أفول نجم السلطان

انشقاق في رحم «العدالة والتنمية»

 الرئيس التركي رجب طيب إردوغان

أفول نجم السلطان

* يتزامن الاستياء من سياسات رجب طيب إردوغان من خارج الحدود مع هزات تضرب أروقة حزبه وتهدد مستقبله السياسي وإن تمايزت نبرات الاستياء والاستهجان لمنتقديه
* في نفس الفندق الذي تأسس فيه حزب العدالة والتنمية، وفي مؤتمر تعريفي بالعاصمة أنقرة، أعلن علي بابا جان تأسيس حزب سياسي جديد باسم حزب «الديمقراطية والتقدم»، واختصاره كلمة (دواء)
* ما يحدث أمام الإعلام أحيانا من انتقادات توجه لإردوغان في سياسته الخارجية هي من باب المناكفات السياسية بينما في جوهر القضية هناك تقارب كبير بين سياسات إردوغان وسياسات المعارضة والاختلافات لا تتعدى الطابع الشكلي أو التكتيكي
* هناك بعض العلمانيين والقوميين المغرمين بالتحالف مع الدول الشرقية مثل الصين وروسيا ولديهم كراهية أو عقدة تجاه الدول الغربية، وهؤلاء أيضاً يحاول إردوغان جذبهم بتصريحاته المتكررة بمهاجة الغرب ومهاجمة الناتو وأميركا
* إردوغان يدرك أن حزبه أصبح فارغا وضعيفا وأصبح الخطاب الإسلامي داخل تركيا غير مقنع، فالأتراك اليوم لا يجدون ما يأكلونه
* نسبة التأييد لحزب العدالة والتنمية 40 % انخفاضا من 42.6 في المائة في انتخابات 2018
* خسر حزب العدالة والتنمية العام الماضي بلديتي إسطنبول وأنقرة في انتخابات قام إردوغان بتصويرها على أنها معركة حياة أو موت وبالتالي خسر إردوغان ركيزة الاقتصاد التركي
* هل سيتمكن خصما إردوغان الجديدان من التحرر من موروث الآيديولوجيا من ناحية والانتصار في صراع إردوغان للبقاء في الحكم
* مع اندلاع الربيع العربي، بات يلوح في أفق استراتيجية حزب العدالة والتنمية وزعيمه، فرصة لبعث وإحياء أحلام تركية قديمة وجديدة لمد نفوذها الإقليمي في الإقليم برمته
* خرج للعلن مصطلح «العثمانية الجديدة» بوصفها تجسيدا لأحلام تركيا، وكان الرهان منعقدا على جماعة الإخوان المسلمين التي وصل بعضها إلى السلطة أو شارك فيها في مصر وتونس والمغرب وغيرها
* بدأ الحزب اعتماد أدوات «القوة الخشنة» المتمثلة في دعم بعض الجماعات، بما فيها التنظيمات المتطرفة والإرهابية في سوريا والعراق وليبيا، والرفع من منسوب خطابه الديني-المذهبي وانتهاج سياسة تصعيدية ضد عدد من الدول والحكومات العربية
* ما حدث داخل العدالة والتنمية هو انشقاق حقيقي ربما يؤدي إلى أفول الحزب وانتهاء الإخوان في تركيا
* العلاقة بين تركيا والإخوان المسلمين والتنظيمات المتطرفة لن تنفك إلا برحيل إردوغان الذي أطلق مشروعه التوسعي لاحتلال كامل المنطقة العربية
* الإخوان أنفسهم يرون أن هدف تنظيمهم هو إعادة الدولة العثمانية مجددًا، ويضعون أيديهم في يد إردوغان وقطر من أجل تنفيذ مشروعهم
* دائما الانفجار يأتي من داخل الأحزاب الديكتاتورية والعدالة والتنمية يمارس ديكتاتورية على الشعب التركي من خلال رفعه شعارات إسلامية، أو تبني وجهات نظر جماعات وتنظيمات متطرفة
* لا يمكن أن نفهم مآلات العدالة والتنمية دون الاطلاع على الأسس التاريخية لفكر الإسلام السياسي في تركيا
* الاستئثار الداخلي وحصر السلطة الحزبية بيد شخص واحد هو إردوغان أحد أهم الأسباب التي أدت إلى إخراج غول وداود أوغلو وعلي بابا جان من الحزب

انقسام صوري
أربيل: «أعتقد جازماً أنه مجرد تبادل للأدوار... الخلافات بينهم مجرد انقسام صوري، لا ثقة في (العدالة والتنمية)، ومن خلفهم تنظيم الإخوان المسلمين، بصراحة هم مثل الجماعات الإرهابية الظلامية سواء القاعدة أو داعش أو غيرهما، ما يهمهم فقط حكم البلاد والعباد». 
الكلام للدكتور محمد الزبيدي، المحلل السياسي الليبي، في معرض رده على سؤال وجهناه له حول قراءته لولادة حزبين جديدين من رحم حزب العدالة والتنمية التركي. 

 

المحلل السياسي محمد الزبيدي


لم يتردد الزبيدي في طرح فهمه ونقله لنا، والذي يعكس واقعا أليما لبلده الذي ينحر جغرافيته الاقتتال الداخلي، سيما أن رجب طيب إردوغان زعيم العدالة والتنمية له اليد الطولى في استمرار أمد الحرب، كما أن قراءة الزبيدي بالتأكيد لن تكون بمعزل عن تاريخ تستحضره ذاكرته وتحكي قصة عائلته التي حاربت الاستعمار التركي وثورة أجداده التي قمعها الأتراك، ويقول لـ«المجلة»: «العائلة بأكملها كانت ضحية للاستعمار التركي... أجدادي كانوا ضمن الزعامات الليبية التي قادت الثورة الليبية ضد الأتراك سنة 1840 وما زال رفاة أجدادي إلى هذه اللحظة في تشاد، دفنوا هناك لأن القوات التركية طاردتهم وقمعت حركتهم... فتركوا ليبيا.... وعدنا في بداية القرن العشرين... أسرتي ضحية للاستعمار التركي، فالأتراك مسؤولون عن كل الجرائم التي حلت بالمنطقة من تخلف، ولم يكتفوا بتعذيب وإذلال الشعوب بل عمدوا إلى السطو والسرقة ونهب حتى المقدسات الدينية... الآن المتاحف التركية مليئة بكل الموروث الديني الخاص بسيدنا محمد، والإمام علي، حتى الحجر الأسود كسروه ووضعوه بمتاحفهم في تركيا، الآن يريد الأتراك إعادة إنتاج هذا التاريخ بصورة ما، إلا أنهم سيفشلون».
ويضيف الزبيدي: «أحمد داود أوغلو يعتبر المنظّر الأساسي لحزب العدالة والتنمية، وهو المنظر الحقيقي لفكرة العثمانية الجديدة ويريد إحياء أمجاد الإمبراطورية العثمانية... وحتى لا يفقد الإخوان المسلمون والعثمانيون الجدد سيطرتهم على تركيا حصل هذا الانقسام الصوري»، مستأنفا: «حتى في إعلان علي بابا جان عن حزبه، كان ذلك يحدث ضمن إطار تبادل أدوار بين جماعة الإخوان، وهي فكرة أفصح عنها راشد الغنوشي عندما كان الحكم قاب قوسين أو أدنى منهم، وقتها قال لجماعة الإخوان المسلمين لنأخذ الصف الثاني في السلطة ونترك الواجهة للقائد السبسي والبورقيبيين، وهذا حصل وسيطر الإخوان المسلمون على تونس، من خلال سيطرتهم على مفاصل الدولة والمراكز الحساسة وحتى البرلمان، الغنوشي كان محتجا على الإخوان المسلمين في مصر، وانتقد محمد مرسي وجماعته لأنهم استعجلوا حكم مصر وفقدوا السلطة وفقدوا وجودهم في الشارع المصري»، مضيفا: «هذا نوع من التكتيك لدى الإخوان يتبعونه في كل دول العالم وخاصة في ليبيا، أنا عشت تجربة الإخوان، ليس هناك وزير من الإخوان المسلمين في الحكومات المتعاقبة في ليبيا، ولكن وكلاء الوزراء والمتحكمين بالشؤون الإدارية والمالية عادة هم الصف الثاني وغالبيتهم من جماعة الإخوان المسلمين».
ويؤكد قائلا: «بغض النظر عما يحدث في حزب إردوغان، فإنه سينتهي، سنطالب بمحاكمته ومعاقبته قانونيا في فترة قريبة لن تكون بعيدة، إنّ تركيا لم تتوان عن دعم الجماعات الإرهابية في ليبيا منذ عام 2011»، موضحًا أن «تركيا وفرت الدعم اللوجستي والإعلامي والسياسي للجماعات الإرهابية في ليبيا وأتت بالمرتزقة إلى ليبيا، ويجب أن يحاكم على إجرامه بحق الشعب الليبي، حتى قبل أن يحاكم في تركيا».
ويتزامن الاستياء من سياسات رجب طيب إردوغان من خارج الحدود مع هزات تضرب أروقة حزبه وتهدد مستقبله السياسي وإن تمايزت نبرات الاستياء والاستهجان لمنتقديه، سواء داخل الحدود أو خارجها.

 

رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو (يسار) ونائب رئيس الوزراء التركي السابق علي باباجان (يمين) (غيتي)


 
الدواء أم الداء
في تركيا، وقبل أيام وفي نفس الفندق الذي تأسس فيه حزب العدالة والتنمية، وفي مؤتمر تعريفي بالعاصمة أنقرة، أعلن علي بابا جان تأسيس حزب سياسي جديد باسم حزب «الديمقراطية والتقدم»، واختصاره كلمة «الدواء» باللغة التركية.
ومن أبرز المؤسسين للحزب، مصطفى ينار أوغلو، وهو برلماني مستقل، استقال من حزب «العدالة والتنمية»، وبذلك أصبح للحزب الجديد تمثيل داخل البرلمان الحالي، ومهمت شانفير، وهو جنرال متقاعد تم اعتقاله عقب الانقلاب الفاشل في يوليو (تموز) 2016، ومتين غورجان، وهو عسكري سابق، ونهاد أرغون، وزير الصناعة السابق، وسعد الله أرغين، وزير العدل السابق، وسلمى كواف، وزيرة المرأة السابقة، وأحمد أديب أوغور، والي مدينة باليكسير السابق، وأليف أيسن، مستشارة سابقة في رئاسة الجمهورية، فيما غابت شخصيات كان يتوقع أن تكون ضمن قائمة المؤسسين، وهم رئيس المحكمة الدستورية السابق هاشم كلج، والوزير السابق أرطغرل غوناي، ووزير الداخلية السابق بشير أتالاي وفريق الرئيس السابق عبد الله غول.
وتضم قائمة المؤسسين 90 اسما، منهم 27 سيدة، و16 وجها جديدا، كما شملت شخصا من مواليد عام 1999 يعتبر الأصغر من بين الأسماء.
واتخذ الحزب شعارا له من قطرة ماء داخلها ورقتا شجر على شكل برعم، مقدما برنامجه الذي جرى إعداده على يد عدد من الخبراء بلغ 300 شخص، واستغرقت مدة عمل بلغت 5 أشهر شملت 24 طاولة نقاش مختلفة، وركز على الديمقراطية والشفافية والحقوق، متعهداً بتعزيز الديمقراطية والعمل على تحقيق الإصلاحات اللازمة.

 

أحمد داود أوغلو وعلي باباجان


المؤتمر التعريفي للحزب عقد بعيدا عن عدسات الإعلام بسبب حالة التضييق وسياسة التعتيم الإعلامي المتبعة من قبل الحكومة لأي نشاط معارض. وقال بابا جان في مؤتمره الذي بث على وسائل التواصل الاجتماعي: «نحن هنا الآن، وآن الأوان لتحمل المسؤولية تجاه تركيا، ونتمنى أن يكون الحزب مفيداً للبلاد، فاليوم هو بداية نتطلع فيها إلى المستقبل بأمل.. اتخذنا الخطوة الأولى لتشكيل تركيا قوية في حقبة جديدة»، مضيفاً: «سنحترم أسلوب حياة الجميع، ولن نضحي بمقدساتنا الدينية من أجل السياسة».
وعلى الصعيد الاقتصادي الذي يعتبر الميدان الذي يبرع فيه باباجان، أوضح أن «الفساد يعرقل تقدم الاقتصاد، وأن الشفافية مبدأ نسعى إليه، ولهذا نعمل على الرقابة على المؤسسات المالية، وإنشاء لجان مراقبة وإزالة الاستثناءات وتغيير قانون المناقصات».
يذكر أن باباجان ولد عام 1967. ودخل غمار السياسة عام 2002 بوصفه أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية وعضو مجلسه التنفيذي، وانتخب عضوا بمجلس النواب عن مدينة أنقرة في العام نفسه، ثم عين وزيرا للشؤون الاقتصادية ليصبح أصغر عضو بمجلس الوزراء وعمره 35 عاما.
وقد ساهم في إصلاح الوضع الاقتصادي، محققا انتعاشة بعد عامين من مباشرة عمله، عقب سنوات عجاف من الأزمات الاقتصادية التي عانت منها البلاد، ثم شغل منصب وزير الخارجية وشؤون المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، قبل أن يتولى أيضا وزارة الاقتصاد عام 2007 بعد انتخاب رجب طيب إردوغان رئيسا للوزراء، وعبد الله غول رئيسا للجمهورية، وظل وزيرا للخارجية حتى العام 2009. ثم تولى منصب نائب رئيس الوزراء حتى العام 2015.

 
الشعب تعب
المحلل السياسي التركي جواد غوك يرى أن «الشعب التركي تعب من سياسات هذه الحكومة وهو يبحث عن وجوه جديدة في السياسة التركية، ولهذا السبب لا نستطيع في الوقت الحالي أن نقول إن الشعب التركي استقبل نبأ إعلان بابا جان عن حزبه بشكل حار»، مستدركا: «لكن قد تكون هناك انتخابات مبكرة في العام القادم وممكن جدا أن يكون بابا جان وجها من الوجوه الجديدة في السياسة التركية ويمكن أن يكون له موطئ قدم في الساحة السياسية التركية في المستقبل القريب».
ويؤكد غوك في حوار لـ«المجلة» أن «هناك فارقا كبيرا بين علي بابا جان وداود أوغلو، حيث إن الأول يركز خطابه وبرنامجه السياسي على الاقتصاد التركي، أما أحمد داود أوغلو، فهو يمثل السياسة الخارجية التركية وفي سياسته لا فرق بينه وبين حزب العدالة والتنمية الحاكم، أي لا فرق بين إردوغان وداود أوغلو»، مشيرا إلى أن «بابا جان يحظى بعلاقات خارجية جيدة خاصة مع الاتحاد الأوروبي، ويبدو أن هناك دعما من قبل الدول الغربية لعلي بابا جان أكثر بكثير من الدعم لأحمد داود أوغلو»، مضيفا في الوقت نفسه أن بابا جان اعتمد على ضم أسماء ووجوه جديدة لقائمة مؤسسي حزبه وحرص على أن يكونوا من أصحاب الكفاءات العلمية والخبرة، إضافة إلى اهتمام بتمثيل الشباب».
ويؤكد أن «مستقبل حزب العدالة والتنمية يشهد تراجعا واضحا في شعبيته وانعكس ذلك في الانتخابات الأخيرة بعد أن ذاق الحزب طعم الهزيمة»، مشيرا «ما يعتري الحزب من خسائر هو بسبب المحسوبيات في الحزب وغياب النقد وتقديس الأشخاص وتضخيمهم عدا عن التدخلات في شؤون الدول الأخرى مما كلف الاقتصاد التركي الكثير وهوى بالليرة التركية».
ويعبر عن قناعته بأنه سيكون هناك تغيير في الخريطة السياسية مع أول انتخابات ستشهدها البلاد، لافتا إلى أن «الحزب جديد... وهناك تعتيم إعلامي وعلى بابا جان أن يستغل وسائل التواصل الاجتماعية لإيصال رسائله ورؤيته إلى جميع فئات الشعب التركي فيما يخص الإصلاحات وقضية حقوق الإنسان في تركيا وحرية الصحافة وحقوق الأكراد والأقليات بشكل عام».
وحول أهمية دعم رئيس الجمهورية السابق عبد الله غول لحزب بابا جان يقول: «مهم جدا تأييد عبد الله غول لبابا جان، في النهاية هؤلاء منشقون عن حزب العدالة والتنمية ويتصيدون أصوات الحزب، وخطابهم موجه إلى جماهير العدالة والتنمية، وأنصار الحزب وعبد الله غول شخصية معتدلة ويمكن أن يكون منافسا لإردوغان في الانتخابات المقبلة».

 

علي باباجان (يمين) ، الرئيس التركي السابق عبد الله جول (وسط) أحمد داود أوغلو (يسار).


 
انشقاقات
ومن أبرز الاستقالات في صفوف حزب العدالة والتنمية، استقالة رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، في 13 سبتمبر (أيلول) الماضي، ويوم 13 ديسمبر (كانون الأول) المنصرم، أعلن داود أوغلو عن تأسيس حزبه الجديد «المستقبل».
وشغل داود أوغلو (60 عاما) منصب رئيس الوزراء بين عامي 2014 و2016 ولم يدم داود أوغلو في منصبه سوى عامين، قبل أن يقدم استقالته نتيجة خلافات مع رجب طيب إردوغان.
وأعلن باباجان في يوليو الماضي استقالته من حزب العدالة والتنمية الحاكم، مبررا ذلك في بيان قال فيه إن «خلافات عميقة وقعت على مستوى الإجراءات، سواء على الصعيد المحلي أو العالمي خلال الأعوام الأخيرة، بالإضافة إلى المبادئ والأفكار والمعايير التي أدافع عنها».
وعقب استقالة رفيقي درب إردوغان توالت الاستقالات من حزب العدالة والتنمية الحاكم، وشهد الحزب استقالات من قيادييه ورؤساء فروعه في عدد من الولايات المختلفة، وانخفض عدد أعضاء الحزب خلال عام واحد، بمقدار 788 ألفا و131 عضوا، بحسب ما أعلنته المحكمة العليا في 1 يوليو الماضي، إذ سجل عددهم 9 ملايين و931 ألفا و103 أعضاء، بعد أن كانوا 10 ملايين و719 ألفا و234 عضوا.
كما أنه خلال أكثر من شهرين من 1 يوليو وحتى 9 سبتمبر الماضيين انخفض أعضاء الحزب كذلك بمقدار 56 ألف شخص.
وكشفت إحدى الدراسات الميدانية في يناير (كانون الثاني) 2020. عن تراجع جماهيرية حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة رجب طيب إردوغان، بنسبة 11.4 في المائة منذ انتخابات 24 يونيو (حزيران) 2018. لصالح أحزاب المعارضة، ومن بينها حزب المستقبل الوليد بزعامة رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، وذلك وفقًا لمسح الاتجاهات السياسية الذي أعلنه مركز أبحاث ORC.
ومن المقرر أن تخوض تركيا الانتخابات البرلمانية والرئاسية في عام 2023، لكن هناك توقعات بأن تجرى انتخابات مبكرة العام المقبل 2021.
 
يضعف ولن يكون بديلا
غسان إبراهيم، مدير التحرير في موقع «أحوال تركية»، يقول لـ«المجلة»: «العلمانيون ينظرون إلى بابا جان على أنه لا يختلف كثيرا عن حزب العدالة فهو ذو خلفية إسلامية وساهم في تأسيس حزب العدالة والتنمية سابقا، كما أنه في نظرهم لن يكون بديلا مقنعا، أما بالنسبة للقوميين فهم يعتبرونه أيضا بعيدا عن التوجه القومي، أما بالنسبة للأكراد فلم يعودوا يثقون في أعضاء حزب العدالة والتنمية، وحتى من انشقوا عنه لم يقدموا شيئا مقنعا للأكراد، أما المحافظون فهم منقسمون وأغلبيتهم مع إردوغان وبعضهم مستاء من إردوغان نتيجة سوء إدارته لحزب العدالة والوضع الاقتصادي، ويبقى أن جزءا من هؤلاء وهم فئة قليلة يمكن أن تتجه لدعم علي بابا جان أو لحزب أحمد داود أوغلو بالتالي المنشقين عن حزب العدالة، والذين أسسوا هذه الأحزاب لن تكون أحزابا قوية بما فيه الكفاية لإسقاط إردوغان من دون التحالف مع أحزاب المعارضة».
ويستدرك إبراهيم قائلا لكن في نفس الوقت «حزب العدالة والتنمية تقريبا أصبح مشلولا، وإردوغان يستغل هذا الحزب فقط لحصد المؤيدين له بشكل شخصي، ففي ظل النظام الرئاسي يسعى إردوغان من خلال الحزب إلى توفير القاعدة الشعبية له في الانتخابات، بينما الحزب لم يعد حزبا حاكما بل إن هناك شخصا حاكما، يعتبر نفسه أعلى من الحزب بل يستخدم الحزب شماعة ليعلق عليها أخطاءه بمعنى أن ما يجري من أخطاء قد يحملها للحزب وبالتالي يقدم نفسه على أنه الموجه الأعلى، فإردوغان يقود تركيا إلى نظام يقترب من النظام الإيراني (ولي الفقيه) ويقدم نفسه مرشدا أعلى».
إلا أنه يرى أن الحديث في واقع الحال متجه لمستقبل إردوغان تحديدا وهل سيمثل رفيقاه القديمان وخصماه الحاليان تهديدا لمستقبله السياسي، ليقول في هذا الصدد إن «حزب بابا جان لم يوضح سياسته ورؤيته لقضايا السياسة الخارجية للحزب، بل إن جل تركيزه كان بالدرجة الأولى على قضايا ومفاهيم عامة تهم الشعب التركي من مواجهة العنف والقمع والحريات ونشر الديمقراطية وانعاش الاقتصاد. وخلا برنامجه بل لم يكن كافيا لقراءة سياسته الخارجية وهي أهم الإشكالات التي تتحكم بما وصلت إليه تركيا اليوم، وهو موضوع ليس غريبا على الأحزاب في تركيا فالكثير من أحزاب المعارضة التي تختلف مع سياسات إردوغان وحزبه، إنما تختلف معه على الصعيد الداخلي والشأن الداخلي، فهناك تفاهم غير معلن حول القضايا الخارجية».
ويضيف: «في ليبيا لم نجد أن هناك اعتراضا كافيا من الأحزاب التركية على التدخل التركي في ليبيا، ربما في سوريا كان هناك بعض أشكال الاعتراض لاعتبارات أحيانا لها بعد طائفي أو بعد ديني أو عرقي، لكن من ناحية المبدأ فإن التدخل الخارجي أمر لا يختلف عليه لا حزب العدالة والتنمية ولا القوميون ولا العلمانيون، فكلهم ينظرون للموضوع من منظور وهم الإمبراطورية العثمانية، ورغبة فرض النفوذ وتختلف الأدوات بالتعبير عن ذلك، بعض الأحزاب تتفق مع إردوغان في الدور العسكري والتدخلات العسكرية المباشرة وبعضها الآخر يفضل القوة الناعمة، في النهاية الكل متفق في المضمون وما يحدث أمام الإعلام أحيانا من انتقادات توجه لإردوغان في سياسته الخارجية هي من باب المناكفات السياسية بينما في جوهر القضية هناك تقارب كبير بين سياسات إردوغان وسياسات المعارضة والاختلافات لا تتعدى الطابع الشكلي أو التكتيكي».
 
تآكل القاعدة الانتخابية
ويقول: «بالنسبة للأحزاب الناشئة لا أرى بإمكانها أن تكون حتى هذه اللحظة بديلا عن حزب العدالة والتنمية، ولكن من ناحية أخرى هي تضعف حزب العدالة والتنمية.. ربما لن تستطع هذه الأحزاب حصد أصوات أكثر من حزب العدالة والتنمية في أي انتخابات مقبلة، ولكنها سوف تأكل جزءا من الشريحة التي كانت تصوت لحزب العدالة والتنمية، وبالتالي تضعف الحزب أمام المعارضة المنافسة الكبرى، كحزب الحركة القومية، أو حزب الشعب الجمهوري العلماني، وهنا إردوغان متنبه إلى هذه النقطة، لذلك هو حريص على تعميق علاقاته مع القوميين (حزب الحركة القومية) ليكون في حال أي خسارة في صفوف الإسلاميين والمحافظين الذين كانوا يصوتون بشكل اعتيادي وتقليدي لحزبه وذهبوا إلى التصويت لحزب بابا جان أو حزب داود أوغلوا، فإنه سوف يعوض ذلك بتحالفه مع القوميين بعد إغرائهم بأطماع إردوغان الخارجية التي ترضي القوميين في سوريا وفي ليبيا، بل إن مواقف القوميين أكثر تشددا من إردوغان نفسه، وغالبيتنا يتذكر تصريح رئيس حزب الحركة القومية عندما طالب بالتوجه إلى دمشق وإسقاط نظام الأسد على خلفية سقوط قتلى في الجيش التركي في إدلب، بالتالي إردوغان يلعب على هذا الوتر وخصوصا عندما يحاول أن يرسل رسالة للقوميين الأتراك بأن الوجود التركي في سوريا يقضي على فكرة الإدارة الذاتية لدى الأكراد في سوريا، فهو أيضا لعب على هذه النقطة ليقوي رصيده عند القوميين».
ويشير إلى أن «هناك جزءا من العلمانيين والقوميين المغرمين بالتحالف مع الدول الشرقية مثل الصين وروسيا ولديهم كراهية أو عقدة تجاه الدول الغربية، وهؤلاء أيضا يحاول إردوغان جذبهم بتصريحاته المتكررة بمهاجة الغرب ومهاجمة الناتو وأميركا، سواء كانت هذه التصريحات عبثية لا قيمة لها أو حتى عملية، ففي نهاية المطاف يستخدمها في خطاباته الشعبية الداخلية ليجذب هؤلاء».
ويؤكد قائلا: «إردوغان يدرك أن حزبه أصبح فارغا وضعيفا وأصبح الخطاب الإسلامي داخل تركيا غير مقنع، فالأتراك اليوم لا يجدون ما يأكلونه خصوصا المحافظين والفقراء والمساكين هؤلاء الذين صوت بعضهم في انتخابات إسطنبول لأكرم إمام أوغلو العلماني وابتعدوا عن حزب العدالة، وقد لاحظ إردوغان أن هناك فئة من الإسلاميين أو المحافظين أو المتدينين بدأت تبتعد عن هذا الحزب نتيجة فشل الإدارة الاقتصادية للبلاد فلذلك يحاول تعويض هذه الفئة بدعم من القوميين».
وأظهرت استطلاعات الرأي تأييدا محدودا لخصوم إردوغان السياسيين الجدد، وبحسب استطلاع لمؤسسة ميتروبول في فبراير (شباط) الماضي حيث إن الدعم الشعبي لحزب داود أوغلو يبلغ 1.2 في المائة بينما يبلغ معدل التأييد لحزب باباجان 0.8 في المائة.
وقدر الاستطلاع نسبة التأييد لحزب العدالة والتنمية بـ40 في المائة انخفاضا من 42.6 في المائة في انتخابات 2018 العامة.
 
الكرد فقدوا الثقة
وخسر حزب العدالة والتنمية العام الماضي بلديتي إسطنبول وأنقرة في انتخابات قام إردوغان بتصويرها على أنها معركة حياة أو موت وبالتالي خسر إردوغان ركيزة الاقتصاد التركي.
وكان حزب الشعوب الديمقراطية بيضة القبان في الانتخابات، وقصموا ظهر إردوغان في أنقرة وإسطنبول وفازت المعارضة، إلا أن موقف المعارضة بعد التحالف التكتيكي بين حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطية، عزز الموقف الثابت باستحالة الوثوق بالمعارضين لإردوغان، فهل سينجح بابا جان في طمأنة الكرد، وقبله هل نجح أحمد داود أوغلو في ذلك.
ويبدو أن النقطة التي يتشاطرها كل من بابا جان وداود أوغلو، ولو بدرجة مختلفة هي عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بتناولهما للقضية الكردية، التي تمثِل واحدة من أكبر مشاكل تركيا سواء محليًا أو في السياسة الخارجية.
ورغم أن داود أوغلو شدّد، في كلمته الافتتاحية، على أهمية الحق في التعليم باللغة الأم، بيد أنه لم يذكر بشكل صريح اللغة الكردية. غير أن أجندة حزبه تنتقد الافتقار إلى الديمقراطية بشكل عام مما يفاقم من المشكلة الكردية.
وعليه، فمن غير المرجح أن يدعم الكرد داود أوغلو وسعيه الحالي لتشكيل قاعدة شعبية مؤيدة له، حيث لم يحرك داود أوغلو ساكنا لإدانة الانتهاكات التي ارتكبتها الحكومة ضد الأكراد، وفي عهده تم الهجوم على المدن والمناطق الكردية وشنت الحكومة حملة اعتقالات واسعة بعد انهيار مشروع السلام في تركيا.
أما بابا جان فيرى من خلال برنامج حزبه أن العامل الأساسي الكامن وراء المشكلة الكردية هو تعثُّر تركيا في أن تصبح دولة ذات نظام ديمقراطي قائمٍ على حقوق الإنسان، وأن المسألة الكردية لها خلفية تاريخية طويلة، ولها عواقب سلبية كثيرة على البلاد من الناحية الاقتصادية والسياسية والإنسانية، وأنه «على الرغم من أن هذه المسألة ذات الأهمية الحيوية لها أبعاد كثيرة، إلا أن المشكلة، في الواقع، تتعلق بتلبية مطالب مواطنينا الكرد فيما يتعلق بالحرية والحقوق الديمقراطية والمواطنة المتساوية».
وجاء في البرنامج: «سنحل المشكلة الكردية عن طريق إبقاء القنوات السياسية مفتوحة أمام مواطنينا على أساس الثقة المتبادلة وبناءِ أرضية ديمقراطية تفتح المجال أمام مناقشة المَطالب بسهولة، وذلك من خلال توسيع مساحات الحرية وترسيخ المبادئ القانونية».
ولكن، بحسب محللين أتراك فإنه هناك نقطة في البرنامج تتناقض تماما مع ما تم ذكره، وهي أن البرنامج يجمع بين حزب الاتحاد الديمقرطي الكردي في سوريا وجماعة فتح الله غولن في جملة واحدة، مما يدل على أنه يساوي بين هذين الكيانين في كون كل منهما غير مرغوب فيهما، مما أثار حفيظة واستهجان الكرد، ويثبت لهم أن العقل الباطن للمنشقين عن العدالة والتنمية يجد صعوبة في تغيير ثوابته التي دأبوا عليها، من دون إيلاء اعتبار للمستجدات الراهنة.
إذن ما زال داود أوغلو، وبابا جان - على استحياء وخوف - يخوضان في ملفين أساسيين، وهما ملف المشكلة الكردية، ومشروع العثمانيين الجدد والتدخلات في دول الجوار، ونظرًا لفشل الزعيمين في انتقاد سياسات حزب العدالة والتنمية على مر السنين، فلن يكون من السهل على داود أوغلو وباباجان تقديم خطاب مختلف بما فيه الكفاية عن حزب العدالة والتنمية، وإقناع الناخبين المتشككين، ما لم يكونا مستعدين لبذل جهد جاد لكسر الممارسات التمييزية التي ارتكبها حزبهما السابق في حق الكرد والحزب الذي يمثلهما وهو حزب الشعوب الديمقراطي الذي أصبح اليوم العنوان المشترك لمجموعة كبيرة من الديمقراطيين والليبراليين، إلى جانب الكرد، حسب بركات كار أحد قياديي الحزب.
في نهاية شهر فبراير (شباط) الماضي أرسل باباجان رسالة لقادة حزب الشعوب الديمقراطية حين عقدوا مؤتمرهم الاعتيادي، حثّهم فيها على «أهمية القرارات» التي ستصدر عن مؤتمرهم.
ومنذ ذلك الحين يعتبر خبراء أن تلك الرسالة قد تكون مؤشرًا لتحالفٍ انتخابي مقبل بين الطرفين.

 

بركات كار قيادي في حزب الشعوب الديمقراطية


بركات كار يقول في حوار لـمجلة «المجلة»: «بعد انتظار طويل قام علي باباجان بتشكيل حزبه المنتظر، فكما هو معروف هذا هو الحزب الثاني التي تشكل كمعارض لسياسات إردوغان على أرضية حزب العدالة والتنمية»، معتبرا أنه ليس مهما «في تشكيل الحزب أن يكون معارضا أو مواليا، المهم أن تشكيل هذين الحزبين وبالأخص حزب دواء (حزب بابا جان) هل هو مطلب عام وجماهيري ملح أم نتاج تكتلات تقاطعت مصالحها فيما بينها مع سياسات إردوغان داخل الحزب».
ويضيف كار «بإمكاننا القول إن اختلاف المصالح والسياسات المتبعة داخل حزب العدالة هو الأساس في هذا التحرك، وهذا هذا التغيير الجذري في السياسات الداخلية والخارجية والابتعاد عن أسس وانطلاقة حزب العدالة في تاريخ 2002 وانعكاساته السلبية كان لها الدور الأساسي في تشكيل هذه الحزبين».
ويتساءل قائلا: «إذا كان تشكيل حزب معارض لسياسات إردوغان ملح ومطلب جماهيري شامل يتجاوز جميع الأحزاب الموجودة والقيادات المجربة والمعروفة لماذا شكل حزبان من قبل شخصين مختلفين ومعروفين على أرضية حزب العدالة والتنمية إطار برامج سياسية مشابهة مع اختلافات طفيفة مع باقي الأحزاب القائمة باستثناء حزب الشعوب الديمقراطية؟»، موضحا: «في تقديري المطلب العام الجماهيري اليوم ليس تشكيل أحزاب جديدة بقدر ما هو التوافق على تشكيل جبهة واسعة تسعى لتأسيس نظام ديمقراطي وصياغة دستور جديد للبلاد وتوفير الاستقرار والسلام، وحل الأزمة الاقتصادية والوقوف بوجه القمع والتسلط والعنف المتبع ضد جميع القوى الديمقراطية وعلى رأسها القوى الوطنية الكردية، وخارجيا التخلي عن سياسات التدخل في سوريا والعرق وليبيا... إلخ. وتبني الحل السياسي والديمقراطي السلمي في جميع المجالات».
ويقول: «عندما ننظر لحزب داود أوغلو (المستقبل)، وحزب باباجان (دوا) اللذين علق الكثيرون الآمال الكبيرة عليهما، للأسف لم تلب تطلعات الرأي العام إطلاقا ولكن بمقدورهم التعاون مع الأحزاب الموجودة لتقويض سلطات إردوغان، وربما باباجان ببرنامجه السياسي يتقدم نسبيا على داود أوغلو، لكن هذا غير كاف إطلاقا، وما أعلنه لا يعتبر برنامجا جديدا، بل مجرد تذكير بالأسس التي بني عليها حزب العدالة والتنمية، من هنا باستطاعتي القول إن باباجان بسياساته الليبرالية الديمقراطية يمكن أن يضعف حزب العدالة والتنمية إذا كان جديا وترجم ذلك على أرض الواقع دون السقوط في فخ الذريعة الواهية والمصلحة الأمنية والقومية والتي تحت سقفها يتم قمع الحريات».
ويختم حواره قائلا: «المجتمع بأسره يتطلع الآن لاستبدال نظام الرجل الواحد بنظام ديمقراطي برلماني يؤسس العدالة والسلام وعدم التدخل بأي شكل كان في أراضي الغير، واحترام سيادة الدول، وأتمنى لباباجان وغيره أن يكونوا عند حسن ظن الناس بانطلاقتهم وإصرارهم على التغيير من دون خوف أو استحياء، مهما كانت أشكال الضغط، ويوجد مثال مهم لدى جميع الأحزاب بترجمة أفكاره وبرنامجه البديل للنظام الحالي على أرض الواقع رغم القمع والضغط المستمر من قبل السلطات والدولة وهو حزب الديمقراطية الذي دفع وما زال يدفع أنصاره الثمن نتيجة مواقفهم ومطالبتهم بالديمقراطية في تركيا، والدليل أن أكثر من نصف قياديي الحزب بالإضافة إلى الرئيسيين المشتركين يقبعون في المعتقلات، وأيضا الآلاف من أنصار الحزب ومؤيده في السجون، وأن لا ينسوا بأن الانتخابات المحلية الأخيرة في 31 مارس (آذار) 2019 أسفرت عن اختطاف «تحالف الشعب» المعارض بلديات المدن الكبرى من الحزب الحاكم وحزب الشعوب الديمقراطية هو الذي لعب الدور المحوري في هذا الانتصارِ لأول مرة منذ 17 عامًا مظهرًا تراجع شعبية إردوغان وزعزعة شرعيته مرة أخرى وتحدى شعبوية إردوغان وعزفه على وتر الدين».
فهل سيتمكن خصما إردوغان الجديدان من التحرر من موروث الآيديولوجيا من ناحية والانتصار في صراع إردوغان للبقاء في الحكم، خاصة بعد إنجازه «أجندة التمكين»، ذات الجذر «الإخواني»، والذي أتقن إردوغان استخدامه من خلال اعتماده خطابا «شعبويا»، لعب من خلاله على وتر «العواطف الدينية» لغالبية الشعب التركي تارة. وتارة أخرى خاطب «المشاعر القومية» لدى الأتراك، وتحديدا في تعامله مع «المسألة الكردية، إردوغان يمثل كاريزما شعبوية قد لا يمتلكها خصماه الجديدان.
 

 

من اليمين: أحمد داود أوغلو، رجب طيب إردوغان، علي باباجان


الانحدار
مع اندلاع الربيع العربي، بات يلوح في أفق استراتيجية حزب العدالة والتنمية وزعيمه، فرصة لبعث وإحياء أحلام تركية قديمة وجديدة لمد نفوذها الإقليمي في الإقليم برمته، وخرج للعلن مصطلح «العثمانية الجديدة» بوصفها تجسيدا لأحلام تركيا، وكان الرهان منعقدا على جماعة الإخوان المسلمين التي وصل بعضها إلى السلطة أو شارك فيها في مصر وتونس والمغرب وغيرها.
وبدأ الحزب اعتماد أدوات «القوة الخشنة» المتمثلة في دعم بعض الجماعات، بما فيها التنظيمات المتطرفة والإرهابية في سوريا والعراق وليبيا، والرفع من منسوب خطابه الديني-المذهبي وانتهاج سياسة تصعيدية ضد عدد من الدول والحكومات العربية.
الخبير في شؤون الحركات الإسلامية منير أديب، يجزم أن مستقبل حزب العدالة والتنمية في تركيا وصل إلى ذروة ما يمكن للأداء السياسي أن يصل إليه، ليس نجاحا وليس تميزا وإنما هو الآن في لحظة الانحدار ولكن هذا الانحدار قد يكون ما بعد الذروة، الحزب الآن يمر بأسوأ أحواله بدليل الاستقالات التي تمت، وهذه الاستقالات أقرأها في سياق الانشقاق، حيث حدثت انشقاقات داخل حزب العدالة والتنمية من قبل المجموعة التي كانت تعمل مع رجب طيب إردوغان والمجموعة السياسية التي كانت تعمل مع رئيس وزرائه السابق داود أوغلو وهذا من باب الاختلاف، هؤلاء يرون أن إردوغان سيدهم مستبد سياسيا ومتسلط، يتمسك بآرائه وبهواه السياسي ويفرض نفسه على حزب العدالة والتنمية وعلى الحكومة والدولة التركية وبالتالي هؤلاء رفضوا أن يستمروا معه في الحزب».

 

منير أديب خبير في الجماعات الإسلامية


ويقول أديب في حوار لـ«المجلة» معه: «صحيح أن الحزب الجديد خرج من نفس رحم حزب العدالة والتنمية ولكننا ننظر من زاوية أخرى إلا وهي أن الحزب يمر بمرحلة ضعف وانحلال، وهذا يعطينا مؤشرا أن العدالة والتنمية في طريقه إلى التلاشي سياسيا وحزبيا»، منوها إلى إمكانية أن يكون للإخوان وجهة نظر ولديهم خطط وخطط بديلة يستخدمون هذه الخطط لإنتاج الحزب لأهدافه وآرائه، ووجهة نظره هذه ضمن مشروع ربما يكون كبيرا وقد ينطبق هذا على ما حدث وما زال يحدث داخل حزب العدالة والتنمية ولكن التحليل الأقرب أن ما حدث هو انشقاق ربما طولي داخل الحزب، وهذا الانشقاق له أسباب كثيرة أبرزها تسلط إردوغان وسياسته الإقصائية وقد يحاول الإخوان المسلمون إعادة الإنتاج من خلال أشخاص آخرين يحملون نفس الفكر... وفهمنا للإخوان يدفعنا إلى أن نعزز هذا الطرح، ولكننا في ذات الوقت نقول إن ما حدث داخل العدالة والتنمية هو انشقاق حقيقي ربما يؤدي إلى أفول الحزب وانتهاء الإخوان في تركيا».
ويضيف: «في النهاية إردوغان أو خصومه المنشقون يتنافسون حول تمثيلهم للإسلام المعتدل أو يريدون أن يعبروا عن الفكر الإخواني وفي الحقيقة هم لا يعبرون عن الإسلام المعتدل بأي صورة كانت، فكلهم يعبرون عن وجهة نظر متطرفة هناك مشروع واحد يجمع الجميع ولا أحد يعبر عن الإسلام المعتدل، بل أعتقد أن هذه الصورة هي صورة ليست صحيحة وهي تعبر بالأحرى عن الفكر المتطرف»، مستدركا: «العلاقة بين تركيا والإخوان المسلمين والتنظيمات المتطرفة لن تنفك إلا برحيل إردوغان الذي أطلق مشروعه التوسعي لاحتلال كامل المنطقة العربية».
ويعتبر الباحث أن مشروع العثمانية الجديدة، الذي ظهر في تركيا ومشروع الإخوان لإعادة الخلافة الذي ظهر بداية على يد حسن البنا عام 1928 بعد نحو أربع سنوات فقط من سقوط السلطنة العثمانية، فالمشروعان متجانسان، كما أن إردوغان عضو بالتنظيم الدولي للإخوان منذ أن قام بمبايعة المرشد السابق مصطفى مشهور، مضيفا: «إن الإخوان أنفسهم يرون أن هدف تنظيمهم هو إعادة الدولة العثمانية مجددًا، ويضعون أيديهم في يد إردوغان وقطر من أجل تنفيذ مشروعهم».
ويؤكد على أن «أفول العدالة والتنمية سوف يؤثر بشكل كبير على الحركة (تنظيم الإخوان المسلمين) فإن أفول حزب الحرية والعدالة في مصر الذي كان يعبر عن الإخوان، أثر على مشروع الإخوان ربما في المنطقة، وأعتقد أن أفول حزب العدالة والتنمية سوف يقضي تماما على مشروع الإخوان ليس في المنطقة فقط بل في العالم، فالإخوان لديهم علاقات وطيدة مع حزب العدالة والتنمية في تركيا، وهم يرون أن الإخوان المسلمين امتداد لهم أو يرون هم أنفسهم امتدادا للإخوان في مصر، ويرون أن عودة الإخوان للحكم في مصر هي قوة لوجود إرودغان ومجموعته وأفكاره على رأس السلطة في تركيا».
وعن وجه الشبه في الانشقاقات التي تعرضت لها العدالة والتنمية بالمقارنة مع التنظيمات أو أحزاب الإسلام السياسي الأخرى يقول: «منذ نشأة تنظيم الإخوان عام 1928 وحتى هذه اللحظة، حدث عدد من الانشقاقات الكبيرة والصغيرة داخل التنظيم، والإخوان يتعاملون وفق أدبياتهم أو يعاملون أتباعهم عندما يحدث انشقاق أو اختلاف مع بعض الأفراد، لا يسمع أفراد الجماعة لأي شخص ينشق أو يختلف أو يخرج عن الجماعة والإخوان حتى يطلقوا على هذا الأمر وحدة الصف الإخواني، يستتبعها أن يكون الأفراد على علاقة وثيقة وقوية وثقة عمياء بالقيادة، وبالتالي لا يتم السماع لأي شخص منشق بما فيهم الدكتور محمد حبيب، والذي كان يعرفه دائما مرشد الإخوان السابق محمد مهدي عاكف، بأن لديه كل تفاصيل الجماعة وأنه أحشاء الجماعة من الداخل، وفي حقيقة الأمر كل ما كانت تفعله الجماعة سرا وعلانية كان يعلمه الدكتور محمد حبيب، وهو الذي كان يدير التنظيم تنفيذيًا، ولكن رغم ذلك عندما خرج من التنظيم قال ما قال ولكن لم يسمع له أحد، لسبب بسيط أن ضمن نظام الإخوان مبدأ الثقة والسمع والطاعة»، مستدركا: «لكن مؤخرًا حدث عدد من الانشقاقات الطولية في التنظيم وهي الأخطر، لأن أفراد الجماعة يرون أن أفكار الجماعة أصبحت بلا قيمة وبلا تأثير».
ويوضح قائلا: «دائما الانفجار يأتي من داخل الأحزاب الديكتاتورية والعدالة والتنمية يمارس ديكتاتورية على الشعب التركي من خلال رفعه شعارات إسلامية، أو تبني وجهات نظر جماعات وتنظيمات متطرفة وإذا كانت تتعامل مع المختلف عنها بهذه الصورة فإنها في داخل الهياكل الحزبية بنفس الصورة».
 
شخصان لمشروع واحد
ويرى الباحث أن «داود أوغلو هو جزء من مشروع الإخوان وهو يتحرك وفق المشروع الذي رسمه وما زال يتحرك من خلاله رجب طيب إردوغان ولا أعتقد أنه أفضل من رجب طيب إردوغان، كما أن كلا الشخصين يعبران عن مشروع واحد، رغم وجود تباينات، إلا أن هذه التباينات هي تباينات طفيفة وليست فروقا كبيرة تجعلنا نقول إن أوغلو أفضل من إردوغان ويختلف مشروعه عن مشروع إردوغان»، مضيفا: «بابا جان والمنشقون الآخرون ربما يكونون بدائل مطروحة، وهي بدائل ربما قدمتها الحركة والتنظيم العالمي للإخوان، ولكن هؤلاء لن يستطيعوا أن يقدموا جديدا فيما أخفق أو لم يستطع إردوغان تقديمه، وأعتقد أن هذه الورقة الأخيرة للإخوان والحزب في الأفول وهذه النتيجة لن يكون لها وهؤلاء الأحزاب لن يكون لهم أي وجود حقيقي في الحياة السياسية ولن يلتف حولها الأتراك كما حدث قبلا والتفوا حول حزب العدالة والتنمية».
 
مستقبل الإسلام السياسي في تركيا
لا يمكن أن نفهم مآلات العدالة والتنمية دون الاطلاع على الأسس التاريخية لفكر الإسلام السياسي في تركيا وبالتالي الإجابة على سؤال ما هو مستقبل العدالة والتنمية في المعادلة الساسية وما مصير الإسلام السياسي في تركيا؟
ومع تأسيس الجمهورية التركية عام 1923 على يد مصطفى كمال أتاتورك، تم تبنّي فكرتي «التحضر»، و«القومية التركية»، بغية محاكاة التطور الحاصل في العالم، وانطلاقًا من إيمانه بنجاعة الحكم الجمهوري، ألغى أتاتورك السلطنة في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 1922. وبعد إعلان الجمهورية في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1923، أزال الخلافة في 3 مارس 1924.
وطبقًا لبرنامج دعم التيارات الدينية المجابهة للتمدد الشيوعي اليساري، تنفست الجماعات الدينية في تركيا الصعداء، مطلع الثمانينات وحتى عام 1997، وأخذت بالانتشار.
وفي حوار لـ«المجلة» مع الأكاديمي المختص في الشؤون التركية الدكتور محمد نور الدين، يقول إن «الحركة الإسلامية في تركيا منذ تأسيس الجمهورية عام 1923 وحتى عام 1970 تاريخ تأسيس أول حزب له طابع إسلامي واضح وهو حزب السلام الوطني بزعامة نجم الدين أربكان، قبل ذلك التاريخ كانت الحركة الإسلامية متمثلة في الطرق الدينية التي كانت ممنوعة، إلا أنها كانت المتنفس الوحيد للنزعات الدينية في تركيا لكي تعبر عن نفسها بشكل أو بآخر سواء في العبادات أو في المؤسسات التي لها طابع اجتماعي، هذه الحركة ذات الطابع الإسلامي لا يمكن أن نطلق عليها إسلاما سياسيا قبل 1970 لأنه كان إسلاما اجتماعيا خارج الحركة السياسية المباشرة، ومن هذه التيارات الدينية في تركيا حركة سعيد النورسي الذي توفي في 1960 وأسس لما سمي لاحقا الطريقة النورسية ومن أهم رموزها كان فتح الله غولن».
ويضيف نور الدين: «بين 1923 و1970 كان السائد على الساحة السياسية التركية أحزابا سياسية علمانية لكن البعض منها أقل انفتاحا على النزعة الدينية في المجتمع، والبعض الآخر أكثر انفتاحا، فليس هناك فرق كبير بين حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك والذي كان متشددا، وبين الحزب الديمقراطي الذي جاء إلى السلطة عام 1950 وهزم حزب الشعب الجمهوري، والحزبان كانا علمانيين»، موضحا: «الأحزاب العلمانية المتشددة والأحزاب العلمانية المنفتحة إذا جاز التعبير هما في النهاية في خدمة النظام العلماني، لكن كانت فئات تستفيد وتستغل الدين أمثال الحزب الديمقراطي بزعامة عدنان مندرس وأيضا تورغوت أوزال في الثمانينات».
ويلفت إلى أن «نجم الدين أربكان بدأ الإسلام السياسي في تركيا حيث أسس أربكان حزب السلام الوطني وحزب النظام الوطني وحزب الرفاه ثم حزب الفضيلة بعد حزب الفضيلة الذي حظر من قبل المحكمة الدستورية في 2001. بعدها انقسم قيادات الحزب فيما بينهم وشكلوا حزبين هما حزب السعادة بزعامة نجم الدين أربكان وحزب العدالة والتنمية بزعامة عبد الله غول ورجب طيب إردوغان»، مضيفا أن «إردوغان من إرث أربكان، لكنه انفصل عنه في السياسة، فإردوغان كان مع استمرار التواصل مع الغرب والاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي وإسرائيل، فيما أربكان كان في مكان آخر معارض لكل ذلك، فالخلاف فيما بينهما ليس خلافا دينيا أو آيديولوجيا إنما هو خلاف سياسي قبل أي شيء آخر».
وعن الفرق بين الإسلام السياسي في تركيا والإسلام السياسي في العالم العربي، يوضح قائلا: «عندما نتحدث عن الإسلام السياسي في العالم العربي نقصد بالتأكيد أن تنظيم الإخوان المسلمين كان نطاق عمله الدين والأمة، وكان يتجاوز الحدود الرسمية والجغرافية للدول ويحاول أن يمثل ويعكس الأمة جمعاء بكل الدول التي يتواجد فيها المسلمون، فيما أن الإسلام السياسي في تركيا كان له شقان بعد قومي وبعد ديني، والبعد الديني هنا المقصود منه المذهب الحنفي السني تحديدا من دون أي مذهب سني آخر، وبالتالي الحركة الإسلامية في تركيا هي حركة قومية تركية ودينية إسلامية وبالتالي هذا الذي تمثله العثمانية الجديدة التي تتعارض بهذه النقطة مع الإخوان المسلمين، حيث إن الإسلام السياسي في تركيا هدفه القومية التركية معطوفة على النزعة الدينية بينما حركة الإخوان المسلمين موجودة في العالم العربي».
وعن المأزق الأساسي للإسلام السياسي في تركيا اليوم يقول: «يتصل ببنية أحزاب الإسلام السياسي الإخوانية أو الإسلام السياسي في تركيا أنها تفتقد إلى الديمقراطية الداخلية من جهة وإلى التعامل ضمن الإطار الديمقراطي مع الأحزاب والتيارات الأخرى التي هي خارج منظومة حركة الإخوان المسلمين أو الإسلام السياسي في تركيا، ولهذا نجد هذه الانشقاقات من وقت لآخر حتى ضمن حركة الإخوان المسلمين بل الإسلام السياسي عمومًا في تركيا وفي العالم الإسلامي، ومنه العالم العربي وتشهد على هذا التحولات التي شهدتها مؤخرًا الحركة الإسلامية في تونس، ومأزق مقاربتها للسلطة في مجتمع متعدد الانتماءات السياسية كما في عدم قدرتها على تطوير نفسها، وتقديم نموذج ديمقراطي داخلها، فكان تراجعها الشعبي أحيانًا، وحركات الانشقاق داخله،ا وآخرها خروج نائب رئيس الحركة عبد الحميد الجلاصي قبل أيام، احتجاجًا على الانحراف الخطر في المسار الديمقراطي داخل الحركة بقيادة راشد الغنوشي، فضلاً عن تلويح الكثير من أعضاء مجلس الشورى بالاستقالة أيضًا في حال تأجيل المؤتمر الـ11 للحركة المقرر في مايو (أيار) المقبل».
ويتابع: «في تركيا كانت الحركة الإسلامية منذ أن ظهر الإسلام السياسي في عام 1970 مع نجم الدين أربكان وصولاً إلى عام 2001 شهد أول انقسام جدي داخل حزب الفضيلة الذي حظر حينها والنتيجة انقسامه إلى حزبين: حزب السعادة بقيادة أربكان، وحزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب إردوغان. وفي عام 2002 وصل الإسلام السياسي إلى السلطة للمرة الأولى بمفرده، ولا يزال فيها حتى الآن، ومع ذلك فقد كان حزب العدالة والتنمية يشهد من وقت لآخر خروج شخصيات منه مثل عبد اللطيف شينير، لكنها لم تكن مؤثرة على وحدته واستمر يحصد الانتصارات في الانتخابات المتتالية التي كانت تشهدها البلاد».
ويشير إلى أنه «يمكن اعتبار عام 2014 بداية ظهور نواة اختلافات داخلية أثرت في تماسك العدالة والتنمية إذ قبل نهاية ولاية عبد الله غول في رئاسة الجمهورية بيوم واحد انعقد مؤتمر للحزب حال دون عودة غول إليه وترؤسه، خصوصًا أنه كان من أبرز قادة الحزب في مرحلة التأسيس وبعد تسلمه السلطة، وكان السبب الرئيسي لإبعاد غول عن قيادة الحزب، هو رغبة إردوغان في التفرد بالهيمنة على الحزب، والعمل على إقامة نظام رئاسي يختصر بشخصه الحياة السياسية والحزبية... ومع حلول ربيع عام 2016 تكرر المشهد مع إجبار رئيس الحزب ورئيس الحكومة أحمد داود أوغلو على الاستقالة، لأنه كان معارضًا للنظام الرئاسي المقترح» معتبرا أن «الاستئثار الداخلي وحصر السلطة الحزبية بيد شخص واحد هو إردوغان أحد أهم الأسباب التي أدت إلى إخراج غول وداود أوغلو وعلي بابا جان من الحزب».
ويرى أن «الإسلام السياسي في تركيا شهد حتى الآن أكبر عملية انشقاقات في تاريخه الحديث وأصبحت أربعة أحزاب هي: العدالة والتنمية، والسعادة، والمستقبلو والديمقراطية والتقدم، وعلى الرغم من أن الأحزاب الثلاثة الأخيرة ليست ذات وزن شعبي واسع، لكن أهميتها تكمن في أنها ستساهم في إضعاف حزب العدالة والتنمية وصورة رئيسه، وهو في الوقت نفسه رئيس الجمهورية، رجب طيب إردوغان، وأهمية حزب المستقبل وحزب الديمقراطية والتقدم أنهما خرجا من رحم حزب العدالة والتنمية، وبالتالي يفترض أنهما سيأكلان من قاعدته ويضعفانه شعبيًا».
ويضيف: «لو نال الحزبان على الأقل بين 5 إلى 10 في المائة فقد تبدو كافية في المبدأ، لإسقاط حزب العدالة والتنمية من السلطة ورئيسه من رئاسة الجمهورية في انتخابات عام 2023 مع شرط إضافي وهو وحدة المعارضة، والتفافها حول مرشح واحد في مواجهة إردوغان المدعوم من قبل حزب الحركة القومية».

font change