التصدي لوكلاء إيران... الدور الإقليمي

الولايات المتحدة تخطط لأن تضطلع بدور "الملاذ الأخير"

لينا جرادات
لينا جرادات

التصدي لوكلاء إيران... الدور الإقليمي

في الرابع والعشرين من يونيو/حزيران، استيقظ العالم على مشهد مختلف في الشرق الأوسط، فباستثناء قطاع غزة، أنهى وقف إطلاق النار صراعا إقليميا أشعله وكلاء إيران في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، قبل أن تنخرط فيه طهران نفسها بشكل مباشر. وقد أسفر هذا الصراع عن هزيمة مدوية لإيران ووكلائها، وبصورة غير مباشرة، لحليفتها العسكرية روسيا. ومع انقشاع غبار المعركة، يبرز سؤال جوهري: كيف يمكن البناء على هذا الإنجاز، لترسيخ استقرار طويل الأمد في منطقة نادرا ما نعمت بالهدوء؟ الخطوة الأولى تكمن في احتواء إيران، غير أن نجاح هذا المسعى مرهون بفهم دقيق ومعمق لتفاصيله.

أدت الولايات المتحدة دورا محوريا في هذا الصراع، كما كان شأنها في نزاعات سابقة، تارة بنجاح، وتارة بأثر محدود. غير أن هذا الدور مرشح للتبدل في مرحلة "ما بعد الحرب" لا لأن الرئيس ترمب فقد اهتمامه بهذه المنطقة الحيوية، بل انطلاقا من رؤيته الواقعية لما يمكن للولايات المتحدة أن تقدمه، وما ينبغي لها تجنبه. ولهذا التجنب أهميته، في ظل حضور قوي للانعزاليين داخل القاعدة السياسية لترمب. ومن الممكن إقناع هذا التيار، كما حدث في الضربة الأخيرة ضد إيران، بشرط أن تكون الالتزامات الأميركية قصيرة الأمد، منخفضة التكلفة، ومرتبطة على نحو مباشر بمصالح يقبل بها المواطن الأميركي.

وعليه، ينبغي لدول المنطقة أن تأخذ على محمل الجد الإطار العام للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، كما عرضه الرئيس ترمب في خطابه في الرياض في مايو/أيار. فالولايات المتحدة تخطط، من الآن فصاعدا، لأن تضطلع بدور "الملاذ الأخير" أي كضامن أمني لا يتدخل إلا عند الضرورة القصوى، وعندما يغيب أي بديل آخر. ويُعد قصف منشأة فوردو مثالا جليا على هذا النوع من التدخل الحاسم. وعلى نحو أوسع، عبّر ترمب في خطابه عن ثقته بقدرة المنطقة على تحمل مسؤولياتها، معتبرا أنها بلغت من النضج ما يؤهلها لمعالجة كثير من أزماتها بنفسها.

القوى الإقليمية تملك رؤى بعيدة المدى، وإلماما دقيقا بتفاصيل الميدان، وهو ما تفتقر إليه الولايات المتحدة، لإحداث تغيير فعلي في تلك الساحات

ويُشير ذلك إلى تقسيم مثالي للأدوار بين الطرفين الرئيسين في المنطقة: الولايات المتحدة والدول الإقليمية، بما في ذلك تركيا، مع الإشارة إلى أن لإسرائيل وضعا خاصا. فالمظلة الأمنية الأميركية، بالتنسيق مع إسرائيل، ستركز على مواجهة التهديدات الاستراتيجية المباشرة التي تمثلها إيران. أما التصدي للشبكات المتبقية من وكلاء إيران في غزة ولبنان والعراق وسوريا واليمن، فيُفترض أن يكون من مسؤولية الدول الإقليمية، في إطار تحالف غير رسمي، كما تبين مؤخرا في السياسة المعتمدة حيال سوريا. ويبدو هذا التوزيع منطقيا لسببين: أولا، لأن الدول العربية وتركيا، وهي الدول المتجاورة التي تؤوي هذه الشبكات، تملك المصلحة الأكبر في تحجيم نفوذها، وبالتالي الحد من السيطرة الإيرانية عليها. وثانيا، لأن القوى الإقليمية تملك رؤى بعيدة المدى، وإلماما دقيقا بتفاصيل الميدان، وهو ما تفتقر إليه الولايات المتحدة، لإحداث تغيير فعلي في تلك الساحات.

وفيما يلي "خطة عمل" للمشاركة الإقليمية، تهدف إلى تقليص نفوذ الوكلاء، وبالتالي تقويض الهيمنة غير المشروعة لإيران. وتُحدد هذه الخطة المجالات التي تستدعي تدخلا مباشرا من الولايات المتحدة. أما بقية الأطراف الدولية، فتبقى أدوارها هامشية نسبيا؛ إذ يدعم كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا عموما الأهداف الأميركية، غير أن مساهمتهما في الأمن الإقليمي، خارج الإطار المالي، لا تزال محدودة. أما الصين وروسيا، فكان تأثيرهما شبه غائب طوال الحملة التي امتدت على مدار عشرين شهرا في مختلف أنحاء المنطقة، باستثناء بعض الأدوار المحدودة والمركزة في مجلس الأمن.

تبرز خلافات بين الدول العربية، بشأن مدى استعداد القيادة الفلسطينية الحالية لتولي دور في غزة، لكن في نهاية المطاف، ستجد المنطقة نفسها مضطرة للتعاطي مع ما تستطيع رام الله تقديمه في هذا السياق

غزة

طرحت كل من دولة الإمارات ومصر خططا لمرحلة "اليوم التالي" في غزة، تتضمن أدوارا مشتركة للسلطة الفلسطينية، وجهات إقليمية، وأطراف دولية. وتبدو الخطوط العريضة لهذه الخطط واعدة، إلا أنها تشترط تخلي حركة "حماس" عن السيطرة السياسية، والاعتراف بحصرية استخدام القوة من قبل كيان فلسطيني آخر، أو عربي جامع، أو كيان مشترك. ورغم صعوبة تحقيق هذا الشرط، إلا أنه ليس مستحيلا، خاصة أن إسرائيل ستُصر على حقها في التدخل، إذا ما أعادت "حماس" بناء قدراتها، على غرار ما يحدث مع "حزب الله" في لبنان. وتبرز أيضا خلافات بين الدول العربية، بشأن مدى استعداد القيادة الفلسطينية الحالية لتولي دور في غزة، لكن في نهاية المطاف، ستجد المنطقة نفسها مضطرة للتعاطي مع ما تستطيع رام الله تقديمه في هذا السياق.

إ ف ب
يقوم الناس بنصب الخيام وسط أنقاض المباني المدمرة بينما يعود الفلسطينيون النازحون إلى المناطق الشمالية من قطاع غزة في جباليا في 23 يناير 2025، أثناء التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس

أما الدور الأميركي في هذا السياق فمحوري، إذ تبقى الولايات المتحدة الطرف الوحيد القادر على دفع الحكومة الإسرائيلية الحالية، نحو وقف حربها المستمرة ضد فلول "حماس" في غزة، وهي حرب تُلحق أضرارا جسيمة بالسكان المدنيين. ومن بين الآثار الجانبية الإيجابية للضربة التي وجهها الرئيس ترمب إلى إيران، ما كسبه من مصداقية، تتيح له ممارسة ضغط فعال على الإسرائيليين في هذا الملف الحساس.

سوريا

تولت الدول العربية الرائدة، المتحالفة عموما مع تركيا، دورا قياديا يشاد به. غير أن المشهد في سوريا يختلف؛ فالنفوذ الإيراني العلني تراجع بدرجة ملموسة، رغم أن طهران لا تزال تحتفظ بعلاقات خفية مع أطراف سورية عديدة، وتبدي رغبة قوية في استعادة حضورها. في المقابل، عبر النظام السوري الحالي عن عداء واضح تجاه إيران، الحليف السابق للأسد. ويتمثل التحدي الأكبر في هشاشة الدولة السورية الجديدة، التي أنهكتها أربعة عشر عاما من الحرب، تسببت في نزوح نصف سكانها، ومقتل مئات الآلاف، وانهيار اقتصادي شامل. ويعمق هذا المشهد الانقسامات الداخلية المتجذرة، في ظل انتشار جماعات مسلحة يُشك في ولائها للحكومة المركزية، في الشمال، والشمال الشرقي، والغرب، والجنوب، فضلا عن استمرار وجود جيوب لتنظيم "داعش".

توفر شروط وقف إطلاق النار لعام 2024، المستندة إلى قرار مجلس الأمن رقم 1701، أرضية قانونية تمكن الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني من السعي لتقليص نفوذ "حزب الله"

تتمثل المهمة الأولى للدول الإقليمية في تقديم دعم اقتصادي فعال، خصوصا بعد إصدار الرئيس ترمب أمرا تنفيذيا لرفع العقوبات الأميركية عن سوريا، والتي كانت تُعيق جهود التعافي الجاد فيها. أما المهمة الثانية، فهي الحفاظ على وحدة الموقف الإقليمي؛ إذ إن الانقسامات التي ظهرت داخل العالم العربي بشأن السياسة السورية منذ عام 2018، قد أضعفت آنذاك الموقف المشترك حيال نظام الأسد. وقد جرى تدارك ذلك لاحقا، خاصة بعد أن رفض الأسد، تقديم أي إصلاحات مقابل عودته الكاملة إلى الجامعة العربية في عام 2023.

أما التحدي الأكبر اليوم، فيكمن في احتمال تباين مواقف الدول العربية وتركيا، ليس فقط تجاه النظام في دمشق، بل أيضا تجاه الفصائل المسلحة التي تسيطر على مناطق واسعة من البلاد. وفي هذا السياق، يصبح من الضروري أن يوحد العالم العربي وتركيا كلمتيهما. ويُقترح إعداد "قائمة مهام" واضحة تشمل ملفات الإصلاح الداخلي، والحوكمة، والأمن، والعلاقات الخارجية، لتُعرض على الحكومة السورية الجديدة كإطار مشترك، على غرار النهج الذي تبناه العرب تجاه الأسد بين عامي 2021 و2024.

وقد أبلغ الرئيس الأميركي ترمب، بشكل علني، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه على تهدئة التوترات المرتبطة بالملف السوري بينه وبين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو ما من شأنه أن يخفف من إحدى أكثر القضايا حساسية في السياق السوري الراهن. وفي موازاة ذلك، تحتفظ الولايات المتحدة بمصلحة مباشرة في مواصلة احتواء تنظيم "داعش"، وهو ما يقتضي استمرار التعاون مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بقيادة الأكراد. غير أن المشهد في سوريا بالغ التعقيد؛ إذ إن هذه القوات نفسها تخوض مفاوضات مع دمشق بشأن إعادة دمج شمال شرق البلاد في كيان الدولة المركزية، بما يشمل ملفات الإدارة والاقتصاد والطاقة والأمن، في وقتٍ تخوض فيه صراعا مع تركيا على خلفية ارتباطاتها بـ"حزب العمال الكردستاني".

وبهذا، يظل للولايات المتحدة دور جوهري يتعين عليها الاضطلاع به، إلى جانب مسؤوليتها في رفع العقوبات. وأخيرا، سيكون من الضروري أن تعمل واشنطن مع كل من سوريا والأردن على معالجة ملفات اتفاق عام 1974 بين سوريا وإسرائيل، بما في ذلك الوضع القانوني لهضبة الجولان.

رويترز
تسير المركبات بالقرب من المباني المتضرر في الضاحية الجنوبية لبيروت بعد دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله" حيز التنفيذ، لبنان 27 نوفمبر 2024

لبنان

توفر شروط وقف إطلاق النار لعام 2024، المستندة إلى قرار مجلس الأمن رقم 1701، أرضية قانونية تمكن الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني من السعي لتقليص نفوذ "حزب الله" بوصفه "دولة مسلحة داخل الدولة" وفي هذا السياق، تضطلع الأمم المتحدة والجهات المانحة الدولية بدور بالغ الأهمية، بالنظر إلى التحديات القانونية والأزمة الاقتصادية الحادة التي يواجهها لبنان. لكن يبقى للدول العربية دور محوري لا يقل أهمية، يبدأ بتقديم الدعم المالي، وأشكال المساندة الاقتصادية الأخرى، ويتجاوز ذلك إلى توحيد الموقف السياسي في الضغط على الحكومة اللبنانية للوفاء بتعهداتها المتعلقة بكبح جماح "حزب الله". ويُعد الربط بين المساعدات الخارجية، بما في ذلك من الدول العربية، وبين الالتزام بنزع السلاح وتطبيق القرار 1701 ووقف إطلاق النار، عنصرا أساسيا لتحقيق السلام والاستقرار في لبنان والمنطقة.

كما هو الحال في لبنان، ترتبط الدول العربية بعلاقات تاريخية مع الحكومة العراقية، وتشهد هذه العلاقات، على المستويين الاقتصادي والدبلوماسي، نموا متزايدا

وتُعد العلاقات اللبنانية السورية من أبرز مجالات التعاون العربي التي تتطلب تنسيقا فعالا. وتحتاج سوريا إلى دعم إقليمي للحد من تهريب الأسلحة إلى "حزب الله"، إذ استمرت محاولات إرسال شحنات، في انتهاك صريح للقرار 1701، حتى بعد التغيير الحكومي في دمشق. كذلك، من المهم أن يتخذ كل من لبنان وسوريا موقفا مشتركا بشأن قضية مزارع شبعا.

أما الولايات المتحدة، فرغم أنها لا تضطلع بدور مباشر كبير في لبنان، إلا أنها تظل فاعلة عبر دعمها المستمر للجيش اللبناني، وتقديم مساعدات أخرى، فضلا عن تأثيرها كعضو دائم في مجلس الأمن. ومن هذا المنطلق، ينبغي على الدول العربية التنسيق والتعاون مع واشنطن، بما في ذلك فيما يتعلق بضمان التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار، وسحب قواتها من المواقع التي لا تزال تحتلها داخل الأراضي اللبنانية.

العراق

كما هو الحال في لبنان، ترتبط الدول العربية بعلاقات تاريخية مع الحكومة العراقية، وتشهد هذه العلاقات، على المستويين الاقتصادي والدبلوماسي، نموا متزايدا. غير أن المشهد العراقي يختلف بطبيعته عن نظيره اللبناني؛ إذ يتمتع النفوذ الإيراني في العراق بامتداد أوسع وتنوع أكبر، لا سيما من خلال الأحزاب السياسية وميليشيات "الحشد الشعبي" مقارنة بنفوذ "حزب الله"، وكيل إيران المباشر في لبنان. إلا أن هشاشة العراق تبدو أكثر عمقا؛ فهو لا يجاور إيران فحسب، بل تجمعه بها روابط وثيقة في مجال الطاقة، كما أنه، بخلاف لبنان، يفتقر إلى تفويضات قانونية دولية تمكنه من تقليص نفوذ الوكلاء. وباعتباره أحد أبرز منتجي النفط عالميا، يشكل العراق مكسبا استراتيجيا في حسابات إيران الإقليمية.

ينبغي تذكير القيادة العراقية بأن المبالغة في التقارب مع طهران قد تترتب عليها تداعيات خطيرة؛ إذ قد يدفع ذلك الأكراد نحو الانفصال، وقد يُغري العرب السنة بالعودة إلى أحضان "تنظيم داعش"

يمكن للدول العربية أن توظف علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية المتنامية مع الحكومة العراقية للتحرك بشكل غير مباشر، بما يسهم في دعم استقلالية القرار في بغداد. وينبغي تذكير القيادة العراقية بأن المبالغة في التقارب مع طهران قد تترتب عليها تداعيات خطيرة؛ إذ قد يدفع ذلك الأكراد نحو الانفصال، وقد يُغري العرب السنة بالعودة إلى أحضان تنظيم "داعش"، وهما تطوران يُشكلان تهديدا لا يقتصر على العراق، بل يطال أمن المنطقة بأسرها. وفي هذا السياق، يُعد التعاون مع تركيا فيما يتعلق بإدارة العلاقة بين حكومة إقليم كردستان وحكومة بغداد من أهم الأولويات.

أما الدور الأميركي في العراق، فرغم تراجعه التدريجي، لا يزال يحتفظ بأهمية بالغة، لا سيما فيما يتعلق بالصفقات التجارية، وخاصة في قطاع الطاقة، فضلا عن دوره المحوري في منع عودة تنظيم "داعش"، واستمراره في التأثير من خلال الإرث القانوني والمالي والدبلوماسي المتراكم على مدى السنوات الماضية. والخلاصة التي تعني واشنطن، والدول العربية، وتركيا، والمجتمع الدولي الأوسع، هي أن انزلاق العراق إلى المسار الذي سلكه كل من لبنان واليمن خلال العقدين الماضيين سيُفضي إلى كارثة إقليمية.

تبقى الدول العربية الأقدر، مقارنة بأي طرف خارجي، بما في ذلك الولايات المتحدة، القادرة على مواجهة المقاومة المتوقعة من إيران وشبكاتها في المنطقة

اليمن

لم تتمكن أي جهة خارجية من تحقيق اختراق فعلي في الملف اليمني منذ عقود، بما في ذلك إيران، التي عجزت عن تمكين وكلائها الحوثيين من بسط سيطرة كاملة أو انتزاع اعتراف دولي بشرعيتهم. وبافتراض أن النزاع بين الحوثيين والحكومة المركزية، سيظل مجمدا إلى حد كبير، ينبغي أن تركز الدول العربية على دعم الحكومة الشرعية سياسيا، وتكثيف المساعدات الإنسانية. أما الولايات المتحدة، فاهتمامها بمواجهة الحوثيين يبقى محدودا، ما داموا لا يستأنفون هجماتهم على حركة الملاحة البحرية. ويُستحسن، في ظل تعقيد هذا الملف، تركه لمرحلة لاحقة، ما لم تفرض المستجدات على الأرض مقاربة مختلفة.

إيه ب إي
يمشي مقاتل حوثي عبر الشاطئ وفي الخلفية سفينة شحن استولى عليها الحوثيون، في 5 ديسمبر 2023

الخاتمة

استغرقت إيران عقودا في بناء شبكة واسعة من الوكلاء في أنحاء المنطقة، وهو مسعى نجحت فيه إلى حد كبير، ما وضع العالم العربي أمام ضغوط هائلة، وجرد شعوب أربع دول عربية وقطاع غزة من كثير من حقوقهم في تقرير المصير. وقد دُفعت هذه الشعوب، في مراحل مختلفة، إلى الدخول في حروب خلفت أثمانا إنسانية باهظة، وأسهمت في زعزعة استقرار المنطقة بأسرها. ومن أجل شرق أوسط ينعم بالازدهار والسلام على المدى البعيد، لا بد من تقليص النفوذ الإيراني، ليس فقط فيما يتصل ببرامجها النووية والعسكرية، بل كذلك في قدرتها على الهيمنة على الدول الأخرى عبر الوكلاء. ولعدة اعتبارات، تبقى الدول العربية الأقدر، مقارنة بأي طرف خارجي، بما في ذلك الولايات المتحدة، على إنجاز هذه المهمة. غير أن النجاح في ذلك يستلزم موقفا موحدا، وإرادة جماعية لمواجهة المقاومة المتوقعة من إيران وشبكاتها في المنطقة.

font change

مقالات ذات صلة