السينما العربية المعاصرة تبحث عن ذاتها

السينما العربية المعاصرة تبحث عن ذاتها

[caption id="attachment_627" align="aligncenter" width="620" caption="بقلم نوام شيمل"]بقلم نوام شيمل[/caption]
كان آخر أفلام المخرج السينمائي العربي الأميركي أمين مطالقة الذي يعيش في لوس أنجليس هو فيلم «كابتن أبو رائد» الذي تقع أحداثه في الأردن والذي وصفته «هوليوود ريبورتر» بأنه «نصر إنساني»، وقد لاقى الفيلم نجاحا هائلا في جميع أنحاء العالم سواء على مستوى الجماهير أو النقاد. وحصل على العديد من الجوائز بما فيها جائزة «أفضل مخرج» في مهرجان سياتل للفيلم الدولي في 2008، وأفضل فيلم في مهرجان فيلم ماوي 2008، وجائزة جمهور السينما العالمية في مهرجان الفيلم السوداني 2008، وجائزة هارتلاند لأكثر فيلم مؤثر وجائزة هارتلاند الكبرى وجائزة أفضل فيلم في مهرجان أفلام بالم سبرينغز 2009 وأفضل عرض في مهرجان بيروت الدولي وأفضل فيلم في مهرجان ديربان الدولي 2008.

يروي فيلم «أبو رائد» قصة حارس بمطار عمان الدولي يكتشف بمساعدة قبعة الطيار مهمته الأساسية: وهي أن يروي للأطفال الفقراء في عمان حكايات حول السفر والاستكشاف والتحدي. في البداية لم يكن مستعدا لأن يلعب دور الراوي وكان يؤكد للأطفال أنه ليس سوى حارس بسيط، وفي النهاية يستسلم لحماسهم وإيمانهم.

يحول أبو رائد اكتشافا عاديا إلى فرصة لتأسيس العلاقات التي تحمسه وتلهمه وتحرر الأطفال وغيرهم من أفراد المجتمع الذين يتفاعل معهم. وكان أبو رائد قادرا في تلك العملية على طرح الحكمة التي حصل عليها من والده العجوز ومساعدة الأفراد المستضعفين بالحي الذي يقطنه.

نشأ مطالقة في الأردن حتى سن الثالثة عشرة من عمره ثم انتقل إلى الولايات المتحدة في عام 1989. وقد أخرج ما يزيد على 35 فيلما ودرس في معهد الفيلم الأميركي حيث تحصل على درجة الماجستير في الفنون الجميلة.



«المجلة»: حاليا يبدو أن هناك نموا هائلا في إنتاج الأفلام في العالم العربي بالإضافة إلى زيادة مجال التوزيع، ومهرجانات الأفلام الجديدة في دول الخليج. هل هناك اتجاهات مهيمنة، أو أنماط محددة سائدة تجد أنها تهيمن على السينما العربية المعاصرة؟

- لست متأكدا من ماهية الاتجاهات الجديدة، ولكنني سعيد لأن أرى عددا من المخرجين العرب الذين قاموا بإخراج فيلم أو اثنين وما زالوا يحاولون جعلها جزءا من الحياة اليومية. فقبل خمسة أعوام لم يكن ذلك موجودا. فلم يكن هناك سوى أسماء عدة معروفة. والآن، أصبح هناك عدد من المخرجين المعروفين ومنافسات صحية بينهم، سوف تؤدي إلى رفع جودة الأفلام الجديدة. وقد رأيت أفلاما كوميدية مذهلة، مثل الفيلم الجزائري «حفل تنكري»، والفيلم الفلسطيني «الوقت الذي يبقى». كما أنني سمعت عن الفيلم اللبناني - السويدي «الكرة» الذي كان جوزيف فارس متألقا وكوميديا به. وبالتالي أتمنى أن تحافظ تلك الموجة على مساحة صحية للكوميديا لأننا بحاجة إلى انتشار الترفيه الذي يخرجنا من الواقع. ولكن، في الوقت نفسه، يمكن أن يكون للترفيه معنى خاص خلفه. وفي ذلك السياق، أعمل حاليا على فيلم كوميدي في الأردن أتلهف لإنهائه في أواخر العام المقبل وهو بلا معنى تماما وأحبه جدا.



«المجلة»: أنت لست فقط مخرج الفيلم ولكن كاتبه أيضا. كيف تكتب القصة؟ وكيف تتطور؟

- إنها قصة طويلة ولكنها بدأت باختصار في 2005 مباشرة بعد وفاة جدي. فأنا أبني طبقات فوق طبقات من القصة وأستمر في كتابة 30 مسودة لكل منها، حتى أجد توازنا للقصة والشخصيات والحبكة الدرامية، والكوميديا والحوار. وأفضل إدراك يتحقق عندما أجد نفسي وأنا أحذف بعض الأشياء، فقد تعلمت من تلك العملية أن الأقل ربما يكون هو الأكثر إفادة.



«المجلة»: ماذا كان رد الفعل تجاه الفيلم في العالم العربي؟ فقد تضمن قدرا من النقد الاجتماعي الجدي والمكثف حول قضايا مثل الطبقات الاجتماعية، والفقر، والجنس، والتناغم الاجتماعي. فكيف استجاب الجمهور العربي والنقاد لذلك؟

- الشيء المهم هو أن الاستقبال كان جيدا، وكان هناك الكثير من التأييد. ولكن كانت هناك دائما هذه القلة التي تقول إنك تصور شيئا سلبيا في العالم العربي، وهؤلاء أشخاص أخفقوا في أن يدركوا عالمية القصة، وأنها ترصد مشكلات يمكن أن تجدها في أي مكان حول العالم، وذلك هو السبب أيضا في أن الاستجابة للفيلم كانت طيبة من قبل الجماهير الدولية. وأتمنى أن نصل إلى جمهور جديد دائما في الشرق الأوسط. وما زال الفيلم لم يعرض على شاشات التلفزيون، حيث يمثل التوزيع أحد نقاط الضعف الأساسية في العالم العربي.



«المجلة»: أخبرنا حول تجربتك الشخصية في الإخراج والكتابة؟

- سوف أبسطها من خلال القول بأنك إذا اتبعت قلبك وعملت بجد، سوف تجد أن الكون بأسره يقف إلى جانبك على نحو ما. فكل شيء في رواية «السيميائي» كان ينطبق تماما على تجربتي. فأنا أشعر بأنني محظوظ. فهناك صراع ولكنك تصل إلى التوازن وتستمتع بالرحلة. فأنا لا أحب الإخراج لأنني أرغب في أن أصبح ثريا. فصناعة الأفلام هي رحلة رجل فقير نحو الإخراج المستقل. فيجب أن تقوم بذلك لأنك تحب بصدق تعزيز سلوك ما ورصده. وهو ما يطلق عليه البعض رواية القصص. ولكنني أفضل أن أطلق عليه رصد السلوك فذلك هو أفضل جزء في صناعة الفيلم. أي رصد كيف يتفاعل الناس.



«المجلة»: لقد كانت دائما صورة العرب والعالم العربي في هوليوود صورة نمطية أحادية البعد وسلبية. ولكن «الكابتن أبو رائد» مختلف تماما من حيث الطريقة الحيوية والحميمية التي تولي احتراما والتي رصد بها تنوع وتعقيدات الأردن وعمان بعمق. هل تستطيع أن تصف علاقتك بالثقافة العربية بصفة عامة وبالثقافة الأردنية على وجه التحديد؟

- إنني جاهل لأن لدي في دمي مزيجا من الدم الأردني والفلسطيني واللبناني ومع ذلك فقد غادرت الأردن عندما كنت في الثالثة عشرة من عمري وقد أصبحت منذ ذلك متأمركا من حيث العقلية واحتياجي للتفرد. ولكن في الوقت نفسه، فأنا ما زلت بحاجة للتجربة الأوروبية سواء لأن لدي حنينا لطفولتي حينما سافرت مع والدي لأوروبا أو لأنني مطارد من حياة سابقة كنت فيها فرنسيا أو ألمانيا. وبالتالي فإنني أرى نفسي في نهاية اليوم حقا مزيجا من أجزاء مختلفة من العالم وأحاول أن أبقى منفتحا على التجارب الجديدة لكي أوسع أفقي. فأنا عربي أميركي وتعود جذوري للأردن ولكنني نشأت في أوهايو وأعيش في لوس أنجليس التي يعيش فيها كلبي.



«المجلة»: هل أنت مشارك في أكاديمية الفيلم الجديدة الأردنية في العقبة؟ وإذا كنت مشاركا. فكيف؟

- فقط من حيث أن زوجتي كانت ضمن الأعضاء المؤسسين وأنها ما زالت تعمل بها. وأنا فخور للغاية بالحماس الذي يسود ذلك البرنامج. فأنا مندهش حقا.



«المجلة»: ما هي خططك للمستقبل القريب في ما يتعلق بالإخراج والكتابة؟ وما هي خططك على المدى الطويل؟

- ستبدأ مرحلة إعداد فيلم جديد خلال الأسبوع المقبل. ولكنني لا أستطيع الإعلان عن ذلك لأنه ينتج لصالح استوديو وترجع إليهم مسألة الإعلان عنه.



«المجلة»: ما هي أكثر متعة تمر بها كمخرج؟ وما هي أكبر التحديات والإحباطات التي تتعرض لها؟

- الإبداع. الكتابة. أنا أحب الكتابة. وأحب العمل مع الممثلين وتصوير اللقطات. فأنا أحب العملية بأكملها. التعاون، إنه متعة حقيقية عندما ينجح. فأنت تكوّن عائلة مع كل فيلم جديد. ولكن أكثر إحباط في تلك العملية هو ترتيب المسائل المالية ثم بالطبع مسألة التوزيع لأنها مهمة شاقة للغاية. كما أنني أعشق تزاوج الموسيقى والفن.



«المجلة»: كيف تصف عملية الكتابة الإبداعية؟

- الكثير من التنزه سيرا على الأقدام مع كلابي في الصباح الباكر والكتابة لساعات وساعات كل يوم. وطرح العديد من الأسئلة والبحث دائما عن شيء جديد. وأسأل نفسي دائما حول ما أكتبه وما يمكن أن يهم الجمهور. كما أنني أحب التعلم والبحث.



* حوار أجراه نوام شيمل.
font change