وزير الدفاع الفرنسي الأسبق لـ«المجلة»: طهران أربكت الشرق الأوسط... ودول عربية باتت مرتعاً لميليشياتها

جان بيار قال إنه حذر واشنطن من غزو العراق حتى لا يكسروا العمود الفقري الذي يقف في وجه التمدد الإيراني

وزير الدفاع الفرنسي الأسبق لـ«المجلة»: طهران أربكت الشرق الأوسط... ودول عربية باتت مرتعاً لميليشياتها

* الجهاديون يتجهون نحو باماكو، وبناء على طلب مالي، تدخلت فرنسا لوقف تقدم سرب كامل من سيارات رباعية الدفع مدججة بالسلاح
* الإسلام دين وفكر واسع الانتشار... ويمكننا الجمع بين الإسلام والحداثة شريطة أن تندمج البلدن الإسلامية في التنمية المشتركة
* لا يمكن لأحد أن ينكر حق إسرائيل في الوجود. علينا فقط أن نجد حلا للقضية حتى يمكن لفلسطين وإسرائيل العيش جنبًا إلى جنب

دعي وزير الداخلية والدفاع الفرنسي الأسبق، جان بيير شوفانمون، الأسبوع الماضي، من قبل أونوريس تونس والدائرة الدبلوماسية لعقد مؤتمر حول موضوع «الحداثة والأصالة: تحديات العالم المسلم من قرن إلى آخر «في مدرج الجامعة المركزية».
يذكر أن جون بيار شيفانومون شغل منصب وزير في قطاعات مختلفة، فضلا عن الدفاع، من بينها التربية والداخلية، وذلك في فترة الرئيس الفرنسي الأسبق فرنسوا ميتران.
واشتهر وزير الدفاع الفرنسي الأسبق بمعاداة الرأسمالية، وكان أحد مؤسسي ومنظري الحزب الاشتراكي الفرنسي، وصاغ برنامج اليسار الانتخابي الذي حمل فرنسوا ميتران إلى الحكم في 1981. واقترح اسمه الرئيس فرنسوا هولاند عام 2016 لرئاسة «مؤسسة الأعمال من أجل إسلام فرنسا»، ودعم حظر لباس «البوركيني» في الشواطئ الفرنسية. وهي هيئة حكومية أسسها رئيس الوزراء الأسبق دومينيك دوفيلبان عام 2005 بهدف تأطير الديانة الإسلامية في فرنسا والتعريف بالإسلام والإشراف على المساجد.
جون بيار شيفانومون قال آنذاك إنه مستعد لتولي المهمة، واضعا شرطين لرئاسته المحتملة للهيئة، يشملان إدارة المساجد ومواقفه الخاصة.
التقت «المجلة» الوزير الفرنسي الأسبق وكان هذا الحوار
 
* هل يمكننا الجمع بين الإسلام والحداثة؟
- أعتقد ذلك. شريطة أن نفهم الفكر الإسلامي. لأن الإسلام دين وفكر واسع الانتشار. هناك أكثر من مليار مسلم في العالم وحدود الدول الإسلامية تمتد من آسيا إلى السواحل الأفريقية. لقد مر هذا الإسلام، كغيره من الأديان الأخرى، بحركات مد ومقاومة.
غير أن فترة النهضة حيث تفتحت أوروبا على روح الفكر الحر والتطور الصناعي شهدت البلدان الإسلامية مرحلة طويلة من الانغلاق.
وككل أزمة، مثل فترات النضال من أجل إنهاء الاستعمار، أو بعد الاستقلال، أو مثل فترة الحرب الباردة، ستعرف هذه البلدان صعود القومية العربية.
 
* لكن مع حرب الخليج وهجمات 11 سبتمبر (أيلول)، رأينا تناميا جديدا للإسلام المتطرف. لكن هل من الممكن أن نشهد نهضة جديدة للبلدان الإسلامية؟ 
برأي، نعم. هناك الكثير من العلامات. فهناك ظهور لقوى إسلامية جديدة تتقدم وتتطور لتلحق بركب الدول الصاعدة، فلا شيء يمنع الدول الإسلامية من الانضمام إلى موكب هذه الدول.
بالتأكيد الطريق صعب ولكن هذا سبب آخر لولوجه. يتم ذلك بفصل الدين عن السياسة، لأن العلمانية غالبًا ما تُقدم كمفهوم مشوه. فالأمر لا يتعلق بالابتعاد عن الدين بل بالاعتقاد في مساحة مشتركة من المواطنة. لهذا، يجب علينا تحديث المناهج الدراسية الإسلامية في المدرسة. يجب أيضا أن تندمج البلدن الإسلامية في التنمية المشتركة لأننا يجب أن لا ننسى أننا نعيش في عصر تعدد الأقطاب بين الولايات المتحدة والصين وبقية الدول الآسيوية. وأعتقد أن هذه التعددية القطبية هي فرصة للتنمية المشتركة.
 
* هناك سؤال يؤرق الكثير من الدول حول الجهاديين في مناطق النزاع. هل تدعو إلى عودة هؤلاء المقاتلين إلى بلدانهم الأصلية؟
- أعتقد أن هؤلاء يجب أن يحاكموا على الجرائم التي ارتكبوها. يجب أن يحاكموا في البلدان التي ارتكبت فيها هذه الانتهاكات. ومع ذلك، يجب أن نجد حلا للنساء والأطفال الذين ليسوا مذنبين. يجب أن لا يدفعوا ثمن الجرائم التي لم يرتكبوها. أنا أعتبر أولئك الذين ارتكبوا جرائم يمكن محاكمتهم في دول ارتكبوا فيها جرائم في سوريا أو العراق أو ليبيا أو أي مكان آخر.


 
* حتى لو لم يكن لدى هذه الدول نظام قضائي جيد؟
- إنه أمر مؤسف، لكن يجب أن يكون هناك عدالة. إذا لم يكن ذلك ممكنًا، فهذا ليس سببا لترك هؤلاء الأفراد طلقاء. واجبنا هو ضمان المحاكمة العادلة لهؤلاء الأفراد، مع تدبير خاص للنساء والأطفال. الأمر متروك لكل دولة لتحمل هذه المسؤولية.
 
* قلت لا للحرب في العراق. هل أثبت التاريخ أنك على حق؟
- لسوء الحظ نعم. عندما طلب ديك تشيني رأيي قبل أن يهاجم العراق، أخبرته بأن أميركا ستقوم بخطأ مزدوج. قلت له أفهم أنك تريد كسر العمود الفقري للعراق لكن يجب أن لا تنسى أن هذه الدولة هي التي تقف في وجه إيران حيث يتوسع الإسلام الشيعي المتطرف في المنطقة. من ناحية أخرى، قلت له أنت ستثير أيظا ردود فعل السنة ضد الغربيين.
وأن المقاتلين الذين درّبتهم الولايات المتحدة في أفغانستان سينقلبون عليك. هذا ما حدث مع تنظيم القاعدة، الذي تم تشكيله بعد ذلك. نعم، لقد كان خطأ لأن هذه الحرب أعطت دفعة قوية للاتجاه المتطرف حيث كان الفائز الأكبر في هذه الحرب هو إيران. لسوء الحظ، فإن حرب الخليج التي أعقبها اثنا عشر عامًا من الحصار والحرب الثانية مع حل الدولة والجيش كان لها جميعها عواقب وخيمة... العراق اليوم ودول أخرى أصبحت مرتعاً لإيران وميليشياتها، الشيء الذي جعل كل الشرق الأوسط اليوم مضطربًا. لذلك يجب أن نجد اليوم وسيلة لتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط.
 
* هل تعتقد أن إرسال جنود فرنسيين إلى أفريقيا قد يكون خطأ أيضًا؟
- أنا دائما أريد أن أدرس كل حالة على حدة. يبدو أنه في مالي للأسف، كان الجهاديون في أنصار الدين والدولة الإسلامية يتجهون نحو باماكو، وبناء على طلب السلطات الشرعية في مالي، تدخلت فرنسا لوقف تقدم سرب كامل من سيارات رباعية الدفع مدججة بالسلاح.
لا أحد يستطيع أن يعارض ذلك. الآن هناك مشاكل كبيرة في منطقة الساحل ووجود فرنسا لفترة طويلة في هذه المنطقة أمر مهم. إنها ليست المصلحة المادية التي تدفعنا إلى إرسال قوة بارخان وتعدادها 5000 جندي. إنه ليس جيشًا كبيرًا ولكن من دونه يمكن أن ينهار الجيش المحلي. ولذلك يجب أن نشجع النيجيريين والتشاديين على التحلي بروح الوطنية وإعادة بناء القوى السيادية لمالي.
 
* ما رأيك في عودة النقاش حول معاداة السامية في فرنسا؟
- معاداة السامية هو أمر مرفوض تماماً، إسرائيل الآن موجودة ولا يمكن لأحد أن ينكر حقها في الوجود. علينا فقط أن نجد حلا حتى يمكن لفلسطين وإسرائيل العيش جنبًا إلى جنب.

font change