تحركات في الشارع التركي تمهيدا للتظاهر والاحتجاج على غرار ما يحدث في فرنسا، مؤكدا أن كل من حصل على سترة صفراء منذ 17 نوفمبر الماضي ستتم ملاحقته، للاشتباه بعلاقته بكيانات إرهابية. وأشار تزجان في تغريدات على «تويتر» الخميس الماضي إلى أن متاجر طرحت سترات صفراء للبيع على الإنترنت في تركيا بأسعار مخفضة.
واعتبرت وسائل الإعلام التركية أن ذلك بمثابة مؤامرة تسعى لاستنساخ ما يحدث في فرنسا وتكراره في تركيا، مؤكدا أنه تحدث مع الشركة المنتجة للسترات للحصول على تخفيض وصل إلى 79 في المائة، إلا أنها نفت أن يكون لها أي علاقة بالخصم، مؤكدا إقبال المواطنين على الشراء بكميات هائلة.
هذا فيما حذرت وزارة الخارجية التركية في الأيام الماضية الأتراك المقيمين في فرنسا من الاختلاط بأصحاب السترات الصفراء، ونصحتهم بالابتعاد عن أماكن تجمعاتهم في أي منطقة بالعاصمة الفرنسية باريس، حسب وكالة أنباء «شينخوا» الصينية.
وقد بدأت حركة الاحتجاجات على الغلاء ورفع أسعار الوقود في فرنسا منذ قرابة الشهر، واتخذت من السترات الصفراء شعارا مميزا لها، استوحته من قانون فرنسي صدر عام 2008 يوصي جميع قائدي السيارات بحمل السترات المميزة، وارتدائها على الطريق في حالات الطوارئ، وقصدت أن رفع الأسعار مؤشر خطر يفرض حالة طوارئ تدعوهم للتحرك.
من جملة ما سبق، يمكن القول إن التباينات الفرنسية – التركية تتنوع وترتبط بالكثير من الملفات، منها ما يتعلق بالرفض التركي للانتقادات الفرنسية المتواصلة بشأن ملف حقوق الإنسان في تركيا، كما تتشابك نقاط الخلاف مع تناقض سياسات الجانبين حيال سوريا، سيما في ظل دعم فرنسا للقوى الكردية في شمال سوريا. ويبدو أن تركيا التي تتصاعد سياساتها وإجراءاتها الأمنية حيال المعارضة السياسية، تواجه على الصعيد الخارجي تحديات تتعلق بالبقاء أسيرة الحليف الواحد الذي تمثله قطر، فيما سياساتها مع قوى إقليمية ودولية كبرى تواجه تحديات غير مسبوقة بسبب الاستمرار في انتهاج سياسات استخدام العامل الخارجي لتعزيز شرعية الحكم في الداخل.
 

 
 
 
font change