مستقبل مصر في "ورشة عمل" في لندن!

مستقبل مصر في "ورشة عمل" في لندن!

[caption id="attachment_1490" align="alignleft" width="204" caption="مصر بعد الثورة.. أي مصير"]مصر بعد الثورة.. أي مصير[/caption]

مصر في مرحلة انتقالية

تقرير ورشة عمل تشاتم هاوس

أبريل 2011

من أجل إعداد تقرير «مصر في مرحلة انتقالية»، التقى بمقر المعهد الملكي للدراسات الدولية «تشاتم هاوس» في لندن عدد من المصريين لإجراء حوار بشأن التحول السياسي للبلاد، وعقد نقاش حول المخاوف الحالية والأهداف المستقبلية. وانتهي التقرير إلى نتائج واضحة، فالمصريون يريدون حكومة ديمقراطية تمثيلية أكثر شمولا، ويرغبون في دور محدود للجيش. ويرون أن العلاقات بالغرب منهارة. وعلى الرغم من أن التقرير يوضح عددا من القضايا والمخاوف من خلال التركيز على نقاط الاتفاق، فإنه لا يقدم أي معلومات جديدة بل هو أقرب إلى كونه جمعا للآراء والمعلومات التي يتم تداولها بالفعل في أي من وسائل الإعلام الدولية، على سبيل المثال الغربية.

ولم يتم تحديد أسماء المصريين المشاركين في المناقشة التي تمت برعاية «تشاتم هاوس» على الأرجح لضمان حرية النقاش. وعلى الرغم من عدم وجود معلومات واضحة حول نوعية الحضور، كان هناك انحياز واضح في التقرير، حيث كان لدى المشاركين ميل واضح للغرب نظرا لاستعدادهم للمشاركة في نقاش يرعاه كيان غربي. كما ليس من الواضح كيف تم اختيار المشاركين. هل تم اختيارهم؟ هل كانوا متطوعين؟ ما هي أعمارهم؟ ما هو مستواهم التعليمي؟ ماذا كانت نسبة النساء مقارنة بالرجال؟ هل كان هناك أناس يعيشون في الأحياء الفقيرة؟

الشيء المؤكد هو أنه تم استبعاد رأي الإخوان المسلمين. وتشير هذه الحقيقة وحدها إلى الطبيعة المعيبة لنتائج التقرير. كما أن ذلك مثير للسخرية أيضا، ففي الوقت الذي دعا فيه المشاركون للحوار الشامل بين أطياف المجتمع المصري كافة بما في ذلك الليبراليون والإخوان المسلمون والفقراء، لم تسر الأمور على ذلك النحو، بخاصة إذا ما استبعد الحوار جماعات مهمشة بالفعل.

كما يعكس إقصاء الإخوان أيضا تضارب المصالح. فقد تحدث المشاركون المصريون حول العلاقات المنهارة مع الغرب والتي ينظر بناء عليها إلى الغرب كمؤيد لإسرائيل وليس كمدافع مخلص عن التغيير الديمقراطي في مصر، كما ناقشوا الشكوك التي تحيط بدوافع المنظمات غير الحكومية وحقيقة أن معظم البرامج والمساعدات المالية التي تأتي من الغرب ترتبط عادة بتعزيز الأهداف الغربية بدلا من المصرية.

وعلى نحو غير مفاجئ، كانت هناك حالة من الخوف وعدم الثقة سائدة بين المشاركين في ما يتعلق بأي من الجماعات متواطئة مع الأخرى ومن يدخل تحالفات مقلقة وماذا يقال أو ما هي الصفقات التي يتم عقدها خلف الأبواب المغلقة. ويساهم الافتقار للتواصل والحوار الداخلي في تعزيز تلك الحالة، على سبيل المثال، الصدامات الأخيرة بين الأقباط والمسلمين. وتقول صحيفة «الهيرالد تريبيون» الدولية إن ذلك العنف كان نتاج الشائعات والزواج بين الديانات المختلفة، والذي ما زال حتى الآن غير مسموح به.

ومن جهة أخرى، كان دور الجيش الذي تولى السلطة بعد تنحي مبارك مباشرة قضية مثيرة للجدل. فبالنسبة للمشاركين في ورشة العمل، فإن الجيش هو مؤسسة تمثل النظام السابق ويعتقد العديد منهم أنه من الأفضل إحداث تغيير شامل في المنظمات المصرية كافة. ومما لا شك فيه أن إقصاء كل الأشخاص الذين ينتمون إلى عصر مبارك تبدو فكرة منطقية. ولكن على مصر، على الأقل، أن تتعلم من بعض الصعوبات التي واجهت العراق ما بعد صدام حسين. حيث عرقل التخلص من أعضاء الحكومة كافة ومطاردة أعضاء حزب البعث التنمية السياسية للعراق لأنه حد من دعم ورؤية بعض المواطنين الأكثر تعليما وتوقيرا ومعرفة.

ومن المرجح أنه تم استبعاد أفراد الجيش المصري من جماعة نقاش «تشاتم هاوس» أيضا، ولكن نأمل أن تصل آمال المشاركين على نحو ما للقوات المسلحة المصرية. بل إنه من مصلحة الجيش كهيئة للأمن والحماية أن تشارك في الحوار مع المدنيين المصريين، حيث يمكن أن تساعد جهوده لتعزيز الشفافية في القضاء على المخاوف التي تنمو في بيئة عدم الثقة وتؤدي في العادة إلى العنف.

كما تمت مناقشة بعض الحلول الإضافية لبعض مخاوف المشاركين في تلك الورشة وإن كان باختصار بعض الشيء. كما ذكر أن إنشاء جمعية لمراقبة حقوق الإنسان سيكون ذا فائدة ولكن من دون مناقشة من الذي سيكون مسؤولا عن تشكيل تلك الجمعية وأي من الهيئات ستشارك فيها. وبالمثل، كان هناك حوار حول تأسيس عملية مصارحة ومصالحة ولكن من دون تحديد شخصية "مانديلية" أو تحديد إذا ما كان ذلك يمثل السبيل التي يمكن عبرها قيادة مصر خلال فترة التحول والتعافي من صدمة حكم مبارك القمعي.

وإذا لم يتم اجتياز الفراغ السياسي بشكل جيد، سوف يسمح ذلك باغتصاب السلطة في مصر من قبل قوة دكتاتورية أخرى سواء كانت متمثلة في سياسي جديد يدعمه الخطاب المتطرف أو الجيش الذي يفرض السيطرة على الحريات المدنية باسم الأمن القومي. إلا أن الأمن أيضا يعد قضية لا يمكن إغفالها، فقد جعل التمرد العنيف في أفغانستان بعض الأفغان مرحبين بحكم طالبان التي على رغم وحشيتها وتطرفها، استطاعت توفير بيئة أكثر استقرارا مما تحقق حتى الآن من خلال التدخل الغربي.

وبالتالي، فإن حكم الغرب قد تم وضعه تحت الميكروسكوب مرة أخرى. فكيف يستطيع مساندة النمو الديمقراطي في مصر من دون التأثير على طبيعته؟ هذه هي القضية محل الجدل ولكن من الواضح أن كثيرا من المصريين يشعرون بأنه على الغرب عمل تغييرات نظرا لدعمه مبارك طوال تلك السنوات. والشيء الطيب، كما يتضح من إقامة تلك الورشة، هو وجود حوار مستمر بين مصر والغرب وأن هناك نية داخل مصر لتعزيز الحوار الداخلي، وأن الوقت قد حان بالنسبة للمنظمات غير الحكومية مثل "تشاتم هاوس" لكي تعزز العمل من أجل ذلك.
font change