الحج اليهودي السنوي إلى معبد الغريبة في تونس

سبعة آلاف زائر من القارات الخمس ومجهود استثنائي لوزارة السياحة لإنجاح الحدث

الحج اليهودي السنوي إلى معبد الغريبة في تونس

*منظمة «جيمينا»تحضر الحج اليهودي وحاخام تونسي يؤكد زيادة عدد الزوار إلى الضعف قياسا بالعام الماضي.
*طابع خاص لحج هذا العام بسبب تزامنه مع شهر رمضان المبارك
*تعايش واحترام متبادل بين المسلمين واليهود لحرية المعتقد
*2000 يهودي مستقرون في تونس يحملون جنسيتها ويسهمون في تنميتها

تونس: انتهت يوم الخميس الماضي 23 مايو (أيار) الزيارة السنوية التي يؤديها معتنقو الديانة اليهودية المنتشرون في أنحاء كثيرة من العالم إلى معبد الغريبة الواقع بجزيرة جربة بالجنوب التونسي (580 كلم جنوب العاصمة تونس)، وتميزت زيارة هذه السنة والتي تعرف هنا بحج اليهود بالحضور المكثف للمتوافدين الذين قدر عددهم حسب مصادر وزارة السياحة بسبعة ألاف زائر جاءوا من بلدان كثيرة أهمها الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وبريطانيا وفرنسا وكندا وإيطاليا وبلجيكا وغيرها، إضافة إلى أعداد من اليهود التونسيين.
كما تميزت زيارة هذا العام بالاحتياطات الأمنية والإجراءات الوقائية المشددة التي اتخذتها وزارتا الداخلية والدفاع لإنجاح الحدث وحماية الزوار حيث لوحظ حضور مكثف لوحدات الأمن والجيش في مداخل جزيرة جربة وحول المعبد اليهودي، ووضع كامل محيط الجزيرة تحت رقابة الجيش بوحداته البرية والبحرية والجوية، كما خضعت المنطقة السياحية إلى حراسة مكثفة وأقيمت البوابات ونقاط التفتيش تحسبا لكل طارئ، وأضفت هذه الإجراءات الوقائية شعورا من الطمأنينة لدى الزوار وأعطت انطباعا جيدا عن الوضع الأمني في تونس التي حققت في السنوات الأخيرة نجاحات هامة في حربها على الإرهاب.
وجرت الزيارة في أجواء طيبة رافقتها حركية سياحية وتجارية وأكدت خاصية حسن الحفاوة واستقبال السياح والاهتمام الذي توليه الدولة التونسية لهذا الحدث السنوي، حيث تحرص على حسن تنظيمه وتسخر لإنجاحه كل الإمكانيات الضرورية وتتجند له وزارات السياحة والداخلية والدفاع والشؤون الدينية والنقل. وأكدت أيضا صورة تونس كبلد مضياف يؤمن بالتسامح والتعايش السلمي بين الأديان والثقافات والشعوب ويحترم حرية المعتقد. ومثلما جرت العادة تضمن برنامج الزيارة طقوس التعبد المتمثلة في قراءة التوراة بشكل جماعي مع ترديد الأدعية وإشعال الشموع والتبرك بحجر من هيكل سليمان موجود داخل المعبد وكتابة الأماني على البيض ووضعه قرب الحجر المقدس داخل الكنيس، بالإضافة إلى الزغاريد والغناء في جو من الفرح والاحتفال الجماعي، كما تضمن البرنامج جمع تبرعات مالية من الزائرين والسياح لصيانة المعبد وتغطية المصاريف الضرورية للعناية به، وكذلك تنظيم الخروج الجماعي للزوار للقيام بجولة في محيط المعبد.



وشاركت منظمة «جيمينا» في مظاهر الحج اليهودي هذا العام بحضور واسع . و«جيمينا» هي منظمة يهودية مستقلة، تأسست عام 2001  في مدينة (سان فرانسيسكو) بولاية (كاليفورنيا) الأمريكية، وتعمل على إحياء الحركة اليهودية الثقافية والاجتماعية التي تمثل اليهود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا، والحفاظ على ثراث وتاريخ اليهود الشرقیین.
وقد حظي هذا الحدث بتغطية إعلامية واسعة واهتمت به وسائل الإعلام المحلية والعالمية حيث حضر إلى جربة أكثر من 100 صحافي أجنبي حسب تأكيد وزارة السياحة يمثلون قنوات ومحطات إذاعية ووسائل إعلام مختلفة. وسبقت موسم الزيارة تحضيرات دقيقة وتنسيق بين كل الأطراف المعنية من أجل إنجاح الحدث، وبرمجت الفنادق السياحية سهرات تنشيطية فيها رقص وغناء وألعاب ترفيهية وإبراز للتقاليد المحلية والتراث الثقافي والحضاري التونسي، وشهدت أسواق جربة حركية هامة حيث أقبل الزوار على اقتناء المنتجات التقليدية والهدايا التذكارية المختلفة والتعرف على مظاهر الحياة اليومية في جربة.
وتزامنت زيارة المعبد اليهودي هذه السنة مع شهر رمضان المعظم بما يعنيه من قداسة بالنسبة إلى المسلمين وما يمثله من مناسبة لمزيد التقرب إلى الله، ففيما انصرف المسلمون إلى الصوم والتهجد وقيام الليل وإعلاء قيم التسامح والتصدق على الفقراء والمحتاجين والإقبال على كل مظاهر التعبد، أقبل اليهود على أداء حجهم بما فيه من عبادة وطقوس روحية خاصة. يذكر أن وزارة الشؤون الدينية في تونس تتولى رعاية الشأن الديني بما في ذلك ما يهم باقي الديانات كالمسيحية واليهودية، وتولي الوزارة عناية خاصة للمعالم الدينية غير الإسلامية مثلما تهتم بالجوامع والمساجد.



ويذكر أيضا أن هناك نحو 2000 يهودي يحملون الجنسية التونسية ويقيمون في تونس كمواطنين كاملي الحقوق ويتعايشون مع باقي السكان بشكل طبيعي ويمارسون حياتهم ومعتقداتهم بكل حرية ولا يتعرضون إلى أي مضايقة، ويسهم الكثير منهم في تنمية البلاد عبر المشاريع الاقتصادية التي يديرونها في قطاعات مختلفة مثل السياحة والصناعة والتجارة والخدمات، ويوجد اليوم وزير في الحكومة يدين باليهودية وهو روني الطرابلسي (وزير السياحة والصناعات التقليدية) وهو من أنجح الوزراء حاليا ومعروف بحيويته وجديته حيث يتحرك في كل الاتجاهات ويوظف علاقاته وخبرته في ميدان السياحة ويشتغل مع أهل المهنة من أصحاب الفنادق ووكالات الأسفار ويحرص على جلب المزيد من السياح والتعريف بالمنتج السياحي التونسي في الخارج، ويحرص أيضا على اتباع سياسة اتصالية عصرية تساعد على تحسين صورة تونس في الخارج كوجهة سياحية متميزة.

 

روني طرابلسي



ويرجع المتابعون للشأن السياحي ارتفاع عدد زوار جزيرة جربة بمناسبة الحج اليهودي هذه السنة مقارنة بالسنوات الماضية للبرمجة المسبقة والاستعدادات الكبيرة التي بذلتها وزارة السياحة ووكالات الأسفار والعمل الكبير الذي حصل على مستوى الترويج للحدث في الخارج حرصا على إنجاحه وعلى أن يكون حدثا استثنائيا، ويقول هؤلاء إن روني الطرابلسي وزير السياحة يقف وراء هذا المجهود وهذه الحركية، فقد تحققت منذ تعيينه على رأس هذه الوزارة أرقام أفضل من أرقام السنوات السابقة سواء على مستوى تدفق السياح أو العوائد المالية وارتفعت كل المؤشرات، وبرزت تونس كوجهة سياحية مطلوبة ويتوقع أن يحقق الموسم السياحي الجاري والذي يبلغ ذروته في موسم الصيف أرقاما قياسية من حيث إقبال السياح من مختلف الجنسيات وتتوقع وزارة السياحة حلول 9 ملايين سائح بتونس خلال هذا العام.
ومن جانبه أشار حاخام يهودي تونسي إلى تضاعف عدد الزوار هذا العام قياساً بالعام الماضي.
وقد ساهمت في هذا التطور في المؤشرات عوامل كثيرة منها تحسين الصورة السيئة التي برزت في السنوات الماضية عن تونس كبلد مصدر للإرهاب بسبب وجود أعداد من التونسيين في جبهات القتال مع التنظيمات الإرهابية في عدد من بؤر التوتر في العالم وقيام عدد منهم بأعمال وهجمات إرهابية وحوادث دهس للمارة في بعض المدن والعواصم الأوروبية وارتكاب جرائم تفجير وقتل أبرياء في تونس سواء من الأمنيين والعسكريين أو المواطنين العاديين، فقد صارت تونس أكثر أمنا واستقرارا في السنوات القليلة الماضية وتراجع الإرهاب بفضل اليقظة الأمنية وجهود وزارتي الدفاع والداخلية في محاربة آفة الإرهاب وهو ما انعكس إيجابيا على القطاع السياحي.

font change