حسن العالي: جلالة الملك دعا للحوار والقيادة السياسية حريصة على إنجاحه

حسن العالي: جلالة الملك دعا للحوار والقيادة السياسية حريصة على إنجاحه

[caption id="attachment_859" align="aligncenter" width="620" caption="الدكتور حسن العالي "]الدكتور حسن العالي  [/caption]



الدكتور حسن العالي الأمين العام لجمعية التجمع القومي الديمقراطي، أحد الذين فضلوا الحوار على الخلاف والوطن على المجهول. الآن وقد بدأ العد التنازلي في البحرين نحو موعد بدء الحوار الوطني الذي دعا إليه الملك والذي من المقرر انطلاقه في يوليو (تموز) المقبل، كان لا بد من التحدث لأحد الذين قبلوا الدعوة الملكية و أعلنوا عن قبولهم المشاركة في حوار وطني شامل وجامع يبني للمستقبل وينهي مع خلافات واختلافات الماضي.

التجمع القومي الديمقراطي رحب بالحوار الوطني، وأعلن قبوله بما جاء في حديث الملك الذي لم يحدد سوى تاريخ قيام الحوار ومن يرأسه والمكان الذي سيقام فيه، ولم تتحدد بعد آليات أو ضمانات أو الموضوعات التي سيتمحور حولها هذا الحوار.

سبع جمعيات سياسية معارضة أعلنت في فبراير (شباط) الماضي عن شروطها لدخول الحوار، الذي دعا إليه ولي عهد البحرين في ذلك الوقت، إلا أن الوضع تغير اليوم بعد فرض حالة السلامة الوطنية في مارس (آذار) الماضي، ورفعها مطلع يونيو (حزيران).

يذكر أن جمعية التجمع القومي الديمقراطي تأسست في عام 2003، وتصف نفسها بأنها تنظيم وطني يناضل من أجل ترسيخ القيم والمبادئ الوطنية والقومية في صفوف وأوساط الشعب البحريني والعربي. وعلى هذا الأساس، كما تعرف نفسها بأنها تنطلق من إيمان عميق بقضايا الشعب والأمة، وتعمل جنباً إلى جنب مع سائر القوى السياسية الوطنية والقومية التقدمية، من أجل تحقيق أهدافها التي نذرت نفسها من أجلها والمبينة في وثائق تأسيسها والنظام الأساسي.

وتؤكد جمعية التجمع القومي على انتمائها العربي وتبني منطلقاتها على أن البحرين جزء من الأمة العربية، وتعتبر ذاتها استمراراً وامتداداً للحركة القومية، التي أخذت مكانها في بلادنا منذ بداية القرن الماضي عبر العديد من الأشكال النضالية والمؤسسية وفي ذات الوقت يعبر على التزامه الراسخ بقيم الديمقراطية والتعددية، ويناضل من أجلهما، كما انه ينحاز انحيازا كليا لقضايا الجماهير في تحقيق حياة حرة وكريمة، ووطن مستقل ومزدهر وموحد.

عن الحوار ومطالب الاحزاب السياسية وما تشهده البحرين كان هذا الحوار مع الدكتور حسن العالي:

"المجلة": ما هي التغيرات على الساحة المحلية التي جعلت جمعية التجمع تقبل بالحوار من دون شروط؟

* نحن من البداية لم نطرح شروطا للحوار، حيث أننا رحبنا بدعوة سمو ولي العهد للحوار، حالما تم اطلاقها يوم 20 فبراير الماضي. وعندما ارسل سموه خطابات للقوى السياسية نهاية شهر فبراير يطلب منها التقدم بمرئياتها للحوار تقدمنا حالا بمرئياتنا للحوار، تحدث القسم الأول منها حول مستلزمات تهيئة اجواء الحوار مثل السماح باستمرار التظاهر السلمي واطلاق سراح المعتقلين والتهدئة الاعلامية وتغيير الحكومة.

أما القسم الثاني فكان خاصا بمطالب الحوار التي تتركز على دعوتنا لمجلس تأسيسي منتخب يضع دستورا جديدا للبلاد، ومن أجل بث الطمأنينة للأطراف كافة دعونا لأن يكون التصويت في المجلس المنتخب على مواد الدستور بغالبية الثلثين لكي نضمن التوافق الوطني.

وقد تم التحاور حول هذه المرئيات مع وفد سمو ولي العهد، حيث تمت الموافقة شبه التامة على مستلزمات تهيئة أجواء الحوار، وبقت نقطة الخلاف الرئيسة هي المجلس التأسيسي المنتخب.

اليوم موقفنا لم يتغير، فنحن لا نزال نطالب بتوفير مستلزمات إنجاح الحوار من خلال إطلاق سراح المعتقلين وإعادة المفصولين والمسرحين ووقف انتهاكات حقوق الإنسان والتهيئة الإعلامية والسياسية. كما أن مطالبنا خلال الحوار القادم ستكون نفسها التي طرحناها في بداية الحركة المطلبية، والتي تتركز أساسا على الإصلاح الدستوري والسياسي في البلاد.

"المجلة": البعض عاب عليكم القبول بالحوار، واصفين القبول بالتنازل عن التضحيات التي قدمت خلال الفترة الماضية؟

* الحركة المطلبية وما قدمته من تضحيات وطنية عريضة كانت من وجهة نظرنا بهدف الإصلاح في المملكة، والمتمثلة في المملكة الدستورية ومجلس منتخب كامل الصلاحيات، ودوائر انتخابية عادلة وحريات سياسية أكبر.

وهذه الأهداف لا نزال نحن متمسكين بها ونناضل من أجلها، مثلما كنا متمسكين بها منذ عشر سنين ونطالب بها. التنازل عن التضحيات يتم عندما نتنازل عن هذه المطالب، وكافة القوى السياسية المعارضة متفقة على هذه المطالب والتمسك بها دون تفريط.

لذلك، فإن موافقتنا على الحوار لا تعني أننا مستعدون للتنازل عن هذه المطالب، بخاصة أن الحوار لا يوجد سقف للمطالب فيه، وسوف تطرح الأطراف كافة مطالبها، ونأمل أن يتم الاتفاق على اصلاحات دستورية وسياسية حقيقية، ونعتقد أنه طالما جلالة الملك وجه الدعوة للحوار، فإن القيادة السياسية سوف تكون حريصة على إنجاحه، وتمكينه من تحقيق الأهداف المرجوة.

"المجلة": كيف تلقى الشارع قرار مشاركتكم في الحوار؟

* القوى السياسية المعارضة الرئيسية كافة رحبت بالحوار الوطني مع إعلانها تمسكها بمطالبها السياسية الرئيسية، ودعا بعضها لرعاية ولي العهد للحوار بدلا من السلطتين التشريعية والتنفيذية، بينما دعا الآخر لتصديق الشعب على نتائج الحوار، غير أنها جميعها متفقة على ضرورة تهيئة أجواء الحوار من خلال اتخاذ سلسلة من التدابير التي تحقق المصالحة الوطنية.

نحن ندرك هنا أن هذه المصالحة مشروطة بما تتخذه الدولة قبل الحوار، وحجم المطالب التي سوف تلتزم بتنفيذها خلال الحوار وما بعده.

لذلك، نحن لا نقول إن الشارع جميعه مرحب بالمشاركة في الحوار، ولكن نقول معظمه، إلا أن هذه الغالبية متوجسة ومتخوفة من مدى جدية الحوار، وهي تنتظر قيام الدولة باتخاذ تدابير جدية تعيد بناء الثقة وتهيئ جديا للحوار.

"المجلة": كيف تتبين لكم آلية الحوار؟

* تم الإعلان أن رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني سوف يتولى الحوار، كما أعلن أن الحوار سوف يشمل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية كافة. نحن نفهم أن دور السلطة التشريعية والتنفيذية سيكون تنظيميا، وأن الحوار سوف يدور بين القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وأن ما سوف يخرج عنه يجب أن يحظى بالتوافق فيما بينها. تفاصيل جوهرية عديدة لا تزال غير واضحة ونحن دعونا لمشاركة القوى السياسية في وضع آليات الحوار لضمان شفافيتها وجديتها.

"المجلة": كانت لديكم العديد من الشروط المسبقة للحوار، ما الذي حدث بشأنها؟

* مثلما ذكرت مسبقا، لم تكن هناك شروط بمفهوم الشروط، ولكن مثلما تدعونا الحكومة اليوم للتهدئة الأمنية وتهدئة الشارع لانجاح الحوار، فإننا بدورنا أيضا نطالب بالتهدئة الاعلامية والتهدئة السياسية، من خلال اتخاذ إجراءات جدية لوقف الانتهاكات ضد حقوق الانسان وإطلاق سراح المعتقلين وعودة المسرحين ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات لانجاح الحوار. كذلك نؤكد على آليات الحوار بأن تكون شفافة وجادة.

"المجلة": ماذا عن قيادات المعارضة التي لا تزال تحت الاحتجاز؟ ومن الذي سيمثلها في الحوار؟

* نحن نكرر دعواتنا ومطالبنا بإطلاق سراح قيادات المعارضة الوطنية، فمن وجهة نظرنا فإنهم معتقلو رأي، ونأمل أن يكون الحوار شاملا لكل الأطراف من دون استثناء على الإطلاق، لأن ذلك وحده يضمن نجاح الحوار.

"المجلة": متى تتوقعون أن ينتهي الحوار؟ ومتى سيتم البدء بتطبيق ما جاء فيه؟ هل هناك ضمانات لذلك؟

* لا يوجد، كما نفهم، سقف زمني محدد للحوار، ولكننا نفترض أنه ينتهي بوقت كاف قبل الانتخابات التكميلية، المقرر إجراؤها في نوفمبر القادم. فبناء على ما سوف يتم الخروج به من نتائج ستقرر القوى السياسية المشاركة في الانتخابات، حيث من المقرر أن تعرض نتائح الحوار على السلطة التشريعية للمصادقة عليها.

لا توجد ضمانات لأي شيء، ولكننا عازمون على الذهاب للحوار بنيات صادقة وجادة لإنجاحه وخروجه بالنتائج المطلوبة.

"المجلة": هل سيهدأ الشارع مع بدء الحوار؟

* في اعتقادي هناك جانبان رئيسيان يسهمان في تهدئة الشارع: الأول الخطوات التي سوف تتخذها الحكومة خلال الايام المقبلة من إجراءات لتهيئة أجواء الحوار، وهي الإجراءات التي ذكرناه سابقا. والثاني هو نتائج الحوار ومدى استجابتها لمطالبه وطموحاته. لذلك نحن لا نتوقع هدوءا فوريا للشارع.

"المجلة": عادة القيادات السياسية والأحزاب هي التي تقرر والشارع يسير وراءها، أما في البحرين فيبدو الأمر معكوسا، كيف تراه أنت؟

* قد يكون هناك نوع من الصحة الظاهرية في هذا الكلام، ولكن واقعيا نحن نقول إن الغالبية الساحقة من الشارع وبخاصة المعارض، هو شارع مسيس أو ينتمي لجمعيات سياسية إسلامية وليبرالية مرخص لها أو جمعيات غير مرخص لها.

لذلك، بدأ واضحا أثناء التحركات المطلبية أن هناك أجندتين سياسيتين: الأولى تتمسك بها الجمعيات المرخص لها، وهي مطالب الإصلاح السياسي والدستوري وأجندة أخرى دعت إليها جمعيات غير مرخص لها تطالب بالجمهورية. لذلك، الشارع السياسي المعارض بشكل عام كان خلف أجندات تقودها جمعيات سياسية.

أجرى الحوار: نزيهة سعيد
font change